الأحادية مصطلح جديد بدأ يتداول بين المفكرين والمثقفين، وهم بين واعٍ, لهذا المعنى وبين مردد لا يعرف ما يقول، فهو يهرف بما لا يعرف.
ومعنى الأحادية - التي أصبحت عاراً في عرف الكثيرين حتى وإن كان لها مستند قوي من الشارع الحكيم -º معناها: هو أن يرى الحق واحداً لا يتعدد، وأن يرى الحق معه، وأن ما سواه باطل - على تفاوت في درجات الباطل -، وأنا أتعجب أشد العجب حينما يعتبر هذا المعنى عيباً بالإطلاق دون التفريق بين من يملك أدلة وبراهين على صدق دعواه، وبين من لا يملك، بين من ينقل كلاماً مستنداً على نصوص شرعية محكمة راسخة في الوضوح، وبين من ينقل كلاماً مستنداً على نقولات بشرية مصدرها أهواؤهم وعقولهم، وبداية أقول: إنه لا يوجد فوق المعمورة من يقول كلاماً وينافح عنه ثم لا يعتقد صحة دعواه ورأيه أياً كان مصدرها عدا ما خرج من هوًى متبع، أو كذب يعرفه صاحبه، ويؤيد هذا ما نقل عن الشافعي - رحمه الله - إذ يقول: \" كلامي صواب يحتمل الخطأ، وكلام غيري خطأ يحتمل الصواب \"، وهي مقولة تحتاج للتأمل والوقوف عندهاº ولعل الله ييسر ذلك.
وإنني هنا أؤكد أن الأحادية - بالمعنى السابق - ليست عيباً من كل وجه، وإنما هي كسائر الدعاوى - إن لم تقم عليها البينات فأصحابها أدعياء -، أما أن ننظر إلى كل من اعتز بدينه ومنهجه ومعتقده وأثنى عليهº أنه أحادي النظرة، دون أن ننظر إلى ما يستند عليه من نصوص شرعية ثابتةº ومن شهادة أهل العلم والفضل المعروفين له، ويصبح المسكين منا في شك من دينهº وأنه على حق - إن كان مسلماً -، وأن غيره على باطل - إن كان غير مسلم - خوفاً من أن يصنف بالأحادية، وهل اليهود والنصارى كفار أو مسلمون؟!! وما مصيرهم يوم القيامة إن لم يسلموا؟! إلى غيرها من المسلماتº أقول: هنا تكمن المصيبة التي قد تخرجه من دائرة الإسلام - عياذاً بالله - لأنها مناقضة صريحة لكثير من الآيات والأحاديث التي تبين ضلال اليهود والنصارى وكفرهم، وتبين أنه لا دين صحيحاً إلا الإسلام كما قال تعالى: (( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ))، وكما قال رسولنا الكريم الرحيم - صلى الله عليه وسلم - كما روى مسلم في صحيحه -: ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار )، فهل نقول بعد هذا بأن الله - تعالى - ورسوله - صلى الله علي وسلم - أحاديان، بسبب تلك النصوص المتواترة كثرة من مثل ما سبق!!
فلنعِ أيها الأحباب ما يقال، ولا نردد بكل سخافة وسذاجة ما نسمع و \" كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع \"، ألا فلنحفظ عقولنا من تحكم أهوائنا بها، ألا فلنحمِ عقولنا من تسلط الآخرين عليها، ألا فلنبن عقولنا باتباع شرع ربنا (( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله )).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد