تحطيم الأصنام أمر إلهي وسنة نبوية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 





ما تناقلته الأخبار من أن حكومة أفغانستان تقوم بتحطيم الأصنام وطمسها، أمر يجب أن يَسعَد ويفرح به كل مسلم في جنبات الأرض كلها، وذلك أنه موافق للأمر الإلهي، وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وخلفائه الراشدين.

فقد أنزل الله - سبحانه - دينه، وأرسل رسله ليعبد وحده لا شريك له، وعندما وقع الشرك لأول مرة في الأرض قبل نوح - عليه السلام - وعبدت الأصنام من دون الله وكانت تماثيل لرجال صالحين \"وَد وسواع ويغوث ويعوق ونسر\" أرسل الله رسوله نوحاً من أجل الزجر عن هذه الأصنام، وعباده الله وحده لا شريك له.

وقد أخبرنا - سبحانه - أن قومه لم يطيعوه في ذلك قال - تعالى -: {وقالوا لا تذرن آلهتكم، ولا تذرن ودًا ولا سواعاً، ولا يغوث ويعوق ونسراً} وأن قومه أصَروا على الكفر والشرك حتى أغرقهم الله هم وأصنامهم.

ثم لما وقع الشرك مرة أخرى في الأرض وعُبدت الأصنام أرسل الله عبده ورسوله إبراهيم - عليه السلام -، وقد حذر إبراهيم منها بلسانه في أول الأمر، ثم حطمها بفأسه ثانياً: وقـال لقومه: {و تالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين فجعلهم جذاذاً إلا كبيراً لهم لعلهم إليه يرجعون} الآيات. وقد أثنى الله على إبراهيم وعلى فعله الذي فعل بأصنام قومه وتماثيلهم، مع أنه تعرض بعد ذلك لغضب قومه، بل إنهم قد أجمعوا على حرقه بالنار {قالوا اقتلوه أو حرقوه} {قالوا: حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين} وقد أنجاه الله منهم، ونصره عليهم.

وأعظم الرسل جاء بهدم الأصنام وكل صور الشرك هو نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي أنجى الله به البشرية عامتها من عبادة الصور والأصنام، ورحم الله ببعثته العرب على وجه الخصوص فخلصهم الله من عبادة الصور والأصنام التي أطبق عليها العرب أشرافهم وضعفاؤهم، فقد كان لكل قبيلة صنمهم الخاص بهم، وكان لقريش سيدة العرب، وسادنة الكعبة وحماة البيت الحرام صنمهم المعظم والمبجل والمدلل \"هُبل\" الذي لم يجدوا له مكاناً أشرف من جوف الكعبة فوضعوه فيها مع تماثيل أخرى لأبيهم إبراهيم، وأبيهم إسماعيل الذين صوروا لهما تماثيل وهما يستقسمان بالأزلام!! ووضعوا هذه الأصنام المعظمة المبجلة في جوف الكعبة!!.

وأما أصنام العرب الآخرين فقد كانت توضع على سطح الكعبة، ولما دخل النبي مكة عام الفتح كان فوق الكعبة ثلاثمائة وستون صنماً!. عدَا ما كان على الصفا والمروة، فقد كان على الصفا \"أساف\" وعلى المروة \"نائلة\" ولم يكن ثمة قرية إلا وللعرب فيها صنم معظم يزار ويذبح ويسجد له، فقد كان للأوس والخزرج \"مناه\" بساحل البحر، ولثقيف \"العزى\" بالطائف، (اللات) كذلك، ولقبيلة دوس (ذا الخلصة)..هذا عدا أصنام المنازل والبيوت فلم يكن يخلو بيت للعربي الجاهلي إلا وفيه صنم يُعبَد، من الأحجار والخشب أو التمر أحياناً فإذا جاع أكله!!.

ولما جاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالهدى والنور من ربه وبعبادة الله وحده، وترك ما يعبد من دون الله أمر بهدم هذا كله، فكان من أسلم في أول الأمر كره هذه الأصنام ونبذها ثم لما قَدَرَ المسلمون عليها بعد فتح مكة أنزلت الأصنام من فوق الكعبة، وحطمت تحت أقدام المسلمين وكان رسول الله أول من فعل ذلك فكان يضرب الصنم برمحه وهو يطوف بالبيت ويقرأ قول الله - تعالى -{وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً}.ثم دخل الكعبة فأمر بإخراج الأصنام من جوفها وتحطيمها، ولما رأي الصنم المصنوع لإبراهيم وإسماعيل وهما علي صورة من يَستَقسِم بالأزلام: قال - صلى الله عليه وسلم - [تالله ما استقسما بهما قط] بل وأمر بغسل جدران الكعبة من داخلها من الصور التي رسمت بالألوان لإبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام -.

ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسل فرسانه وجيوشه إلي ضواحي الجزيرة لهدم أصنام العرب فأرسل خالد بن الوليد - رضي الله عنه - فحرق (العُزي) أعظم أصنام العرب، وكانت صنماً عاماً ليس لثقيف وحدهم بل للعرب كلهم وقد كانوا يقولون (من عبد العزى اعتز).. ومن أجل ذلك نادي أبو سفيان يوم أحد (لنا العزى ولا عزي لكم!!) علماً بأن أبا سفيان قُرشي ولكن لأن العزى قد كان صنم العرب كلهم الذي يعتزون به ويشدون الرحال إليه، والشاهد أن خالد رضى الله عنه ذهب إليه مع مجموعة من فرسان النبي ولم يرجع حتى أشعل النار فيه.. وتركه محرقاً كالبعير الأجرب.. وكذلك أرسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - جرير بن عبد الله البجلي إلي هدم (ذي الخلصة) وكان صنماً خاصاً بقبيله دوس.. فقال جرير للنبي ولكنني رجل لا أثبت علي الخيل، فادع الله لي. فدعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - فذهب وأشعل فيها النار!!

وطهر الله الجزيرة العربية بأسرها من رجس الأوثان وعاد العرب جميعهم إلى التوحيد، ولولا ذلك لكان لكل منا اليوم في بيته صنم يعبده، فالحمد الله على هدايته..

وقد سار خلفاء الرسول صله الله عليه وسلم الراشدون بعده على سيرته فلم يتركوا في أرض الإسلام التي فتحوها قبراً مشرفاً ولا تمثالاً منصوبا، وهذا على بن أبى طالب يقول لأحد قواده وهو أبو الهياج الأسدي: \"ألا أبعثك على ما بعثنى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ألا تدع قبراً مشرفاً إلا سويته ولا تمثالاً إلا طمسته\" (رواه الإمام مسلم)..

بل إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهي عن تصوير الصور والتماثيل ولو كانت لشيء لا يعبد حماية منه صلى الله علية وسلم لجانب التوحيد، وزجراً عن مضاهاة خلق الله - سبحانه وتعالى - كما جاء في قوله - صلى الله عليه وسلم - [أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون] وقال - صلى الله عليه وسلم -: \"من صور صورة أمر يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ\".

ولنا بحث مستفيض فيما يحرم من الصورة وما يجوز فراجعه إن شئت (أحكام التصوير في الشريعة الإسلامية).

والمهم البيان هنا أن ما قامت به حكومة أفغانستان نحو التماثيل والصور التي يعبدها المشركون الجاهلون هو مما يوافق الحق، وما أمرنا الله به ورسول.. ولا عبرة بمناشدات الجاهلية سواءاً كانت هيئة رسمية كالأمم المتحدة أو كانوا أفراداً من الجهال أو المشركين الذين يظنون أن هذا التراث الجاهلي الوثني يجب حفظه واحترامه، فإن هذا التراث نجس لا يجوز الاحتفاظ به، ولا احترامه ولا تقديسه، ومن فعل ذلك فهو جاهل مشرك.

ومهما كانت الصورة والتمثال فإنه لا يجوز تعظيمهما ولا احترامها، ولو كانت للملائكة، أو الرسل كعيسى - عليه السلام - أو غيرة من الأنبياء، أو الصالحين، أو الملوك والرؤساء والزعماء.. فلا يجوز اقتناء صوره للملائكة أو النبي أو الصحابة أو غيرهم مما هم دونهم، فمن عظم شيئا من ذلك أو عبده فهو كافر مشرك، ومن احتفظ به مجرد احتفاظ كان مرتكبا لإثم ومن صورة كان مرتكبا لكبيرة عظمي، ولا يجوز بيع الأصنام ولا شراؤها، ولا قبولها تملكا بأي صورة من الصور فقد نهى رسول الله عن ثمن الصورة وعن بيع الأصنام، ومن دعا إلى احترام ذلك والحفاظ عليه فهو جاهل بالدين والشريعة التي أرسل بها خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه..

ومن أجل ذلك كله نؤيد ونحب ما قامت به حكومة أفغانستان ونطالب حكومات المسلمين جميعاً أن يحذوا حذوهم بتحطيم الصور والأصنام لأي من كان وألا تأخذهم في ذلك لومه لائم.

ولا عبره لما يقوله بعض الجهال من أن سليمان - عليه السلام - كان الجن يصنعون له التماثيل كما قال تعالي {يصنعون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات} الآية، فإن هذا من شرع من قبلنا، وهو منسوخ بشرعنا شرع النبي الخاتم - صلى الله عليه وسلم -.. وأيضا فإن تماثيل سليمان لم تكن آلهة تعبد، وإنما كانت مجرد صور للزينة، وقد جاء شرعنا بالنهى أن تٌتخذ الصور للزينة!!

ولا عبرة كذلك بما يقال إن المسلمين قد تركوا أصنام وتماثيل الكفار.. وهذا تدليس وكذب فإن العهود التي أبرمها المسلمون مع النصارى وهم من عباد الأصنام فقد صنعوا التماثيل للمسيح والعذراء والحواريين ومن يسمونهم بالرسل وعبدوها.. بل عبدوا الصليب الذي هو أعظم أصنامهم بل هم الصنم الأعظم الذي لا يتركون شيئاً إلا وطبعوه عليه زينةً، وعلامة تجارية!! وزخرفاً وحٌليا ونصباً على الجدران والأبنية.. الخ

أقول هذه العهود التي أبرمها المسلمون مع النصارى كانت تقتضي ألا يظهروا شيئاً من ذلك وأن يبقي في كنائسهم فقط، ومن أجل ذلك امتنع عمر رضى الله عنه أن يصلى في كنيسة بيت المقدس عندما دعاه الحبر الأعظم للنصارى أن يصلى في الكنيسة، قال له: (إنا لا نصلى في كنائسكم من أجل الصور التي فيها)!!!

وقد أزال المسلمون من بلاد الشام والعراق، ومصر التي فتحوها كل الأصنام المنصوبة، وما بقى إلي اليوم إنما كان مدفوناً لم يطلع عليه ولم يره المسلمون الفاتحون، ولو كان شيء من ذلك مشرفاً ظاهراً لما تردد أولئك السلف الصالح في هدمه وإزالته.

وسيأتي اليوم الذي يطهر الله فيه الأرض من كل هذا الغثاء والبلاء، ويعلو دين الله ويعبد الله وحده في الأرض كلها.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply