كلمات في العقيدة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 





آثام القلوب... وطاعاتها

أعرف صاحبي لأكثر من عشرين سنة... يمكن أن تصنفه بأنه شخص عادي.. لا تفوته صلاة في المسجد إلا لعذر.. يتجنب المال الذي فيه شبهة.. يتجنب الكلام الذي فيه تجريح.. لا يذهب إلى أماكن كثيرة.. عمله.. المسجد.. البيت.. يلتزم بزيارة والدته كل يوم.. ولو لربع ساعة ولاسيما بعد وفاة والده.. أقرب أصحابي إلى قلبي... أحبه في الله وأرجو محبة الله بمحبته..

- هل تدري يا صاحبي أعظم صفة في الإنسان؟!

- الصدق... والأمانة..

- شيء واحد؟..

- القلب السليم..

- نعم...

- ولكن ما قيمة القلب السليم... والرجل لا يصلي؟!

قاطعته...

- الذي لا يصلي.. قلبه ليس بسليم.. بل سقيم.

- إذاً يجب أن نتفق على تعريف القلب السليم.. فكثير من الناس يظن أن القلب السليم هو الذي يخلو من الحقد والحسد والكبر والغلظة والبغض وغير ذلك... من الأمراض.. وإن كان لا يصلي ولا يصوم ولا يقرأ القرآن... يقولون المهم أنه مع الناس مستقيم... والذي بينه وبين الله... شأنه وحده.

- هذا مفهوم غير سليم... إن القلب الطاهر.. السليم... هو الذي خلا من الشرك أولاً لأن أعظم داء يصيب القلب هو الشرك.. ثم من الكبر.. ثم من الأمراض الأخرى... وكان القلب عامراً بذكر الله.. وهذا لا يكون إلا بأداء الفرائض.. وأولها الصلاة نعم... طاعات القلوب أعظم من طاعات الأبدان... وآثام القلوب أشد من آثام الأبدان... ولكن هذا لا يعوض هذا ولا ينفع أحدهما دون الآخر... فالقلب المطيع هو الذي ينصاع لأوامر الله جميعاً ابتداء بالعقيدة والعبادات والمعاملات... وينتهي عن الآثام ابتداء بالشرك والظلم والكبر.. والمعاملات أيضاً.. وهنا أود أن أخبرك عن أمر فيك..

نظر إلي مستغرباً.. ظن أني سأنتقده لطريقة كلامي..

- فيَّ؟!

- نعم... وأنا أغبطك عليه.. فإن الله رزقك قلباً مميزاً...

رأيتك كيف تتعامل مع الخصوم... ومع الأهل... ومع الزملاء... أعرف ما تخاف أن تقع فيه... وما تقدم عليه... وبالطبع لا أزكي على الله أحداً.. ولكن أظن أن الله من عليك بنعمة عظيمة في قلبك.. وأسأله أن يديمها عليك... لم يتفاعل معي... فآثرت متابعة الحديث...

- الرسول - صلى الله عليه وسلم -... حذرنا من تقلب القلب... وأمرنا أن ندعو الله أن يثبت قلوبنا... -يا مقلب القلوب ثبت قلبي على طاعتك- وقال - تعالى -: في دعاء عباده المؤمنين.. -ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا-... والمؤمن إذا أخذ بأسباب ثبات القلب ثبته الله... أما المرائي.. فإنه لا ينال التثبيت من عند الله.. كما في الحديث: -إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس حتى إذا لم يكن بينه وبينها إلا ذراع سبق عليه الكتاب فعمل بعمل أهل النار فدخلها-...

- ومن يضمن قلباً سليماً وهو يقع في المعاصي؟!

- القلب السليم غير معصوم عن الذنوب، ولكنه إذا أذنب تاب فزال أثر المعصية عن القلب..ويرجع للقلب نقاؤه... أما القلب المريض فإنه يذنب.. ويستمر.. ويتمادى.. حتى ينقلب قلباً أسود لا ينكر منكراً ولا يعرف معروفاً.. نسأل الله العافية.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply