تنبيه أولي الأحلام لمعاني الواجب والتمام في كلام شيخ الإسلام


 

بسم الله الرحمن الرحيم





أقوال شيخ الإسلام التي تبين مراده بالواجب والتام:

1 قوله: \" تقدير إيمان تام في القلب بلا ظاهر من قول وعمل كتقدير موجب تام بلا موجبه وعلة تامة بلا معلولها وهذا ممتنع \" مجموع الفتاوى، الجزء 7، صفحة 582.

هذه العبارة ذكرها الشيخ في سياق رده على الجهمية وأمثالهم ممن جعلوا الإيمان مجرد التصديق.

والتام هنا ليس الكامل فقط ولا الكامل والواجب معا فقط بل ويشمل الأصل لقوله: من قول... الخ. وقد ذكر شيخ الإسلام مرارا أن تارك القول مع القدرة كافر بالإتفاق.



2 قوله: \" لا يكون مؤمنا في الباطن الإيمان الواجب إلا من ترك هذه الأمور - سجد للصليب والأوثان طوعا وألقى المصحف في الحش عمدا - فمن لم يتركها دل ذلك على فساد إيمانه الباطن \". مجموع الفتاوى، الجزء 7، صفحة 584.



ما بين - من كلام شيخ الإسلام نفسه في بيان بعض الأفعال التي يجب تركها نقلتها هنا للتوضيح.

هذه العبارة ذكرها الشيخ في سياق رده على الجهمية وأمثالهم كذلك ممن جعلوا الإيمان مجرد التصديق والكفر مجرد التكذيب.



والواجب هنا ليس الكامل فقط ولا الكامل والواجب معا فقط بل ويشمل الأصل لقوله: سجد للصليب والأوثان طوعا وألقى المصحف في الحش عمدا. فمن فعل شيئا من هذه الأمور فسد أصل إيمانه كما هو مجمع عليه بين أهل السنة.



3 - قال: “وهذه المسألة لها طرفان: أحدهما: في إثبات الكفر الظاهر. والثاني: في إثبات الكفر الباطن. فأما الطرف الثاني فهو مبني على مسألة كون الإيمان قولا وعملا كما تقدم، ومن الممتنع أن يكون الرجل مؤمنا إيمانا ثابتا في قلبه بأن الله فرض عليه الصلاة والزكاة والصيام والحج ويعيش دهره لا يسجد لله سجدة ولا يصوم رمضان ولا يؤدي لله زكاة، ولا يحج إلى بيته، فهذا ممتنع، ولا يصدر هذا إلا مع نفاق في القلب وزندقة، لا مع إيمان صحيح”. مجموع الفتاوى 7/616



وهنا لم يذكر الشيخ لا واجبا ولا تاما بل صرح بقوله: ثابتا ثم أكد ذلك بأربع مؤكدات كل واحدة منها تفيد كفر تارك عمل الجوارح بالكلية لا مجرد عدم كمال إيمانه. والمؤكدات:

أولا: ممتنع

ثانيا: نفاق

ثالثا: زندقة

رابعا: لا مع إيمان صحيح

ويوضح ذلك أكثر مثلان ذكرهما شيخ الإسلام عن بعض أهل العلم مقرا لكلامه:

\" لا إيمان إلا بعمل ولا عمل إلا بعقد ومَثَلُ ذلك مَثَلُ العمل الظاهر والباطن أحدهما مرتبط بصاحبه من أعمال القلوب وعمل الجوارح ومثله قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إنما الأعمال بالنيات} أي لا عمل إلا بعقد وقصد لأن {إنما} تحقيق للشيء ونفي لما سواه فأثبت بذلك عمل الجوارح من المعاملات وعمل القلوب من النيات، فمثل العمل من الإيمان كمثل الشفتين من اللسان لا يصح الكلام إلا بهما لأن الشفتين تجمع الحروف واللسان يظهر الكلام وفى سقوط أحدهما بطلان الكلام وكذلك في سقوط العمل ذهاب الإيمان “. مجموع الفتاوى لابن تيمية (7 / 334)

\" مثل الإيمان و الإسلام أيضا كفسطاط قائم في الأرض له ظاهر و أطناب وله عمود في باطنه فالفسطاط مثل الإسلام له أركان من أعمال العلانية والجوارح وهو الأطناب التي تمسك أرجاء الفسطاط، والعمود الذي في وسط الفسطاط مثله كالإيمان لا قوام للفسطاط إلا به فقد احتاج الفسطاط إليها إذ لا قوام له ولا قوة إلا بهما، كذلك الإسلام في أعمال الجوارح لا قوام له إلا بالإيمان والإيمان من أعمال القلوب لا نفع له إلا بالإسلام وهو صالح الأعمال \". مجموع الفتاوى (7/334).

4 - وكذلك قوله - رحمه الله -: \" فمن عرف ارتباط الظاهر بالباطن زالت عنه الشبهة في هذا الباب وعلم أن من قال من الفقهاء أنه إذا أقر بالوجوب وامتنع عن الفعل لا يقتل أو يقتل مع إسلامه فإنه دخلت عليه الشبهة التي دخلت على المرجئة والجهمية والتي دخلت على من جعل الإرادة الجازمة مع القدرة التامة لا يكون بها شيء من الفعل ولهذا كان الممتنعون من قتل هذا من الفقهاء بنوه على قولهم في مسألة الإيمان وأن الأعمال ليست من الإيمان وقد تقدم أن جنس الأعمال من لوازم إيمان القلب وأن إيمان القلب التام بدون شيء من الأعمال الظاهرة ممتنع سواء جعل الظاهر من لوازم الإيمان أو جزءاً من الإيمان كما تقدم بيانه\". مجموع الفتاوى (7/616). فالتام هنا يشمل الأصل لأن أول الفقرة فيمن يصر على الإمتناع حتى يقتل وهذا كفر بلا شك.



5 قال شيخ الإسلام: \" من آمن قلبه إيمانا جازما امتنع أن لا يتكلم بالشهادتين مع القدرة فعدم الشهادتين مع القدرة مستلزم إنتفاء الإيمان القلبي التام \". مجموع الفتاوى ج: 7 ص: 553



فالتام هنا حتما لا يعني به الواجب فضلا عن الكامل بل هو أصل الإيمان



6 وكذلك قوله: \" فإذا لم يتكلم الإنسان بالإيمان مع قدرته دل على أنه ليس في قلبه الإيمان الواجب الذي فرضه الله عليه \": مجموع الفتاوى ج: 7 ص: 188



فالواجب هنا ليس إلا أصل الإيمان ووجوده لا مجرد كماله الواجب أو المستحب لأن التكلم بالإيمان لازم للأصل بالإتفاق.



7 وهنا أيضا: \" وقد لا يحصل لكثير منهم منها ما يستفيد به الإيمان الواجب فيكون كافرا زنديقا منافقا جاهلا ضالا مضلا ظلوما كفورا ويكون من أكابر أعداء الرسل ومنافقي الملة من الذين قال الله فيهم وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين \". مجموع الفتاوى ج: 18 ص: 53



فالواجب هنا بمعنى الصحيح وليس الكامل حتما.



8 قال الشيخ في الواسطية:



\" الفاسق يدخل في اسم الإيمان المطلق كما في قوله {فتحرير رقبة مؤمنة} وقد لا يدخل في اسم الإيمان المطلق كما في قوله - تعالى -{إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا} وقوله - صلى الله عليه وسلم -: \" لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن \"



ونقول هو مؤمن ناقص الإيمان أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته فلا يعطى الاسم المطلق ولا يسلب مطلق الاسم بكبيرته \"



معنى الاسم المطلق: اسم الإيمان



معنى مطلق الاسم: اسم الإسلام



معنى الإيمان المطلق الأول في أول سطر: الإسلام والثاني: الإيمان.



فالمطلق استخدمه الشيخ هنا بمعنى التام الكامل وبمعنى الغير تام أيضا.



9 وقال الشيخ: \" و سادسها: أنه يلزمهم أن من سجد للصليب والأوثان طوعا وألقى المصحف في الحش عمدا وقتل النفس بغير حق وقتل كل من رآه يصلى وسفك دم كل من يراه يحج البيت وفعل ما فعلته القرامطة بالمسلمين يجوز أن يكون مع ذلك مؤمنا وليا لله إيمانه مثل إيمان النبيين والصديقين لأن الإيمان الباطن إما أن يكون منافيا لهذه الأمور وإما أن لا يكون منافيا فإن لم يكن منافيا أمكن وجودها معه فلا يكون وجودها إلا مع عدم الإيمان الباطن. وإن كان منافيا للإيمان الباطن كان ترك هذه من موجب الإيمان ومقتضاه ولازمه فلا يكون مؤمنا في الباطن الإيمان الواجب إلا من ترك هذه الأمور فمن لم يتركها دل ذلك على فساد إيمانه الباطن \". مجموع الفتاوى ج: 7 ص: 584



وواضح أن الواجب هنا ليس بمعنى الكامل ولا التام بل بمعنى الصحيح أو الثابت.



وأما قول الشيخ: \" وإذا ذكر اسم الإيمان مجرداً، دخل فيه الإسلام والأعمال الصالحة، كقوله في حديث الشٌّعب: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق» وكذلك سائر الأحاديث التي يجعل فيها أعمال البر من الإيمان.



ثم إن نفي الإيمان عند عدمها، دل على أنها واجبة، وإن ذكر فضل إيمان صاحبها ولم ينف إيمانه دل على أنها مستحبة، فإن الله ورسوله لا ينفي اسم مسمى -أمر الله به ورسوله- إلا إذا تًرك بعض واجباته كقوله: «لا صلاة إلا بأم القرآن»(1)، وقوله: «لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له» ونحو ذلك.



فأما إذا كان الفعل مستحباً في العبادة لم ينفها لانتفاء المستحب، فإن هذا لو جاز، لجاز أن ينفى عن جمهور المؤمنين اسم الإيمان، والصلاة، والزكاة والحج، لأنه ما من عمل إلا وغيره أفضل منه وليس أحد يفعل أفعال البر مثل ما فعلها النبيr، بل ولا أبو بكر ولا عمر، فلو كان من لم يأت بكمالها المستحب يجوز نفيها عنه، لجاز أن يُنفى عن جمهور المسلمين من الأولين والآخرين، وهذا لا يقوله عاقل.



فمن قال: إن المنفي هو الكمال، فإن أراد أنه نفى \"الكمال الواجب\" الذي يذم تاركه، ويتعرض للعقوبة، فقد صدق.



وإن أراد أنه نفى \"الكمال المستحب\" فهذا لم يقع قط في كلام الله ورسوله ولا يجوز أن يقع \"



كما نقله البرهامي ص 39-40 من كتابه فواضح من أول النقل أن شيخ الإسلام يتكلم عن حكم ترك آحاد \" شعب \" أعمال الجوارح الواجبة لا ترك جميع عمل الجوارح. ومثله النقول الثلاث بعده إلى ص44.



اما ما نقله البرهاني عن شيخ الإسلام وهو يتكلم عن الإيمان أيضاً:



(ثم هو في الكتاب بمعنيين: أصل، وفرع واجب.



فالأصل: الذي في القلب وراء العمل، فلهذا يفرق بينهما بقوله: }آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ{(الشورى: من الآية23)، والذي يجمعهما كما في قوله: }إِنَّمَا المُؤمِنُونَ{(الأنفال من الآية2)، و}لا يَستَأذِنُكَ الَّذِينَ يُؤمِنُون{(التوبة من الآية44)، وحديث \"الحياء\"، و\"وفد عبد القيس\".



وهو مركب من:

أصل: لا يتم بدونه.

ومن واجب: ينقص بفواته نقصاً يستحق صاحبه العقوبة.

ومن مستحب: يفوت بفواته علو الدرجة.



فالناس فيه ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابق،



كالحج، والبَدن، والمسجد وغيرها من الأعيان، والأعمال والصفات.



فمن سوى أجزائه ما إذا ذهب نقص عن الأكمل.



ومنه ما نقص عن الكمال، وهو ترك الواجبات أو فعل المحرمات.



ومنه ما نقص ركنه وهو ترك الاعتقاد والقول، الذي يزعم المرجئة والجهمية أنه مسمى فقط وبهذا تزول شبهات الفرق.



وأصله القلب وكماله العمل الظاهر بخلاف الإسلام فإن أصله الظاهر وكماله القلب).



فهنا أيضا الكلام على الشعب الواجبة منها والمستحبة. وقد بين الشيخ أن الأصل يذهب بالإعتقاد ولكنه سيق أن بين كما في النقول عنه فوق أن عمل القلب الإعتقاد- يذهب بذهاب عمل الجوارح كلية. فلا اشكال في هذا النقل إذا بل هو متفق تماما مع ما سبق نقله عنه ومع سائر النقول التي فيها ذكر الإيمان التام أو الواجب.



قال شيخ الإسلام: \" من قال من السلف الإيمان قول وعمل أراد قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح ومن زاد الاعتقاد رأى أن لفظ القول لا يفهم منه إلا القول الظاهر أو خاف ذلك فزاد الاعتقاد بالقلب ومن قال قول وعمل ونية قال القول يتناول الاعتقاد وقول اللسان وأما العمل فقد لا يفهم منه النية فزاد ذلك \" مجموع الفتاوى، الجزء 7، صفحة 170. 171



10 ويؤيد ذلك ما نقله البرهامي في كتابه بعد ذلك عن شيخ الإسلام وهو:

\" فأصل الإيمان في القلب وهو قول القلب وعمله، وهو إقرار بالتصديق والحب والانقياد وما كان في القلب فلابد أن يظهر موجبه ومقتضاه على الجوارح، وإذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه دل على عدمه، أو ضعفه \".



فعدم الإيمان يكون بعدم أعمال الجوارح كلية كما سبق وضعفه يكون بعدم البعض لا الجميع.



ثم واصل البرهامي النقل عن شيخ الإسلام حتى قوله - رحمه الله -:

وقد اتفق المسلمون على أنه من لم يأت بالشهادتين فهو كافر، وأما الأعمال الأربعة فاختلفوا في تكفير تاركها، ونحن إذا قلنا: أهل السنة متفقون على أنه لا يكفر بالذنب فإنما نريد به المعاصي كالزنا والشرب، وأما هذه المباني ففي تكفير تاركها نزاع مشهور \".



فواضح جدا أن شيخ الإسلام لا يتكلم عمن ترك عمل الجوارح بالكلية إنما عن بعض آحادها فقط. لذلك قال: أهل السنة متفقون على أنه لا يكفر بالذنب ولم يقل أنهم متفقون أنه لا يكفر بفعل الذنوب جميعا.

واستمر البرهامي في نقل كلام مماثل للشيخ عن ترك آحاد من الأعمال الواجبة إلى أن قال شيخ الإسلام:

\" فلا يتصور مع كمال الإيمان الواجب الذي في القلب أن تعدم الأعمال الظاهرة الواجبة، بل يلزم من وجود هذا كاملاً وجود هذا كاملاً كما يلزم من نقص هذا نقص هذا إذ تقدير إيمان تام في القلب بلا ظاهر من قول وعمل كتقدير موجب تام بلا موجبه، وعلة تامة بلا معلولها وهذا ممتنع \"



فعقب البرهامي في الحاشية قائلا: \" هذا كلام في غاية الوضوح من شيخ الإسلام في معنى التلازم وأن انتفاء اللازم ينتفي منه انتفاء الملزوم، فهو في الإيمان الواجب بنص كلامه، فانتفاء الأعمال الظاهرة الواجبة يدل على انتفاء الإيمان الواجب الكامل. \"



أقول: نعم نص شيخ الإسلام على كلمة \" الواجب \" ولكن بينا من كلام شيخ الإسلام معنى واجب فوق. ثم ألم ير البرهامي \"قول \" في آخر العبارة؟! والبرهامي نقل عن شيخ الإسلام مقرا له أن تارك القول كافر اجماعا!



وتوفيقا بين هذا الكلام والعبارة السابقة له والتي نقلها البرهامي أيضا عن شيخ الإسلام تصبح العبارة: يلزم من وجود هذا كاملاً وجود هذا كاملاً كما يلزم من نقص هذا نقص هذا ومن عدم هذا عدم عدم هذا.



11 - قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:

وقد تقدم أن جنس الأعمال من لوازم إيمان القلب، وأن إيمان القلب التام بدون شيء من الأعمال الظاهرة ممتنع، سواء جعل الظاهر من لوازم الإيمان، أو جزء من الإيمان كما تقدم بيانه \"! [مجموع الفتاوى: 7|616].



فالتام هنا يعني الصحيح كما دل على ذلك كلام شيخ الإسلام سابقا وكما يدل عليه الكثير من كلامه الآخر - رحمه الله - مثل قوله:

وقال - رحمه الله -: \" لو قدر أن قوما قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: نحن نؤمن بما جئتنا به بقلوبنا من غير شكºونقر بألسنتنا بالشهادتين، إلا أنا لا نطيعك في شيء مما أمرت به ونهيت عنه.. كل مسلم يعلم بالاضطرار أنه يقول لهم: أنتم أكفر الناس بما جئت به، ويضرب رقابهم إن لم يتوبوا من ذلك. \" [مجموع: 7287].



وقال: \" يمتنع أن يكون الرجل مؤمنا بالله ورسوله بقلبه أو بقلبه ولسانه ولم يؤد واجبا ظاهرا\" [مجموع: 7621].



وقال - رحمه الله -: \" فإذا خلا العبد عن العمل بالكلية لم يكن مؤمنا.. فإن حقيقة الدين هو الطاعة والإنقياد وذلك إنما يتم بالفعل لا بالقول فقط فمن لم يفعل لله شيئا فما دان لله دينا ومن لا دين له فهو كافر\" [شرح العمدة: كتاب الصلاة: 86].



وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: \" تخلف العمل ظاهرا مع عدم المانع دليل على فساد الباطن وخلوه من الإيمان، ونقصه دليل نقصه، وقوته دليل قوته. \" [الفوائد: 112].



ولكن الحلبي تمسك بكلمة \" التام \" في العبارة وفسرها بالكامل! ولهذا وغيره من تحريفاته لكلام شيخ الإسلام وصفته اللجمة الدائمة للافتاء بأنه اتبع \" مسلكا مزريا في تحريف كلام شيخ الإسلام وغيره من أهل العلم \".



كما ويلاحظ أيضا أنه لا البرهامي ولا الحلبي ولا من كان على مذهبهما من بعض الكتاب المعاصرين جاؤا بالنصوص الواضحة من كلام شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم التي تخالف فهمهم الخاطىء وخاصة قول شيخ الإسلام:

\" ومن الممتنع أن يكون الرجل مؤمنا إيمانا ثابتا في قلبه بأن الله فرض عليه الصلاة والزكاة والصيام والحج ويعيش دهره لا يسجد لله سجدة ولا يصوم رمضان ولا يؤدي لله زكاة، ولا يحج إلى بيته، فهذا ممتنع، ولا يصدر هذا إلا مع نفاق في القلب وزندقة، لا مع إيمان صحيح”. مجموع الفتاوى 7/616



وقول ابن القيم الأخير.

وقول سماحة الشيخ ابن باز - رحمه الله - لما سئل عمن لم يكفر تارك الصلاة من السلف، أيكون العمل عنده شرط كمال؟

فأجاب: \" جنس العمل لابد منه لصحة الإيمان عند السلف جميعاً. لهذا الإيمان عنـدهم قـول وعمـل واعتقـاد، لا يصح إلا بها مجتمعة \"



وقال الشيخ ابن باز - رحمه الله - (مجلة المشكاة المجلد الثاني، الجزء الثاني/279، 280) رداً على من زعم أن العمل شرط كمال:

\" لا، لا، ما هو بشرط كمال، جزء، جزء من الإيمان.



هذا - يعني القول بأن عمل الجوارح شرط كمال - قول المرجئة، المرجئة يرون الإيمان قول وتصديق فقط\".



وقول الشيخ العثيمين - رحمه الله -:

\" يقول البعض: إذا ترك عمل الجوارح بالكلية خرج من الإيمان ولكن لا يقتضي عدم انتفاعه بأصل الإيمان والشهادتين بل ينتفع بهما كمن أراد الحج ولم يشهد عرفة وهو ركن فإنه ينتفع بالأركان الأخرى فما قول فضيلتكم؟



ج/ نقول هذا ليس بصواب، إنه لن ينتفع بإيمانه مع ترك الصلاة، التي دلت النصوص على كفر تاركها. \"



وقول فضيلة العلامة الفوزان وفقه الله:

السؤال 96: ما حكم من ترك جميع الأعمال بالكلية لكنه نطق بالشهادتين ويقر بالفرائض لكنه لا يعمل شيئاً البتة، فهل هذا مسلم أم لا؟ علماً بأن ليس له عذرٌ شرعي يمنعه من العمل بتلك الفرائض؟



أجاب عليه العلامة الأثري صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله -:

\" هذا لا يكون مؤمناً، من كان يعتقد بقلبه ويقر بلسانه ولكن لا يعمل بجوارحه عطل الأعمال كلها من غير عذر هذا ليس بمؤمن، لأن الإيمان كما ذكرنا وكما عرفه أهل السنة والجماعة: أنه قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، لا يحصل الإيمان إلا بمجموع هذه الأمور فمن ترك واحداً منها فإنه لا يكون مؤمناً. \" (الإجابات المهمة في المشاكل المدلهمة) ص108

بخصوص قول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: \" يمتنع أن يكون الرجل مؤمنا بالله ورسوله بقلبه أو بقلبه ولسانه ولم يؤد واجبا ظاهرا ولا صلاة ولا زكاة ولا صياما ولا غير ذلك من الواجبات \" مجموع الفتاوى: 7/621

وقال الشيخ العلامة: صالح الفوزان- حفظه الله - في شرحه لنواقض الإسلام: - \" أو يتعلمه ولكن لا يعمل به، وهذا -أيضاً - يكفر ويرتد عن دين الإسلام، فإذا كان لا يصلي، ولا يصوم، ولا يؤدي الزكاة، ولا يحج، ولا يؤدي الواجبات، ولا يجتنب المحرماتº فهذا لا رغبة له في العمل فهذا يكفر، وفي هذا رد على المرجئة الذين يقولون إن العمل ليس بلازم، يكفي الاعتقاد بالقلب والتصديق بالقلب ولو لم يعمل، فالشيخ هنا يقول: ((إذا لم يعمل)) أي رفض العمل مع قدرته عليه وتمكنه منه، أبى أن يصلي أو يصوم أو يزكي أو يحج الفريضة، أو أبى أن يجتنب المحرمات، ويؤدي الواجبات فهذا يكفرº لأنه لم يعمل بالدين، والله - جل وعلا - يقول: {ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين}سورة المائدة: 5، فلا بد من الأمرين: تعلم أمور الدينº وهي الأمور التي لا يستقيم الدين إلا بها، والأمر الثاني: العمل بها.

فلا بد من العلم والعمل، لا يصلح علم دون عمل، ولا يصلح عمل دون علم، فهما قرينان، والله - تعالى - يقول: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله} سورة التوبة: 33، والهدى هو العلم النافع، ودين الحق، هو العمل الصالح، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - بعث بالأمرين، لم يبعث بالعلم فقط، ولم يبعث بالعمل فقط، وإنما بعث بالأمرين فهما قرينان.



والذين أخذوا العلم وتركوا العمل هم: {المغضوب عليهم} سورة الفاتحة: 7، ومن نحا نحوهم، ممن تعلم دين الله ولم يعمل به...))



ثم قال: والذي يرفض العمل بالعلم نهائياً يعتبر كافراً أيضاً-...))

ثم قال: فالأمر مهم جداً، أمر التعلم وأمر العمل، فمن رفضهما أو رفض أحدهماº فإنه يكون مرتداً عن دين الإسلام)) اهـ دروس في شرح نواقض الإسلام ص187- 189.



قال الشيخ عبد العزيز الراجحي وفقه الله:

\" يعني: إيمان القلب الذي يدعي أنه مؤمن بقلبه فمن لوازم ذلك أن يعمل، فإذا لم يعمل ما صح إيمانه، يلزم هذا لوازم لازم يلزم الإنسان المصدق أن يمتثل لأمر الله وإلا كان تصديقه باطلا

...فيلزم الإيمان الصادق العمل لا يمكن أن يتخلف، الإيمان إذا كان صادقا فلا بد من العمل، فإذا تخلف العمل دل على عدم صدق إيمانه هذا معنى قول شيخ الإسلام نعم.\"

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply