محمد بن محمد المختار الشنقيطي
الاسم:
محمد بن محمد المختار بن أحمد مزيد الجكني الشنقيطي "أبو عبد الله"
النشأة والتعليم:
درس دراسته النظامية في المدينة المنورة، وأكمل الدراسة المتوسطة والثانوية في معاهد الجامعة الإسلامية التابعة لها ، ثم أكمل دراسته الجامعية في الجامعة الإسلامية ، في كلية الشريعة ، وتخرج فيها عام 1403 ه ، ثم عين بها معيدا ، وحضر رسالته الماجستير فيها ، وكان عنوان رسالته " القدح في البينة في القضاء " ، ولم تطبع بعد ، ثم حضر رسالته في الدكتوراه ، وكان ينوي ابتداء أن تكون في تحقيق جزء من كتاب الإمام ابن عبد البر – رحمه الله – " الاستذكار " ، ثم عدل بعد مشورة لبعض مشايخه إلى أن تكون رسالته في الجراحة وأحكامها ، فاختار ذلك الموضوع ، وكانت أطروحته بعنوان " أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها " ، وقد أجيزت بمرتبة الشرف الأولى ، مع التوصية بالطبع ، وطبعت مرارا ، وأخذ الشيخ عليها جائزة المدينة المنورة للبحث العلمي.
شيوخه:
من أهمهم والده الشيخ محمد المختار الشنقيطي والشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
فضله وعلمه وتعليمه:
أما عن علمه وفضله وديانته ، فهذا أمر علمه جميع من عرف الشيخ أو بلغه خبره ، واستقر في نفوسهم ، لما سمعوه من علمه ووقفوا عليه من فضله وآثار صلاحه ، فالشيخ له منظر ينبئ عن مخبره ، فلا يراه أحد إلا ويذكر الله تعالى ، فوجهه وضيء ، طلق المحيا ، مبتسم الثغر ، ناتئ الجبهة وبها أثر للسجود ، وأسنانه بها فلجة زينت طلعته ، وسيما الصلاح وآثار الهدى تتقاطر من حال الشيخ وهديه وسمته .
وحين الحديث عن علمه ووفرته ، فإن الأمر لا يحتاج إلى كبير برهان أو تأكيد ، فمن سمع دروس الشيخ أو محاضراته ، علم حقا غزارة محفوظه ، ودقة فهمه ، وكثرة اطلاعه ، وسعة موارده ، فقد درس الشيخ الفقه والحديث والتفسير على والده مرارا ، ومن جملة ما قرأه : الكتب الستة وتفسير القرءان مرارا ، إضافة إلى عشرات المتون في الفقه وأصوله وأصول الحديث والعقيدة وغيرها ، وله دراية عجيبة بمذاهب الفقهاء وأقوالهم ، فهو يستحضر كتاب " بداية المجتهد ونهاية المقتصد " لابن رشد الحفيد ، ولا تكاد تمر مسألة إلا ويذكر فيها أقوال أهل العلم ومذاهبهم وأدلتهم ، ثم لا يكتفي بذلك فحسب ، وإنما يرصع البحث بالترجيح والموازنة بين الأقوال ، بطريقة تدل على فقه النفس ، وشيخنا وإن كان على طريقة المالكية في التقرير والتفريع ، إلا أنه لا يعتمد إلا ما صح به الدليل ، وترجح له بموجب المقارنة بين الأقوال ، وهو في دروسه يلقي بحسب ما يتهيأ له ، فقليلا ما يعد أو يراجع للدرس ، وإنما يأتي إلى مجلسه ويقرأ عليه ، فينطلق كالسيل الهادر ، ولا يعرف انتهاء الدرس إلا بسكوته .
وطريقته في التدريس كطريقة أصحاب المطولات من كتب الفقه ، إذ يذكر المسألة وفروعها ، ويطيل النفس فيها ، فينتظم درسه أبواب الفقه أصولا وفروعا ، ويذكر في كل مسألة أقوال أهل العلم فيها ، ويورد أدلتهم وافرة تامة ، ثم يذكر الأجوبة والردود والمناقشات ، حتى يصل إلى ما يختاره ويرجحه ، فيذكر وجه اختياره ، ويجيب على أدلة الآخرين ، كل ذلك صار طبعا فيه وعادة ، فلا يتكلف شيئا في درسه البتة .
وكما أن من طريقته ومنهجه في التدريس أنه لايسمح لأحد أن يقطع الدرس بسؤال أو غيره إبقاء لهيبة العلم وكذلك مراعاةً لتسلسل الأفكار ولئلا يتسبب ذلك في إرباك فهم طلاب العلم للمسائل.
ويحب الشيخ مراعاة آداب مجالس العلم فكثيرا ما يغضب إجلالا للعلم على من يضع كتب العلم على الأرض، ويكره السواك أثناء الدرس لما فيه من الاشتغال وغيره.
والشيخ كثير القراءة والمطالعة ، وله عناية خاصة بالكتب ومعرفة بها ، ومكتبته كبيرة ، ورث أكثرها عن أبيه ، فيها نفائس الطبعات وأندرها ، وقد حدثني صاحب من طلبة العلم ، أنه تناقش مع شيخنا في مسألة ، فذكر صاحبنا للشيخ أن ابن تيمية يرى رأيه ، فقال شيخنا : لقد قرأت الفتاوى ثلاث مرات ، ولم يمر علي هذا الكلام ! ، فإذا كانت الفتاوى قرأها ثلاث مرات ، فكيف يكون شأن غيرها من الكتب والرسائل ؟ ، ومن عجيب ما وقع لي معه أني مرة أتيته فرحا أريد إلزامه بأمر ما في مسألة فقهية ، فذكرت له وجهها ، فقال وهو يبتسم ابتسامة القرير : انظر الجواب عنها في كتاب " شرح مختصر الخرقي " للإمام الزركشي ، وكان الكتاب حديث الطباعة ، فعجبت من سرعة قراءة الشيخ للكتاب ، بله وقوفه عليه ! .
كما أن للشيخ جلدا وصبرا ومجاهدة على بث العلم ونشره ، وذلك أنه كانت له ثلاث مجالس يقرئ فيها الفقه ، أحدها بجدة والأخرى بمكة والثالثة بالمدينة ، وكان يأتي هذه الدروس برا بسيارته ولوحده ، ولا يكاد يبيت في جدة إلا قليلا ، ودرسه في مكة يوم الثلاثاء في شرح كتاب " زاد المستقنع " فإذا قضى منه ربما سافر إلى المدينة ، ويعود في الغد إلى جدة ليلقي فيها درسه في شرح كتاب " سنن الترمذي " ، فإذا فرغ من درسه وانتهى سافر إلى المدينة مرة أخرى ، لأن لديه درسا في المسجد النبوي يوم الخميس في شرح كتاب " عمدة الأحكام " ، وهكذا حياته ، سفر ونصب في سبيل العلم ونشره ، على ما يعانيه من المرض واعتلال الصحة ، وقلما تجد معه رفيقا في السفر ، وذلك أنه لا يحب أن يشق على أحد من طلابه أو رفاقه ، فإن حصل وسافر معه أحدهم ، أخذ منه العهد على أن يكون الشيخ هو صاحب النفقة والزاد ، وأن يكون الآخر هو الأمير ، فإن رضي بذلك فبها ونعمت ، وإلا فإن عذر الشيخ بين وواضح في تركه .
مؤلفاته:
- أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها رسالة الدكتوراه طبعت مرارا
- القدح في البينة في القضاء رسالة الماجستير لم تطبع
- معالم تربوية لطالبي أسنى الولايات الشرعية اقتباسات من بعض دروس الشيخ ومحاضراته جمعها أحد طلاب العلم وعرضها على الشيخ فاستحسنها فطبعت
- شرح لبلوغ المرام شرح غير مكتمل طبع بعضه
- شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع شرح مسموع فرغ وراجع الشيخ منه كتابي الطهارة والصلاة وطبعا.