قبسات من القرآن الكريم ( 1 )


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..

وبعد: يقول الله- تبارك وتعالى -: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهلَ الكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنهُم وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَينَا وَأُنزِلَ إِلَيكُم وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُم وَاحِدٌ وَنَحنُ لَهُ مُسلِمُونَ) (العنكبوت: 46) يعني: إذا اختلفتم أيها المسلمون مع اليهود والنصاري فلا تجادلوهم إلا بالخصلة التي هي أحسن، لأنهم أهل علم سماوي، فيرجى منهم أن يتعرفوا على الحق وأن يؤمنوا بالإسلام إذا كانوا من المعتدلين الذين يريدون معرفة الحق، أما إذا كانوا من الجامحين المتعصبين لأهوائهم المنحرفة وموروثاتهم الباطلة فهؤلاء الذين ظلموا أنفسهم بتعصبهم للباطل وعدم النظر لمستقبلهم الأخروي، وظلموكم أيها المسلمون بجحد الحق الذي تدعونهم إليه، فأغلظوا عليهم في المجادلة حتى تذهب منهم نخوة الشيطان وتتهيأ نفوسهم لقبول الحق، وقولوا لهم آمنا بالقرآن الذي أُنزل إلينا وبالتوارة والإنجيل الذين أُنزلا إليكم قبل أن يدخل إليهما التحريف، آمنا بهما على أنهما من وحي الله - تعالى -وأنهما مصدران لشريعة إلهية إلى زمن البعثة المحمدية، وإلهنا وإلهكم واحد هو الله - جل وعلا -، فأنبياؤكم ومن سبقوهم عليهم الصلاة والسلام دعوا إلى توحيد الله - عز وجل -، ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - دعا إلى التوحيد كذلك، فإذا تركتم الشرك الذي أحدثتموه وطبقتم ما أمركم به أنبياؤكم عليهم الصلاة والسلام من الإيمان بمحمد محمد - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث فإن ذلك سيهديكم إلى الإيمان بالإسلام، ونحن المسلمين خاضعون لله - تعالى -وحده مطيعون له فأسلموا لله وحده يا أهل الكتاب تفلحوا.

ويقول الله - تبارك وتعالى -: (وَلَئِن سَأَلتَهُم مَّن خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ وَسَخَّرَ الشَّمسَ وَالقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤفَكُونَ) (العنكبوت: 61) أي: ولئن سألت أيها الرسول كفار مكة عن الإله الذي خلق السموات والأرض التي هي أعظم ما يشاهده الإنسان وسخر الشمس والقمر لنفع الكائنات ليقولُنَّ: الله، فهم يؤمنون بأن الله هو الرب الخالق وحده، فكيف يُصرفون عن إفراده بالعبادة؟ وكيف يعبدون معه أوثانًا ليس لها أي شيء من الربوبية؟!

(اللَّهُ يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ وَيَقدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيءٍ, عَلِيمٌ) (العنكبوت: 62) فهو - جل وعلا - الرازق وحده فيوسع الرزق على من يشاء ويضيِّق على من يشاء حسب ما تقتضيه حكمته، وليس للأوثان ولا لجميع الخلق مشاركة معه - تعالى -فهو - سبحانه - بكل شيء عليم، ومن ذلك مافيه صلاح العباد وفسادهم.

 

(وَلَئِن سَأَلتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحيَا بِهِ الأَرضَ مِن بَعدِ مَوتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الحَمدُ لِلَّهِ بَل أَكثَرُهُم لَا يَعقِلُونَ) (العنكبوت: 63) أي: أنهم يعترفون بأن الله وحده هو الذي نزل المطر وأحيا به الأرض، وماداموا يعترفون بذلك فلماذا يشركون معه غيره في العبادة؟: فقل يا محمد لهؤلاء المشركين: الحمد لله الذي أظهر الحق وهدى إليه خلقه، فليس الذي منع هؤلاء المشركين من إفراد الله - تعالى -بالعبادة هو عدم ظهور الحق بل أكثرهم لايستعملون عقولهم فيما خلقها الله - جل وعلا - من أجله، حيث اعترفوا بتوحيد الله - تعالى -في ربوبيته وجحدوا توحيده في ألوهيته، وهذا تناقض مع العقل السليم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply