أخطاء في العقيدة


بسم الله الرحمن الرحيم

 


من عبد العزيز بن عبدالله بن باز إلى من يراه من المسلمين وفقهم الله لما فيه رضاه وزادهم من العلم والإيمان آمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد ..

بلغني أنّ كثيرا من الناس يقع في أخطاء كثيرة في العقيدة، وأشياء يظنونها سنة وهي بدعة، ومن ذلك



إنكار علو الله واستوائه على عرشه:

ومعلوم أن الله - سبحانه - بين لك في كتابه الكريم حيث قال - سبحانه وتعالى -: { إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش } [ الأعراف : 54 ] الآية، ذكر ذلك في سبع آيات من كتابه العظيم منها هذه الآية، ولما سئل مالك -رحمه الله- عن ذلك قال: ( الاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب )، وهكذا قال غيره من أئمة السلف.

ومعنى الاستواء معلوم، يعني: من جهة اللغة العربية: وهو العلو والارتفاع، وقال – سبحانه -: { فالحكم لله العلي الكبير } [غافر:12]، وقال - سبحانه -: { ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم } [ البقرة : 255 ] ، وقال - عز وجل -: { إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } [فاطر:10]، في آيات كثيرة كلها تدل على: علوه وفوقيته، وأنه - سبحانه - فوق العرش فوق جميع الخلق، وهذا قول أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي وغيرهم.

فالواجب اعتقاد ذلك، والتواصي به، وتحذير الناس من خلافه.



اتخاذ المساجد على القبور والصلاة عندها وجعل القباب عليها:

وهذا كله من وسائل الشرك، وقد لعن النبي اليهود والنصارى على ذلك، وحذر منه فقال: « لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » [متفق على صحته]، وقال: « ألا وإنّ من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك » [خرجه مسلم في صحيحه من حديث جندب]، وخرج مسلم في صحيحه أيضا عن جابر بن عبدالله الأنصاري - رضي الله عنهما - قال: « نهى رسول الله أن يجصص القبر, وأن يقعد عليه, وأن يبنى عليه ». والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

فالواجب على المسلمين الحذر من ذلك، والتواصي بتركه، لتحذير النبي من ذلك، لأن ذلك من وسائل الشرك بأصحاب القبور ودعائهم والاستغاثة بهم وطلبهم النصر.. إلى غير ذلك من أنواع الشرك.

ومعلوم أن الشرك هو من أعظم الذنوب وأكبرها وأخطرها، فالواجب: الحذر منه، ومن وسائله وذرائعه ..

وقد حذر الله عباده من ذلك في آيات كثيرات: منها قوله - تعالى -: { إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } [ النساء : 48 ]، ومنها قوله - سبحانه -: { ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكوننّ من الخاسرين } [ الزمر : 65 ] ، ومنها قوله - عز وجل -: { ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون } [ الأنعام : 88 ] ، والآيات في هذا المعنى كثيرة.



دعاء الأموات والغائبين:

ومن أنواع الشرك الأكبر دعاء الأموات, والغائبين, والجن, والأصنام, والأشجار, والنجوم، والاستغاثة بهم، وسؤالهم شفاء المرضى, والنصر على الأعداء وهذا هو دين المشركين الأولين من كفار قريش وغيرهم، كما قال - سبحانه وتعالى - عنهم: { ويعبدون من دون الله ما لا يضرّهم ولا ينفعهم ويقولون هـؤلاء شفعاؤنا عند الله } [ يونس : 18] الآية، وقال - سبحانه -: { فاعبد الله مخلصا له الدين، ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إنّ الله لا يهدي من هو كاذب كفار } [ الزمر : 3-2 ]

والآيات في هذا المعنى كثيرة وهي تدل على أن المشركين الأولين يعلمون أن الله هو الخالق الرازق النافع الضار، وإنّما عبدوا آلهتهم، ليشفعوا لهم عند الله، ويقربوهم لديه زلفى، فكفرهم - سبحانه - بذلك، وحكم بكفرهم وشركهم، وأمر نبيه بقتالهم حتى تكون العبادة لله وحده ، كما قال - سبحانه -: { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله } [ الأنفال : 39 ] الآية.

وقد كتب العلماء في ذلك كتبا كثيرة، وأوضحوا فيها حقيقة الإسلام الذي بعث الله به رسله, وأنزل به كتبه، وبينوا فيها دين الجاهلية وعقائدهم وأعمالهم المخالفةº لشرع الله، كعبد الله بن الإمام أحمد، والإمام الكبير: محمد بن خزيمة في (كتاب التوحيد) ومحمد بن وضاح، وغيرهم من الأئمة.

ومن أحسن ما كتب في ذلك ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في كتبه الكثيرة، ومن أخصرها كتابه (القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة) ومن ذلك ما كتبه الشيخ: عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمهم الله - في كتابه (فتح المجيد شرح التوحيد).



الحلف بغير الله:

ومن الأعمال المنكرة الشركية: الحلف بغير الله كالحلف بالنبي، أو بغيره من الناس، والحلف بالأمانة، وكل ذلك من المنكرات, ومن المحرمات الشركية، لقول النبي: « من حلف بشيء دون الله فقد أشرك » [خرجه الإمام أحمد - رحمه الله - عن عمر بن الخطاب بإسناد صحيح]، وخرج أبو داود والترمذي بإسناد صحيح عن عبدالله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -..

عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: « من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك »، وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: « من حلف بالأمانة فليس منا » ، والأحاديث في ذلك كثيرة.

والحلف بغير الله من الشرك الأصغر عند أهل العلم، فالواجب: الحذر منه، وهو وسيلة إلى الشرك الأكبر، وهكذا قول: ما شاء الله وشاء فلان، ولولا الله وفلان، وهذا من الله ومن فلان، والواجب أن يقال: ما شاء الله، ثم شاء فلان، أو لولا الله ثم فلان، أو هذا من الله، ثم من فلان º لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: « لا تقولوا : ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله، ثم شاء فلان » .



تعليق التمائم والحروز:

ومن المحرمات الشركية التي قد وقع فيها كثير من الناس: تعليق التمائم والحروز من العظام, أو الودع, أو غير ذلك

وتسمى: التمائم، وقد قال: « من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له، ومن تعلق تميمة فقد أشرك »، وقال: « إن الرقى والتمائم والتولة شرك »، وهذه الأحاديث تعم الحروز والتمائم من القرآن وغيرهº لأن الرسول لم يستثن شيئاً، ولأن تعليق التمائم من القران وسيلة إلى تعليق غيرها، فوجب منع الجميع سداً لذرائع الشرك، وتحقيقا للتوحيد، وعملا بعموم الأحاديث، إلا الرقى فإن الرسول استثنى منها ما ليس فيه شرك، فقال: « لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا » ، وقد رقى بعض أصحابه، فالرقى لا بأس بها، فهي من الأسباب الشرعية إذا كانت من القرآن الكريم، أو مما صحت به السنة، أو من الكلمات الواضحة التي ليس بها شرك ولا لفظ منكر.



الاحتفال بالموالد:

ومن المنكرات المبتدعة: الاحتفال بالموالد سواء كان ذلك بمولد النبي أو غيرهº لأن الرسول لم يفعله، ولا خلفاؤه الراشدين، ولا بقية الصحابة - رضي الله عنهم -، ولا أتباعهم بإحسان في القرون الثلاثة المفضلة، وإنما حدث في القرن الرابع وما بعدهº بسبب الفاطميين وغيرهم من الشيعة، ثم فعله بعض أهل السنةº جهلا بالأحكام الشرعية، وتقليدا لمن فعله من أهل البدع، فالواجب الحذر من ذلك لكونه من البدع المنكرة الداخلة في قوله.. « إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة »

وقوله: « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد » [متفق على صحته من حديث عائشة - رضي الله عنها -]

وقوله: « من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد » [خرجه مسلم في صحيحه]

وقوله في خطبه: « أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة » [خرجه مسلم في صحيحه]، عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما -. والأحاديث في هذا الباب كثيرة.

والله المسؤول أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين لما فيه رضاه وأن يمنحنا جميعا الفقه في دينه والثبات عليه، وأن يعيذنا وجميع المسلمين من مضلات الفتن ونزغات الشيطان، إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply