بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وآله وصحبه، ومن اهتدى بهديه.
أمـا بعــد:
(اعلم وفقك الله للحق: أن (الإيمان) و (الإسلام) يجتمع فيهُمـا الدين كُلـه، وقد كثُر كلام الناس في حقيقة الإيمان والإسلام، ونزاعهم واضطرابهم، وقد صنفت في ذلك مُجلدات، والنزاع فيه من حين خرجت الخوارج بين عامة الطوائف).
ونحن نَذكر ما يُستفاد من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - مع ما يُستفاد من كلام الله - تعالى -، فيصل المؤمن إلى ذلك من نفس كلام الله ورسوله، فإن هذا هو المقصود، فلا نذكر اختلاف الناس ابتداء، بل نذكُر من ذلك ـ في ضمن بيان ما يُستفاد من كلام الله ورسوله خيرُ وأحسن تأويلا، وأحسن عاقبة في الدُنيـا والآخرة (1).
* القلب هـو الأصـل في الإيمـان :
قال شيخ الإسلام - رحمه الله - فإن الإيمان أصله الذي في القلب، ولا بُد فيه من شيئين: تصديـق بالقلب، وإقراره ومعرفته، ويُقال لهذا: قول القلب، قال الجنيد بن مُحمد: التوحيد قول القلب، والتوكُل: عمل القلب، فلا بُد فيه من قول القلب وعملـه، ثُم قول البدن وعمله، ولا بُد فيه من عمل القلب، مثل حُب الله ورسوله، وخشية الله، وحُب ما يُحبه الله ورسوله، وبُغض ما يبغضه الله ورسوله، وإخلاص العمل لله وحده، وتوكل القلب على الله وحده، وغير ذلك من أعمال القُلوب التي أوجبها الله ورسوله وجعلها من الإيمان.
ثُم القلب هو الأصل، فإذا كان فيه معرفة وإرادة سرى ذلك إلى البدن بالضرورة، لا يُمكن أن يتخلف البـدن عما يُريدُه القلب، ولهذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (ألا وإن في الجسد مُضغةً إذا صَلَحت صَلحَ لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ألا وهي القلب ).
فإذا كان القلب صالحاً بمـا فيه من الإيمان عِلماً وعملاً قلبياً، لزم ضرورة صلاح الجسد بالقول الظاهر، والعمل بالإيمان المُطلق، كما قال أهل الحديث: قولٌ باطن وظاهر، وعمل باطن وظاهر، والظاهر تابع للباطن لازم لـه، متى صلح الباطن صلح الظاهر، وإذا فسد فسد.
* خطـأ الجهـم ومن اتبعه:
(1ـ قول الجهم في الإيمان):
قـال: ومن هُنـا يظهـر خطأ قول جهـم بن صفوان ومن اتبعه، حيث ظنوا أن الإيمان مُجرد تصديق القلب وعلمهº لم يجعلوا أعمال القلب من الإيمانº وظنوا أنه قـد يكون الإنسان مؤمناً كامل الإيمـان بقلبه، وهو مع هذا يسب الله ورسوله ويُعادي الله ورسوله، ويُعادي أولياء الله، ويُوالي أعداء الله، ويقتل الأنبيـاء ويهدم المساجد، ويهين المصاحف، ويُكرم الكُفار عاية الكرامة، ويهين المؤمنين غاية الإهانةº قالوا: وهذه كُلُها معاص لا تنافي الإيمان الذي في قلبهº بل يفعل هذا وهو في الباطن عند الله مؤمن.
قالوا: وإنما ثَبتَ له في الدُنيا أحكام الكُفار، لأن هذه الأقوال أمَارةٌ على الكُفـر، ليحكم بالظاهر كما يحكم بالإقرار والشُهود، وإن كان في الباطن قد يكون بخلاف ما أقر بـه وبخلاف ما شهد بـه الشُهود.
فـإذا أورد عليهم الكتـاب والسُنـة والإجمـاع، على أن الواحد من هؤلاء كافرٌ في نفس الأمر، مُعذب في الآخـرة، قالوا: فهذا دليل على انتفاء التصديق والعلم من قلبه، فالكُفر عندهُم شيء واحد، وهو الجهل، والإيمـان شيء واحـد وهـو العلم أو تكذيب القلـب وتصديقه، فإنهُـم مُتنازعون هل تصديق القلب شيء غير العلـم أم هـو هـو؟
· (تكفير السلف لمرجئة الجهمية وبيان فساد قولهـم ):
وهـذا قول مع أنـه أفسد قول قيـل في الإيمـان، فقـد ذهـب إليه كثير من أهل الكلام المرجئة، وقد كفر السلف ـ كوكيع بن الجراح وأحمد بن حنبل وأبي عُبيد وغيرهُم ـ من يقول بهذا القول، وقالوا: إبليس كافـر بنص القُرآن، وإنمـا كُفره باستكباره وامتنـاعه عن السُجـود لآدم، لا لكونه كَذَب خبراً، وكذلك فرعون وقومه، قال - تعالى – فيهم: (وجَحَدُوا بِهاَ واستَيقَنَتها أَنفُسُهُم ظُلماً وَعُلوًا) (النمل: 14)، وقال موسى - عليه السلام - لفرعـون، (لَقـَد عَلِمتَ مَـا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلا رَبُ السمَواَت والأَرض بَصائر) (الإسراء 102)، وبعد قوله: (ولقد آتينـا موسى تسـع آيـات بينـات فاسأل بني إسرائيل إذا جاءهُـم فقـال لـه فرعـون إني لأظُنـك يا فرعـون مسحـورا (101) قَالَ لقد عَلمتَ مَـا أَنزلَ هؤُلاء إِلا رَبُ السمـواَت والأَرض بَصَائر وإِني أظُنُكَ يا فرعَونَ مَثبُـوراً) (الإسراء: 101، 102)، فموسى وهو الصادق المصدوق يقول: (لَقـَد عَلِمتَ مَـا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلا رَبُ السمَواَت والأَرض بَصائر) فـدل على أن فرعون كان عالماً بأن الله أنزل الآيات، وهو أكبر خلق الله عناداً وبغيـاً، لفساد إرادته وقصده لا لعدم علمـه.
وكذلك اليهود الذين قال الله فيهم: (الذين آتيناهُم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم) (البقرة: 146)، وكذلك من المُشركين الذين قال الله فيهم: (فإنهُم لا يُكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) (الأنعام 33).
* (خطـأ الجهميـة جـاء من جهتين:
1ـ إهمالهُم أعمال القُلوب) :
قـال: فهؤلاء غلطـوا في أصلين :
أحدهمـا: ظنهُـم أن الإيمـان مُجرد تصديق وعلم فقط، وليس معه عمل، وحال حركة وإرادة ومحبة، وخشية في القلب، وهـذا من أعظم غلط المرجئة مطلقـاً، فـإن أعمال القُلوب التي يُسميهـا بعض الصوفية أحوالاً ومقامـات، أو منـازل السائريـن إلى الله، أو مقامات العارفين، أو غير ذلك كُل ما فيها مما فرضه الله ورسوله، فهـو مـن الإيمان الواجـب، وفيها ما أحبـه ولم يفرضه، فهـو من الإيمـان المُستحب، فالأول: لا بُـد لكل مؤمن منـه، ومن اقتصر عليه فهو من الأبرار أصحاب اليمين، ومن فعله وفعل الثاني، كان من المُقربين السابقين، وذلك مثل: حُب الله ورسوله، بل أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهمـا، بـل أن يكون الله ورسولـه والجهاد في سبيله أحـب إليه من أهله ومالـه، ومثل خشيـة الله وحده دون خشية المخلوقين، ورجاء الله وحده دون رجاء المخلوقين، والتوكُل على الله وحده دون المخلوقين، والإنابة إليـه إليه مع خشيته كمـا قـال - تعالى -: (هذا ما توعدون لكُل أواب حفيظ (32) من خَشِيَ الرحمَنَ بالغيبِ وجـاءَ بقلبٍ, مُنيبٍ,) (ق: 32، 33)، ومثل الحب في الله والبغض في الله، والمُوالاة لله والمُعاداة لله.
والثاني (الذي أوقعهُم في الغلط): ظنهُم أن كُل من حكم الشارع بأنه كافر، مُخلد في النار، فإنما ذاك لأنه لم يكن في قلبه شيء من العلم والتصديق، وهذا أمر خالفوا به الحس والعقل والشرع، وما أجمع عليه طوائف بني آدم السليمة الفطرة وجماهير النظـار، فإن الإنسـان قـد يعرف أن الحق مـع غيره، ومع هـذا يجحد ذلك لحسده إيـاه، أو لطلب علوه عليه، أو لهوى النفس، ويحمله ذلك الهوى على أن يعتدي عليه ويرد ما يقول بكُل طريق، وهو في قلبه يعلم أن الحق معـه، وعامة مَن كذّب الرُسُل علموا أن الحق معهُم وأنهُم صادقون، لكن إما لحسدهم وإما لإرادتهم العلو والرياسة، وإما لحُبهم دينهُم الذي كانوا عليه وما يحصل لهُم به من الأغراض كأموال ورياسة وصداقة أقوام وغير ذلك، فيرون في إتباع الرُسُل ترك الأهواء المحبوبة إليهِم، أو حُصول أُمور مكروهة إليهِم فيكذبونهُم ويُعاندونهُم فيكونون من أكفر الناس، كإبليس وفرعون، مع علمهم بأنهُم على الباطل والرُسل علـى الحق.
* (من أغلاط الجهمية المرجئة: أنهُم جعلوا كُل كافر جاهلاً بالحـق):
قـال: ولم يكف الجهمية أن جعلوا كُل كافر جاهلاً بالحق، حتى قالوا: هو لا يعرف أن الله موجود حقº والكُفر عندهُـم ليس هـو الجهـل بأي حق كـان، بل الجهـل بهذا الحق المُعين، ونحن والناس كُلهُم يرون خلقاً من الكُفـار يعرفون في الباطن أن دين الإسلام حق، ويذكرون ما يمنعهم من الإيمان، إما مُعاداة أهلهم، وإما مالٌ يحصـل لهُم من جهتهـم يقطعونه عنهُم، وإمـا خوفهُم إذا آمنوا أن لا يكون لهُم حرمة عند المُسلمين كحُرمتهم في دينهم، وأمثال ذلك من أغراضهم التي يبينون أنها المانعة لهُم من الإيمان، مـع علمهُم بأن دين الإسلام حق، ودينهُم باطـل.
* (2ـ مرجئة الفقهـاء) :
قـال: والمرجئة الذين قالوا: الإيمان تصديق القلب، وقول اللسان، وأعمال ليست منه، كان منهُم طائفة فُقهاء الكوفة وعبادها، ولم يكُن قولهُم جهم، فعرفوا أن الإنسان لا يكون مؤمنـاً إن لم يتكلم بالإيمان مع قُدرته عليه، وعرفوا أن إبليس وفرعون وغيرهمـا كُفار مع تصديق قُلوبهم، لكنهُم إذا لم يدخلوا أعمال القلوب في الإيمان لزمهُم قول جهم، وإن أدخلوها في الإيمان لزمهُم دُخول أعمال الجوارح أيضـاً، فإنهـا لازمـة لهـا.
* (شبهاتهم التي تعلقوا بهـا) :
ولكن هؤلاء لهُـم حجج شرعيـة بسببهـا اشتبه الأمـر عليهِم، فإنهُم رأوا أن الله قد فرق في كتابه بين الإيمـان والعمل، فقـال في غير موضـع (إن الذين آمنوا وعمِلوا الصالحات) (البقرة: 277)، ورأوا أن الله خاطب الإنسان بالإيمان قبل وجود الأعمال، فقال: (يا أيُها الذين آمنوا إذا قُمتُم إلى الصلاة فاغسلوا وُجوهكُم وأيديكُم إلى المرافق) (المائدة: 6)، (يا أيُها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجُمعة) (الجُمعة: 9)، وقالوا: لو أن رجُلاً آمن بالله ورسوله ضحوة، ومات قبل أن يجب عليه شيء من الأعمال مات مؤمنـاً، وكان من أهل الجنة، فدل على أن الأعمال ليست من الإيمان، وقالوا: نحن نسلم أن الإيمان يزيد، بمعنى أنه كان كُلما أنزل الله آية وجب التصديق بهـا، فانضم هذا التصديق إلى التصديق الذي كان قبلـه، لكن بعـد كمال ما أنزل الله، ما بقي الإيمان يتفاضل عندهُم، بل إيمان الناس كُلهُم سواء، إيمان السابقين الأولين كأبي بكر وعُمر، وإيمـان أفجـر الناس، كالحجاج وأبي مُسلم الخرساني وغيرهما.
والمرجئة المُتكلمون منهُم والفقهاء منهُم يقولون: إن الأعمال قد تُسمى إيماناً مجـازاً، لأن العمل ثمرة الإيمان ومُقتضاه، ولأنها دليل عليه ويقولون: قوله: (الإيمانُ بِضـعُ وستون أو بِضعُ وسبعون شُعبة، أفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطـة الأذى عن الطريق) مجـاز.
* (أصناف المرجئة إجمـالاً، ورده عليهُم ):
قال: والمرجئة ثلاث أصنـاف الذين يقولون: الإيمان مُجرد ما في القلب، ثُـم من هؤلاء من يدخل فيه أعمال القُلوب، وهُم أكثر فِرق المرجئة، كما قد ذكر أبو الحسن الأشعري أقوالهُم في كتابه، وذكر فرقـاً كثيرة يطول ذكرهُم، ولكن ذكرنا جمل أقوالهـم، ومنهُم من لا يدخُلها في الإيمان كجهم ومن اتبعه كالصالحي، وهذا الذي نصره هو وأكثر أصحابه.
* والقول الثاني من يقول: هو مُجرد قول اللسان، وهذا لا يعرف لأحد قبل الكرامية، والثالث: تصديق القلب وقول اللسان، وهذا هو المشهور عن أهل الفقه والعبادة منهُم، وهؤلاء غلطوا من وجوه: أحدهــا: ظنهُم أن الإيمان الذي فرضه الله على العباد مُتماثل في حق العباد، وأن الإيمان الذي يجب على شخص يجب مثله على كُل شخص، وليس الأمر كذلك، فإن أتباع الأنبياء المُتقدمين أوجب الله عليهِم من الإيمان ما لم يوجبه على أُمة مُحمد، وأوجب على أُمة مُحمد من الإيمان ما لم يوجبـه على غيرِهِم، والإيمان الذي كان يجب قبل نُزول جميع القُرآن، ليس هُـو مثل الإيمـان الذي يجب على مَن عَرِفَ مـا أخبر به الرسول مُفصلاً، ليس مثل الإيمان الذي يجب على من عرف مـا أخبر بـها الرسول مُجملاً.
* (أما قولهم: خوطبوا بالإيمان قبل الأعمـال):
قال: إن قُلتُم: إنهُم خوطبوا به قبل أن تجب تلك الأعمال، فقبل وجوبها لم تكُن من الإيمان، وكانوا مؤمنين الإيمان الواجـب عليهِم قبـل أن يفرض عليهِم مـا خوطبوا بفرضه، فلمـا نزل إن لم يُقـِروا بوجوبه لم يكونوا مؤمنين، ولهذا قال - تعالى -: (ولِلّهِ على الناس حِجُ البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفـر فَإنَ الله غَنِيُ عَن العالمين) (آل عُمرات: 97)، ولهذا لم يجىء ذكر الحج في أكثر الأحاديث التي فيها ذكر الإسلام والإيمان، كحديث وفد عبد القيس، وحديث الرجل النجدي الذي يُقال لـه، ضمام بن ثعلبة وغيرُهمـا، وإنما جاء ذِكر الحج في حديث ابن عُمر وجبريل، وذلك لأن الحج آخر ما فرض من الخمس، فكان قبل فرضه لا يدخُل في الإيمان والإسلام، فلما فرض أدخلـه النبي - صلى الله عليه وسلم - في الإيمان إذا أُفرد، وأدخله في الإسلام إذا قُرِن بالإيمان وإذا أُفـرد، وسنذكُر إن شـاء الله متى فُرِض الحج.
* وكذلك قولهم: من آمن ومات قبل وجوب العمل عليه مات مؤمنـاً، فصحيح، لأنه أتى بالإيمان الواجب عليه، والعمل لم يكُن وجب عليه بعد، فهذا مِما يجب أن يعرف، فإنه تزول به شُبهة حصلت للطائفتين.
* فإذا قيـل: الأعمال الواجبـة من الإيمـان، فالإيمان الواجـب مُتنوع ليس شيئاً واحـداً في حق جميع الناس، وأهل السُنة والحديث يقولون: جميع الأعمال الحسنة واجبها ومُستحبها من الإيمان، أي: من الإيمان الكامل بالمُستحبات، وليس من الإيمان الواجب، وبُفرق بين الإيمان الواجب وبين الإيمان الكامل بالمُستحبات، كمـا يقول الفُقهاء، الغسل ينقسم إلى مجزىء وكامـل، فالمجزىء: ما أتى فيه بالواجبات فقط، والكامل ما أتى فيه بالمُستحبـات، ولفظ الكمال قـد يُراد به الكمال الواجب، وقد يُراد بـه الكمال المُستحَب.
* وأمـا قولهُم: إن الله فرق بين الإيمان والعمل في مواضع، فهذا صحيح، وقد بيَنا أن الإيمان إذا أُطلق، أَدخل الله ورسوله فيه الأعمال المأمور بهـا، وقد يُقرن به الأعمال، وذكرنا نظائر لذلك كثيرة، وذلك لأن أصل الإيمـان: هـو القلب، والأعمال الظاهرة لازمة لذلك، لا يُتصَور وجود إيمان القلب والواجب مع عدم جميع أعمال الجوارح، بل متى نقصت الأعمال الظاهرة كان لنقص الإيمان الذي في القلب، فصار الإيمـان مُتناولا للملوزم واللازم، وإن كان أصله في القلب وحيث عطفت عليه الأعمال، فإنه لا يُكتفى بإيمان القلب، بل لا بُـد معـه من الأعمال الصالحة.
* الوجه الثانـي من غلط المرجئة: ظنهُم أن ما في القلب من الإيمان ليس إلا التصديق فقط، دون أعمال القُلوب، كمـا تقدم عن جهمية المرجئة.
* الثالـث: ظنهُم أن الإيمـان الذي فـي القلب يكـون تاماً بدون شيء مـن الأعمال، ولهذا يجعلون الأعمال ثمرة الإيمان، ومُقتضاه بمنزلة السبب مع المُسبب، ولا يجعلونها لازمة له، والتحقيق أن إيمان القلب التام، يستلزم العمل الظاهر بحسبه لا محالة، ويمتنع أن يقوم بالقلب إيمان تام بدون عمل ظاهر، ولهـذا صاروا يقـدرون مسائل يمتنع وقوعها لعدم تحقق الإرتباط الذي بين البدن والقلب، مثل أن يقولوا، رجُل في قلبـه من الإيمـان مثل ما في قلب أبي بكر وعُمر وهو لا يسجُد لله سجدة، ولا يصوم رمضان، ويزني بأُمه وأُخته، ويشرب الخمر نهار رمضان، ويقولون: هذا مؤمن تام الإيمان، فيبقى سائر المؤمنين يُنكرون ذلك غاية الإنكار، إنتهـى.
هـذا آخر ما تم جمعـه من كلام شيخ الإسلام - رحمه الله - مُختصراً من كتاب الإيمان.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينـا مُحمد وآلـه وصحبـه أجمعين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مُقدمـة كتابـه: الإيمان ـ ط المكتب الإسلامي بتحقيق العلامة الألباني - رحمه الله تعالى -.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد