بسم الله الرحمن الرحيم
باب ما جاء في كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السمر:
حديث (252)
عَن عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنهَا - قَالَت: \"جلست إحدى عشر امرأة، فتعاهَدنَ وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً.
(فقالت الأولى): زوجي لحم جَملٍ, غَثّ، على رأس جبل وعر، لا سهلٌ فيرتقى، ولا سمينٌ فينتقل.
(قالت الثانية): زوجي لا أثير خبره، إني أخاف أن لا أذَرَهُ، إن أذكره أذكر عُجَره وبُجَره.
(قالت الثالثة): زوجي العَشَنّق، إن أنطِق أُطلَّق، وإن أسكت أُعَلَّق.
(قالت الرابعة): زوجي كَلَيلِ تهامةَ، لا حَرَّ ولا قَرَّ، ولا مخافة ولا سآمة.
(قالت الخامسة): زوجي إن دخل فَهِدَ، وإن خرج أسَِدَ، ولا يسأل عما عَهِدَ.
(قالت السادسة): زوجي إن أكل لَف، وإن شَرِبَ اشتَفَّ، وإن اضطجع التفَّ، ولا يولجُ الكفَّ لِيَعلمَ البَثَّ.
(قالت السابعة): زوجي عَياياءُ (أو غياياءُ) طباقاء، كلٌّ داءٍ, له داء، شَجَّكِ أو فَلَّكِ،أو جمع كُلاً لَكِ.
(قالت الثامنة): زوجي المسٌّ مسٌّ أرنب، والريح ريح زَرنَب.
(قالت التاسعة): زوجي رفيعُ العماد، طويل النِّجاد، عظيمُ الرِّماد، قريبُ البيت من الناد.
(قالت العاشرة): زوجي مالكٌ، وما مالِك؟ مالكٌ خير من ذلك، له إبلٌ كثيراتُ المبارك، قليلات المسارح، إذا سمعن صوت المِزهَر أيقنَّ أنهنَّ هَوالك.
(قالت الحادية عشر): زوجي أبو زَرع، وما أبو زَرع؟ أناسَ من حُليِّ أُذُنَيَّ، وملأ من شَحمٍ, عَضُديَّ، وبَجَّحَني فبَجَحتُ إليَّ نفسي، وجدني في أهل غُنيمةٍ, بَشَقٍ,، فجعلني في أهل صَهيلٍ, وأَطيطٍ,، ودائِسٍ, ومُنَقٍّ,، فعنده أقولُ فلا أُقَبَّحُ، وأرقدُ فأتصبّحُ، وأشربُ فأتقَمَّحُ، أم أبي زرع فما أمٌّ أبي زرع؟: عُكومُها رَِدَاحٌ، وبيتُها فَسَاح، ابن أبي زرع فما ابن أبي زرع؟: مضجعه كمسلِّ شَطبةٍ,، وتُشبِعُهُ ذِراعُ الجَفرَةِ، بنت أبي زرع: فما بنت أبي زرع؟ طَوعُ أبيها وطَوعُ أمها، وملءُ كسائها، وغَيظُ جارتها، جارية أبي زرع فما جارية أبي زرع؟: لا تَبثٌّ حديثنا تبثيثاً، ولا تَنقُثُُ ميرتَنا تنقيثاً، ولا تَملأ بيتنا تعشيشاً.
قالت خرج أبو زرع والأوطاب تُمخَضُ، فَلقي امرأةً معها ولدان لها كالفهدين، يلعبان من تحت خَصرها برمَّانتين، فطلَّقني ونكحها، فنكحتُ بعده رجلاً سَريَّاً، رَكِبَ شَرياً، وأخذ خَطِيَّاً، وأراح عليَّ نَعَماً ثَرِياً، وأعطاني من كل رائحةٍ, زوجاً، وقال: كلي أم زرع! وميري أهلك، فلو جمعتُ كل شيء أعطانيه ما بَلَغ أصغر آنية أبي زرع.
قالت عائشة - رضي الله عنها -: فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( كنتُ لكِ كأبي زرعٍ, لأم زرعٍ, )).
شرح الحديث وسيكون من خلال النقاط التالية:
1- تخريج الحديث، وذكر أبرز من شرحه ووضحه.
2- مناسبة الحديث للباب الذي ذكره الترمذي، ووجه الاستشهاد.
3- هل الحديث من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أم من قول عائشة، والراجح في ذلك.
4- النسوة الإحدى عشر من أين هن؟ وما أسماؤهن؟
5- شرح ألفاظ الحديث وغريبه.
6- فقه الحديث والفوائد المستفادة من الحديث.
أولاً: تخريج الحديث وذكر أبرز من شرحه ووضحه:
الحديث أخرجه البخاري في كتاب النكاح باب حسن المعاشرة مع الأهل برقم (4893)، ومسلم كتاب فضائل الصحابة - رضي الله عنهم - باب ذكر حديث أم زرع برقم (2448)، وأخرجه النسائي في الكبرى كتاب عشرة النساء باب شكر المرأة لزوجها برقم (9138)، وأخرجه ابن حبان برقم (7104)، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير برقم (265)(5/354).
وأما شراح الحديث فقد قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في الفتح([1]): \"وقد شرح حديث أم زرع إسماعيل بن أبي أويس شيخ البخاري، روينا ذلك في جزء إبراهيم بن ديزيل الحافظ من روايته عنه، وأبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث، وذكر أنه نقل عن عدة من أهل العلم لا يحفظ عددهم، وتعقب عليه فيه مواضع، وأبو سعيد الضرير النيسابوري، وأبو محمد بن قتيبة كل منهما في تأليف مفرد، والخطابي في شرح البخاري، وثابت بن قاسم، وشرحه أيضا الزبير بن بكار، ثم أحمد بن عبيد بن ناصح، ثم أبو بكر بن الأنباري، ثم إسحاق الكاذي في جزء مفرد، وذكر أنه جمعه عن يعقوب بن السكيت وعن أبي عبيدة وعن غيرهما، ثم أبو القاسم عبد الحكيم بن حبان المصري، ثم الزمخشري في الفائق، ثم القاضي عياض وهو أجمعها وأوسعها([2])، وأخذ منه غالب الشراح بعده، وقد لخصت جميع ما ذكروه.
سبب الحديث:
قال ابن حجر([3]): ووقع لهذا الحديث سبب عند النسائي من طريق عمر بن عبد الله بن عروة، عن عروة، عن عائشة قالت: \"فخرت بمال أبي في الجاهلية، وكان ألف ألف أوقية\" وفيه\" فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اسكتي يا عائشة فإني كنت لك كأبي زرع لأم زرع)، ووقع في رواية الزبير بن بكار: \"دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي بعض نسائه، فقال يخصني بذلك: (يا عائشة أنا لك كأبي زرع لأم زرع).
ثانياً: مناسبة الحديث للباب الذي ذكره الترمذي:
قال ابن حجر: قال ابن المنير: نبه بهذه الترجمة على أن إيراد النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الحكاية يعني حديث أم زرع ليس خلياً عن فائدة شرعية، وهي: الإحسان في معاشرة الأهل، ثم
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد