تأملات على ضفاف سورة الحجرات ( 5 )


  بسم الله الرحمن الرحيم 

ويستمر الحديث والإبحار مع آيات هذه السورة المباركة الجامعة. الحديث والسياق القرآني ينتقل نقلة نوعية في الهدف المطلوب بعدما أرسى دعائم الإيمان والإجلال لشخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفوس أتباعه الذين عاصروه والذين جاؤوا من بعده ليعظموا بذلك ما جاء عن الله - سبحانه وتعالى - بدء يسلط الضوء على مفردات أخرى ذات طابع جماهيري, فأعاد لفت الانتباه للمؤمنين لتبقى الخصوصية بأن هذا البناء خاص بهم ــ ولا مانع أن يستفيد منه غيرهم ــ إن هم أخذوا به ــ وهذا من أسرار وعظمة القرآن والإسلام, فأحكامه تنفع لمن طبقها, ومن صفات هذا الدين الشمولية, لكن أين المطبقون..؟ مع ملاحظة أن بعض الأمم الكافرة استفادت من تعاليم الإسلام, بينما بعض أمتنا أعرضوا عنه فأصابنا ما أصابنا من الذل والمهانة, وأقرب مثال: أمرنا الله - سبحانه - باتخاذ القوة وعدم الركون أو الثقة في عدونا فما الذي حصل؟ عدونا أخذ بمبداء الإعداد للقوة مع نظرته الدونية لنا, بينما أمتنا تركت الإعداد مع الركون والثقة بالعدو. فما هي النتيجة..؟ النتيجة واضحة كالشمس في رابعة النهار.. قال الله - تعالى -: ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم.. الآية) فلا يرهب العدو إلا القوة. فلو أن الأمة تستيقض من رقدتها وتنفض غبار الانهزامية وتثق بربها - سبحانه و تعالى - وبوعده وتتوكل عليه فأول شيء ستحس به هو الانتصار على النفس المنهزمة من داخلها وهذا مهم جداً أن ننتصر على الهوان الذي يضرب أطنابه في دواخلنا وقد شربنا الهزبمة فبل أن نواجه عدونا, ولم نفطن إلى أن العدو لازال في حالة ترقب وتوجس لهذا المارد أن يستيقض. هو يعمل جاهداً بأن يجعل هذا المارد نائماً ومخدراً أطول وقت ممكن, مع إيهامنا بأنه سيحمينا عند الحاجة إذا داهم الخطب, فلا حاجة إذا لإشغال أنفسنا بجمع السلاح أو أخذ القوة.. فهل نفطن لذلك؟؟ ولكن مع الأسف الشديد صدقنا؟؟ للحديث بقية إن شاء الله.. 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply