القواعد في تحرير مفهوم الشفاعة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 





الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله..أما بعد:-



القاعدة الأولى:- العبادة حق خالص لله وحده لقوله تعالى: { وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبحَانَهُ عَمَّا يُشرِكُونَ }التوبة -37-, وقال تعالى: { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعبُدُونِ } العنكبوت -56-, وقال تعالى: { وَاعبُدُوا اللّهَ وَلاَ تُشرِكُوا بِهِ شَيئاً}النساء -36-, وقال تعالى: { وَمَن يُشرِك بِاللّهِ فَقَدِ افتَرَى إِثماً عَظِيماً}النساء -48-, وقال تعالى: { وَمَن يُشرِك بِاللّهِ فَقَد ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً}النساء - 116-, وقال تعالى: { فَمَن كَانَ يَرجُو لِقَاء رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشرِك بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}الكهف -110-.



القاعدة الثانية:- الملائكة والأنبياء والصالحين لا يستحقون العبودية مع الله لقوله تعالى: { وَيَومَ يَحشُرُهُم جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُم كَانُوا يَعبُدُونَ * قَالُوا سُبحَانَكَ أَنتَ وَلِيٌّنَا مِن دُونِهِم بَل كَانُوا يَعبُدُونَ الجِنَّ أَكثَرُهُم بِهِم مٌّؤمِنُونَ }[ سبأ 40-41 ], وقال تعالى: { وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحمَنُ وَلَداً سُبحَانَهُ بَل عِبَادٌ مٌّكرَمُونَ * لَا يَسبِقُونَهُ بِالقَولِ وَهُم بِأَمرِهِ يَعمَلُون َ* يَعلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِم وَمَا خَلفَهُم وَلَا يَشفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارتَضَى وَهُم مِّن خَشيَتِهِ مُشفِقُونَ * وَمَن يَقُل مِنهُم إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجزِي الظَّالِمِينَ }الأنبياء -26...29-, وقال تعالى: { وَإِذ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابنَ مَريَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَينِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَن أَقُولَ مَا لَيسَ لِي بِحَقٍّ, إِن كُنتُ قُلتُهُ فَقَد عَلِمتَهُ تَعلَمُ مَا فِي نَفسِي وَلاَ أَعلَمُ مَا فِي نَفسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ }[ المائدة 116 ]، وفي حديث عمر مرفوعاً \" لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبدٌ فقولوا: عبدالله ورسوله\" رواه البخاري.



القاعدة الثالثة:- شفاعة الملائكة والأنبياء ليست واجبة النفاذ على الله تعالى لقوله تعالى: { مَن ذَا الَّذِي يَشفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذنِهِ }البقرة -255-, وقال تعالى: { وَكَم مِّن مَّلَكٍ, فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغنِي شَفَاعَتُهُم شَيئاً إِلَّا مِن بَعدِ أَن يَأذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرضَى }النجم -26-, وقال تعالى: { وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَن أَذِنَ لَهُ}سبأ -23-, وقال تعالى: { يَومَئِذٍ, لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَن أَذِنَ لَهُ الرَّحمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَولاً }طه -109-.



القاعدة الرابعة:- ثبوت الشفاعة للملائكة و الأنبياء إجمالاً لا يجعل لهم حظاً في الربوبية لقوله تعالى: { وَإِن يَمسَسكَ اللّهُ بِضُرٍّ, فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمسَسكَ بِخَيرٍ, فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ, قَدُيرٌ }الأنعام -117-, وقال الله - تعالى - لنبيه الكريم: { قُل إِنِّي لَا أَملِكُ لَكُم ضَرّاً وَلَا رَشَداً}الجن -21-, وقال تعالى:{ قُل إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثلُكُم يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُم إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرجُو لِقَاء رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشرِك بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}الكهف -110-, وقال تعالى:{ لَيسَ لَكَ مِنَ الأَمرِ شَيءٌ } آل عمران -128-, وقال تعالى: { وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتنَتَهُ فَلَن تَملِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيئاً}المائدة -41-, وقال تعالى: { إِنَّكَ لَا تَهدِي مَن أَحبَبتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعلَمُ بِالمُهتَدِينَ } القصص -56-, وقال تعالى: { قُل لَّا يَعلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ الغَيبَ إِلَّا اللَّهُ}النمل -65-, و قال تعالى:{ قُل لاَّ أَقُولُ لَكُم عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعلَمُ الغَيبَ وَلا أَقُولُ لَكُم إِنِّي مَلَكٌ إِن أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُل هَل يَستَوِي الأَعمَى وَالبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ }الأنعام -50-، وقال النبي - عليه الصلاة والسلام -: \" يا معشر قريش... اشتروا أَنفسكم.. لا أَغني عنكم من الله شيئاً, يا بني عبد مناف لا أَغني عنكم من الله شيئ, يا عباس بن عبد المطلب لا أَغني عنك من الله شيئاً, يا فاطمة بنت محمد سليني ما شئت من مالي لا أَغني عنك من الله شيئاً \" رواه البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.



القاعدة الخامسة:- ثبوت الشفاعة للملائكة والأنبياء والصالحين إجمالاً لا تسوغ عبادتهم من دون الله لقوله تعالى: { وَلاَ يَأمُرَكُم أَن تَتَّخِذُوا المَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّينَ أَربَاباً أَيَأمُرُكُم بِالكُفرِ بَعدَ إِذ أَنتُم مٌّسلِمُونَ } آل عمران -180-, قال ابن جرير أرباباً أي آلهة يعبدون، وقال تعالى:{ اتَّخَذُوا أَحبَارَهُم وَرُهبَانَهُم أَربَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالمَسِيحَ ابنَ مَريَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبحَانَهُ عَمَّا يُشرِكُونَ } التوبة -31-.



القاعدة السادسة:- ثبوت الشفاعة للأنبياء والصالحين لا يسوغ بناء المساجد على قبورهم ولا شد الرحال إليها لحديث عائشة مرفوعاً: [ لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ] متفق عليه، وروى مسلم من حديث جندب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:\" ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد, ألا فلا تتخذوا القبور المساجد فإني أنهاكم عن ذلك\" وفي حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً:\" لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي \" رواه الشيخان.



القاعدة السابعة: طلب الشفاعة من الموتى مخالف لما قدره الله عليهم من انتفاء سماعهم وانقطاع أعمالهم لقوله تعالى:{ وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور}[ فاطر 22]، وفي مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعاً:\" إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له\".



القاعدة الثامنة: قضى الله - جل وعلا - ألا يقبل الشفاعة إلا في أهل التوحيد لحديث أبي هريرة مرفوعاً:\" أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو من نفسه\". رواه البخاري، وقال أبو موسى الأشعري ومعاذ بن جبل: يا رسول الله ادع الله - عز وجل - أن يجعلنا في شفاعتك!! فقال: أنتم ومن مات لا يشرك بالله شيئاً في شفاعتي\" رواه أحمد بسند صحيح.



القاعدة التاسعة: أخطاء المشركين في الشفاعة:

1- اعتقادهم أنها واجبة النفاذ على الله, فرد الله عليهم بقوله: \" قل لله الشفاعة جميعاً\".

2- اعتقادهم أن من ثبتت له الشفاعة إجمالاً فإنه يكون شريكاً لله في ملكه وتدبيره, فرد الله عليهم بقوله: \" قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون ذرة في السماوات ولا في الأرض ومالهم فيها من شرك وما له منهم من ظهير ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له\" [ سبأ: 22-23].

3- طلبهم الشفاعة بصرف العبادات لغير الله, فرد الله عليهم بقوله: \" ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبؤون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون\"[ يونس: 18]، وقوله تعالى:\" والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه مختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار\" [ الزمر: 3ٍ, ].

4- دعاؤهم ما لا يسمع ولا يبصر ولا يقدر على نفع أو ضر, فرد الله عليهم بقوله:\" واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشوراً\" [ الفرقان: 3]، وقوله تعالى:{ والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم\" [ فاطر: 14-13ٍ,].

5- اعتقادهم أن الشفاعة تنفعهم مطلقاً وإن أشركوا بالله, فرد الله عليهم بقوله: \" فما تنفعهم شفاعة الشافعين\" [ المدثر: 48].

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply