سلسلة مقالات علل أحاديث التفسير (5)


 بسم الله الرحمن الرحيم

(فضل البسملة)

 [5] حديث:أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشتكى فأتاه جبريل، فقال: \"بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من كل كاهن وحاسد، والله يشفيك.

الحديث أورده البغوي في تفسيره (4: 547) في تفسير سورة الفلق.

وأورده ابن كثير في تفسير سورة القلم (4: 411) عند قوله - تعالى -: {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزلِقُونَكَ بِأَبصَارِهِم لَمَّا سَمِعُوا الذِّكرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجنُونٌ}. [آية: 51]. وفي(4: 574) في تفسير سورة الفلق (كذلك) عند الآية المذكورة.

وأورده السيوطي في الدر المنثور (8: 688) وفي (8: 691) في تفسير سورة الفلق عند قوله - تعالى -وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ, إِذَا حَسَدَ. [آية: 5]. عن جابر بن عبدالله، وأبي سعيد الخدري. وعزاه لابن مردويه.

وأورده الأستاذ الفاضل حكمت بشير ياسين في كتابه القيم الصحيح المسبور (1: 71) عند ذكره للبسملة وفضلها..ومن أجل هذا بدأنا بذكر الحديث هنا.

 

طرق الحديث:

الحديث ورد من رواية أبي سعيد الخدري، وجابر بن عبدالله، وأنس بن مالك، في آخرين.

? فأما حديث أبي سعيد الخدري:

فسئل الدارقطني في العلل (11: 325/ برقم 2314) عنه، فقال: \"يرويه عبد الوارث بن سعيد، واختلف عنه: فرواه بشر بن هلال وعمران بن موسى، عن عبد الوارث، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أبي نضرة.

ورواه أبو معمر، عن عبد الوارث، عن حميد الطويل، عن أبي نضرة والأول أصح.

ورواه داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، واختلف عن: فرواه أبو شهاب الحناط، وعمر بن حبيب القاضي، وعبد الله بن إدريس، عن داود، عن أبي نضرة، عن جابر أو أبي سعيد، والصحيح عن أبي سعيد\". اهـ.

قلت: وله وجه من الخلاف آخر لم يشر إليه الدارقطني، فقد رواه عبدالصمد بن عبد الوارث، عن أبيه، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس.

والحديث بطريقيه في عداد الغرائب.. فإلى بيان مخارج هذه الروايات (وَفق ما تحصل لي):

1 ـ أما رواية بشر بن هلال (وهي أصح الروايات):

فأخرجها مسلم (4: 1718/ برقم 2186)، والترمذي في جامعه (3: 303/ برقم 972)، و النسائي (6: 249/ برقم 10843)، و أبو يعلى (2: 327/ برقم 1066): عن بشر بن هلال الصواف، حدثنا عبد الوارث، حدثنا عبد العزيز بن صهيب، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد: أن جبريل أتى النبي (- صلى الله عليه وسلم -)، فقال: يا محمد اشتكيت؟ فقال: نعم، قال: \"باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، باسم الله أرقيك\". لفظ مسلم.

2 ـ وأما رواية عمران بن موسى:

فأخرجها النسائي في الكبرى (4: 393/ برقم7660).

وأخرجها النقاش في فوائد العراقيين برقم (75): أخبرنا أبو الفضل إبراهيم بن محمد بن أبي، ثنا محمد بن محمد الواسطى.

كلاهما (النسائي، ومحمد بن محمد الواسطي) عنه، قال: ثنا عبد الوارث، عن عبد العزيز، قال: حدثني أبو نضرة، عن أبي سعيد الخدري (فذكره) بنحوه.

وتابعهما عليه: عفان بن مسلم الصفار، وعبدالصمد بن عبدالوارث، ومسدد بن مسرهد.

3 ـ فأما رواية عفان بن مسلم:

فأخرجها أحمد (3: 56/ برقم 11551).

وأخرجها الطحاوي في معاني الآثار (4: 329): حدثنا محمد بن علي بن داود.

كلاهما (أحمد ومحمد بن علي) عنه، قال: ثنا عبد الوارث، قال: ثنا عبد العزيز بن صهيب، قال: ثنا أبو نضرة، عن أبي سعيد الخدري (فذكره).

4 ـ وأما رواية عبدالصمد بن عبدالوارث:

فأخرجه أحمد (3: 28/ برقم 11241): ثنا عبد الصمد، حدثني أبي، ثنا عبد العزيز ـ يعني ابن صهيب ـ قال: حدثني أبو نضرة، عن أبي سعيد الخدري(فذكره).

5 ـ وأما رواية مسدد بن مسرهد:

فأخرجها الطبراني في الأوسط (8: 257/ برقم 8565)، وفي الدعاء (1: 334 / برقم 1091): حدثنا معاذ بن المثنى.

وأخرجها اللالكائي في الأصول برقم (341): أخبرنا محمد بن عبد الله الجعفي، قال: أخبرنا محمد بن علي بن رحيم، قال: حدثنا أحمد بن حازم، قال: حدثنا مسدد وأبو معمر (قرنهما).

كلاهما (معاذ، وأحمد بن حازم) عن عبدالوارث، عن عبدالعزيز بن صهيب، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد(فذكره).

وقال الطبراني: \"لم يرو هذا الحديث عن عبد العزيز إلا عبد الوارث\".

6 ـ وأما رواية أبي معمر فاختلف عليه فيها:

فرواه أحمد بن حازم كالجماعة.. وخالفه الحنيني فرواه عنه، عن عبد الوارث، عن حميد الطويل، عن أبي نضرة.

أ ـ فأما رواية أحمد بن حازم: أخرجها اللالكائي في الأصول برقم (341): أخبرنا محمد بن عبد الله الجعفي، قال: أخبرنا محمد بن علي بن رحيم، قال: حدثنا أحمد بن حازم، قال: حدثنا مسدد وأبو معمر، قالا: حدثنا عبد الوارث، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد (فذكره).

ب ـ وأما رواية الحنيني: فأخرجها عبدالغني المقدسي في الترغيب في الدعاء (ص209 ـ 210/ برقم 111): من طريق محمد بن الحسين الحنيني الكوفي: ثنا أبو معمر، ثنا عبد الوارث، عن حميد الطويل، عن أبي نضرة عن أبي سعيد (فذكره).

والصواب رواية أحمد بن خازم.. وللكلام حوله بقية في طريق جابر التالية.

? أما حديث جابر بن عبدالله:

فأشار له الدارقطني وذكر الاختلاف على داود بن أبي هند فيه: وبعض ما ذكره (- رحمه الله -) لم أقف عليه، لكن وقفت عليه من أوجه أخرى.. وبيان هذه الطرق كالتالي:

رواه أبو بحر البكراوي، ووهيب بن خالد عن داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد أو جابر. (كذا على الشك).

ورواه محمد بن عبدالرحمن الطفاوي، وأبي شهاب، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد.

1 ـ فأما رواية أبي بحر البكراوي:

فأخرجها ابن السني في عمل اليوم والليلة برقم (570): أخبرني أبو عروبة، حدثنا علي بن الحسين الدرهمي ويحيى ابن حكيم، قالا: ثنا أبو بحر البكراوي، ثنا داود بن أبي هند، ثنا أبو نضرة، عن أبي سعيد أو جابر ـ شك داود ـ قال: (فذكره).

2 ـ وأما رواية وهيب (هو ابن خالد):

فأخرجه أحمد في المسند (3: 75/ برقم 11728): ثنا عفان، ثنا وهيب، ثنا داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد ـ أو عن جابر بن عبد الله ـ: (فذكره).

وهذه الرواية أعلها الدارقطني، ولم يشر لوجه العلة وهو مصرح بها في رواية البكراوي هذه.

3 ـ وأما رواية محمد بن عبدالرحمن الطفاوي:

فأخرجها أحمد في المسند (3: 58/ برقم 11574): ثنا محمد بن عبدالرحمن الطفاوي، ثنا داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: اشتكى رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) فجاءه جبريل فرقاه، فقال: \"بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من كل عين وحاسد يشفيك\"، أو قال: \"الله يشفيك\".

4 ـ وأما رواية أبي شهاب (وهي أشهر الروايات):

فأخرجها ابن أبي شيبة في المصنف (5: 47/ برقم 23576)، و(6: 63/ برقم 29503)، وعبد بن حميد في المنتخب (ص278/ برقم 881).

وأخرجها الطبراني في الدعاء في (1: 334 / برقم 1091): حدثنا أبو عمر الضرير محمد بن عثمان بن سعيد الكوفي.

ثلاثتهم (ابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وأبو عمر الضرير) عن حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: حدثنا أبو شهاب، عن داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد (فذكره).

? وأما حديث أنس بن مالك:

فيرويه عبدالعزيز بن صهيب (كذلك) مع اختلاف في اللفظ.

أخرجه أحمد في مسنده (3: 151/ برقم 12554): ثنا عبد الصمد.

وأخرجه البخاري في صحيحه (5: 2167/ برقم 5410)، وأبو داود في سننه (4: 11/ برقم3890): حدثنا مسدد.

وأخرجه الترمذي في الجامع (3: 303/ برقم 973)، وفي العلل الكبير (1: 141/ 242): حدثنا قتيبة.

وأخرجه أبو يعلى في مسنده (7: 20/ برقم 3917): حدثنا جعفر بن مهران.

أربعتهم (عبدالصمد، ومسدد، وقتيبة، وجعفر بن مهران): عن عبدالوارث، عن عبدالعزيز، قال: دخلت أنا وثابت على أنس بن مالك، فقال ثابت: يا أبا حمزة اشتكيت، فقال أنس: ألا أرقيك برقية رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -)؟ قال: بلى، قال: \"اللهم رب الناس مذهب الباس، اشف أنت الشافي، لا شافي إلا أنت شفاء لا يغادر سقما\". لفظ البخاري.

قال أبو عيسى: \"حديث أبي سعيد حديث حسن صحيح، وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث، فقلت له: رواية عبد العزيز، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد أصح، أو حديث عبد العزيز، عن أنس؟ قال: كلاهما صحيح\".

وقال في العلل الكبير (1: 141): \" سألت أبا زرعة عن هذين الحديثين أيهما أصح: حديث أنس أو حديث أبي سعيد؟ فقال: كلاهما صحيح. وقد رواهما عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبيه الحديثين جميعًا.

وسألت محمدًا، فقال: مثله\". اهـ.

وفي الباب: عن أنس، وعبادة بن الصامت، وأبي هريرة، وعائشة، وميمونة (رضي الله عن الجميع).. وإن كان في العمر بقية فسأتعرض (إن شاء الله) لبعض هذه الطرق عند ذكر سورة الفلق.

 

(فائدة):

قال ابن كثير: \"ولعل هذا كان من شكواه (- صلى الله عليه وسلم -) حين سحر، ثم عافاه الله - تعالى -وشفاه، ورد كيد السحرة الحساد من اليهود في رؤوسهم، وجعل تدميرهم في تدبيرهم وفضحهم \".

وليس في النصوص الصحيحة أن ذلك كان هو السبب، وقد أورد طرفا منها ابن كثير هنا، ولكنه ختم برواية طويلة للثعلبي، وفيها ذكر سياق الرقية، وختمها بقوله: \"أورده بلا إسناد وفيه غرابة وفي بعضه نكارة شديدة ولبعضه شواهد\".

وعلى هذا فهو يدخل في أسباب ورود الحديث.. ولم أر من ذكره فيها.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply