عقيدتنا في آل البيت


 

تأليف
الدكتور / عبدالكريم بن إبراهيم بن محمد آل غضية

المدينة المنورة
1420هـ

الناشر
دار ابن الجوزي
للنشر والتوزيع


من ص 9 – 10
ومن ص 16 - 18

 

 


عقيدتنا في أهل البيت :


إن من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة : محبة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوليهم ويحفظون بهم وصية رسول الله صلى الله عليه و سلم حيث قال : \" أذكركم الله في أهل بيتي \"
\" إن الله اصطفى بني إسماعيل ، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم \" .


فأهل السنة يحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويحترمونهم، ويكرمونهم لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ولإسلامهم، وسبقهم، وحسن بلائهم في نصرة دين ا لله وغير ذلك من فضائلهم .


ومحبة آل البيت والبر بهم من توقير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك لما جاء في الكتاب والسنة مثل قوله تعالى { قُل لَّا أَسأَلُكُم عَلَيهِ أَجراً إِلَّا المَوَدَّةَ فِي القُربَى }.


ولا ريب أن لآل النبي صلى الله عليه و سلم حقاً على الأمة : لا يشركهم فيه غيرهم، ويستحقون من زيادة المحبة والموالاة مالا يستحقه سائر القبائل، من قريش وغيرها عرباً كانوا أم عجماً .


ولقد تمثل هذا في معاملة الصحابة الكرام ( رضي الله عنهم ) لهم، فعن أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) أنه قال : \" والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه و سلم أحب إلي أن أصل من قرابتي \" .


وروي عنه أنه قال : \" ارقبوا محمداً صلى الله عليه و سلم في أهل بيته \" ولو تتبعنا النصوص والآثار الواردة عن الصحابة والسلف الصالح في إعطاء آل البيت لحقوقهم لطال بنا الحديث .

 


آل البيت والاستقامة على الدين :


وبما يكون هذا العنوان غريباً، فلماذا الحديث عن الاستقامة ؟


كتبت هذا لأذكر بما قاله الرسول صلى الله عليه و سلم مبكراً، في مكة، أن القرابة للرسول صلى الله عليه و سلم لا تغني شيئاً، إذ لم يكن ذاك القرب من الصالحين فقد جمع النبي صلى الله عليه و سلم أقاربه في مكة، وأعلنها لهم بقوله : \" يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم من الله، لا أغني عنكم من اله شيئاً، يا بني عبد مناف اشتروا أنفسكم من الله! لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا عباس بن عبدالمطلب ! لا أغني عنك من الله شيئاً، يا صفية عمة رسول الله! لا أغن عنك من الله شيئاً، يا فاطمة بنت محمد ! سيني من مالي ما شئت، لا أغني عنك من الله شيئاً \" .


فقوله صلى الله عليه و سلم : \" لا أغنى عنك من الله شيئاً \" فيه حجة على من تعلق بالأنبياء والصالحين، ورغب إليهم ليشفعوا له وينفعوه، أو يدفعوا عنه .


والنبي صلى الله عليه و سلم في كل أفعاله، وأقواله يبين ضعفه ، ومسكنته لله، وحاجته له، فمما كان يقول \" اللهم أنت عضدي ونصري، بك أجول، وبك أصول، وبك أقاتل \" .


وكلنا يعلم أن الله وعده اشفاعة الكبرى، ووعده من الخير الكثير وفضله على سائر خلقه إلا أنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً إلا برضى الله جل وعلا { من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه } .

.ولم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرضى لأحد من آله، بل من أمته أن يعصي الله، ومن وقع في المعصية يحثه على المسارعة في التوبة، ومن وقع في حد من حدود الله ووصل أمره إلى الحاكم يقيم عليه الحد، ولو كان من كان .


وقد وقع في عهد النبي صلى الله عليه و سلم قصة امرأة قرشية من بني مخزوم حيث سرقت، وحكم النبي صلى الله عليه و سلم بحكم الله : قطع يدها، مما جعل بعض الناس يظن أن الشرف والمكانة، والقرب من الرسول صلى الله عليه و سلم يشفع لهذه المرأة بتخفيف الحكم عليها ! فما أن بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى قال : \" لو كانت فاطمة لقطعت يدها \".


هكذا إذاً لا مكان للقرابة في دفع الحدود، ولا شفاعة للعاصي بمغفرة الذنوب بمجرد القرب من صاحب النبوة صلى الله عليه و سلم أو الأخوة، أو القبيلة { قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً * قل إني لن يجيرني من اله أحد ولن أجد من دونه ملتحداً * إلا بلاغاً من الله ورسالاته }.


ولكن إذا اجتمع مع شرف الأنتساب إلى أهل البيت ، الصلاح والتقى، اجتمع لهم فضلاً الدنيا والآخرة .
ويكفيهم فخراً وشرفاً أن يكونوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الجنة، خصوصاً أبناءه، ألم تقرأ قوله تعالى { والذين آمنوا واتبعتهم ذرتيهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم * وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين } .


فأين ترى ذرية النبي صلى الله عليه و سلم في الجنة؟ لا شك أنهم مع أبيهم، في حين أنهم مع نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم .


ثم لهم من الحقوق والخصائص التي ستجدها في هذا المعجم .


فإلى هؤلاء الأهل من آل النبي صلى الله عليه و سلم أدعوهم للعمل الصالح، والأخلاق الطيبة، والترفع عن الرذائل، والبحث عن معالي الأمور، ورسم القدوة الصالحة، والسير إ إلى الله، فعلاً لأوامره، وتركاً لنواهيه، واستناناً بهدي جدهم رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فلا خير إلا في طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه و سلم ، ففي هذا العزة، والسؤدد، والرفعة . والذلة لمن خالف ذلك .

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply