صالح الحموي

سوريا

العارف بالله المربي الجليل الشيخ محمد صالح الحموي "رحمه الله"
1350هـ/1340هـ - 1931/2009.

 

ولد الشيخ في دمشق / حي العمارة البرانية / زقاق حكر السرايا 1350ه/1931م في بيت متواضع / من أبوين صالحين.
والده الشيخ محمد بن اسما عيل الحموي، كان أميّاً ولكن محباً لأهل العلم والعلماء، حكيماً في إرشاد الأولاد، يحثهم على الاستقامة والطاعة، عمل الأب في طاحونة له في جوبر،كان متقن لعمله، يحضر دروس ولده ويسمع له في بكاء تيمناً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "عينان لا تمسهما النار عيناً بكت من خشية الله..." بقي كذلك إلى أن توفي سنة 1978.
أما والدته /العابدة الصالحة/ فاطمة الحداد، أسرتها من العائلات الميسورة، شهد لها بالصلاح والعبادة، كانت أمية لكن كثيرة العبادة والذكر والتسبيح، وتحث أبناءها على العمل بجد وكسب مال الحلال.
أخوته: إسماعيل، محمد خير، وكان للشيخ ثلاث أخوات.
أولاد الشيخ محمد صالح: تزوج ثلاث نسوة، ولم يجمع على عصمته إلا اثنتان، وكان له تسعة أولاد، ثلاثة ذكور وست إناث.
· نشأته العلمية:
وضعته أمه عند امرأة ليتعلم القرآن الكريم، وأحكام الفقه، وقد حفظه صغيراً.
وكان يتردد إلى كتّاب الشيخ سعيد البرهاني والشيخ بشير الشلاح رحمهما الله، ويذهب مع خاله إلى درس الشيخ أبي الخير الميداني في جامع التوبة.
إن الذي نلمسه من شيخنا الجليل ترابط أسري فريد، قلما نجده عند الأسر المسلمة، حيث تقول مراجعنا:
إن والده زرع فيه الزهد، والقناعة، والدأب على العمل، وإتقان العمل، والصبر على الشدائد.
أما والدته فقد زرعت فيه حب ذكر الله، حب رسول الله، التنشئة على الكسب الحلال، والنظافة وترتيب الأشياء وحفظها.
وكانت جدته تحثه على حفظ القرآن، والوقوف بين يدي الله، وخاله يأخذه إلى دروس العلماء.
وبذلك نشأت في هذه الأسرة على الود والحب والتناصح المتبادل سائرين إلى المولى عز وجل بعزيمة وإرادة قوية وقلب صاف.
وسر هذا الأمر ينبع من الأسرة التي تجعل جل اهتمامها تنشأة الفرد تنشأة إسلامية إيمانية صحيحة. قال صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه".
· أما عن العمل وكسبه للعيش:
جمع الشيخ رحمه الله بين طلب العلم والعمل الدنيوي، وعمل في طاحونة والده، وما لبث أن عمل بنصيحة والدته ليعمل في معمل نسيج كان يديره الشيخ عبد الرزاق الحلبي رحمه الله.
أتقن العمل كخياط، ثم فتح دكان صغير عمل فيه لوحده وأبدع في خياطة جبة العلماء، أجرى عليها تعديلاً جعلها أكثر هيبة وجمالاً.
وبقي بين العلم والعمل، إلى أن استلم إمامة مسجد السادات المجاهدين، وتفرغ لطلابه ومريديه ومسجده.
· شيوخه:
لازم الشيخ صالح رحمه الله الشيخ محمد صالح الفرفور رحمه الله، وحضر دروسه في الأموي وجامع فتحي ومسجد السادات الأقصاب.
الفقه الحنفي - التفسير - الحديث - العقيدة - التصوف - اللغة العربية.
- الشيخ عبد الرزاق الحلبي- الشيخ أديب الكلاس- الشيخ إبراهيم اليعقوبي- والشيخ مظهر المصري- هاشم الخطيب- وقرأ على الشيخ صبحي البفجاتي – رحمهم الله.
- وقرأ الفقه الحنفي والأحوال والعقيدة على الشيخ رمزي البزم رحمه الله.
- وقرأ النحو والصرف والبلاغة على الشيخ محمد السكري.
- والقرآن وتجويده على الشيخ عبد القادر الأرناؤوط والشيخ سعيد البرهاني رحمهم الله.
وكانت مجالسه مقصداً لطلاب العلم.
· منهجه التربوي:
يقول الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}
فالتزكية هي تغير الواقع السلوكي للفرد، وتخليه عن الأخلاق المذمومة والتحلي بالأخلاق المحمودة، وهذا لا يتم إلا من خلال التربية.
فالصحابة رضوان الله عليهم خير مثال لذلك، حيث كان صلى الله عليه وسلم موجهاً ومصلحاً ومربياً لهم، من خلال كلامه وسكوته، وإقراره ونهيه وحبه وغضبه، فأنشأ جيلاً غيّر وجه الإنسانية على وجه الأرض.
وشيخنا الفاضل اتصف بصفات تؤهله ليكون مربٍ بامتياز، هذا الاجتماع العلم والعمل لديه ومجاهدة النفس في جميع المجالات. ويتصف الشيخ كمربي:
1- فهمه الشامل لملامح الدين من خلال بناء عقيدة صحيحة وفهم سليم للقرآن والسنة النبوية، وتمسك بكلام الفقهاء المعتمدين وعدم الأخذ بالأقوال الشاذة.
2- السلوك الإيماني الصحيح والسليم، فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم قدوة له، في جميع تحركاته وسكناته.
3- الخبرة بالنفوس: من خلال مخالطته للناس ومعاشرته، حيث اكتسب هذه الخبرة فأصبح بصيراً بأحوالهم فامتلك الفراسة الإيمانية، من خلالها يعرف كيف يعالج مريديه.
4- اتصاله المباشر بمريديه: فقد سخر نفسه ووقته وحياته لتربية مريديه، من خلال دروسه، ومجالسه، وإحياء الليالي المباركة، ومن خلال النزهات والزيارات.