تأملات على ضفاف سورة الحجرات ( 11 )


بسم الله الرحمن الرحيم

ولا يزال الحديث موصولاً مع هذه الآيات العظيمة في بحر هذه السورة الكريمة من كتاب ربنا - سبحانه وتعالى - وكان الحديث عن الصلح والإصلاح بين المسلمين الناتج عن الاعتداء العسكري المسلح بغية المغنم والرئاسة. وهنا ملمح عظيم أوضحه الحق - تبارك وتعالى -: دائما في الاعتداءات يكون هناك طرف قوي وآخر ضعيف, وقد يكون الضعيف هو صاحب الحق ولكن لا يستطيع أن يأخذ حقه والقوي قد يغتر بقوته وقد يدمر ويقتل من أمامه لأنه اعتمد على قوته التي بررت له هذه السطوة، فنسي الحق الذي عليه، وما سببه لغيره ممن يشتركون معه في المعتقد لأن الأخوة الإيمانية لم تنتفي بينهما.

لذلك شرع الحق - سبحانه - هذه الطريقة الفريدة في المعالجة للازمات الناتجة بين الأخوة وهي الإصلاح الصادق. ونستفيد من هذا انه إذا جلس المتقاتلون على بساط الصلح، ثم تحدث المصلحون، وذكروا الجميع بالله القوي القادر على أخذ الحق من القوي، ورده للضعيف، فعندها قد يفيق القوي المعتدي من غفلته، ويعيد الحق المسلوب لأهله، وهذه منه من الله وهي إتاحة مثل هذه الفرصة للمعتدي في زمن المهلة أن يتخلص من الحقوق دون أن يكون عليه تبعات بشرط أن يعيد ما أخذه قهراً وبقوة ليظل الرابط الإيماني قوي بين الإخوة في العقيدة الواحدة، وإلا لو دعا المعتدى عليه في جنح الظلام، ثم استجاب الله دعاءه قد يحل بالمعتدي من العذاب الذي لا طاقة له به, والله - سبحانه - هو الرحيم بعبادة لا يريد أن يعذب عباده المؤمنين.

لذلك تأمل الآية التي هذه الآية بأنه - سبحانه - وصف عباده المتقاتلين بالمؤمنين, وأنعم بها من صفة. (إنما المؤمنون إخوة..) لهذا لزاماً على الأمة المسلمة جميعاً أن تستفيد من هذه الفرصة فقد يحل بها انتقام الله - سبحانه - وذلك بتسليط طائفة أخرى على الطائفة المعتدية. ويقال في بعض الأمثال: إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك.. فكم نحن بحاجة إلى أن نوصل هذا المثال إلى من يظلمون الناس ويعتدون عليهم بالقتل أو التشريد أو السجن أو نهب الأموال, ألا يعلموا أن الله لهم بالمرصاد..؟ لأنه - سبحانه - قد حرم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرماً. كما قال - سبحانه - في الحديث القدسي المعروف. (يا عبادي أني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا.. الحديث ) ثم تأمل الآية الأخرى: وهي قوله – سبحانه -: ( فان بغت إحداهما على الأخرى..الآية) أمر الله المؤمنين الآخرين بقتال الفئة التي لا تستجيب للصلح ثم تبغي بأن تقاتل وبالقتال قد يحصل العذاب والنكال الذي قد لا يستطاع رده لأنها لم تفيء إلى أمر الله، ولم تستجيب للصلح، بل غلبت مصلحتها الفردية وهذا كما أسلفنا هو الاعتداء والأنانية.. للحديث صلة إن شاء الله..

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply