فقه حديث عقبة بن عامر في فضل المعوذتين


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

روى النسائي هذا الحديث من طرق أسوقها مختصرة مضموماً بعضها إلى بعض:

فعن ﻋﻘﺒﺔ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﻗﺎﻝ: ﺃﺗﻴﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ  ﻭﻫﻮ ﺭاﻛﺐ ﻓﻮﺿﻌﺖ ﻳﺪﻱ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﻪ ﻓﻘﻠﺖ: ﺃﻗﺮﺋﻨﻲ ﺳﻮﺭﺓ ﻫﻮﺩ ﺃﻗﺮﺋﻨﻲ ﺳﻮﺭﺓ ﻳﻮﺳﻒ.

ﻓﻘﺎﻝ:"ﻟﻦ ﺗﻘﺮﺃ ﺷﻴﺌﺎ ﺃﺑﻠﻎ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻣﻦ ﻗﻞ ﺃﻋﻮﺫ ﺑﺮﺏ اﻟﻔﻠﻖ"..

وفي لفظ له:"ﻳﺎ ﻋﻘﺒﺔ ﺃﻻ ﺃﻋﻠﻤﻚ ﺧﻴﺮ ﺳﻮﺭﺗﻴﻦ ﻗﺮﺋﺘﺎ؟"..

ﻓﻌﻠﻤﻨﻲ ﻗﻞ ﺃﻋﻮﺫ ﺑﺮﺏ اﻟﻔﻠﻖ، ﻭﻗﻞ ﺃﻋﻮﺫ ﺑﺮﺏ اﻟﻨﺎﺱ.

ﻓﻠﻢ ﻳﺮﻧﻲ ﺳﺮﺭﺕ ﺑﻬﻤﺎ ﺟﺪا !

ﻓﻠﻤﺎ ﻧﺰﻝ ﻟﺼﻼﺓ اﻟﺼﺒﺢ ﺻﻠﻰ ﺑﻬﻤﺎ ﺻﻼﺓ اﻟﺼﺒﺢ ﻟﻠﻨﺎﺱ، ﻓﻠﻤﺎ ﻓﺮﻍ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﻼﺓ، اﻟﺘﻔﺖ ﺇﻟﻲ ﻓﻘﺎﻝ: "ﻳﺎ ﻋﻘﺒﺔ، ﻛﻴﻒ ﺭﺃﻳﺖ؟".

وفي لفظ له :"ﻛﻨﺖ ﺃﻗﻮﺩ ﺑﺮﺳﻮﻝ الله ﻓﻲ اﻟﺴﻔﺮ..".

وفي لفظ له:"كنت أقود به ﻓﻲ ﻧﻘﺐ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻘﺎﺏ ﺇﺫ ﻗﺎﻝ:"ﺃﻻ ﺗﺮﻛﺐ ﻳﺎ ﻋﻘﺒﺔ؟"..

ﻓﺄﺟﻠﻠﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﺃﺭﻛﺐ ﻣﺮﻛﺐ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ:"ﺃﻻ ﺗﺮﻛﺐ ﻳﺎ ﻋﻘﺒﺔ؟".

ﻓﺄﺷﻔﻘﺖ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﺼﻴﺔ ﻓﻨﺰﻝ ﻭﺭﻛﺒﺖ ﻫﻨﻴﻬﺔ، ﻭﻧﺰﻟﺖ، ﻭﺭﻛﺐ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ".

وفي لفظ له:"ﻟﻌﻠﻚ ﺗﻬﺎﻭﻧﺖ ﺑﻬﺎ ؟ ﻓﻤﺎ ﻗﻤﺖ بمثلها!".

وفي لفظ لأبي داود:"ﺑﻴﻨﺎ ﺃﻧﺎ ﺃﺳﻴﺮ ﻣﻊ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻴﻦ اﻟﺠﺤﻔﺔ ﻭاﻷﺑﻮاء، ﺇﺫ ﻏﺸﻴﺘﻨﺎ ﺭﻳﺢ ﻭﻇﻠﻤﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ..

ﻓﺠﻌﻞ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ  ﻳﺘﻌﻮﺫ ﺑﺄﻋﻮﺫ ﺑﺮﺏ اﻟﻔﻠﻖ ﻭﺃﻋﻮﺫ ﺑﺮﺏ اﻟﻨﺎﺱ.."..

وفي لفظ لأبي داود:" اﻗﺮﺃ ﺑﻬﻤﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﻧﻤﺖ ﻭﻗﻤﺖ".

 

في هذا الحديث مسائل كثيرة أشير إلى أطراف منها:

 

1.    تفاضل سور القرآن، وهو الذي تدل عليه أحاديث تفضيل سورة الفاتحة وآية الكرسي ونحوها، وجعل ابن تيمية هذا القول هو القول المعروف عن السلف، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن سور القرآن لا تفاضل بينها إذ صفات الله على السواء من الأكملية والأعظمية، وقال به أئمة كابن حبان وابن عبد البر، وهو قول طوائف من المخالفين كالأشاعرة، والمسألة طويلة المدارك، وقد استوفى دلائلها شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالة مفردة.

2.    استحباب القراءة بهاتين السورتين في الصلاة، وقد ثبت في مسلم أنه صلى بهما الفجر، وليس ذلك مأخوذ من الفعل النبوي المجرد، فإن استحباب القراءة بسورة معينة لا تثبت بمجرد الفعل مرة إذ لابد من قراءة شيئ من القرآن، ولكن يثبت ذلك بالمداومة أو التأكيد القولي، وقد ذهب كره مالك وغيره تخصيص صلاة بسورة، والمسألة مبسوطة في موضعها.

3.    القبض على قدم النبي ومن يُجَل كالوالد والوالدة ليس مما ينافي العزة الإيمانية.

4.    استحباب التعوذ بهاتين السورتين عند الريح والغبار.

5.    مشروعية الصلاة بالأمر الذي وعظ فيه قبل الصلاة، فإن النبي وعظ بفضيلة هاتين السورتين ثم صلى بهما.

6.    كذلك مشروعية الموعظة عقب الصلاة بما صلى به الإمام، فإن النبي التفت إلى عقبة فقال له: كيف رأيت.

7.    خوف الصحابة من مخالفة النبي حتى مع المقصد الحسن، فإن مقصد عقبة إجلال النبي بترك الرجوب في مركبه، ولكنه قدم الأمر على مطلق التوقير، وهي المسألة التي تعرض لها بعض المتأخرين ووسموها ب : إذا تعارض الأمر مع التوقير.

8.    استحباب تكرار هاتين السورتين في أحوال المسلم عند منامه وقيامه.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply