بسم الله الرحمن الرحيم
تضمن القرآن الكريم العديد من الحقائق العلمية التي أثبتها العلم الحديث ولا يزال يثبتها يومًا بعد يوم، من ذلك ما جاء في قوله - تعالى -: {وَلَو فَتَحنَا عَلَيهِم بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلٌّوا فِيهِ يَعرُجُون * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَت أَبصَارُنَا بَل نَحنُ قَومٌ مَسحُورُونَ}(الحجر: 14-15).
وقد وردت هاتان الآيتان الكريمتان في سياق الحديث عن عناد ومكابرة كفار قريش لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتكذيبهم لما جاءهم به من البينات والهدى.
وتمثل هاتان الآيتان نموذجًا صارخًا لمكابرة أهل الباطل وعنادهم في مواجهة الحقº إذ إنهم حتى لو فتح الله - تعالى - عليهم بابًا من السماء، وأعانهم على الاستمرار بالعروج فيه بأجسادهم، كي يطَّلعوا ويقفوا على بديع صُنع الله - سبحانه -، وعظيم قدرته في إبداع خلقه..لشكوا في تلك الرؤية المباشرة، ولكذبوا أبصارهم وعقولهم، ولاتهموا أنفسهم بالعجز التام عن الرؤية، ولخُيِّل إليهم أنهم في حالة من السحر!! كل ذلك محاولة منهم لإنكار الحق من فَرَط مكابرتهم وتكبرهم وعنادهم.
ولسنا في مقام تحليل موقف المعاندين والمشركين من قريش ومَن كان على شاكلتهم، بل كل ما نرمي إليه الوقوف على بعض ملامح وجوه الإعجاز العلمي في هاتين الآيتين الكريمتين، وَفقَ ما يسمح لنا المجال.
وأول مَلمَحٍ, إعجازي علمي في الآية، قوله - تعالى -: { بَاباً مِنَ السَّمَاءِ} فقد أثبت العلم بما لا يدع مجالاً للشك أن السماء ليست فراغًا، كما كان يعتقد الناس إلى عهد قريب، بل هي بناء محكم، لا يمكن ولوجه إلا عن طريق باب يُفتح يتم الدخول منه.
وإلى سنوات قريبة، لم يكن في علم أحد من الناس أن السماء - على اتساعها - ليست فراغًا، ولكنها مليئة بالمادة على هيئة رقيقة للغاية، تشكلها غازات مخلخلة، يغلب على تركيبها غازا الإيدروجين والهليوم، وقليل من الأوكسجين والنيتروجين، وبخار الماء، والنيون، مع انتشار هائل للأشعات الكونية بمختلف صورها.
ويعود السبب الرئيس في تصور أن الكون فراغ تام هو التناقص التدريجي لضغط الغلاف الغازي للأرض مع الارتفاع عن سطحها، حتى لا يكاد يُدرك بعد ألف كيلو متر فوق سطح البحر.
وكما سبق القول، فقد أثبت العلم مؤخرًا أن السماء بناء محكم، تملأه المادة والطاقة، ولا يمكن اختراقه إلا عن طريق أبواب تفتح، وهذا ما ذكره القرآن من خلال الآية التي نحن بصدد الحديث عنها وغيرها من الآيات، وفي هذا شهادة على صدق هذا القرآن، وأنه تنـزيل من رب العالمين، وأن كل ما في الكون {صُنعَ اللَّهِ الَّذِي أَتقَنَ كُلَّ شَيءٍ, إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفعَلُونَ}(النمل: 88).
وبعدُ: فلا يخفاك أخي الكريم أن هذه الآية الكريمة اشتملت على ملامح إعجازية علمية غير الذي ذكرنا لك، وسوف نقف عليها تباعًا في مقالات لاحقة. نسأل الله - سبحانه - التوفيق لنا ولك، فهو نعم المولى ونعم النصير، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد