حقيقة الصراط ومعتقد أهل السنة فيه


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 




السفاريني: (الصراط في اللغة الطريق الواضح، ومنه قول جرير: أمير المؤمنين على الصراط **** إذا اعوج الموارد مستقيم.

وفي الشرع جسر ممدود على متن جهنم، يرده الأولون والآخرون، فهو قنطرة بين الجنة والنار).

وقد بين شارح الطحاوية معتقده في الصراط المذكور في الأحاديث فقال:(ونؤمن بالصراط وهو جسر على جهنم إذا انتهى الناس بعد مفارقتهم الموقف إلى الظلمة التي دون الصراط، كما قالت عائشة - رضي الله عنها -: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل: أين الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات؟ فقال:(هم في الظلمة دون الجسر).

وقد بيَّن السفاريني - رحمه الله تعالى - موقف الفرق من الصراط، وهل هو صراط مجازي أم حقيقي؟ فقال: (اتفقت الكلمة بالجملة على إثبات الصراط في الجملة، لكن أهل الحق يثبتونه على ظاهره من كونه جسراً ممدوداً على متن جهنم، أحد من السيف، وأدق من الشعر، وأنكر هذا الظاهر القاضي عبد الجبار المعتزلي، وكثير من أتباعه زعماً منهم أنه لا يمكن عبوره، وإن أمكن ففيه تعذيب - ولا عذاب على المؤمنين والصلحاء يوم القيامة - وغنماً طريق الجنة المشار إليه بقوله – تعالى-: ((سيهديهم ويصلح بالهم))، وطريق النار المشار إليه بقوله تعالى: ((فاهدوهم إلى صراط الجحيم))، ومنهم من حمله على الأدلة الواضحة والمباحات والأعمال الرديئة التي يسأل عنها ويؤاخذ بها، وكل هذا باطل وخرافات لوجوب حمل النصوص على حقائقها، وليس العبور على الصراط بأعجب من المشي على الماء أو الطيران في الهواء، أو الوقوف فيه، وقد أجاب - عليه الصلاة والسلام - عن سؤال حشر الكافر على وجهه بأن القدرة صالحة لذلك، وأنكر العلامة القرافي كون الصراط أدق من الشعر، وأحد من السيف، وسبقه إلى ذلك شيخه العز بن عبد السلام، والحق أن الصراط وردت به الأخبار الصحيحة، وهو محمول على ظاهره بغير تأويل كما ثبت في الصحيحين والمسانيد والسنن والصحاح مما لا يحصى إلا بكلفة من أنه جسر مضروب على متن جهنم يمر عليه جميع الخلائق، وهم في جوازه متفاوتون).

عظة المرور على الصراط:

يقول القرطبي: (تفكر الآن فيما يحل بك من الفزع بفؤادك إذا رأيت الصراط ودقته، ثم وقع بصرك على سواد جهنم من تحته، ثم قرع سمعك شهيق النار وتغيظها، وقد كلفت أن تمشي على الصراط، مع ضعف حالك، واضطراب قلبك، وتزلزل قدمك، وثقل ظهرك بالأوزار المانعة لك من المشي على بساط الأرض فضلاً عن حدة الصراط، فكيف بك إذا وضعت عليه إحدى رجليك، فأحسست بحدته، واضطررت إلى أن ترتفع قدمك الثاني، والخلائق بين يديك يزلون ويعثرون، وتتناولهم زبانية النار بالخطاطيف والكلاليب، وأنت تنظر إليهم كيف ينكسون إلى جهة النار رؤوسهم، وتعلو أرجلهم فيا له من منظر ما أفظعه، ومرتقى ما أصعبه، ومجاز ما أضيقه).

قال الشاعر:


إذا مد الصراط على جحيم ***** تصول على العصاة وتستطيل

فقوم في الجحيم لهم ثبور ***** وقوم في الجنان لهم مقيل

وبان الحق وانكشف المغطى ***** وطال الويل واتصل العويل

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply