كم إلها تعبد؟


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 



في أول الإسلام حاول الكفار صد النبي - صلى الله عليه وسلم - عن دينه فأرسلوا حصين بن المنذر.. فلما دخل حصين.. قال: يا محمد.. فرقت جماعتنا.. وشتت شملنا.. فإن أردت مالا أعطيناك.. أو ملكا ملكناك.. فلما سكت.. قال - صلى الله عليه وسلم -: يا أبا عمران.. كم إلها تعبد؟.. قال: أعبد سبعة! ستة في الأرض.. وواحد في السماء!! فقال - صلى الله عليه وسلم -: فإذا هلك المال من تدعو؟!.. قال: أدعو الذي في السماء.. قال: فإذا انقطع المطر من تدعو؟!.. قال: الذي في السماء.. قال: فيستجيب لك وحده..أم يستجيبون لك كلهم.. قال: يستجيب وحده.. فقال - صلى الله عليه وسلم -: يستجيب لك وحده.. وتشركهم في الشكر!. أم تخاف أن يغلبوه عليك؟.. قال: لا.. ما يقدرون عليه.. فقال - صلى الله عليه وسلم -: يا حصين أسلم.. (أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -).

نعم كانوا يعبدون تماثيل صورت لقوم صالحين.. ويعتبرونها وسائل تقربهم إلى الله.. ويتعبدون لها بذبح ودعاء وطواف وبكاء.. لتشفع لهم عند الله ويقولون: (ما نعبدهم إلاّ ليقربونا إلى الله زلفى) فسماهم الله مشركين.. مع اعتقادهم أن الله هو الخالق الرزاق.. فما الفرق بينهم وبين من يتقرب اليوم إلى ميت في قبره ويرجوه أن يشفع له عند الله؟!.. ما الفرق بين من يتقرب لصورة فوق الأرض.. ومن يتقرب لصورة تحت الأرض؟!

سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا معاذ: أتدري ماحق الله على العباد.. وماحق العباد على الله؟.. قال: الله ورسوله أعلم.. فقال:حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا..وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا.. وسئل النبي - صلى الله عليه وسلم -:أي ذنب عند الله أعظم؟.. فقال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك.. فالشرك أعظم الذنوب ولا يغفره الله أبدا.. والجنة حرام على المشركين..وهم مخلدون في النار..(إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار).. ومن أشرك.. فسدت كل عباداته من صلاة وصوم وجهاد وصدقة..(لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين)..وكذلك تحرم الصلاة عند القبور وفي المساجد المبنية عليها..ويحرم التقرب إلى الله بقراءة القرآن عند القبور أو استئجارمن يقرأ.. إنما يدعو للميت فقط.. وكذلك يحرم التوسل بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم -فلا يقول: اللهم إنّي أسألك بجاه نبيك ولا بحق فلان..أما التوسل الجائز فالتوسل بأسماء الله وصفاته فيقول: يا رحيم ارحمني..والتوسل بالإيمان والأعمال الصالحة فيقول: اللهم بإيماني وصلاتي اغفر لي.. والتوسل بدعاء الصالحين الأحياء فيطلب منهم أن يدعو له فدعاء المسلم لأخيه مستجاب.. أما طلب الدعاء من ميت فحرام.. وكذلك الذكر الجماعي بصوت واحد كما يفعل البعض في الأعياد وغيرها بدعة!..

والشرك له صور متعددة منها:

دعاء الموتى المقبورين.. أو الذبح والنذر للقبور والجن والأولياء.. والخوف منهم أن يضروه أو يمرضوه.. فالقبور تزار للاتعاظ والدعاء للأموات.. قال صلى الله عليه وسلم: زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة.. أما دعاء أهلها والذبح لهم والتبرك بهم فشرك.. سواء كان المقبور نبيا أو وليا.. كما يفعل الجهال عند قبر الحسين من دعائه والاستغاثة به..أو البدوي أو الجيلاني.. فكلهم بشر.. لا يضرون ولا ينفعون.

وكيف تستعين بالمقبورين وهم جثث هامدة.. لا يستطيعون أن يغيرو أحوالهم.. فتطلب منهم تغيير حالك؟!.. فأقول للذين يدعون الأموات: أمواتكم هؤلاء.. الذين تبكون علي عتباتهم.. وترجون شفاعاتهم.. (هل يسمعونكم إذ تدعون* أو ينفعونكم أو يضرون).. لا والله لا يسمعون..ولا ينفعون..واليوم تنتشر الأضرحة والقبور المبني عليها.. ويتقربون لها بالنذور.. وبعضهم يطوف يطوف بها ويطلب الحاجات.. ففي القاهرة: ضريح السيد الحسين..والسيدة زينب وعائشة وسكينة ونفيسة..وضريح الشافعي..والدسوقي بدسوق.. والشاذلي..أما ضريح البدوي فيزدحم أحيانا كالحج.. وجلال الدين الرومي.. كتب على قبره: صالح للأديان الثلاث..المسلمين واليهود والنصارى!!.. وفي دمشق ضريح لرأس يحيى - صلى الله عليه وسلم -بالمسجد الأموي.. وبجانبه قبر صلاح الدين.. وعماد الدين الزنكي. وفي تركيا 481 جامعا أكثرها بها قبور.. أشهرها المبني على القبر لأبي أيوب في القسطنطينية.. وفي بغداد 150 جامعا أكثرها بها قبور.. وبالموصل 76 ضريحا داخل الجوامع.. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) ونهى أن (يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه أو أن يكتب عليه).. ولعن المتخذين عليها (أي على القبور) المساجد والسرج.. ولم يكن الصحابة والتابعون يبنون المساجد على القبور أبدا.. والعجب أن الناس مفتونون بها.. مع أن أكثرها أضرحة مكذوبة.. فالحسين له قبر بالقاهرة يتقربون إليه.. وفي عسقلان قبر له أيضا.. وفي المدينة النبوية قبر!.. وفي جبل الجوشن بحلب ضريح لرأس الحسين!.. وفي دمشق والحنانة بالعراق وكربلاء والنجف(بجوار القبر المنسوب لأبيه) أضرحة للحسين أو رأسه!

وضريح علي - رضي الله عنه - بالنجف بالعراق مكذوب، فإنه دفن بقصر الإمارة بالكوفة!.. وبالبصرة قبر لعبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -رغم أنه مات بالمدينة ودفن بالبقيع.. أما زينب بنت علي فماتت بالمدينة ودفنت بالبقيع.. ولها قبر منسوب إليها أقامه الشيعة بدمشق.. ولها ضريح في القاهرة.. وهي لم تدخل مصر أصلا!

وبالشام قبر لأم كلثوم ورقية بنتي النبي - صلى الله عليه وسلم -وهما زوجتا عثمان وماتتا بالمدينة في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ودفنتا في البقيع.. وبالشام قبر لهود - صلى الله عليه وسلم -بجامع دمشق.. وهود لم يدخل الشام.. وله قبر منسوب إليه في حضرموت!.. وفي حضرموت قبر يزعمون أنه لصالح - صلى الله عليه وسلم -، رغم أنه مات بالحجاز.. وله أيضا قبر في يافا بفلسطين!

أقوال المتعلقين بالمقبورين:

هل كان الصحابة يرفعون قبرا.. أو يدعون بشرا؟ وهل وقفوا عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -يدعون أو يستشفعون؟ وهل قبور الرفاعي والدسوقي والجيلاني والبدوي أكرم وأعظم وسيلة من قبور الأنبياء؟ وأنظر للصحابة في عهد عمر في المدينة النبوية.. لما انقطع المطر.. خرجوا لصلاة الاستسقاء.. فدعا عمر قائلا: اللهم إنّا كنّا إذا أجدبنا توسلنا بدعاء نبينا فأسقيتنا.. وإنّا نتوسل إليك بدعاء عم نبينا.. ثم قال: قم يا عباس فادع الله أن يسقينا..فقام العباس ودعا.. وأمنّوا على دعائه فأمطروا.. فهم لما احتاجوا ما ذهبوا لقبر نبيهم ولا قالوا: يا رسول الله!!.. اشفع لنا عند الله.. كلا.. فهم يعلمون أن دعاء الميت لا يجوز وإن كان نبيا.. وإنما طلبوا الحاجات مباشرة من رب السماوات والأرض.

فآهـ ثم آهـ.. لمساكين يقفون عند رفات.. يلتمسون منه الرحمات.. وكون هؤلاء المقبورين لهم عند الله جاه لا يعني أن تطلب منهم الشفاعة.. وإن كان الله أعطى الأنبياء والأولياء الشفاعة لكنه نهانا عن سؤالهم ودعائهم.. وكذلك الحلف بهم أو بالكعبة.. أو بالأمانة.. والشرف..وحياة فلان.. وجاه النبي..لا يجوز، فالحلف تعظيم لا يصلح إلاّ لله.. قال - صلى الله عليه وسلم-: (من حلف بغير الله فقد أشرك).. ومن حلف بغير الله ناسيا.. فليقل لا إله إلاّ الله.

ومن وسائل الشرك: تعليق التمائم والحجب لدفع المرض أو الجن..وتعليق التمائم حرام سواء كتبت بقرآن أو غيره (كأسماء الجن ورموز السحرة)، رأى حذيفة رجلا علق في يده حلقة من صفر(حديد) فسأله عنها؟.. فقال: من الواهنة(المرض)، فقال: انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا..لو متّ وهي عليك ما أفلحت أبدا.

والرقي التي تقرأ على المريض.. جائزة من القرآن والسنة.. أما ترديد أسماء الجن والصالحين.. فدعاء لغير الله وهو شرك.

وادعاء علم الغيب..(قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلاّ الله).. فمن ادعى الغيب بقراءة كف وفنجان ونجوم فكاذب كافر وإخبار المشعوذ بغائبات وأمراض.. استعانة بالشياطين..ومن أخبر بالغيب أو صدقّ من يدعيه فهو ضال.. وقراءة أبراج الحظ في المجلات والاتصال بالكهان وسؤالهم حرام،، قال - صلى الله عليه وسلم -: (من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما انزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -).

والسحر والكهانة والعرافة..(ولا يفلح الساحر حيث أتى).. وقال - صلى الله عليه وسلم -: (اجتنبوا السبع الموبقات: الإشراك بالله والسحر..) وقد تساهل الناس بالسحرة وأقاموا لهم الحفلات.. دخل أبو ذر على الخليفة فرأى ساحرا يخيل للناس أنه يقطع رأس رجل ثم يعيده! فأقبل أبو ذر بسيفه إلى الساحر فقطع رأسه.. ثم صاح به: أحيي نفسك! ثم قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم -يقول: حد الساحر ضربة بالسيف.

أما الاحتفال بمولد النبي - صلى الله عليه وسلم -أو الأولياء... فبدعة لم يفعلها النبي - صلى الله عليه وسلم -.. ولا الصحابة - رضي الله عنهم -.. قال - صلى الله عليه وسلم -: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) أي مردود عليه وكل محدثة بدعة.. وقد يقع في المولد اختلاط ومعازف.. أو شرك بدعاء النبي الرسول - صلى الله عليه وسلم -.. وطلبه المدد والاحتفال بالمولد تشبه بالنصارى في أعيادهم.. والعجب، أن بعضهم يحضر الموالد ويتخلف عن الجمع والجماعات.. فإن قلت: المولد نذكر فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم -.. ونقرأ سيرته.. قلت: اذكر سيرته على المنابر وفي المجالس العامة.. من غير تحديد موعد محدد كل سنة.. (ولي ملاحظة على قول الشيخ هنا حول ذكر سيرته على المنابر فهذا غير متوفر في الوقت الحالي وممنوع الاّ من هو مسموح له ذلك)

ومن البدع الاحتفال بليلة 27 من رمضان فهدي الرسول - صلى الله عليه وسلم -في ليالي رمضان التعبد دون احتفال.. ولا يجوز الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج..ولم يثبت تعيينها أصلا في حديث صحيح.. لا في رجب ولا في غيره.. والاحتفال بليلة النصف من شعبان وتخصيص يومها بالصيام.. من البدع أيضا..

وختاما.. يا من يدعو قبرا أو ميتا.. أو يحلف ويذبح لغير الله.. اسأل نفسك: كم إلها تعبد؟!.. فالله فرد صمد لا يرضى أن يشرك معه أحد.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply