شبهه قوله صلى الله علية وسلم لما رأى التوراة آمنت بك وبمن أنزلك


بسم الله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..

 

يثير جهلة النصارى كل يوم مسألة للتشبيه على عوام المسلمين أمر دينهم، ولا يعنينا الرد على النصارى قدر ما يعنينا توضيح ما يثار للمسلم ليكن على بينة من دينه، وهذا ما كررناه في عدة مواضع أن المسلم أفضل عند الله من مجموع النصارى، وأفضليته جاءت من توحيده لله وإفراده إياه بالعبادة. لذا الحرص على نقاء عقيدة المسلم وعلى فهمه لأمور دينه بدفع ما يثيره جهلة الكفار هو من الجهاد في سبيل الله بالكلمة. فاللهم نسأل إخلاص النية والعمل لوجهك الكريم.

 

يذكر ضلال النصارى حديثاً وردت به قصة استشارة اليهود لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمر حادثة زنا فأجابهم - صلى الله عليه وسلم - بحكم الزنا ووضح لهم أنه موجود بكتابهم ولكنهم أخفوه فناشدهم الله فأظهروا النص، ويحاول ضلال النصارى الاستلال بلفظ ورد بالحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال عن التوراة (آمنت بك وبمن أنزلك)

 

نقول وبالله التوفيق

سنن ابن ماجه:

1- حدثنا عَلِيٌّ بنُ محمد. ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَن الأَعمَشِ، عَن عَبد اللهِ بنُ مُرَّةَ، عَن البَرَاءِ بنُ عَازِبٍ,º قَالَ: مَرَّ النَّبِّي - صلى الله عليه وسلم - بِيَهُودِيٍّ, مُحَمَّمٍ, مَجلُودٍ,. فَدَعَاهُم فَقَالَ: (هَكَذا تَجِدُونَ فِي كَتَابِكم حَدَّ الزَّانِي؟) قَالُوا: نَعَم. فَدَعَا رَجُلاً مِن عُلَمَائِهم فَقَالَ: (أَنشُدُكَ بِاللهِ الَّذِي أَنزَلَ التَّورَاةَ عَلَى مُوسى، أَهكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي؟) قَال: لاَ. وَلَو لاَ أَنَّكَ نَشَدتَنِي لَم أُخبِركَ نَجِدُ حَدَّ الزَّانِي، فِي كِتَابِنَا، الرَّجمَ. وَلكِنَّهُ كَثُرَ فِي أَشرَافِنَا الرَّجمُ. فَكُنَّ إِذَا أَخّذنَا الشَّرِيفَ تَرَكنَاهُ. وَكُنَّا إِذَا أَخّذنَا الضَّعِيفَ أَقَمنَا عَلَيهِ الحَدَّ. فَقُلنَا تَعَالوا فَلنَجتَمِع عَلَى شَئٍ, نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَ الوَضِيعِ. فَاجتَمَعنَا عَلَى التَّحمِيمِ وَ الجَلدِ، مَكَانَ الرَّجمِ. فقال النَّبِّي - صلى الله عليه وسلم -: (اللّهُمَّ! إِنِّي أَوَّلُ مّن أَحيَا أَمرَكَ، إِذ أَمَاتُوهُ). وَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ.

 

وفي سنن أبي داوود:

1- حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: قرأت على مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر أنه قال: إن اليهود جاءوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له أن رجلاً منهم وامرأة زنيا. فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \"ما تجدون في التوراة في شأن الزِّنا؟ \" فقالوا: نفضحهم ويجلدون. فقال عبد الله بن سلام: كذبتم إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها فجعل أحدهم يده على آية الرجم، ثم جعل يقرأ ما قبلها وما بعدها. فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفعها فإِذا فيها آية الرجم. فقالوا: صدق يا محمد فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجما. قال عبد الله بن عمر: فرأيت الرجل يَحني على المرأة يقيها الحجارة.

 

2- حدثنا مسدد، ثنا عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن البراء بن عازب قال: مرٌّوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيهودي قد حُمِّمَ وجهه وهو يطاف به فناشدهم ما حدٌّ الزاني في كتابهم؟. قال: فأحالوه على رجل منهم، فنشده النبيٌّ - صلى الله عليه وسلم - ما حدٌّ الزاني في كتابكم؟. فقال: الرجم، ولكن ظهر الزنا في أشرافنا فكرهنا أن يترك الشريف ويقام على من دونه فوضعنا هذا عنا، فأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجم. ثم قال: \"اللهم إنِّي أول من أحيا ما أماتوا من كتابك\".

 

3- حدثنا محمد بن العلاء، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن البراء بن عازب قال: مُرَّ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيهودي مُحمَّمٍ, مجلود، فدعاهم فقال: وهكذا تجدون حدَّ الزاني؟ \" قالوا: نعم. فدعا رجلاً من علمائهم قال له: \"نشدتك باللّه الذي أنزل التوراة على موسى، أهكذا تجدون حدَّ الزاني في كتابكم؟ \" فقال: اللهم لا، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك، نجد حدَّ الزاني في كتابنا الرَّجم، ولكنه كثر في أشرافنا، فكنا إذا أخذنا الرجل الشريف تركناه، وإذا أخذنا الرجل الضعيف أقمنا عليه الحد. فقلنا: تعالوا فنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فاجتمعنا على التحميم والجلد وتركنا الرجم.

 

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \"اللهم إنِّي أول من أحيا أمرك إذ أماتوه\" فأمر به فرجم، فأنزل الله - عز وجل -: {يَا أَيٌّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الكُفرِ} إلى قوله: {يَقُولُونَ إِن أُوتِيتُم هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَم تُؤتَوهُ فَاحذَرُوا} إلى قوله: {وَمَن لَم يَحكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ} [المائدة: 42-44] في اليهود إلى قوله: {وَمَن لَم يَحكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} في اليهود، إلى قوله: {وَمَن لَم يَحكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ} [المائدة: 45-47] قال: هي في الكفار كلها، يعني: هذه الآية.

 

4- حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني، ثنا ابن وهب، حدثني هشام بن سعد، أن زيد بن أسلم حدّثه، عن ابن عمر قال: أتى نفرٌ من يهود فدعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى القُف فأتاهم في بيت المدارس فقالوا: يا أبا القاسم، إن رجلاً منَّا زنى بامرأة فاحكم بينهم، فوضعوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسادةً فجلس عليها ثم قال: \"ائتوني بالتوراة\" فأتي بها. فنزع الوسادة من تحته ووضع التوراة عليها ثم قال: \"آمنت بك وبمن أنزلك\". ثم قال: \"ائتوني بأعلمكم\" فأتي بفتى شابٍّ,، ثم ذكر قصة الرجم نحو حديث مالك عن نافع.

 

5- حدثنا محمد بن يحيى، ثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، قال: ثنا رجل من مزينة، ح، وثنا أحمد بن صالح، ثنا عنبسة، ثنا يونس قال: قال محمد بن مسلم: سمعت رجلاً من مزينة ممن يتَّبع العلم ويَعِيه، ثم اتفقا: ونحن عند سعيد بن المسيب، فحدثنا عن أبي هريرة وهذا حديث معمر وهو أتمٌّ، قال: زنى رجل من اليهود وامرأة، فقال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى هذا النبيº فإِنه نبي بعث بالتخفيف، فإِن أفتانا بفتيا دون الرجم قبلناها واحتججنا بها عند اللّه. قلنا: فُتيا نبيٍّ, من أنبيائك. قال: فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس في المسجد في أصحابه فقالوا: يا أبا القاسم، ما ترى في رجل وامرأة منهم زنيا؟ فلم يكلمهم كلمة حتى أتى بيت مدارسهم. فقام على الباب فقال: \"أنشدكم باللّه الذي أنزل التوراة على موسى ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أحصن؟ \" قالوا: يحمّم ويجبه ويجلد، والتجبيه: أن يحمل الزانيان على حمار ويقابل أفقيتهما ويطاف بهما.

 

قال: وسكت شاب منهم. فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - سكت ألظَّ به النشدة فقال: اللهم إذ نشدتنا فإِنا نجد في التوراة الرجم. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: \"فما أول ما ارتخصتم أمر اللّه؟ \" قال: زنى ذو قرابة من ملك من ملوكنا فأخّر عنه الرَّجم، ثم زنى رجل في أسرة من الناس فأراد رجمه فحال قومه دونه، وقالوا: لا يرجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه، فاصطلحوا على هذه العقوبة بينهم. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: \"فإِنِّي أحكم بما في التوراة\" فأمر بهما فرجما.

 

قال الزهري: فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم: {إِنَّا أَنزَلنَا التَّورَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحكُمُ بِهَا النَّبِيٌّونَ الَّذِينَ أَسلَمُوا} [المائدة: 44] كان النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم.

 

6- حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ الحراني، قال: حدثني محمد - يعني: ابن سلمة - عن محمد بن إسحاق، عن الزهري قال: سمعت رجلاً من مزينة يحدِّث سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: زنى رجل وامرأة من اليهود وقد أُحصِنا حين قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وقد كان الرجم مكتوباً عليهم في التوراة فتركوه وأخذوا بالتجبيه، يضرب مائة بحبل مَطلِيٍّ, بقار ويحمل على حمار وجهُه مما يلي دبر الحمار، فاجتمع أحبار من أحبارهم فبعثوا قوماً آخرين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: سلوه عن حدِّ الزاني، وساق الحديث.

 

فقال فيه: قال: ولم يكونوا من أهل دينه، فيحكم بينهم فخيِّر في ذلك قال: {فَإِن جَاءُوكَ فَاحكُم بَينَهُم أَو أَعرِض عَنهُم} [المائدة: 42].

 

7- حدثنا يحيى بن موسى البلخي، ثنا أبو أسامة قال مجالد: أُخبرنا عن عامر، عن جابر بن عبد الله قال: جاءت اليهود برجل وامرأة منهم زَنيا قال: \"ائتوني بأعلم رجلين منكم\". فأتوه بابني صوريا، فنشدهما كيف تجدان أمر هذين في التوراة؟.

 

قالا: نجد في التوراة إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة رجما. قال: \" فما يمنعكما أن ترجموهما؟ \" قالا: ذهب سلطانا فكرهنا القتل. فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشهود، فجاءوا بأربعة فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - برجمهما.

 

وفي صحيح مسلم:

1- وَحَدَّثَنِي الحَكَمُ بنُ مُوسَىَ أَبُو صَالِحٍ,، حَدَّثَنَا شُعَيبُ بنُ إِسحَقَ، أَخبَرَنَا عُبَيدُ اللهِ، عَن نَافِعٍ, أَنَّ عَبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ أَخبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بِيَهُودِيٍّ, وَيَهُودِيَّةٍ, قَد زَنَيَا، فَانطَلَقَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّىَ جَاءَ يَهُودَ. فَقَالَ: \"مَا تَجِدُونَ فِي التَّورَاةِ عَلَىَ مَن زَنَىَ؟ \" قَالُوا: نُسَوِّدُ وُجُوهَهُمَا وَنُحَمِّلُهُمَا، وَنُخَالِفُ بَينَ وُجُوهِهِمَا، وَيُطَافُ بِهِمَا. قَالَ: \"فَأتُوا بالتَّورَاةِ، إِن كُنتُم صَادِقينَ\" فَجَاؤُوا بِهَا، فَقَرَأُوهَا، حَتَّىَ إِذَا مَرٌّوا بِآيَةِ الرَّجمِ، وَضَعَ الفَتَى الَّذِي يَقرَأُ يَدَهُ عَلَىَ آيَةِ الرَّجمِ.

 

2- حَدَّثَنَا يَحيَىَ بنُ يَحيَىَ، وَأَبُو بَكرِ بنُ أَبِي شَيبَةَ، كِلاَهُمَا عَن أَبِي مُعَاوِيَةَ قَالَ يَحيَىَ: أَخبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعمَشِ، عَن عَبدِ اللهِ بنِ مُرَّةَ، عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ, قَالَ: مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَهُودِيٍّ, مُحَمَّمَاً مَجلُوداً، فَدَعَاهُم - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: \"هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُم؟ \" قَالُوا: نَعَم. فَدَعَا رَجُلاً مِن عُلَمَائِهِم فَقَالَ: \"أَنشُدُكَ بِاللهِ الَّذِي أَنزَلَ التَّورَاةَ عَلَىَ مُوسَىَ، أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُم؟ \" قَالَ: لاَ، وَلَولاَ أَنَّكَ نَشَدتَنِي بِهَذَا لَم أُخبِركَ، نَجِدُهُ الرَّجمَ، وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِي أَشرَافِنَا.

 

3- حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة. كلاهما عن أبي معاوية. قال يحيى: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش، عن عبدالله بن مرة، عن البراء بن عازب. قال: مر على النبي - صلى الله عليه وسلم - بيهودي محمما مجلودا. فدعاهم - صلى الله عليه وسلم - فقا (هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ ) قالوا: نعم. فدعا رجلا من علمائهم. فقال (أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ ) قال: لا. ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك. نجده الرجم. ولكنه كثر في أشرافنا. فكنا، إذا أخذنا الشريف تركناه. وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد. قلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع. فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (اللهم! إني أول من أحيا أمرك إذا أماتوه). فأمر به فرجم.

 

فأنزل الله - عز وجل -: {يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر* إلى قوله: إن أوتيتم هذا فخذوه} [5 /المائدة /41] يقول: ائتوا محمدا - صلى الله عليه وسلم -. فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه. وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا.

 

فأنزل الله - تعالى -: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [5 /المائدة /44]. {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} [5 /المائدة /45]. {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} [5 /المائدة /47]. في الكفار كلها.

 

وفي مسند الإمام أحمد:

1- حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب قال: - مر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيهودي محمم مجلود فدعاهم فقال أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم فقالوا نعم قال فدعا رجل من علمائهم فقال أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم فقال لا والله ولولا أنك أنشدتني بهذا لم أخبرك نجد حد الزاني في كتابنا الرجم ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد فقلنا تعالوا حتى نجعل شيئا نقيمه على الشريف والوضيع فاجتمعنا على التحميم والجلد فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه قال فأمر به فرجم فأنزل الله - عز وجل - يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إلى قوله يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه يقولون ائتوا محمدا فإن أفتاكم بالتحميم والجلد فخذوه وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا إلى قوله ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون قال في اليهود إلى قوله ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون قال هي في الكفار كلها.

 

وفي نصب الرواية:

1- حديث آخر رواه الطبراني في \"معجمه\" حدثنا بكر بن سهل ثنا عبد اللّه بن صالح حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله - تعالى -: {إن أوتيتم هذا فخذوه، وإن لم تؤتوه فاحذروا} قال: هم اليهود زنت منهم امرأة، وقد كان اللّه - تعالى -حكم في التوراة في الزنا الرجم، فنفسوا أن يرجموها، وقالوا: انطلقوا إلى محمد، فعسى أن يكون عنده رخصة، فاقبلوها، فأتوه، فقالوا: يا أبا القاسم إن امرأة منا زنت، فما تقول فيها؟ فقال - عليه السلام -: كيف حكم اللّه في التوراة في الزاني؟ فقالوا: دعنا من التوراة، فما عندك في ذلك؟ فقال: ائتوني بأعلمكم بالتوراة التي أنزلت على موسى - صلى الله عليه وسلم -، فأتوه، فقال لهم: بالذي نجاكم من آل فرعون، وبالذي فلق البحر فأنجاكم، وأغرق آل فرعون، إلا أخبرتموني ما حكم اللّه في التوراة في الزاني؟ فقالوا: حكم اللّه الرحم.

 

وفي صحيح البخاري:

1- حَدَّثَنَا إِسمَاعِيلُ بنُ عَبدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَن نَافِعٍ, عَن عَبدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ إِنَّ اليَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنهُم وَامرَأَةً زَنَيَا فَقَالَ لَهُم رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا تَجِدُونَ فِي التَّورَاةِ فِي شَأنِ الرَّجمِ فَقَالُوا نَفضَحُهُم وَيُجلَدُونَ قَالَ عَبدُ اللَّهِ بنُ سَلَامٍ, كَذَبتُم إِنَّ فِيهَا الرَّجمَ فَأَتَوا بِالتَّورَاةِ فَنَشَرُوهَا فَوَضَعَ أَحَدُهُم يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجمِ فَقَرَأَ مَا قَبلَهَا وَمَا بَعدَهَا فَقَالَ لَهُ عَبدُ اللَّهِ بنُ سَلَامٍ, ارفَع يَدَكَ فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجمِ قَالُوا صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ فِيهَا آيَةُ الرَّجمِ فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرُجِمَا فَرَأَيتُ الرَّجُلَ يَحنِي عَلَى المَرأَةِ يَقِيهَا الحِجَارَةَ

 

قال ابن حجر:

وفي رواية أيوب فجاءوا وزاد عبيد الله بن عمر \" بها فقرؤها \" وفي رواية زيد بن أسلم \" فأتى بها فنزع الوسادة من تحته فوضع التوراة عليها ثم قال آمنت بك وبمن أنزلك \"

 

كل الروايات التي وردت لم ترد بها لفظة (آمنت بك وبمن أنزلك) إلا في رواية أبي داوود عن زيد بن أسلم وزيد ابن اسلم من طبقة التابعين فيكون سند زيادة زيد ابن اسلم منقطعا. ولكن المعنى لا غبار عليه لما سنسوقه لاحقاً..

 

ونلخص ما سبق أن الحديث ورد بعدة صيغ في مواطن مختلفة:

1- حديث البراء بن عازب (رواه أبو داوود ومسلم وابن ماجة وفي مسند أحمد)

2- حديث أبو هريرة (رواه أبو داوود)

3- حديث ابن عمر (رواه أبو داوود ومسلم)

4- حديث جابر بن عبد الله (رواه أبو داوود)

 

ولهذا فقول القائل من ضلال النصارى كيف يقل محمد - صلى الله عليه وسلم - (آمنت بك وبمن أنزلك) أليس هذا إقرار منه بالتوراة، وهنا عدة مسائل تغيب عن فكر ضلال النصارى لما غشي أعينهم من الكفر:

الأولى: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو المبلغ عن رب العباد، وهو قد حدد وبين لنا أوامر الشريعة ونواهيها، وما بلغه من رب العزة بلغنا به، ولهذا فنحن مأمورون باتباع ما يشرعه لنا (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وهو المبلغ (يا أيها النبي بلغ ما أنزل إليك) ومما أنزل إليه - صلى الله عليه وسلم - ومما بلغنا به - الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله) ولقوله: (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون) فأحد عناصر ودعائم الإيمان برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - هو الإيمان بالكتب السابقة إجمالاً أنها من عند الله نزلت على أنبيائه المبلغين عنه وأنهم خير بشر بلغوا أمانة الله.

 

الثانية: ما أقره النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو المبلغ عن ربه من شرع من هم قبلنا كاليهود والنصارى يعد من الصحيح من شرعهم ومما لم تناله يدهم بالتحريف والتبديل، سواء تحريف لفظ وخط، أو تحريف معنى وتأويل، والتحريف أنواع، وهذا مما لا يفهمه عوام الضالين من النصارى، وليس هذا موضعه، ولقد وصفهم رب العزة بأنهم (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا).

 

أما إيماننا بكتبهم إجمالاً فلا يعد من قبيل الإقرار بكل ما أتى بها، بل هو إيمان تسليم بأنها نزلت من عند الله على رسل الله وأما تفاصيل كتبهم ففيه مسائل:

 

الأولى: ما ورد لديهم يدل على وحدانية الله وإفراده بالعبادة، حتى لو لم يصلنا ما يؤيده من قول أو إقرار من نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فهذا نؤمن به بصريح لفظه ولا نسلم لهم بتأويله أو صرف اللفظ عن صريح معناه كما يذهبون في تفسيراتهم.

 

الثانية: ما ورد تأييد وإقرار له من نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كمسألتنا هذه مسألة رجم الزاني، وهي مما بين - صلى الله عليه وسلم - أنهم أخفوها عن أتباعهم وأبدلوا الحكم بحكم آخر وهو نوع من التحريف (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب) والقاعدة الشرعية نوافقهم فيما وافق شرعنا لقول الله (ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين).

 

تصديق: لما معهم من الحق وافق شرعنا وأقره - صلى الله عليه وسلم - فكتابهم كما ذكرنا بموضع آخر به من الحق جزء ومن الباطل أجزاء.

تفصيل: لما أجمل بكتابهم ولم تتضح أحكامه يبينها شرعنا ويقرها - صلى الله عليه وسلم -.

 

الثالثة: نرفض ما فيه شرك بالله كإشراك أحد معه - سبحانه - في العبادة سواء كان شرك الربوبية أو الألوهية.

 

مما سبق يتبين لنا أن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (آمنت بك وبمن أنزلك) هو إيمان إجمال لا تفصيل، إيمان أنها من عند الله نزلت على نبي من أنبياء الله، وهذا ما لا ينكره عاقل أن التوراة كتاب من كتب الله، ومن ينكر هذا سواء من ملة الإسلام أو أي ملة أخرى فهو كافر بلا ريب.

 

لا يجوز في حق النبي تأخير البيان عن وقت الحاجة (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين) فهو - صلى الله عليه وسلم - مأمور بالتبليغ في الحال، ولما سئل - صلى الله عليه وسلم - عن حكم الزاني من اليهود رغبة منهم في عدم تحمل مسئولية الحكم في الحادثة كان هذا وقت التبليغ فلا يجوز في حقه - صلى الله عليه وسلم - تأخير التبليغ، فبين لهم - صلى الله عليه وسلم - الحكم وهذه الحادثة أدل على صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو لم يكن رسول الله ومبلغا عنه لكان أولى به أن يخالفهم بالحكم وهذا ما لا يجوز بحقه - صلى الله عليه وسلم -.

 

وتبليغه - صلى الله عليه وسلم - في هذه الحالة هو نوع من إقامة الحجة عليهم ونوع من الهداية فهو المبلغ والهدى من الله والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن كما ورد بالأثر.

 

وهنا مسألة أخرى يثيرها ضلال النصارى متعلقة بهذه المسألة، فيستدلون بالآية (وَكَيفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّورَاةُ فِيهَا حُكمُ اللّهِ) كاقرار من رب العزة بالتوراة وبأحكام التوراة وان محمدا - صلى الله عليه وسلم - بعث للعرب فقط أو ان التوراة هي مصدر أحكام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا استدلال فاسد، فمعرفة التفسير تستلزم معرفة أسباب النزول، وهذا ما لا يفهمه ضلال النصارى، وسبب نزول الآيات هو القصة السابقة فليعلم هذا.

 

وصلى الله على نبينا محمد رغم أنف الكافرين

 

هناك إضافة هامة للغاية من إضافة الشيخ احمد بن سالم المصري:

قلت: هذا إسناد ضعيفº مسلسل بالضعفاء، وإليك تراجم رجال الإسناد:

محمد بن سعد: هو محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية بن سعد بن جنادة أبو جعفر العوفي.

قال الخطيب: ((كان لينا في الحديث)).

وقال الدارقطني: ((لا بأس به)).

مات سنة ست وسبعين ومائتين.

قلت: وله كتاب في التفسير يسمى: ((تفسير العوفي)).

انظر ترجمته في: تاريخ بغداد (5/322/2845)، وسؤالات الحاكم (رقم 178)، وكشف الظنون (1/454).

 

عن أبيه: هو سعد بن محمد بن الحسن بن عطية بن سعد العوفي.

قال أحمد بن حنبل: ((ذاك جهمى امتحن أول شيء قبل أن يخوفوا وقبل أن يكون ترهيب فأجابهم)).

ثم قال: ((ولم يكن هذا أيضا ممن يستاهل أن يكتب عنه ولا كان موضعا لذاك)).

انظر ترجمته: تاريخ بغداد (9/126/4743).

 

عن عمه: هو الحسين بن الحسن بن عطية بن سعد بن جنادة، أبو عبد الله العوفي.

قال أبو حاتم: ((ضعيف الحديث)).

وقال يحيى: ((ضعيف)).

وقال النسائي: ((ضعيف)).

وقال الجوزجاني: ((واهي الحديث)).

وقال ابن سعد: ((سمع سماعاً كثيراً وكان ضعيفاً في الحديث)).

وذكره العقيلي في الضعفاء.

انظر ترجمته: لسان الميزان (2/278/1156).

 

عن أبيه: هو الحسن بن عطية بن سعد بن جنادة العوفى.

قال الحافظ في \"تقريب التهذيب\" (1256): ((ضعيف)).

 

عن أبيه: هو عطية بن سعد بن جنادة العوفى.

قال الحافظ (4616): ((صدوق يخطئ كثيراً، وكان شيعياً مدلساً)).

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply