متى ننتصر على عدونا ؟!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 





سؤال كبير ينكأ في جرح خطير...

فالواقع المخزي والوضع المردي الذي تعيشه أمتنا المسلمة في زماننا هذا يؤلم كلَّ غيور، ويحزن كل صادق، ويؤرق كل مؤمن..

ويأتي سؤال كبير، بحجم المأساة، وطول الألم، ووزن الحزنº متى ننتصر؟!

أقول: إن أعظم ما نستجلب به النصر على العدو، والتمكين في الأرضº أن نؤمن بالله إيماناً صادقاً يخالط بشاشة القلوب، إيمانٌ لا يخالطه شكٌّ أو يمازجه شرك.

قال الله - تعالى -: [وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا.... ]

هذا هو طريق النصر.. تحقيق التوحيد لربِّ العبيد، وإخلاص العبادة لله - تعالى -، وتنقية الإيمان من كل ما يقدح فيه أو يسلبه ويحبطه وينقضه...

قال - تعالى -لأعمق الناس إيماناً وأخلص الناس توحيداً: [ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين. بل الله فاعبد وكن من الشاكرين]

والناظر بعين البصر والبصيرة بين جنبات الأمة المسلمة وفي ديارها يجد أن الشرك الأكبر والأصغر يضربان بأطنابهما في أكثر البلاد الإسلامية، فكيف ننتصر على عدونا و (بعضنا!!) يعص الله كعدوه بأكبر ذنب وأعظم جرم؟!

فمشاهد الطواف بالقبور، والتمسح بأركانها، والتعلق بأستارها، والتبرك بتربتها، والدعاء لأصحابها، والتوسل بأجداثها، والبكاء عند عتباتها، والنذور على جنباتها، والحلف بأمواتها لا يكاد يخلو منها بلد مسلم!

فأي شرك أعظم من هذا؟! وهل هؤلاء مسلمون حقاً مؤمنون صدقاً؟!!

ملايين (المسلمين!) يجتمعون كالحج أو أكثر عند قبر السيد (!!) أو الولي (!!) أو القطب (!!) أو الوتد (!!) ويمتطون له ظهور المراكب، ويفيئون إليه في كل عام على كلِّ ضامر أو طائر أو سائر، ويفعلون عند قبره من الشرك الأكبر والأصغر والبدع والمحدثات والكبائر والفواحش والرقص والخلاعة ما يستحي منه الشيطان الذي أملى لهم واستدرجهم بجهلهم إلى هذا الدرك المهين والشرك المبين!

قال - تعالى -: [ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون. وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين]

فكيف ننتصر على عدونا وبعضنا ـ أشك فيها وأخشى أن الأصح هوº أكثرنا ـ قد تعلق قلبه بأجداث الأموات والعظام الرميم أكبر من تعلقه بالحي الذي لا يموت، فإذا أصابته غُمّة أو أركته مُلمَة لجأ لغير الله، وتضرع إليه، وانطرح على عتبة بابه، وأفرغ حاجته لمن لا يملك لنفسه قنطاراً ولا قطميراً، ولا يملك حولا ولا طولا، ولا موتاً ولا حياة، ولا نشوراَ، وغفل عن الذي بيده الحول والطول، والخير والشر، والنفع والضر، والحياة والممات، فكان الله - تعالى -أهون عليه من الأموات الذين أبلسوا من العمل، وانطوت صحائفهم، فهم مرتهنون في قبورهم، ينتظرون رحمة ربهم بهم.

قال - تعالى -: [ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك من الظالمين. وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم]

لقد عزل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خالد بن الوليد - رضي الله عنه - وهو محتاج لقيادته للجيش في أعظم المعارك التي خاضها المسلمون في زمانه حتى لا يتعلق الناس بالقائد المجاهد خالد - رضي الله عنه - فيرون أن النصر لا يأتي إلا من قِبله وعلى يديه، وهو حيُّ يرزق، فما مبرر من يتعلق بالرفات الرميم في قبورهم، ويطلب منهم النصر والظفر، والأمن في البلد والصلاح في الولد، وغير ذلك مما لا يُطلب إلا من الواحد الأحد؟!

وقطع - رضي الله عنه - شجرة البيعة التي بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه النقباء تحتها، حتى لا يتعلق بها فارغوا القلوب والعقول، فما المبرر النقلي والعقلي لمن يتمرغ بتراب القبور، ويعفِّر وجهه ـ تبركاً بها ـ عند عتباتها؟!

وقال - رضي الله عنه - للحجر الأسود عندما قبَّله أسوة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والله! إني لأعلم أنك حجر لا تضرٌّ ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبِّلك ما قبَّلتُك، فما مبرر من يتمسحون بأحجار المشاهد وأركان الأضرحة أو بأطراف سدنتها والقائمين عليها من المشعوذين والدجاجلة؟!

إننا في حاجة ماسَّة وضرورة مُلحة إلى تحقيق التوحيد في حياتنا، فلا نعبد إلا الله، ولا نعبده إلا بما شرع، فلا محدثات ولا بدع، وإلا فإننا نستمطر العذاب منه، وسيحل بنا قبل أعدائنا، ولن تكون لنا عليهم غلبة ونحن متساوون معهم في الذنوب، ولهم علينا فضل عُدَّة وعتاد ودُربة واستعداد!!

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply