أبو موسى الأشعرى
من هو :
أَبُو مُوسَى الأَشعَرِيٌّ، عَبدُ اللهِ بنُ قَيسِ
الإِمَامُ الكَبِيرُ، صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أَبُو مُوسَى الأَشعَرِيٌّ، التَّمِيمِيٌّ، الفَقِيهُ، المُقرِئُ.
وَهُوَ مَعدُودٌ فِيمَن قَرَأَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أَقرَأَ أَهلَ البَصرَةِ، وَفَقَّهَهُم فِي الدِّينِ.
وَقَدِ استَعمَلَهُ النَّبِيٌّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وَمُعَاذاً عَلَى زَبِيدٍ,، وَعَدَنَ.
وَوَلِيَ إِمرَةَ الكُوفَةِ لِعُمَرَ، وَإِمرَةَ البَصرَةِ، وَقَدِمَ لَيَالِيَ فَتحِ خَيبَرَ، وَغَزَا، وَجَاهَدَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وَحَمَلَ عَنهُ عِلماً كَثِيراً.
اسلامه و هجرته
أَسلَمَ أَبُو مُوسَى بِمَكَّةَ، وَهَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ، وَأَوَّلُ مَشَاهِدِهِ خَيبَرُ
عَن أَبِي مُوسَى، قَالَ:
فَقَالَ رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: (لَكُمُ الهِجرَةُ مَرَّتَينِ، هَاجَرتُم إِلَى النَّجَاشِيِّ، وَهَاجَرتُم إِلَيَّ).
قوم يحبهم الله و يحبونه
عَن أَنَسٍ,، قَالَ:
فَقَدِمَ الأَشعَرِيٌّونَ، فَلَمَّا دَنَوا، جَعَلُوا يَرتَجِزُونَ:
غَداً نَلقَى الأَحِبَّه * مُحَمَّداً وَحِزبَه
فَلَمَّا أَن قَدِمُوا، تَصَافَحُوا، فَكَانُوا أَوَّلَ مَن أَحدَثَ المُصَافَحَةَ.
شُعبَةُ: عَن سِمَاكٍ,، عَن عِيَاضٍ, الأَشعَرِيِّ، قَالَ:
لَمَا نَزَلَت: {فَسَوفَ يَأتِي اللهُ بِقَومٍ, يُحِبٌّهُم وَيُحِبٌّونَهُ} قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: (هُم قَومُكَ يَا أَبَا مُوسَى).
دعوة رسول الله له
عَن أَبِي مُوسَى، قَالَ:
فَرَمَى رَجُلٌ أَبَا عَامِرٍ, فِي رُكبَتِهِ بِسَهمٍ,، فَأَثبَتَهُ.
فَقُلتُ: يَا عَمّ! مَن رَمَاكَ؟
فَأَشَارَ إِلَيهِ، فَقَصَدتُ لَهُ، فَلَحِقتُهُ، فَلَمَّا رَآنِي، وَلَّى ذَاهِباً، فَجَعَلتُ أَقُولُ لَهُ: أَلاَ تَستَحيِي؟ أَلَستَ عَرَبٍ,يّاً؟ أَلاَ تَثبُتُ؟
قَالَ: فَكَفَّ، فَالتَقَيتُ أَنَا وَهُوَ، فَاختَلَفنَا ضَربَتَينِ، فَقَتَلتُهُ، ثُمَّ رَجَعتُ إِلَى أَبِي عَامِرٍ,، فَقُلتُ قَد قَتَلَ اللهُ صَاحِبَكَ.
قَالَ: فَانزِع هَذَا السَّهمَ.
فَنَزَعتُهُ، فَنَزَا مِنهُ المَاءُ، فَقَالَ: يَا ابنَ أَخِي، انطَلِق إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فَأَقرِهِ مِنِّي السَّلاَمَ، وَقُل لَهُ يَستَغفِر لِي.
وَاستَخلَفَنِي أَبُو عَامِرٍ, عَلَى النَّاسِ، فَمَكَثَ يَسِيراً، ثُمَّ مَاتَ.
فَلَمَّا قَدِمنَا، وَأَخبَرتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- تَوَضَّأَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيهِ، ثُمَّ قَالَ: (اللَّهُمَّ اغفِر لِعُبَيدٍ, أَبِي عَامِرٍ,)، حَتَّى رَأَيتُ بَيَاضَ إِبِطَيهِ.
ثُمَّ قَالَ: (اللَّهُمَّ اجعَلهُ يَومَ القِيَامَةِ فَوقَ كَثِيرٍ, مِن خَلقِكَ).
فَقُلتُ: وَلِي يَا رَسُولَ اللهِ؟
فَقَالَ: (اللَّهُمَّ اغفِر لِعَبدِ اللهِ بنِ قَيسٍ, ذَنبَهُ، وَأَدخِلهُ يَومَ القِيَامَةِ مُدخَلاً كَرِيماً).
عَن أَبِي مُوسَى، قَالَ:
قَالَ: (أَبشِر).
قَالَ: قَد أَكثَرتَ منَ البُشرَى.
فَأَقبَلَ رَسُولُ اللهِ عَلَيَّ وَعلَى بِلاَلٍ,، فَقَالَ: (إِنَّ هَذَا قَد رَدَّ البُشرَى، فَاقبَلاَ أَنتُمَا).
فَقَالاَ: قَبِلنَا يَا رَسُولَ اللهِ.
فَدَعَا بِقَدَحٍ,، فَغَسَلَ يَدَيهِ وَوَجهَهُ فِيهِ، وَمَجَّ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: (اشرَبَا مِنهُ، وَأَفرِغَا عَلَى رُؤُوسِكُمَا وَنُحُورِكُمَا).
فَفَعَلاَ! فَنَادَت أُمٌّ سَلَمَةَ مِن وَرَاءِ السَّترِ: أَنَّ فَضِّلاَ لأُمِّكُمَا.
أوتى مزمار من مزامير آل داود
عَنِ ابنِ بُرَيدَةَ، عَن أَبِيهِ، قَالَ:
خَرَجتُ لَيلَةً مِنَ المَسجِدِ، فَإِذَا النَّبِيٌّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- عِندَ بَابِ المَسجِدِ قَائِمٌ، وَإِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي، فَقَالَ لِي: (يَا بُرَيدَةَ، أَتَرَاهُ يُرَائِي؟).
قُلتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعلَمُ.
قَالَ: (بَل هُوَ مُؤمِنٌ مُنِيبٌ، لَقَد أُعطِيَ مِزمَاراً مِن مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ).
فَأَتَيتُهُ، فَإِذَا هُوَ أَبُو مُوسَىº فَأَخبَرتُهُ.
حَدَّثَنَا ابنُ بُرَيدَةَ، عَن أَبِيهِ، قَالَ:
جَاءَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إِلَى المَسجِدِ، وَأَنَا عَلَى بَابِ المَسجِدِ، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَأَدخَلَنِي المَسجِدَ، فَإِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي يَدعُو، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِأَنِّي أَشهَدُ أَنَّكَ اللهُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَم يَلِد، وَلَم يُولَد، وَلَم يَكُن لَهُ كُفُواً أَحَدٌ.
قَالَ: (وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَقَد سَأَلَ اللهَ بِاسمِهِ الأَعظَمِ، الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ).
وَإِذَا رَجُلٌ يَقرَأُ، فَقَالَ: (لَقَد أُعطِيَ هَذَا مِزمَاراً مِن مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ).
قُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُخبِرُهُ؟
قَالَ: (نَعَم).
فَأَخبَرتُهُ، فَقَالَ لِي: لاَ تَزَالُ لِي صَدِيقاً، وَإِذَا هُوَ أَبُو مُوسَى.
وَرَوَى: أَبُو سَلَمَةَ، عَن أَبِي هُرَيرَةَ:
أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لَقَد أُعطِيَ أَبُو مُوسَى مِزمَاراً مِن مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ).
عَن أَبِي مُوسَى:
فَلَمَّا أَصبَحَ، أَخبَرَهُ النَّبِيٌّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -º فَقَالَ: لَو أَعلَمُ بِمَكَانِكَ، لَحَبَّرتُهُ لَكَ تَحبِيراً.
عَن أَنَسٍ,:
فَلَمَّا أَصبَحَ، أُخبِرَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: لَو عَلِمتُ، لَحَبَّرتُ تَحبِيراً، وَلَشَوَّقتُ تَشوِيقاً.
قَالَ أَبُو عُثمَانَ النَّهدِيٌّ: مَا سَمِعتُ مِزمَاراً وَلاَ طُنبُوراً وَلاَ صَنجاً أَحسَنَ مِن صَوتِ أَبِي مُوسَى الأَشعَرِيِّº إِن كَانَ لَيُصَلِّي بِنَا فَنَوَدٌّ أَنَّه قَرَأَ البَقَرَةَ مِن حُسنِ صَوتِهِ.
و روى أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَشعَرِيَّ قَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَنَزَلَ فِي بَعضِ الدٌّورِ بِدِمَشقَ، فَخَرَجَ مُعَاوِيَةُ مِنَ اللَّيلِ لِيَستَمِعَ قِرَاءتَهُ.
علمه و ورعه
عَن أَبِي البَختَرِيِّ، قَالَ:
قَالَ: عَن أَيِّهِم تَسأَلُونِي؟
قُلنَا: عَنِ ابنِ مَسعُودٍ,.
قَالَ: عَلِمَ القُرآنَ وَالسٌّنَّةَ، ثُمَّ انتَهَى، وَكَفَى بِهِ عِلماً.
قُلنَا: أَبُو مُوسَى؟
قَالَ: صُبِغَ فِي العِلمِ صِبغَةً، ثُمَّ خَرَجَ مِنهُ.
قُلنَا: حُذَيفَةُ؟
قَالَ: أَعلَمُ أَصحَابِ مُحَمَّدٍ, بِالمُنَافِقِينَ.
سَمِعَ الأَسوَدَ بنَ يَزِيدَ، قَالَ:
لَم أَرَ بِالكُوفَةِ أَعلَمَ مِن عَلِيٍّ,، وَأَبِي مُوسَى.
وَقَالَ مَسرُوقٌ: كَانَ القَضَاءُ فِي الصَّحَابَةِ إِلَى سِتَّةٍ,: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ,، وَابنِ مَسعُودٍ,، وَأُبَيٍّ,، وَزِيدٍ,، وَأَبِي مُوسَى.
عَنِ الشَّعبِيِّ:
عَن صَفوَانَ بنِ سُلَيمٍ,، قَالَ:
عَن مَسرُوقٍ,، قَالَ:
اللَّهُمَّ أَنتَ المُؤمِنُ تُحِبٌّ المُؤمِنَ، وَأَنتَ المُهَيمِنُ تُحِبٌّ المُهَيمِنَ، وَأَنتَ السَّلاَمُ تُحِبٌّ السَّلاَمَ.
اجتَهَدَ الأَشعَرِيٌّ قَبلَ مَوتِهِ اجتِهَاداً شَدِيداً، فَقِيلَ لَهُ: لَو أَمسَكتَ وَرَفَقتَ بِنَفسِكَ!
قَالَ: إِنَّ الخَيلَ إِذَا أُرسِلَت فَقَارَبَت رَأسَ مَجرَاهَا، أَخرَجَت جَمِيعَ مَا عِندَهَاº وَالَّذِي بَقِيَ مِن أَجَلِي أَقَلٌّ مِن ذَلِكَ.
وَكَانَ أَبُو مُوسَى لاَ تَكَادُ تَلقَاهُ فِي يَومٍ, حَارٍّ, إِلاَّ صَائِماً.
و كَانَ أَبُو مُوسَى صَوَّاماً، قَوَّاماً، رَبَّانِيّاً، زَاهِداً، عَابِداً، مِمَّن جَمَعَ العِلمَ وَالعَمَلَ وَالجِهَادَ وَسَلاَمَةَ الصَّدرِ، لَم تُغَيِّرهُ الإِمَارَةُ، وَلاَ اغتَرَّ بِالدٌّنيَا.
روى أَنَّ أَبَا مُوسَى قَالَ: إِنِّي لأَغتَسِلُ فِي البَيتِ المُظلِمِ، فَأَحنِي ظَهرِي حَيَاءً مِن رَبِّي.
قَالَ أَبُو مُوسَى: لأَن يَمتَلِئَ مَنخِرِي مِن رِيحِ جِيفَةٍ,، أَحَبٌّ إِلَيَّ مِن أَن يَمتَلِئَ مِن رِيحِ امرَأَةٍ,.
ولايته للبصرة
قَالَ عُمَرُ:
فَجَاءَ رَهطٌ، فِيهِم أَبُو مُوسَى، فَقَالَ: إِنِّي أُرسِلُكَ إِلَى قَومٍ, عَسكَرَ الشَّيطَانُ بَينَ أَظهُرِهِم.
قَالَ: فَلاَ تُرسِلنِي.
قَالَ: إِنَّ بِهَا جِهَاداً وَرِبَاطاً.
فَأَرسَلَهُ إِلَى البَصرَةِ.
قَالَ الحَسَنُ البَصرِيٌّ: مَا قَدِمَهَا رَاكِبٌ خَيرٌ لأَهلِهَا مِن أَبِي مُوسَى.
و كَانَ أَبُو مُوسَى إِذَا صَلَّى الصٌّبحَ، استَقبَلَ الصٌّفُوفَ رَجُلاً رَجُلاً يُقرِئُهُم، وَدَخَلَ البَصرَةَ عَلَى جَمَلٍ, أَورَقَ، وَعَلَيهِ خَرَجَ لَمَّا عُزِلَ.
عَن أَبِي بُردَةَ، قَالَ:
عَن أَنَسٍ,: بَعَثَنِي الأَشعَرِيٌّ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ لِي: كَيفَ تَرَكتَ الأَشعَرِيَّ؟
قُلتُ: تَرَكتُهُ يُعَلِّمُ النَّاسَ القُرآنَ.
فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ كَيِّسٌ! وَلاَ تُسمِعهَا إِيَّاهُ.
كَتَبَ عُمَرُ فِي وَصِيَّتِهِ: أَلاَّ يَقِرَّ لِي عَامِلٌ أَكثَرَ مِن سَنَةٍ,، وَأَقِرٌّوا الأَشعَرِيَّ أَربَعَ سِنِينَ.
أبو موسى و الخلافة
عَن أَبِي مُوسَى، أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَيهِ:
أَمَّا بَعدُ، فَإِنَّ عَمرَو بنَ العَاصِ قَد بَايَعَنِي عَلَى مَا أُرِيدُ، وَأُقسِمُ بِاللهِ، لَئِن بَايَعتَنِي عَلَى الَّذِي بَايَعَنِي، لأَستَعمِلَنَّ أَحَدَ ابنَيكَ عَلَى الكُوفَةِ، وَالآخَرَ عَلَى البَصرَةِº وَلاَ يُغلَقُ دُونَكَ بَابٌ، وَلاَ تُقضَى دُونَكَ حَاجَةٌ، وَقَد كَتَبتُ إِلَيكَ بِخَطِّي، فَاكتُب إِلَيَّ بِخَطِّ يَدِكَ.
فَكَتَبَ إِلَيهِ: أَمَّا بَعدُ، فَإِنَّكَ كَتَبتَ إِلَيَّ فِي جَسِيمِ أَمرِ الأُمَّةِ، فَمَاذَا أَقُولُ لِرَبِّي إِذَا قَدِمتُ عَلَيهِ، لَيسَ لِي فِيمَا عَرَضتَ مِن حَاجَةٍ,، وَالسَّلاَمُ عَلَيكَ.
قَالَ أَبُو بُردَةَ: فَلَمَّا وَلِيَ مُعَاوِيَةُ، أَتَيتُهُ، فَمَا أَغلَقَ دُونِي بَاباً، وَلاَ كَانَت لِي حَاجَةٌ إِلاَّ قُضِيَت.
وفاته
وَمَاتَ سَنَةَ اثنَتَينِ وَأَربَعِينَ.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد