تَخرِيجُ حَدِيثِ : \ أَفَعَميَاوَانِ أَنتُمَا... \


 بسم الله الرحمن الرحيم

الــــحــــمــــدُ لــــلــــهِ وبــــعــــدُº

هذا تخريج لحديث نسمعه كثيراً بل حصل خلاف بين الفقهاء في حكم مسألة نظر المرأة إلى الرجل بسببه.

أحببت أن أشارك في تخريج الحديث وبيان درجته من جهة الصحة أو الضعف.

 

نَــــصُ الـحَـــدِيــــثِ:

روى الإمام أحمد في مسنده (6/296) بسنده فقال: حَدَّثَنَا عَبدُ الرَّحمَنِ بنُ مَهدِيٍّ, ، حَدَّثَنَا عَبدُ اللَّهِ بنُ المُبَارَكِ، عَن يُونُسَ بنِ يَزِيدٍ,، عَنِ الزٌّهرِيِّ أَنَّ نَبهَانَ حَدَّثَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثَتهُ قَالَت : كُنتُ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَيمُونَةُ فَأَقبَلَ ابنُ أُمِّ مَكتُومٍ, حَتَّى دَخَلَ عَلَيهِ، وَذَلِكَ بَعدَ أَن أَمَرَنَا بِالحِجَابِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : احتَجِبَا مِنهُ. فَقُلنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيسَ أَعمَى لَا يُبصِرُنَا وَلَا يَعرِفُنَا؟ قَالَ: أَفَعَميَاوَانِ أَنتُمَا، ألَستُمَا تُبصِرَانِهِ؟!.

 

تَـخـرِيـجُ الـــــحَـــــدِيــــثِ:

أخرجه أبو داود (4112) من طريق: مُحَمَّدُ بنُ العَلَاءِ، حَدَّثَنَا ابنُ المُبَارَكِ به.

والترمذي (2778) من طريق: سُوَيدٌ ، حَدَّثَنَا عَبدُ اللَّهِ به.

وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

 

والنسائي في الكبرى (9197) من طريق: ابن وهب عن يونس بن يزيد به.

وقال: قال أبو عبد الرحمن: ما نعلم أحداً روى عن نبهان غير الزهري.

 

كَـلامُ الــعُـــلَــمَــاءِ عـلـى الــحَــدِيــثِ:

أعله كثيرٌ من أهل العلم بـ\"نبهان القرشي المخزومي مولى أم سلمة ومكاتبها\".

ذكره ابن حبان في الثقات.

وقال ابن حزم في المحلى: لا يوثق.

وقال ابن عبد البر: مجهول.

وقال الذهبي في ذيل الضعفاء (ص 73): قال ابن حزم: مجهول. روى عنه الزهري.

وقال الحافظ ابن حجر في التقريب: مقبول. أي: إذا توبع.

وأما الذهبي فقد ذهب إلى توثيق نبهان كما في الكاشف (3/198) فقال: ثقة.

وقد حكم بضعفه العلامة الألباني - رحمه الله - كما في إرواء الغليل (6/210-211ح1806) وقال: ضعيف: أخرجه... فذكروه بنحوه إلا أنهم قالوا: \" وميمونة \" بدل \" حفصة \". وقال الترمذي: \" حديث حسن صحيح \".

كذا قال، ونبهان هذا مجهول كما سبق بيانه عند الحديث (1769)، وكما أن لذلك الحديث معارضاً سقناه هناك، فكذلك هذا له معارض، وهو حديث عائشة - رضي الله عنها - الذي قبله، وكذا حديث فاطمة قبله.

وقد وقفت له على شاهد، أذكره للتنبيه عليه والتعريف به، لا للتقوية، أخرجه أبو بكر الشافعي في \" الفوائد \" من طريق وهب بن حفص نا محمد بن سليمان نا معتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي عثمان عن أسامة قال:

كانت عائشة وحفصة عند النبي - صلى الله عليه وسلم - جالستين فجاء ابن أم مكتوم... الحديث.

قلت: وهذا سند واه جدا، حفص هذا كذبه أبو عروبة. وقال الدارقطني: كان يضع الحديث. ا. هـ.

ووقال في المشكاة (3116): في إسناده جهالة.

وضعفه أيضا في غاية المرام (203)، وضعيف أبي داود (887)، ضعيف الترمذي (526).

وضعفه أيضا الأرنؤوط في شرح السنة (9/24) فقال: وقال - أي الترمذي - حسن صحيح مع أن في سنده نبهان مولى أم سلمة لم يوثقه غير ابن حبان على عادته في توثيق المجاهيل. ا. هـ.

وضعفه أيضا في تخريجه لمسند الإمام أحمد (44/159 ح 26537).

وممن ضعفه أيضا الشيخ مصطفى العدوي كما في أحكام النساء (5/522)، وقال: الحديث لا يثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففي إسناده نبهان مولى أم سلمة وهو ضعيف.

وذهب الإمام النووي إلى تحسين الحديث فقال في شرح مسلم:

وَهَذَا الحَدِيث حَدِيث حَسَن رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيّ وَغَيرهمَا. قَالَ التِّرمِذِيّ: هُوَ حَدِيث حَسَن. وَلَا يُلتَفَت إِلَى قَدَح مِن قَدَح فِيهِ بِغَيرِ حُجَّة مُعتَمَدَة. ا. هـ.

أما الحافظ ابن حجر فقد اختلف قوله في الحديث، فقال في الفتح (1/653):

وَهُوَ حَدِيثٌ مُختَلَفٌ فِي صِحَّتِهِ.

وقال في موضع آخر (9/337):

حديث أم سلمة الحديث المشهور أفعمياوان إنما وهو حديث أخرجه أصحاب السنن من رواية الزهري عن نبهان مولى أم سلمة عنها وإسناده قوي وأكثر ما علل به انفراد الزهري بالرواية عن نبهان وليست بعلة قادحة فإن من يعرفه الزهري ويصفه بأنه مكاتب أم سلمة ولم يجرحه أحد لا ترد روايته.

 

فِـقـهُ الـحَـــدِيــــثِ:

• قال الإمام النووي في شرح مسلم:

وَأَمَّا نَظَر المَرأَة إِلَى وَجه الرَّجُل الأَجنَبِيّ فَإِن كَانَ بِشَهوَةٍ, فَحَرَام بِالِاتِّفَاقِ، وَإِن كَانَ بِغَيرِ شَهوَة وَلَا مَخَافَة فِتنَة فَفِي جَوَازه وَجهَانِ لِأَصحَابِنَا:

أَصَحّهمَا تَحرِيمه لِقَولِهِ - تعالى -: \"وَقُل لِلمُؤمِنَاتِ يَغضُضنَ مِن أَبصَارهنَّ\" وَلِقَولِهِ - صلى الله عليه وسلم - لِأُمِّ سَلَمَة وَأُمّ حَبِيبَة: (اِحتَجِبَا عَنهُ) أَي عَن اِبن أُمّ مَكتُوم فَقَالَتَا: إِنَّهُ أَعمَى لَا يُبصِرنَا فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: \"أَفَعَميَاوَانِ أَنتُمَا أَلَيسَ تُبصِرَانِهِ\"؟.

 

وَهُوَ حَدِيث حَسَن رَوَاهُ التِّرمِذِيّ وَغَيره وَقَالَ: هُوَ حَدِيث حَسَن، وَعَلَى هَذَا أَجَابُوا عَن حَدِيث عَائِشَة بِجَوَابَينِ وَأَقوَاهُمَا:

أَنَّهُ لَيسَ فِيهِ أَنَّهَا نَظَرَت إِلَى وُجُوههم وَأَبدَانهم، وَإِنَّمَا نَظَرَت لَعِبهم وَحِرَابهم، وَلَا يَلزَم مِن ذَلِكَ تَعَمٌّد النَّظَر إِلَى البَدَن وَإِن وَقَعَ النَّظَر بِلَا قَصد صَرَفَتهُ فِي الحَال.

 

وَالثَّانِي: لَعَلَّ هَذَا كَانَ قَبل نُزُول الآيَة فِي تَحرِيم النَّظَر، وَأَنَّهَا كَانَت صَغِيرَة قَبل بُلُوغهَا، فَلَم تَكُن مُكَلَّفَة عَلَى قَول مَن يَقُول: إِنَّ لِلصَّغِيرِ المُرَاهِق النَّظَر وَاللَّهُ أَعلَمُ. ا. هـ.

 

• وقال أيضا:

وَقَد اِحتَجَّ بِهِ بَعض النَّاس بِهَذَا عَلَى جَوَاز نَظَر المَرأَة إِلَى الأَجنَبِيّ بِخِلَافِ نَظَره إِلَيهَا، وَهَذَا قَول ضَعِيف، بَل الصَّحِيح الَّذِي عَلَيهِ جُمهُور العُلَمَاء وَأَكثَر الصَّحَابَة أَنَّهُ يَحرُم عَلَى المَرأَة النَّظَر إِلَى الأَجنَبِيّ كَمَا يَحرُم عَلَيهِ النَّظَر إِلَيهَا لِقَولِهِ - تعالى -: \" قُل لِلمُؤمِنِينَ يَغُضٌّوا مِن أَبصَارهم... \" \" وَ قُل لِلمُؤمِنَاتِ يَغضُضنَ مِن أَبصَارهنَّ \".

 

وَلِأَنَّ الفِتنَة مُشتَرَكَة وَكَمَا يَخَاف الِافتِتَان بِهَا تَخَاف الِافتِتَان بِهِ، وَيَدُلّ عَلَيهِ مِن السٌّنَّة حَدِيث نَبهَان مَولَى أُمّ سَلَمَة عَن أُمّ سَلَمَة أَنَّهَا كَانَت هِيَ وَمَيمُونَة عِند النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلَ اِبن أُمّ مَكتُوم فَقَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: \" اِحتَجِبَا مِنهُ \" فَقَالَتَا: إِنَّهُ أَعمَى لَا يُبصِر فَقَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - \" أَفَعَميَاوَانِ أَنتُمَا فَلَيسَ تُبصِرَانِهِ؟ \" وَهَذَا الحَدِيث حَدِيث حَسَن رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيّ وَغَيرهمَا قَالَ التِّرمِذِيّ هُوَ حَدِيث حَسَن وَلَا يُلتَفَت إِلَى قَدَح مِن قَدَح فِيهِ بِغَيرِ حُجَّة مُعتَمَدَة.

 

وَأَمَّا حَدِيث فَاطِمَة بِنت قَيس مَعَ اِبن أُمّ مَكتُوم، فَلَيسَ فِيهِ إِذن لَهَا فِي النَّظَر إِلَيهِ بَل فِيهِ أَنَّهَا تَأمَن عِنده مِن نَظَر غَيرهَا وَهِيَ مَأمُورَة بِغَضِّ بَصَرهَا فَيُمكِنهَا الِاحتِرَاز عَن النَّظَر بِلَا مَشَقَّة بِخِلَافِ مُكثهَا فِي بَيت أُمّ شَرِيك. ا. هـ.

 

• وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي:

قِيلَ فِيهِ تَحرِيمُ نَظَرِ المَرأَةِ إِلَى الأَجنَبِيِّ مُطلَقًا، وَبَعضٌ خَصَّهُ بِحَالِ خَوفِ الفِتنَةِ عَلَيهَا جَمعًا بَينَهُ وَبَينَ قَولِ عَائِشَةَ: كُنت أَنظُرُ إِلَى الحَبَشَةِ وَهُم يَلعَبُونَ بِحِرَابِهِم فِي المَسجِدِ، وَمَن أَطلَقَ التَّحرِيمَ قَالَ ذَلِكَ قَبلَ آيَةِ الحِجَابِ، وَالأَصَحٌّ أَنَّهُ يَجُوزُ نَظَرُ المَرأَةِ إِلَى الرَّجُلِ فِيمَا فَوقَ السٌّرَّةِ وَتَحتَ الرٌّكبَةِ بِلَا شَهوَةٍ, وَهَذَا الحَدِيثُ مَحمُولٌ عَلَى الوَرَعِ وَالتَّقوَى.

 

قَالَ السٌّيُوطِيٌّ - رحمه الله -: كَانَ النَّظَرُ إِلَى الحَبَشَةِ عَامَ قُدُومِهِم سَنَةَ سَبعٍ, وَلِعَائِشَةَ يَومئِذٍ, سِتَّ عَشرَةَ سَنَةً، وَذَلِكَ بَعدَ الحِجَابِ فَيُستَدَلٌّ بِهِ عَلَى جَوَازِ نَظَرِ المَرأَةِ إِلَى الرَّجُلِ اِنتَهَى.

 

وَبِدَلِيلِ أَنَّهُنَّ كُنَّ يَحضُرنَ الصَّلَاةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي المَسجِدِ وَلَا بُدَّ أَن يَقَعَ نَظَرُهُنَّ إِلَى الرِّجَالِ، فَلَو لَم يَجُز لَم يُؤمَرنَ بِحُضُورِ المَسجِدِ وَالمُصَلَّى وَلِأَنَّهُ أُمِرَت النِّسَاءُ بِالحِجَابِ عَن الرِّجَالِ، وَلَم يُؤمَر الرِّجَالُ بِالحِجَابِ كَذَا فِي المِرقَاةِ.

 

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ بَعدَ رِوَايَةِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ هَذَا مَا لَفظُهُ: هَذَا لِأَزوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - خَاصَّةً، أَلَا تَرَى إِلَى اِعتِدَادِ فَاطِمَةَ بِنتِ قَيسٍ, عِندَ اِبنِ أُمِّ مَكتُومٍ,. قَد قَالَ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم - لِفَاطِمَةَ بِنتِ قَيسٍ,: \"اِعتَدِّي عِندَ اِبنِ أُمِّ مَكتُومٍ,. فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعمَى تَضَعِينَ ثِيَابَك عِندَهُ\" اِنتَهَى.

 

وَقَالَ الحَافِظُ فِي التَّلخِيصِ: هَذَا جَمعٌ حَسَنٌ، وَبِهِ جَمَعَ المُنذِرِيٌّ فِي حَوَاشِيهِ وَاستَحسَنَهُ شَيخُنَا اِنتَهَى.

 

وَقَالَ فِي الفَتحِ: الأَمرُ بِالِاحتِجَابِ مِن اِبنِ مَكتُومٍ,، لِعِلمِهِ لِكَونِ الأَعمَى مَظِنَّةَ أَن يَنكَشِفَ مِنهُ شَيءٌ وَلَا يَشعُرُ بِهِ، فَلَا يَستَلزِمُ عَدَمُ جَوَازِ النَّظَرِ مُطلَقًا.

 

قَالَ: وَيُؤَيِّدُ الجَوَازَ اِستِمرَارُ العَمَلِ عَلَى جَوَازِ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى المَسَاجِدِ وَالأَسوَاقِ وَالأَسفَارِ، مُنتَقِبَاتٍ, لِئَلَّا يَرَاهُنَّ الرِّجَالُ، وَلَم يُؤمَر الرِّجَالُ قَطٌّ بِالِانتِقَابِ لِئَلَّا يَرَاهُم النِّسَاءُ. فَدَلَّ عَلَى مُغَايَرَةِ الحُكمِ بَينَ الطَّائِفَتَينِ. ا. هـ.

 

• وقال صاحب كتاب \" عون المعبود:

وَقَد اِستَدَلَّ بِحَدِيثِ أُمّ سَلَمَة هَذَا مَن قَالَ إِنَّهُ يَحرُم عَلَى المَرأَة نَظَر الرَّجُل كَمَا يَحرُم عَلَى الرَّجُل نَظَر المَرأَة، وَهُوَ أَحَد قَول الشَّافِعِيّ وَأَحمَد قَالَ النَّوَوِيّ: وَهُوَ الأَصَحّ وَلِقَولِهِ - تعالى -: \" قُل لِلمُؤمِنَاتِ يَغضُضنَ مِن أَبصَارِهِنَّ \" وَلِأَنَّ النِّسَاء أَحَد نَوعَي الآدَمِيِّينَ فَحَرُمَ عَلَيهِنَّ النَّظَر إِلَى النَّوع الآخَر قِيَاسًا عَلَى الرِّجَال وَيُحَقِّقهُ أَنَّ المَعنَى المُحَرِّم لِلنَّظَرِ هُوَ خَوف الفِتنَة وَهَذَا فِي المَرأَة أَبلَغ فَإِنَّهَا أَشَدّ شَهوَة وَأَقَلّ عَقلًا فَتُسَارِع إِلَيهَا الفِتنَة أَكثَر مِن الرَّجُل.

 

وَاحتَجَّ مَن قَالَ بِالجَوَازِ فِيمَا عَدَا مَا بَين سُرَّته وَرُكبَته بِحَدِيثِ عَائِشَة قَالَت \" رَأَيت النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يَستُرنِي بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنظُر إِلَى الحَبَشَة يَلعَبُونَ فِي المَسجِد حَتَّى أَكُون أَنَا الَّذِي أَسأَمهُ فَاقدُرُوا قَدر الجَارِيَة الحَدِيثَة السِّنّ الحَرِيصَة عَلَى اللَّهو \" رَوَاهُ الشَّيخَانِ.

 

وَيُجَاب عَنهُ بِأَنَّ عَائِشَة كَانَت يَومَئِذٍ, غَير مُكَلَّفَة عَلَى مَا تَقضِي بِهِ عِبَارَة الحَدِيث.

 

وَقَد جَزَمَ النَّوَوِيّ بِأَنَّ عَائِشَة كَانَت صَغِيرَة دُون البُلُوغ أَو كَانَ ذَلِكَ قَبل الحِجَاب.

 

وَتَعَقَّبَهُ الحَافِظ بِأَنَّ فِي بَعض طُرُق الحَدِيث أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعد قُدُوم وَفد الحَبَشَة وَأَنَّ قُدُومهم كَانَ سَنَة سَبع وَلِعَائِشَة يَومَئِذٍ, سِتّ عَشرَة سَنَة.

 

وَاحتَجٌّوا أَيضًا بِحَدِيثِ فَاطِمَة بِنت قَيس المُتَّفَق عَلَيهِ أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَهَا أَن تَعتَدّ فِي بَيت اِبن أُمّ مَكتُوم وَقَالَ إِنَّهُ رَجُل أَعمَى تَضَعِينَ ثِيَابك عِنده وَيُجَاب بِأَنَّهُ يُمكِن ذَلِكَ مَعَ غَضّ البَصَر مِنهَا وَلَا مُلَازَمَة بَين الِاجتِمَاع فِي البَيت وَالنَّظَر. ا. هـ.

 

• وقال أيضا تعليقا على كلام أبي داود:

(قَالَ: أَبُو دَاوُدَ هَذَا لِأَزوَاجِ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - خَاصَّة إِلَخ) : أَي حَدِيث أُمّ سَلَمَة مُختَصّ بِأَزوَاجِ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وَحَدِيث فَاطِمَة بِنت قَيس لِجَمِيعِ النِّسَاء هَكَذَا جَمَعَ المُؤَلِّف أَبُو دَاوُدَ بَينَ الأَحَادِيث.

 

قَالَ الحَافِظ فِي التَّلخِيص: قُلت: وَهَذَا جَمع حَسَن وَبِهِ جَمَعَ المُنذِرِيٌّ فِي حَوَاشِيهِ وَاستَحسَنَهُ شَيخنَا اِنتَهَى.

 

وَجَمَعَ فِي الفَتح بِأَنَّ الأَمر بِالِاحتِجَابِ مِن اِبن أُمّ مَكتُوم لَعَلَّهُ لِكَونِ الأَعمَى مَظِنَّة أَن يَنكَشِف مِنهُ شَيء وَلَا يَشعُر بِهِ فَلَا يَستَلزِم عَدَم جَوَاز النَّظَر مُطلَقًا.

 

قَالَ وَيُؤَيِّد الجَوَاز اِستِمرَار العَمَل عَلَى جَوَاز خُرُوج النِّسَاء إِلَى المَسَاجِد وَالأَسوَاق وَالأَسفَار مُنتَقِبَات لِئَلَّا يَرَاهُنَّ الرِّجَال وَلَم يُؤمَر الرِّجَال قَطٌّ بِالِانتِقَابِ لِئَلَّا يَرَاهُم النِّسَاء، فَدَلَّ عَلَى مُغَايَرَة الحُكم بَين الطَّائِفَتَينِ، وَبِهَذَا اِحتَجَّ الغَزَالِيّ. ا. هـ..

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply