الحديث عن التوحيد


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 





الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر والشكر له وقد تأذن بالزيادة لمن شكر والصلاة والسلام على خير البشر ما اتصلت عين بنظر وما استمعت أذن لخبر، وبعد:

فإن كثيراً من الناس قد يستغرب الحديث عن التوحيد وإفراد الله بالعبادة في وقت تسيل فيه دماء المسلمين وتنتهك فيه حرماتهم وتجتاح فيه أوطانهم مع تخلفهم في العلوم الدنيوية عن ركب الأمم ولا يجد ثمة صلة بين حدوث هذه الكوارث والتخلف التقني وتخلي كثير من المسلمين عن صحيح معتقدهم وبين رفع هذه البلايا والمنافسة في ميدان التطور العلمي الحديث وعودتهم إلى صحيح دينهم و سليم معتقدهم.



أثر المعتقدات الفاسدة في تردي الحال:

إن تردي الحال في أي نطاق أما أن يكون ناشئاً عن عوامل داخلية ملازمة للشخص أو يكون منشئه عوامل خارجة عنه وفي كلا الأمرين للعقيدة أثرها..

1- في العوامل الداخلية يقرر القرآن أثر العقيدة، فيقول الله تعالى حاكياً عن سليمان - عليه السلام - في قصته مع ملكة سبأ: \" وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها من قوم كافرين\" فقرن بين علمه وتقدم حضارته وإسلامه وصحة معتقده وبين تخلفها عنه علماً وحضارة وكفرها وفساد معتقدها.

2- وفي العوامل الخارجية لتردي الحال فنأخذ على سبيل المثال قوله تعالى \" وَمَا ظَلَمنَاهُم وَلَكِن ظَلَمُوا أَنفُسَهُم فَمَا أَغنَت عَنهُم آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مِن شَيءٍ, لَمَّا جَاءَ أَمرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُم غَيرَ تَتبِيبٍ,\" (هود: 101) قال الشوكاني في (فتح القدير): \"تتبيب: الهلاك والخسرانº أي ما زدتهم الأصنام التي يعبدونها إلا هلاكا وخسرانا وقد كانوا يعتقدون أنها تعينهم على تحصيل المنافع\".

فانظر رعاك الله كيف كان فساد المعتقد بلاءً على أهله جالباً لهلاكهم، وزوال حضارتهم.



صحة المعتقد السبب الرئيس في رقي الأمم:

السؤال المنطقي الذي يفرض نفسه عندما تسمع من يعترض على دعوتك للعقيدة زاعماً وجود قضايا أهم وأن ما تدعو إليه لون خطاب من القرون الأولى السؤل متى كانت الأمة أكثر تقدماً ورقياً وحضارة وعزة؟ أفي هذا الزمان الذي نعيش فيه، أم في ذلك الوقت الذي يخاف البعض الرجوع إليه؟

ومن الأدلة الملموسة على أن فساد المعتقد سبب مباشر في تردي حال الأمم وتخلفها علمياً وحضارياً ما فعلت الكنيسة في أوربا من حرب علي العلم الحديث الأمر الذي أفرز في نهاية المطاف تطرفاً خطيراً، وهو ما عرف بالعلمانية.

فأين تلك الحرب الكنسية علي العلم من تشجيع علماء المسلمين للعلوم الحديثة، وبيانهم أنها لاتتعارض مع العلم الشرعي، ولي هنا أن أستشهد بقول ابن ا لجوزي - رحمه الله - في (صيد الخاطر: \"فلو كان يتصور للآدمي صعود السماوات لرأيت من أقبح النقائص رضاه بالأرض، ولو كانت النبوة تحصل بالاجتهاد رأيت المقصر في تحصيلها في حضيض، غير أنه إذا لم يمكن ذلك فينبغي أن يطلب الممكن\".

فهل يدرك أولئك المتسائلون أن التوحيد سبب رئيس في الرقي بالأمة في سلم الحضارة، والعود بها إلى سابق عهد القيادة؟

وهل ترتفع الأمم بغير عقائد وأهداف ومبادئ؟!!

أسأل الله أن يصلح حال المسلمين عقيدة وعملاً دنياً وآخرة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply