بعضُ المراثي التي قِيلت في وَفَاةِ سَيِّدِ المرسلينَ,وقائدِ الغُرِّ المحجَّلين - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ

5.5k
3 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

قال أبو بكر الصديق-رَضِيَ اللُه عَنهُ-:

يـا عيــنُ بكِّـــي و لا تَســـامـي ***** وحُقَّ البـــُكاءُ علــى السَّيـــِّدِ

على ذِي الفواضلِ والمكرُمـاتِ ***** ومَحضِ الضَّريبةِ والمَحتــــِدِ

علـى خَيرِ خِندِفَ ([1]) عِندَ البلاءِ***** أمســى يُغَيّــَبُ فِــي المُلــحَدِ

فصَــلَّى الـملِيـكٌّ وَلــيٌّ العِبَـــاد ***** وَرَبٌّ البــلادِ عَلــــَى أحمـــدِ

فكيفَ الإقامـةُ بعـــدَ الحبـيــــبِ***** وزيـــنِ المحــافلِ والـمَشهَــدِ

فليتَ الـمـمـــــات لنـــا كلِّــــنـا ***** وَكُنَّا جميـعاً مَـعَ المُهتَـدى([2])

ومِمَّا نُسِبَ إلى أبي بكرٍ, الصِّدِّيقِ في رِثَاءِ النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-([3]):

لمَّا رأيــتُ نبيّـنــــــا متجنـــــدلاً ***** ضاقـــت علىّ بعرضهنّ الدورُ

فارتـاع قلبي عنـد ذاك لِمـوتــــه ***** والعظــمُ مني ما حييــتُ كسيـرُ

أعتيق ويحك!! إن خِلَّك قـد ثوى ***** والصبرُ عندك ما بقيـتَ يسيــرُ

يا ليتني من قبـل مهلك صاحبـي ***** غُيِّبـتُ في لحـدٍ, عليه صخـــورُ

فلتــحدُثــنَّ بـدائـــع مــن بعــــده ***** تعيــا بهـنَّ جــوانـحٌ وصـــدورُ

وقال عمرُ بنُ الخَطَّابِ-رَضِيَ اللُه عَنهُ-:

ما زَالَتُ مُذ وضع الفِرَاشَ لِجنبِه *****وثَــوى مَريضــاً خائـــِفاً أَتَوقَّـــعُ

شَفَقاً عَليــهِ أن يـــزُولَ مكـــــانُه ***** عنَّــا، فَنَبــــقَى بَعـــدَه نَتَــوَجَّـــع

نَفســـي فـداؤُكَ مَن لنا في أَمرِنا **** أَو مَـــن نُشَـــاورُهُ إذاً فَتــَرَجَّـــعُ

وإذا تَحَدَّثنَـا الحــوادٍ,ثَ: مَـن لنــا ***** بالوَحي مِن رَبِّ رحيــمٍ, يسمــــعُ

ليتِ السمــاءَ تفطَّـــرت أَكنَافُـــهَا *****وتناثرت فيها النجــــومُ الطٌّلّــــَعُ

لمَّــا رأيــتُ النــاسَ هـدَّ جميعُهم ***** صوتٌ يُنـــادي بالنَّعــيِّ فيُسمـــَعُ

وسمعتُ صــوتاً قبلَ ذلِكَ هدَّنــي***** عَبَّـــاسُ يَنــــعاهُ بِصــوتٍ, يُقطَــعُ

فليَبــكِه أهـــلُ المــدائـنِ كُلّـــــِها *****والمُسلمون بكلِّ أرضٍ, تُجدع([4])

وقالَ عليٌّ بنُ أبي طالبٍ,-رَضِيَ اللُه عَنهُ-:

ألا طَرَق النّــَاعي بليـــلٍ, فــَرَاعَني *** وأَرَّقنـــي لمـــا استَـــهلَّ مُنَــادِيَــــا

فقلـتُ لـهُ لمّــَا رأيــتُ الـذي أتَـى *** أَغَيرَ رســول اللهِ أَصبَـحتَ نَاعِيــَا

فَحُقِّـقَ مـا أَشفَيــتُ منـه وَلـم يُبــل *** وكــان خليـلي عُدَّتِـــي وَجِمَــاليــا

فوالله لا أنسـاكَ أَحمَــدُ ما مَشَـت *** بيَ العِيسُ في أرضٍ, وجاوَزتَ واديا

وكنـتَ متى أَهبِطُ من الأرضَ تَلعَةً *** أَجِــد أثــراً منــهُ جــديــداً وعافِيــا

شديــدٌ جَـرِِيُّ النَّفــسِ نهـدٌ مُصـَدَّرٌ *** يــَرَين بـــه لَيثـــاً عليـهن ضَـارِيـــَا

من الأُسـدِ قد أَحمِي العَـرِينَ مهابةً*** هوَ الموتُ مَغـدُوٌ عليــه وغَدِيــا([5])

جـوَادٌ تشَظَّــى الخيــلُ عنــه كأنـَّما *** تَفَـــادَى سِبـاعُ الأرضِ منـه تفادِيـَا

وقال أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب-رَضِيَ اللُه عَنهُ-:

أرقتُ فبات لــيلي لا يــزولُ **** وليلُ أخي المصيبةِ فيه طُولُ

وأسعدني البُكاء وذاك فيـــما ***** أصيــبَ المسلمــونَ بـه قليـلُ

فقد عَظُمَــت مُصيبتُنا وجَلَّت ***** عشيَّة قِيلَ: قَد قُبِضَ الرَّسُـول

فَظَلَّ النَّــاسُ منقطعيــن فيـها ***** كأنَّ النَّاس لَيــس لَهُـم حَوِيــلُ

كأنَّ النــاس إذ فقــدوه عُمـيٌ ***** أضرَّ بلـــبِّ حازِمِهِـم عَليـــلُ

وحُقَّ لتـلك مَـرزيــة علينـــا ***** وحُقَّ لها تطــير لها الُعقـــولُ

وأضحت أرضنُا ممـا عَراها ***** تكــادُ بنــا جـــوانِبُــها تميـــلُ

فقدنا الوحي والنـزيــل فيــنا ***** يروح به ويغـــدو جبــرائيــل

وذاك أحـــقٌّ ما سالـت عليهِ ***** نُفوسُ النَّاس أو كادت تسيلُ

أُصبنا بالنَّبــيّ وقــد رُزِئنـــا ***** مُصِيبتُنَـــا فَمحمَــــلُها ثَقِيــــلُ

نبيُّ كان يجلــو الشــكَ عنّــَا ***** بمــا يُوحَـــى إليـه وما يَقـولُ

ويهدينــا فلا يخشــى ملامــاً ***** علينا والرَّسُول لنــا دليــلُ([6])

يُخَبِّرُنا بظهــر الغيـب عـــمَّا **** يَكُونُ فلا يَخُــون ولا يَحُــولُ

فلم نَرَ مثلَهُ في النَّــاس حيــّاً **** وَلَيسَ لهُ من المـــوت عَدِيــلُ

أفاطمُ إن جزعت فذاك عـذر ***** وإن لم تَجزَعي فهــو السَّبِيـلُ

فَعُــوذي بالعــَزَاء فــإنَّ فيــه ***** ثـوابَ الله والفضلُ الجـزِيــلُ

وَقُـولِي في أبيك ولا تَمَلـِّــي ***** وَهَـل يَجــزي بفعـل أبيك قيلُ

فقبــر أيبــكِ سيــدُ كلِّ قبـــر ***** وفيـه سيــد النــاس الرَّسُــول

صــلاةُ الله مــن ربٍّ, رحيــم ***** عليـه لا تحـولُ ولا تَزُولُ([7])



[1]- خندف: المسرع، والخندفة: الهرولة والإسراع في المشي. راجع: اللسان, مادة خندف.

[2]- انظر: سلوة الكئيب بوفاة الحبيب ص (197-198).

[3]- المستطرف: لشهاب الدين الأبشيهي ص (366).

[4]- سبل الهدى والرشاد (12/287).

[5]- سبل الهدى والرشاد ش(12/287).

[6]- وفي بعض الكتب: ويهدينا فلا نخشى ضلالاً ....... انظر سلوة الكئيب بوفاة الحبيب: لابن ناصر الدمشقي ص (200).

[7]- انظر: الاكتفاء للكلاعي (2/456)، وسلوة الكئيب ص (199-200).


أضف تعليق