بسم الله الرحمن الرحيم
كان القرآن الكريم ولا يزال.. المعجزة الباقية الخالدة.. كما أراد الله - سبحانه وتعالى - له أن يكون، وها هو في كل عصر تظهر كنوزه ويبدو على العالم منه إعجازه، فهو المتجدد الذي لا تبليه الأيام وهو المعجز الذي لا يظهر عليه أحد من الأنام، قضى الله بحفظه وقيض له من يجمعه في صدره، وتعهده الناس بتلاوته والتعبد به، والغوص في بحوره لاستخراج ما تيسر من درره.
وتحقيقاً لقوله - سبحانه وتعالى -: {سَنُرِيهِم آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِم}( فصلت: 53 ). ولقوله –سبحانه - {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاس} ( النحل: 65 ).
نشير هنا إلى أحد البحوث التي قام بها الدكتور أحمد القاضي في مدينة بنما سيتي بولاية فلوريدا، لبيان تأثير القرآن الكريم على وظائف أعضاء الجسم البشري، وذلك لمعرفة القوة الشفائية للقرآن الكريم، ولمعرفة هل هذا التأثير عضوي أم روحي أم خليط من الإثنين؟.
وفي محاولة منه للإجابة عن هذا السؤال، قام بتلاوة بعض آيات القرآن على بعض الأشخاص منهم المسلم ومنهم غير المسلم، ومنهم الأصم، ومنهم من يتكلم اللغة العربية، ومنهم من لا يعرفها، كما قام أيضاً بتجربة نصوص أخرى غير قرآنية باللغة العربية ومشابهة لفظاً لآيات القرآن الكريم.
ولكي يعرف تأثير القرآن الكريم على هؤلاء الأشخاص قام باستخدام جهاز كمبيوتر صمم لهذه التجارب خصيصاً، وتم توصيل هذين الجهازين إلى أجسام الأشخاص الذين شملهم البحث، حيث تم قياس كل من النبض والضغط ودرجة التعرق، ودرجة الحرارة بالجلد ودرجة التوصيل بالعضلات لديهم.
ولكي لا تكون هناك نتائج غير دقيقة، كأن يكون الهدوء مثلاً بسبب أن المتلقي يعرف مسبقاً أن ما يسمعه هو القرآن، أو أن صوت المتكلم كان جميلاً، أو أن الجلسة التي كان فيها الملتقى كانت مريحة مثلاً، عمل الباحث على أن يكون المتكلم واحداً في جميع الأحوال، وألا يعرف المتلقون إذا كان ما يتلى عليهم قرآناً أم لا، حيث قام أولاً بقياس التغييرات عليهم دون أن يسمعهم أي شيء، ومقارنة ذلك بالنتيجة بعد إسماعهم آيات القرآن الكريم ونصوص عربية أخرى مشابهة.
تغييرات فسيولوجية!
وفي كل هذه المجموعات أثبتت التجارب المبدئية وجود أثر مهدئ للقرآن الكريم في 97% من التجارب، وهذا الأثر ظهر في شكل تغييرات فسيولوجية تدل على انخفاض درجة توتر الجهاز العصبي التلقائي.
ولقد عرضت تفاصيل هذه النتائج المبدئية على المؤتمر السنوي السابع عشر للجمعية الطبية الإسلامية في أمريكا الشمالية، الذي عقد في مدينة ( سانت لويس ) بولاية ( منزوري ) في أغسطس 1984م، ولما كان التأثير المهدئ للقرآن الكريم ربما بسبب سماع الكلمات القرآنية باللغة العربية سواء فهمها المستمع أم لا، أو ربما كان بسبب فهم معنى الآيات أو فهم ترجمة معناها للغة الإنجليزية، فقد حاول الباحث في المرحلة الثانية من بحثه أن يعرف ما إذا كان للكلمات القرآنية في حد ذاتها تأثير فسيولوجي، بغض النظر عماً إذا كانت مفهومة لدى السامع أم غير مفهومة، ولذلك فقد قام بإجراء 210 تجارب على خمسة متطوعين صم (لا يسمعون) وتليت عليهم قراءات قرآنية وقراءات عربية (غير قرآنية) مشابهة للقراءات القرآنية، من حيث الصوت واللفظ والوقع على الأذن، كما جرب عليهم عدم تلاوة أي شيء عليهم، وهم جالسون في هدوء وأعينهم مغمضة لمعرفة أثر الجلسة المريحة عليهم التي ربما تكون السبب في نقص التوتر، وظهر بالنتائج أن 65% من تجارب قراءة القرآن على الصم كانت إيجابية، وأن الجلسات الصامتة التي لم يتلى فيها أي شيء على الصم كانت بدون أي تأثير مهدئ، مما يدل على أن كلمات القرآن الكريم بذاتها _ وبغض النظر عن مفهومها _ لها تأثير فسيولوجي مهدئ للتوتر في الجسم البشري.
هذا ما أثبتته التجارب المحايد عن التأثير المهدئ لآيات وكلمات القرآن الكريم على جسم الإنسان، ويعد هذا تحقيقاً لقول الحق: {سَنُرِيهِم آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِم }( فصلت: 53 ). وقوله – تعالى -:{وفي أنفسكم أفلا تبصرون } ( الذاريات: 21 ) وإن نتائج هذا البحث مع ما قاله الحق - سبحانه وتعالى - في كتابه المنزل منذ 14 قرناً حيث يقول – سبحانه -: {الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد} ( الزمر: 23 ).
ونلاحظ هنا ما لقراء القرآن من أثر على جلد الإنسان وهو ما أثبته البحث.
وقد قال الله – تعالى - في محكم آياته عن بعض فضائل وآثار القرآن العظيم: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين } ( الإسراء: 82 ).
{إنا أنزلناه في ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر، سلام هي حتى مطلع الفجر} ( القدر ). {ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء} (فصلت: 44).
{أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون } (العنكبوت: 51).
{كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً } (الفرقان: 32).
وهناك الكثير من الآيات _ الدالة على ما للقرآن الكريم من أثر طيب مهدئ للنفس وللفؤاد وللأعصاب بلغة العصر، قد لا يتسع المقام لذكرها. والأحاديث النبوية أيضاً
كما أن الأحاديث النبوية فيها الكثير الدال على هذا الأثر الطيب لآيات القرآن الكريم، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما ورد في صحيح مسلم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: \"ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده\". فما أجمله من قرآن معجز، وما أجملها من آيات بينات، وما أقوى دلائل قدرة الله – تعالى - على عظمة هذا القرآن الكريم الذي كان وسيظل معجزة الله الباقية الدائمة كما قال الله – تعالى -: {ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون} ( الزمر: 27).
وكما قال - عز من قائل -: {ولتعلمن نبأه بعد حين} (ص: 88).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد
التعليقات ( 1 )
احسنت
-ياسر فوزى
16:42:47 2021-04-24