قدوم وفد بني عبد بن عدي على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ


بسم الله الرحمن الرحيم
 

قدم على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وفد بني عبد بن عدي, وفيهم الحارث بن أُهبان, وعويمر بن الأخرم, وحبيب, وربيعة ابنا مُلّة ومعهم رهط من قومهم, فقالوا: يا محمّد نحن أهل الحرم وساكنه وأعزّ من به, ونحن لا نريد قتالك, ولو قاتلت غير قريش قاتلنا معك, ولكنا لا نقاتل قريشاً, وإنا لنحبّك ومن أنت منه, فإن أصبت منّا أحداً خطأً فعليك ديته, وإن أصبنا أحداً من أصحابك فعلينا ديته, فقال: نعم فأسلموا(1).

 

قدوم وفد أشجع على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-

قدمت أشجع على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-عام الخندق, وهم مائة رأسهم مسعود بن رخيلة, فنزلوا شعب سلع, فخرج إليهم رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وأمر لهم بأحمال التمر, فقالوا: يا محمّد لا نعلم أحداً من قومنا أقرب داراً منك منّا, ولا أقلّ عدداً, وقد ضقنا بحربك وبحرب قومك  فجئنا نُوادعك, فوادعهم, ويقال بل قدمت أشجع بعدما فرغ رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-من بني قريظة, وهم سبعمائة, فوادعهم ثمّ أسلموا بعد ذلك(2).

 

قدوم وفد باهلة على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-

قدم على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-مُطَرّف بن الكاهن الباهلي بعد الفتح وافداً لقومه فأسلم وأخذ لقومه أماناً, وكتب له رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-كتاباً فيه فرائض الصدقات, ثمّ قدم نهشل بن مالك الوائلي من باهلة على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وافدا لقومه فأسلم, وكتب له رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-ولمن أسلم من قومه كتاباً فيه شرائع الإسلام, وكتبه عثمان بن عفّان-رَضيَ اللهُ عَنهُ-(3).

 

قدوم وفد سليم على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-

ذكر ابن سعد أنه قدم على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-رجل من بني سُليم يقال له قيس بن نُسَيبَةَ, فسمع كلامه وسأله عن أشياء فأجابه ووعى ذلك كلّه, ودعاه رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-إلى الإسلام فأسلم, ورجع إلى قومه بني سُلَيم فقال: قد سمعت ترجمة الروم, وهيمنة فارس, وأشعار العرب, وكهانة الكاهن, وكلام مَقاول حمير, فما يشبه كلامُ محمد شيئاً من كلامهم, فأطيعوني وخذوا بنصيبكم منه, فلما كان عام الفتح خرجت بنو سليم إلى رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-فلقوه بقُديد وهم تسعمائة, ويقال كانوا ألفاً, فيهم العبّاس بن مرداس وأنس بن عياض بن رِعل وراشد بن عبد ربّه, فأسلموا وقالوا: اجعلنا في مقدمتك, واجعل لواءنا أحمر, وشعارنا مقدم, ففعل ذلك بهم فشهدوا معه الفتح, والطائف, وحُنيناً, وأعطى رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-راشد بن عبد ربّه رهاطاً, وفيها عين يقال لها عين الرسول, وكان راشد يسدن صنماً لبني سليم, فرأى يوماً ثعلبين يبولان عليه فقال:

 

أربُّ يبول الثعلبان برأسه!

 

لقد ذلَّ من بالت عليه الثَّعالبُ

ثمّ شدّ عليه فكسره, ثم أتى النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-فقال له: (ما اسمُكَ؟) قال: غاوي بن عبد العُزَّى, قال: (أنت راشدُ بن عَبدِ رَبّهِ), فأسلم وحسن إسلامه وشهد الفتح مع النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وقال رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (خيرُ قُرىً عَرَبيّةٍ, خَيبَرُ, وَخَيرُ بَني سُلَيمٍ, راشدٌ) وعقد له على قومه.

وقال ابن سعد: وفد رجلُ منّا يقال له: قدر بن عمار على النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بالمدينة فأسلم وعاهده على أن يأتيه بألف من قومه على الخيل,

وأنشد يقول:

 

شددتُ يمينـي إذ أتَيـتُ محمّـداً

 

بخيـرِ يدٍ, شُـدّت بحُجـزَةِ مئـِزَرِ

وذاك امرؤ قاسمتـه نصـف ديِنه

 

وأعطيته ألـف امرئ غيـرَ أعسـرِ

ثمّ أتى إلى قومه فأخبرهم الخبر فخرج معه تسعمائة وخلّف في الحي مائة, فأقبل بهم يريد النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-فنزل به الموت, فأوصى إلى ثلاثة رهط من قومه إلى العبّاس بن مرداس وأمّره على ثلاثمائة, وإلى الأخنس ابن يزيد وأمّره على ثلاثمائة, وقال: ائتوا هذا الرجل حَتَّى تقضوا العهد الذي في عنقي, ثمّ مات, فمضوا حَتَّى قدموا على النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-فقال: \"أين الرجل الحسن الوجه, الطويل اللسان, الصادق الإيمان\", قالوا: يا رَسُول اللهِ! دعاه الله فأجابه, وأخبروه خبره, فقال: \"أين تكملة الألف الذين عاهدني عليهم\", قالوا: قد خلف مائة بالحي مخافة حرب كان بيننا وبين بني كنانة, قال: \"ابعثوا إليها فإنه لا يأتيكم في عامكم هذا شيء تكرهونه\", فبعثوا إليها وهي مائة عليها المنقع بن مالك بن أمية بن عبد العزى بن عَمَل بن كعب بن الحارث بن بُهثة بن سُليم, فلما سمعوا وئيد الخيل قالوا: يا رَسُول اللهِ أُتينا, قال: \"لا بل لكم لا عليكم, هذه سليم بن منصور قد جاءت\", فشهدوا مع النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-الفتح, وحُنيناً, وللمنقّع يقول العبّاس بن مِرداس القائد:

 

القائدُ المائة التي وفّى بها

 

تِسعَ المئين فتمّ ألفٌ أقرَعُ4

                   

 قدوم وفد هلال بن عامر على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-

قدم على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-نفر من بني هلال, فيهم عبد عوف بن أصرم بن عمرو بن شعيبة بن الهُزَم من رُؤيبَة فسأله عن اسمه فأخبره فقال: أنت عبد الله, وأسلم, فقال: رجل من ولده:

 

جدّي الذي اختارت هوازنُ كلّها

 

إلى النَّبيِّ عبَدُ عَوف وافدا

ومنهم قبيصة بن المخارق قال: يا رَسُول اللهِ إني حملت عن قومي حَماَلة فأعنّي فيها, قال: هي لك في الصدقات إذا جاءت.

وعن هشام بن محمد عن جعفر بن كلاب الجعفري, عن أشياخ لبني عامر قالوا: وفد زياد بن عبد الله بن مالك بن بُجير بن الهُزَم بن رُؤيبَة بن عبد الله بن هلال بن عامر على النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-فلما دخل المدينة توجه ميمونة بنت الحارث زوج النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وكانت خالة زياد أمّه غُرّة بنت الحارث, وهو يومئذٍ, شاب, فدخل النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وهو عندها فلما أتى رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-غضب فرجع, فقالت: يا رَسُول اللهِ! هذا ابن أختي فدخل إليها, ثم خرج حَتَّى أتى المسجد, ومعه زياد فصلىّ الظهر, ثم أدنى زياداً فدعا له ووضع يده على رأسه, ثمّ حدّرها على طرف أنفه, فكانت بنو هلال تقول: ما زلنا نتعرف البركة في وجه زياد, وقال الشاعر لعلي بن زياد:

 

يا بن الذي مسح النَّبيّ برأسـه

 

ودعـا له بالخيـر ثم المسجـد

أعني زياداً لا أريـد  سِـواءَه

 

مـن غائـرٍ, أو مُتهِمِ أو مُنـجِدِ

ما زال ذاك النور في عرنينه

 

حَتَّى تبـوّأ بيتـه في المُلحَـدِ5

 

قدوم وفد بكر بن وائل على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-

قدم وفد بكر بن وائل على رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-فقال له رجلُ منهم: هل تعرف قُسَّ بن ساعدة؟ فقال رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: ليس هو منكم هذا رجلٌ من إيَاد تَحَنَّفَ في الجاهلية فوافى عُكاظَ والنّاسُ مُجتَمعِونَ فَيُكَلّمُهُم بكلامِهِ الذي حُفِظَ عَنهُ. وكان في الوفد بشير بن الخصاصيّة, وعبد الله بن مَرثَدَ, وحسان بن حَوط, وقال رجل من ولد حسان:

 

أنا بن حسان بن حَوطٍ, وأبي

 

رسول بَكرٍ, كلّها إلى النَّبيِّ

قالوا: وقدم معهم عبد الله بن أسود بن شهاب بن عوف بن عمرو بن الحارث بن سدوس على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وكان ينزل اليمامة, فباع ما كان له من مال باليمامة وهاجر, وقدم على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- بجراب من تمر فدعا له رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بالبركة(6).

 

قدوم وفد تغلب على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-

قدم على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وفد بني تغلب ستة عشر رجلاً مسلمين ونصارى عليهم صلب الذهب, فنزلوا دار رملة بنت الحارث, فصالح رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-النصارى على أن يقرّهم على دينهم على أن لا يصبغوا أولادهم في النصرانيّة, وأجاز المسلمين منهم بجوائزهم(7).

 

قدوم وفد جُعفي على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-

عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي, عن أبيه, وعن أبي بكر بن قيس الجُعفي قالا: كانت جُعفيّ يحرّمون القلب في الجاهلية فوفد إلى رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-رجلان منهم قيس بن سلمة بن شراحيل من بَني مَرّان بن جُعفيّ, وسلمة بن يزيد بن مشجَعة بن المجمّع, وهما أخوان لأمّ, وأمهما مُليكة بنت الحُلو بن مالك من بني حريم بن جُعفيّ, فأسلما, فقال: لهما رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-:( بَلَغَني أنّكُم لا تَأكُلُونَ القَلبَ؟) قالا: نعم, قال: (فإنّهُ لا يَكمُلُ إسلامُكُمُ إلاّ بأكلِهِ), ودعا لهما بقلب, فشوي, ثم ناوله سلمة بن يزيد, فلما أخذه أُرعدت يده, فقال له رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-:كله, فأكله

 وقال:

 

على أني اكَلتُ القلبَ كَرهاً

 

وتُرعَدُ حينَ مَسّتهُ بَناني

قال: وكتب رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-لقيس بن سلمة كتاباً نسخته: \"كتابٌ من محمد رَسُول اللهِ لقيس بن سلمة بن شَرَاحِيلَ أنّي استَعمَلتُكَ علىَّ مُرّان ومَوَاليِهَا, وَحَرِيم ومَوَاليِهَا, والكُلابِ ومَوَاليها, من أقام الصلاة, وآتى الزكاة, وصدق ماله, وصَفّاهُ\".

قال: الكُلاب أود, وزُبيد وجزء بن سعد العشيرة, وزيد الله بن سعد, وعائذ الله بن سعد, وبنو صلاءة من بني الحارث بن كعب, قال: ثمّ قالا: يا رَسُول اللهِ إنّ أمّنَا مُلَيكة بنت الحلو كانت تفُكّ العاني, وتطعم البائس, وترحم المسكين, وإنها ماتت وقد وأدت بُنيّة لها صغيرةً فما حالها؟ قال: الوائِدَةُ وَالمَوؤودَةُ في النّارِ, فقاما مغضبَين, فقال: \"إليّ فارجِعَا!\" فقال: \"وأمي مع أمّكُما\", فأبيا ومضيا وهما يقولان: والله إن رجلاً أطعمنا القلب, وزعم أن أمّنَا في النار, لأهل أن لا يُتّبَع! وذهبا, فلما كانا ببعض الطريق لقيا رجلاً من أصحاب رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- معه إبل من إبل الصدقة فأوثقاه وطردا الإبل, فبلغ ذلك النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-فلعنهما فيمن كان يلعن في قوله: (لعن الله رِعلاً, وذَكوَانَ, وعُصَيّةَ, ولِحيَانَ, (8)).

وعن هشام بن محمد قال: حدثني الوليد بن عبد الله الجعفي, عن أبيه عن أشياخهم, قالوا: وفد أبو سَبرة وهو يزيد بن مالك بن عبد الله بن الذؤيب بن سلمة بن عمرو بن ذُهل بن مُرّان بن جُعفيّ على النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-ومعه ابناه سبرة وعزيز, فقال رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-لعزيز: (ما اسمك؟) قال: عزيز. قال: \"لا عزيز إلا الله, أنت عبد الرَّحمن\", فأسلموا وقال له أبو سبرة: يا رَسُول اللهِ! إن بظهر كفّي سلعة قد منعتني من خطام راحلتي, فدعا له رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بقدح فجعل يضرب به على السلعة ويمسحها, فذهبت فدعا له رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-ولابنيه, وقال له: يا رَسُول اللهِ! أقطعني وادي قومي باليمن، وكان يقال له حُردان, ففعل, وعبد الرَّحمن هو أبو خيثمة بن عبد الرَّحمن(9).


 


1 - انظر: طبقات ابن سعد 1/306.

2 -راجع: ابن سعد 1/ 306.

3 راجع: ابن سعد في الطبقات 1/307.

4 - راجع: ابن سعد 1/309.

5 - راجع: طبقات ابن سعد 1/ 309- 310.

6 - راجع: طبقات ابن سعد1/315.

7 انظر: ابن سعد 1/325.

8 - صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة- رضي الله عنهم-، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لغفار وأسلم، رقم الحديث(2517)(4/1953). بلفظ: \" اللهم العن بني لحيان ورعلا وذكوان وعصية عصوا الله ورسوله\".

9 - راجع: ابن سعد 1/ 325-326.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply