وبعد:
السؤال الأول:
هل يجب عند تفسير ما لم يرد في تفسيره نص التزام ما ورد عن السلف وعدم الزيادة عليه أو الإتيان بأمرٍ, جديد، خاصةً على ضوء المكتشفات الجديدة وهل يصح أن نقول خواطر في التفسير؟
الجواب:
أ.يحسنُ أن يكون الجواب عن هذا السؤال عامّاً، فيكون عنه وعن غيره مما قد يرد في ذهن القارئ، فأقول: يجب أن نعرف أن أحسن ما يفسَّر به القرآن أولاً -: القرآن نفسه، فما يكون قد جاء مجملاً في آية فبينته آية أخرى، وما يكون عامّاً في آية فخصصته آية أخرى، … - وهكذا -: فإنه لا أحسن من تفسير هذا بهذا. ومن لم يجد تفسير ما أراد في القرآن ووجده في السنة: فلا ينبغي أن يقدِّم عليها شيئاً. فإن لم يجد في الكتاب والسنة بغيته في تفسير الآية: فعليه بآثار السلف وعلى رأسهم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومما لا شكَّ فيه أن أقوال الصحابة أقرب إلى الصواب من أقوال من بعدهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: فإن قال قائل: فما أحسن طرق التفسير؟ فالجواب: أن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآنº فما أُجمل في مكانٍ, فإنه قد فُسر في موضع آخر وما اختصر من مكان فقد بسط في موضع آخر، فإن أعياك ذلك فعليك بالسنَّة فإنها شارحة للقرآن وموضحة لهº بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي: كل ما حكم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو مما فهمه من القرآن قال الله - تعالى -: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً} وقال - تعالى -: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} وقال - تعالى -: {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} ولهذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \" ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه \" يعني: السنَّة. والسنة أيضا تنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآنº لا أنها تتلى كما يتلى وقد استدل الإمام الشافعي وغيره من الأئمة على ذلك بأدلة كثيرة ليس هذا موضع ذلك. والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه فإن لم تجده فمن السنة … وحينئذ إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن والأحوال التي اختصوا بهاº ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالحº لا سيما علماؤهم وكبراؤهم كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين، مثل عبد الله بن مسعود … ومنهم الحبر البحر \" عبد الله بن عباس \" ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وترجمان القرآن ببركة دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له حيث قال: \" اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل \"....
إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين \" كمجاهد بن جبر \" فإنه كان آية في التفسير كما قال محمد بن إسحاق: حدثنا أبان بن صالح عن مجاهد قال: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها …
وكسعيد بن جبير وعكرمة مولى ابن عباس وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري ومسروق بن الأجدع وسعيد بن المسيب وأبي العالية والربيع بن أنس وقتادة والضحاك بن مزاحم وغيرهم من التابعين وتابعيهم ومن بعدهم فتذكر أقوالهم في الآية فيقع في عباراتهم تباين في الألفاظ يحسبها من لا علم عنده اختلافا فيحكيها أقوالا وليس كذلك فإن منهم من يعبر عن الشيء بلازمه أو نظيره ومنهم من ينص على الشيء بعينه والكل بمعنى واحد في كثير من الأماكن فليتفطن اللبيب لذلك، والله الهادي.
وقال شعبة بن الحجاج وغيره: أقوال التابعين في الفروع ليست حجة فكيف تكون حجة في التفسير؟ يعني أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم وهذا صحيح أما إذا أجمعوا على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض ولا على من بعدهم ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن أو السنة أو عموم لغة العرب أو أقوال الصحابة في ذلك. \" مجموع الفتاوى \" (13 / 364 371) بتصرف.
ب. وأما بالنسبة لأقوال السلف في تفسير الآية: فما اتفق عليه السلف: فلا ينبغي الخروج عنه، وما اختلفوا فيه: فليس قول واحد حجة دون الآخر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: فما ثبت عنه من السنة فعلينا اتباعهº سواء قيل إنه في القرآ
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد