الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
ملخص المادة العلمية:
أمور عدة أخبر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووقعت كما أخبر.
عن خباب بن الأرت - رضي الله عنه- قال: شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟ فقال: (فقد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها، ثم يؤتي بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، ما يصده ذلك عن دينه، والله ليتّمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون).
وهكذا أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم - بإتمام هذا الأمر وانتشاره ، وهذا مما أظهره الله عليه من الغيب، ولقد تكررت مثل هذه البشارة منه – صلى الله عليه وسلم - لأمته بظهور الدين وغلبته، وفتحهم الكنوز والبلاد والأمصار، وكل ذلك من معجزاته.
ومن ذلك: حديث عدي بن حاتم- رضي الله عنه - قال: بينما أنا عند النبي – صلى الله عليه وسلم - إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل، فقال: يا عدي! هل رأيت الحيرة؟ قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها. قال: إن طالت بك حياة لترين الظعينة، ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف أحدا إلا الله تعالى. قلت فيما بيني وبين نفسي: فأين دعّار طيء الذين سعّروا البلاد؟ ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى، قلت: كسرى بن هرمز؟ قال: كسرى بن هرمز. ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله منه، فلا يجد أحدا يقبله منه.
وليلقين الله أحدكم يوم يلقاه، وليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان يترجم له، فيقولن: ألم أبعث إليك رسولا فيبلّغك؟ فيقول: بلى يا رب، فيقول: ألم أعطك مالا أو أفضل عليك؟ فيقول: بلى، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم، وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم.
قال عدي: فسمعت النبي – صلى الله عليه وسلم - يقول: (اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد شق تمرة فبكلمة طيبة).
قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله، وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز، ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبي- صلى الله عليه وسلم - : (يخرج الرجل ملء كفّه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله منه فلا يجد أحدا يقبله منه).
وعن ثوبان- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : (إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض).
وعن عوف بن مالك – رضي الله عنه - قال: (أتيت النبي- صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك وهو في قبّة من أدم، فقال: اعدد ستا بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان، يأخذ فيكم كعقاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا).
وعن أبي ذر- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إنكم ستفتحون مصر، وهي أرض يسمى فيها القيراط، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحما).
وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: (بينما نحن حول رسول الله – صلى الله عليه وسلم- نكتب إذ سئل : أي المدينتين تفتح أولا؟ أقسطنطينية أو رومية؟ فقال : مدينة هرقل تفتح أولا يعني قسطنطينية).
وقد تحقق الفتح الأول على يد السلطان محمد الفاتح كما هو معروف، وسيتحقق الفتح الثاني بإذن الله ولابد،{ولتعلمن نبأه بعد حين}. (ص:88).
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - : (لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله! هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود).
ومن إخباره – صلى الله عليه وسلم - بما أظهره الله عليه من الغيب: إخباره بمقتل نفر من المشركين يوم بدر: عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - قال: (إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - كان يرينا مصارع أهل بدر، يقول: هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله، وهذا مصرع فلان غدا إن شاء الله).
قال عمر: والذي بعثه بالحق ما أخطؤوا الحدود التي حد رسول الله.
وعن سعد بن معاذ - رضي الله عنه- قال: كنت صديقا لأمية بن خلف، -وكان أمية إذا مر بالمدينة نزل على سعد، وكان سعد إذا مر بمكة نزل على أمية-، فلما قدم النبي – صلى الله عليه وسلم - المدينة أسلم سعد ثم إن سعداً قدم مكة معتمرا، فنزل على أمية بمكة، فقال لأمية: (انظر لي ساعة خلوة، لعلي أن أطوف بالبيت).
فخرج به قريبا من نصف النهار، فلقيهما أبو جهل، فقال: يا أبا صفوان! من هذا معك؟ فقال: هذا سعد.
فقال له أبو جهل: ألا أراك تطوف بمكة آمنا وقد آويتم الصباة، وزعمتم أنكم تنصرونهم وتغيثونهم ؟! أما والله لولا أنك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالما، فقال له سعد، ورفع صوته عليه: أما والله لئن منعتني هذا لأمنعنك ما هو أشد عليك منه، طريقك على المدينة.
فقال له أمية: لا ترفع صوتك يا سعد على أبي الحكم سيد أهل الوادي. فقال سعد: دعنا عنك يا أمية، فوالله لقد سمعت رسول الله يقول إنه قاتلك قال: بمكة؟ قال: لا أدرى، ففزع لذلك أمية فزعا شديدا، فلما رجع أمية إلى أهله قال: يا أم صفوان! ألم تري ما قال سعد؟ قالت: وما قال؟ قال: زعم أن محمدا أخبرهم أنه قاتلي، فقلت له: بمكة؟ قال: لا أدري، فقال أمية: والله لا أخرج من مكة.
فلما كان يوم بدر استنفر أبو جهل الناس، قال: أدركوا عيركم، فكره أمية أن يخرج.
فأتاه أبو جهل فقال: يا أبا صفوان! إنك متى ما يراك الناس قد تخلفت وأنت سيد أهل الوادي تخلفوا معك، فلم يزل به أبو جهل حتى قال: أما إذ غلبتني فوالله لأشترين أجود بعير بمكة.
ثم قال أمية: يا أم صفوان جهّزيني، فقالت له: يا أبا صفوان! وقد نسيت ما قال لك أخوك اليثربي؟ قال: لا، ما أريد أن أجوز معهم إلا قريبا.
فلما خرج أمية أخذ لا ينزل منزلا إلا عقل بعيره، فلم يزل كذلك حتى قتله الله عز وجل ببدر.
ومن إخباره – صلى الله عليه وسلم - بما أظهره الله عليه من الغيب: إخباره بقتل نفر من أصحابه يوم مؤته قبل أن يأتيه الخبر: عن أنس قال: نعى النبي زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم، فقال: (أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذ الراية جعفر فقتل، ثم أخذها ابن رواحة فأصيب، وعيناه تذرفان – حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله - يعني خالد بن الوليد - حتى فتح الله عليهم).
ومن ذلك: إخباره – صلى الله عليه وسلم - عن رجل ممن يدعي الإسلام قاتل معه يوم حنين أنه من أهل النار: عن أبي هريرة- رضي الله عنه - قال: (شهدنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - خيبر، فقال لرجل ممن معه يدعي الإسلام: هذا من أهل النار).
فلما حضر القتال قاتل الرجل من أشد القتال، فكثرت به الجراح، فجاء رجل فقال: يا رسول الله! أرأيت الذي تحدّثت أنه من أهل النار! قد قاتل في أشد القتال فكثرت به الجراح. فقال : (أما إنه من أهل النار).
فكاد بعض الناس يرتاب، فبينما هو على ذلك إذ وجد الرجل ألم الجراح فأهوى بيده إلى كنانته فانتزع سهما فانتحر بها. فاشتد رجال من المسلمين إلى رسول الله فقالوا: يا رسول الله! صدّق الله حديثك قد انتحر فلان وقتل نفسه، فقال : (الله أكبر! أشهد أني عبد الله ورسوله، يا بلال! قم فأذّن: لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر).
ومن ذلك: إخباره – صلى الله عليه وسلم - بأهوال تكون بين يدي الساعة: عن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله : (لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة، دعواهما واحدة، وحتى يبعث دجالون كذابون قريبا من ثلاثين، كلهم يزعم أنه رسول الله، وحتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج وهو القتل، وحتى يكثر فيكم المال، فيفيض حتى يهمّ رب المال من يقبل صدقته، وحتى يعرضه، فيقول الذي عرضه عليه: لا إرب لي فيه، وحتى يتطاول الناس في البنيان، وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه، وحتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون، فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا).
ومما يبشر بالخير وينهى الأمة عن اليأس: إخباره – صلى الله عليه وسلم - برفع الخلافة ثم عودتها: عن حذيفة – رضي الله عنه- قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: (تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا جبرياً فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت).
وهكذا أخبر النبي- صلى الله عليه وسلم - بعودة الخلافة بعد رفعها.
وقد رفعت الخلافة منذ سبعين عاما، ونحن نرجو الله أن تعود قريبا بمنّه وكرمه، وهي عائدة إن شاء الله، شاء الناس أم أبوا، رضوا أم سخطوا، ولكن على من أراد لنفسه النجاة أن يعمل جاهدا على إعادتها لينال بذلك الشرف والمجد، وإلا فهي عائدة بإذن الله ولو كره المجرمون.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد