أحاديث في الشفاعة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

** حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد حدثنا معبد بن هلال العنزي قال: اجتمعنا ناس من أهل البصرة فذهبنا إلى أنس بن مالك وذهبنا معنا بثابت البناني إليه يسأله لنا عن حديث الشفاعة فإذا هو في قصره، فوافقناه يصلي الضحى، فاستأذنا فأذن لنا، وهو قاعد على فراشه فقلنا لثابت: لا تسأله عن شيء أول من حديث الشفاعة!! فقال: يا أبا حمزة هؤلاء إخوانك من أهل البصرة جاءوك يسألونك عن حديث الشفاعة. فقال حدثنا محمد -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض فيأتون آدم فيقولون: اشفع لنا إلى ربك!! فيقول: لست لها ولكن عليكم بإبراهيم فإنه خليل الرحمن، فيأتون إبراهيم فيقول: لست لها، ولكن عليكم بموسى فإنه كليم الله!! فيأتون موسى فيقول: لست لها ولكن عليكم بعيسى فإنه روح الله وكلمته، فيأتون عيسى فيقول: لست لها ولكن عليكم بمحمد - صلى الله عليه وسلم -!! فيأتوني فأقول: أنا لها، فأستأذن على ربي فيؤذن لي، ويلهمني محامد أحمده بها لا تحضرني الآن، فأحمده بتلك المحامد، وأخر له ساجداً، فيقول: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع!! فأقول: يا رب أمتي أمتي. فيقول: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان، فأنطلق فأفعل ثم أعود فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجداً فيقال: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع!! فأقول: يا رب أمتي أمتي!! فيقول: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة أو خردلة من إيمان فأخرجه. فأنطلق فأفعل، ثم أعود فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجداً، فيقول: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع!! فأقول: يا رب أمتي أمتي!! فيقول: انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجه من النار!! فأنطلق فأفعل، فلما خرجنا من عند أنس قلت لبعض أصحابنا لو مررنا بالحسن - وهو متوار في منزل أبي خليفة - فحدثناه بما حدثنا أنس بن مالك، فأتيناه فسلمنا عليه فأذن لنا فقلنا له: يا أبا سعيد جئناك من عند أخيك أنس بن مالك فلم نر مثل ما حدثنا في الشفاعة!! فقال: هيه، فحدثناه بالحديث فانتهى إلى هذا الموضع فقال: هيه فقلنا: لم يزد لنا على هذا، فقال: لقد حدثني وهو جميع منذ عشرين سنة فلا أدري أنسي أم كره أن تتكلوا قلنا: يا أبا سعيد فحدثنا!! فضحك، وقال: خلق الإنسان عجولاً ما ذكرته إلا وأنا أريد أن أحدثكم، حدثني كما حدثكم به قال: ثم أعود الرابعة فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجداً فيقال: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع!! فأقول: يا رب ائذن لي فيمن قال: لا إله إلا الله فيقول: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله. رواه البخاري ومسلم.

 

** وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوماً بلحم، فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه فنهس منها نهسة فقال: أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون بم ذاك؟! يجمع الله يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد فيسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون وما لا يحتملون فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون ما أنتم فيه؟ ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض: ائتوا آدم فيأتون آدم فيقولون: يا آدم أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول: آدم إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحاً، فيقولون: يا نوح أنت أول الرسل إلى الأرض، وسماك الله عبداً شكوراً، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوت بها على قومي، نفسي نفسي، اذهبوا إلى إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- فيأتون إبراهيم، فيقولون: أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك!! ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم إبراهيم: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، وذكر كذباته، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى موسى، فيأتون موسى -صلى الله عليه وسلم- فيقولون: يا موسى أنت رسول الله، فضلك الله برسالاته وبتكليمه على الناس، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم موسى -صلى الله عليه وسلم-: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قتلت نفساً لم أومر بقتلها، نفسي نفسي، اذهبوا إلى عيسى -صلى الله عليه وسلم-، فيأتون عيسى، فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله، وكلمت الناس في المهد، وكلمة منه ألقاها إلى مريم، وروح منه، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم: عيسى -صلى الله عليه وسلم-: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، ولم يذكر له ذنباً نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى محمد -صلى الله عليه وسلم-، فيأتوني فيقولون: يا محمد أنت رسول الله، وخاتم الأنبياء، وغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجداً لربي، ثم يفتح الله علي، ويلهمني من محامده، وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه لأحد قبلي، ثم يقال: يا محمد ارفع رأسك، سل تعطه، اشفع تشفع. فأرفع رأسي فأقول: يا رب أمتي أمتي فيقال: يا محمد أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، والذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنةلكما بين مكة وهجر، أو كما بين مكة وبصرى. رواه مسلم

 

**وعن أبي هريرة وأبو مالك عن ربعي عن حذيفة قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يجمع الله -تبارك وتعالى- الناس فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة، فيأتون آدم فيقولون: يا أبانا استفتح لنا الجنة. فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم لست بصاحب ذلك اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله، قال: فيقول إبراهيم: لست بصاحب ذلك إنما كنت خليلاً من وراء وراء، اعمدوا إلى موسى -صلى الله عليه وسلم- الذي كلمه الله تكليماً، فيأتون موسى -صلى الله عليه وسلم- فيقول: لست بصاحب ذلك اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه، فيقول عيسى -صلى الله عليه وسلم-: لست بصاحب ذلك فيأتون محمداً -صلى الله عليه وسلم- فيقوم: فيؤذن له، وترسل الأمانة والرحم فتقومان جنبتي الصراط يميناً وشمالاً، فيمر أولكم كالبرق، قال: قلت بأبي أنت وأمي أي شيء كمر البرق، قال: ألم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين، ثم كمر الريح، ثم كمر الطير، وشد الرجال تجري بهم أعمالهم، ونبيكم قائم على الصراط يقول: رب سلم سلم!! حتى تعجز أعمال العباد حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفاً، قال: وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به، فمخدوش ناج، ومكدوس في النار، والذي نفس أبي هريرة بيده إن قعر جهنم لسبعون خريفاً. رواه مسلم...

 

** عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر، قال: فيفزع الناس ثلاث فزعات فيأتون آدم فيقولون: أنت أبونا آدم فاشفع لنا إلى ربك، فيقول: إني أذنبت ذنباً أهبطت منه إلى الأرض، ولكن ائتوا نوحاً، فيأتون نوحاً فيقول: إني دعوت على أهل الأرض دعوة فأهلكوا، ولكن اذهبوا إلى إبراهيم فيأتون إبراهيم: فيقول إني كذبت ثلاث كذبات - ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما منها كذبة إلا ما حل بها عن دين الله - ولكن ائتوا موسى، فيأتون موسى فيقول: إني قد قتلت نفساً، ولكن ائتوا عيسى، فيأتون عيسى فيقول: إني عُبدتُ من دون الله، ولكن ائتوا محمداً قال: فيأتونني فأنطلق معهم - قال ابن جدعان: قال أنس فكأني أنظر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: فآخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها فيقال: من هذا فيقال: محمد!! فيفتحون لي، ويرحبون بي، فيقولون: مرحباً فأخر ساجداً فيلهمني الله من الثناء والحمد، فيقال لي: ارفع رأسك، وسل تعط، واشفع تشفع، وقل يسمع لقولك، وهو المقام المحمود الذي قال الله: (عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً) قال سفيان: ليس عن أنس إلا هذه الكلمة فآخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها. أخرجه الترمذي

 

 وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply