لست وحدك هي أمنا أيضا


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

 

هكذا يقولون لم تفارقها أنت فنحن من فقدها، أمي ماتت هذه القصة التي أبكتني وزرعت حزنا عميقا في نفسي.. طويت صفحتكِ ورُفعت وبقي الذكر خالدا يا غاليتي وحبيبتي، أكتب إليك هذه الرسالة وأعلم أنها لن تصل إليك وأنت في دار الرحمن الرحيم.

خجلت وأنا ألقي نظرة الوداع لذلك الجسد المُسجّى أمامي، خارت قواي ووقف شعر جسدي من هول المنظر..

من كانت تعاملني طفلا وقد كبرت ماتت! من علمتني الحياة واهتمّت وربّت سبعة من الأبناء والبنات واهتمت بكل تفاصيلهم ماتت! ماتت هذه البسيطة فعلا وقولا، وهي لا تملك حسابا بنكيا واحدا، ولا توفر أي مبالغ مالية لها، وكأنها تقول سأكون في راحة دائمة ومتوكلة على الله إلى الأبد..

في عملي الإعلامي كانت تسألني عن تفاصيل القضايا الإنسانية دوما وعن الحلول في كل قضية، ولا أنسى كلماتها «عبدالله لا تطلعونهم بالإعلام وتنسونهم تراهم محتاجين، وكل صديقاتي يسألوني عن القضايا إلي تجيبها وأنا أقول لهم إلي تقوله بالضبط»، كم كانت سهلة لا تغضب، طفلة بمعنى الكلمة، ترضى بسرعة وغضبها لا يأخذ دقائق.

في كل وقت تقول كما تنظر إلى طفلك (إبراهيم) إنه بحاجة إلى الرعاية، فأنت أيضا تحتاج لرعايتي، كنت أضحك ولم أعرف معنى كلامها إلا حينما غابت وفاضت روحها.

أمي أنت جنتي وقلبي وتاج رأسي، حينما سمعت صوتك للمرة الأخيرة قلتِ «عطني ولدك أبغاه أحبه وأموت فيه هذا لي تراني شريت ملابس العيد حقته»، وكأني أسمع هذه الكلمات في أذني تعود كلما ذكرتها..

وللفخر فقط ولحسن الظن بالله هي ماتت صائمة وقد أنهت السّت من شوال ومصحفها لم يفارقانها وصلاتها لم تقطعها، فكم كانت نصائحها عن الصلاة لا تنقطع يوما، رحمها الله..

أُنهي رسالتي لأمي بكلام أرسله والدي لكل من يعرف (نحمد الله على قضائه وقدره ونصلي على خير خلقه محمد، صلى الله عليه وسلم. إن أم عبدالرحمن -رحمها الله- كانت امرأة تقية تصلي فروضها وتتلو القرآن وتصوم 3 أيام من كل شهر، وكانت حسنة الأخلاق واسعة الصبر حنونة طيبة، لا تدعو على أحد، ولا تؤذي أحدا لا باللسان ولا بالفعل. أكملت صيام الست من شوال في هذا اليوم، ولقيت ربها وهي صائمة، هذا ما أشهد به والله خير الشاهدين.

نسأل الله لها الدرجات العلى من الجنة، ونحن صابرون محتسبون وإلى الله نشتكي ما أصابنا من حزن عليها، اللهم ارحمها وتجاوز عنها واغفر ذنوبها وتجاوز عنها بكرمك يا الله، وأشهد الله وأشهدكم أني راض عنها غاية الرضا، الله يعفو عنها، وعلينا الصبر والتصبر، فهذا قضاء الله وقدره، وهذا يومها الموعود، وعلينا الدعاء لها والتصدق عنها والعمرة لها، ولا ننساها في سجودنا من الدعاء، كما يجب علينا اقتفاء أثرها في التقوى والصلاح وعمل الخير، وإن شاء الله نلتقي بها في الجنة، وإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله). إلى اللقاء أمي، اللهم اجمعنا بها في دار كرامتك يا كريم.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply