من المناهج المنحرفة في كتابة السيرة النبوية, منهجية: التغريبيين – العلمانيين


بسم الله الرحمن الرحيم

 

لقد نجح كثيرٌ من المستشرقين في العُصُورِ المتأخِّرةِ في التَّأثيرِ على عُقُولِ بعضِ المسلمين، فانخدعوا بكتاباتِهم ودراساتِهم حول الإسلام، وهماً منهم أنَّها قامت على الموضوعيةِ والحيادِ والإنصافِ والتجردِ في البحث العلميِّ، ومِن ثَمَّ اقتفوا آثارَهُم، ورددوا دعاواهم التي لم يُقيموا عليها أيَّ بينةٍ,، بل زادُوا عليها من أنفسِهم، وكُلٌّ هؤلاءِ وأولئكَ نفثُوا سمومَهم باسم البحثِ والمعرفةِ وحُرية النَّقدِ، وهم أبعدُ ما يكون عن العلمِ الصَّحيحِ والبحثِ القويمِ والنَّقدِ النزيهِ.

وبذلك جاءت كتاباتُ هذا الفريقِ من تَلَامِذَةِ المستشرقينَ وأذنابِهم حولَ الإسلامِ عموماً والسِّيرة النَّبَويَّة خصوصاً لا تقلُّ - إن لم تكن قد فاقت - كتابات المستشرقين في إثارة الشٌّبَهِ والتَّشكيك في مصادرِ الشَّريعةِ الإسلاميّةِ،فكانت تلك الكتاباتُ في حقيقتِها ما هي إلا مرآةٌ وصَدَى لأفكارِ المستشرقينَ التي تأثَّروا بها.

 

التغــــــريبيـــون

من هم دعاة التغريب؟

\"هم الذين درسُوا في المعاهدِ والجامعاتِ الصَّليبيةِ، وتتلمذُوا على يدِ المبشِّرين والمستشرقينَ، فأُعجبوا بهم أشدَّ الإعجابِ، وأخلصُوا لهم غايةَ الإخلاصِ(1).

وعاد الطلبةُ بعد إتمام دراستهم إلى بلادهم ليتقلَّدُوا أرفع المناصب العلمية والتربوية(2) والسياسية، وليضعوا خِطَّةَ التعليم ومناهج الجامعات والمعاهد في العالم العربي. ونشط دعاةُ التغريبِ في ترجمةِ كتبِ أساتذتِهم المستشرقين, والدَّعوةِ إلى أفكارِهم وتصوراتِهم.... والحقٌّ يُقالُ أنهم كانوا أكثرَ غُلوَّاً وأشدَّ وقاحةً من المستشرقين... لقد زعموا بأن الدِّينَ سببُ تخلفنا وجهلنا،وأكَّدُوا - في كتبهم ومحاضراتهم وندواتهم - أنه لابُدَّ من اتباع الغربيّين شِبراً بِشِبرٍ, وذِراعاً بذراعٍ,، وكانُوا في عادتهم وأخلاقِهم صُورةً طبق الأصل عن أساتذتهم.

 ودعاة التغريب قسمان:

قسم وُلدوا من أُسَرٍ, مسلمة، بل وبعضهم نَهَل بعضَ علومِهِ من المدارسِ والمعاهدِ الإسلاميّةِ، ورائدُ هذه المدرسةِ طه حُسَين  المصري المعروف, وسنرى مدى التغريب في كتابه \"على هامش السيرة\".

 والقسم الآخر من النَّصارى العَرَبِ: وليس مِن فَرقٍ, كبيرٍ, بين هؤلاء الطلاب وأساتذتهم من المستشرقين والمبشرين: فدينُهم واحِدٌ، وأهدافهم وغاياتهم واحدةٌ، وعاداتُهم واحدةٌ، وأسماؤهم متشابهةٌ, إلا أن التلاميذ نشأوا في بيئة عربية , والأساتذة نشأوا في بيئة أوروبية أو أسيوية.

ونشط دعاةُ التَّغريبِ من النَّصارى العرب في بناء المدارسِ والمعاهدِ، وكان معظمُ طلبتِهم من أبناء المسلمين. وافتُتن الطٌّلابُ بأساتذتِهم الذين كانُوا يَعرِفُون مِن أينَ تُؤكلُ الكتفُ، وطبَّقوا في مدارِسهم مبدأَ الاختلاطِ بين الجنسينِ, وما يتبعُهُ من انحلالٍ, وفسادٍ,.وعَلَّم دُعَاةُ التَّغريبِ النَّاشئةَ وجوبَ نبذِ الرَّجعيةِ والجمودِ التخلفِ، والرَّجعيةُ -في قامُوسِهم- تعني: التمسكَ بالإسلامِ, ونبوةِ سيد الأنبياء و المرسلين محمدٍ, - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ - كما تعني التقدميةُ عندهم: محاكاةَ الغربيّين في أخلاقِهم وعاداتِهم وعلومِهم وفهمهم ومنطلقاتهم... ومن أهم الأمور التي انصرف لها دعاةُ التغريب أيضاً التأليفُ والكتابةُ في أخطرِ العُلُومِ الإسلاميّةِ: كسيرةِ خاتمِ الأنبياء والمرسلين- صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ -\"(3)    

 


1 - هناك نفر من دعاة التغريب لم يدرسوا في المعاهد والجامعات الصليبية، وإنما أقاموا علاقات متينة مع المستشرقين والمبشرين الذين وقع اختيار بريطانيا وفرنسا عليهم ليكونوا سفراء لهما في بلادنا.

2 - حَتَّى وصلت إلى تولي منصب وزير المعارف, كما وقع للدكتور طه حسين في مصر , وهو رأس من رؤؤس التغريب.

3 -راجع: دراسات في السِّيرة النَّبَويَّة لمحمد سرور بن نايف زين العابدين  ص( 181-182).

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply