توحيد الأسماء والصفات


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 


يؤمن المسلم بأن لله تعالى أسماء حسنى ، وصفات على ، تليق بجلاله ، فهو إنما يثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه ، وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات من غير تكييف ولا تمثيل ، وينفي عنه تعالى ما نفاه عن نفسه ، ونفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، وذلك للأدلة النقلية والعقلية الآتية .


الأدلة النقلية :
1 _ إخباره تعالى بنفسه عن أسمائه وصفاته ، إذ قال تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ) ، وقال سبحانه : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) كما وصف نفسه بأنه سميع بصير ، وعليم حكيم ، وقوي عزيز ، ولطيف خبير ، وشكور حليم ، وغفور رحيم ، وأنه كلم موسى تكليماً ، وأنه استوى على عرشه ، وأنه خلق آدم عليه السلام بيديه ، وأنه يحب المحسنين ، ويرضى عن المؤمنين ، وأنه يجيء سبحانه وتعالى يوم القيامه للفصل بين العباد ، وأنه ينزل في الثلث الأخير من كل ليلية إلى السماء الدنيا ،وجميع ماذكر من الأسماء والصفات وغيرها مما جاءت النصوص بها نثبتها على ما يليق بالله سبحانه وتعالى .
2 _ إخبار رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك فيما ورد وصح عنه من أخبار صحيحة وأحاديث صريحة كقوله صلى الله عليه وسلم : ( يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر ، كلاهما يدخل الجنة ) ، وقوله : ( لا تزال جهنم يلقى فيها وهي تقول : هل من مزيد ؟ حتى يضع رب العزة فيها رجله - وفي رواية : قدمه- فينزوي بعضها إلى بعض ، فتقول قط قط ) وقوله صلى الله عليه وسلم (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : ( من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له )) وقوله عليه الصلاة والسلام : ( لله أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم براحلته ) الحديث ، وقوله صلى الله عليه وسلم للجارية : ( أين الله ؟ فقالت في السماء ، قال : من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله ، قال : أعتقها فإنها مؤمنة ) ، وقوله : ( يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ، ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض ) .
3_ إقرار السلف الصالح من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة رضي الله عنهم أجمعين بصفات الله تعالى ، وعدم تأويلهم لها ، أو ردها أو إخراجها عن ظاهرها ، فلم يثبت أن صحابياً واحداً تأول صفةً من صفات الله تعالى ، أو ردها ، أو قال فيها أن ظاهرها غير مراد ، بل كانوا يؤمنون بمدلولها ، ويحملونها على ظاهرها ، وهم يعلمون أن صفات الله تعالى ليست كصفات المخلوقين ، وقد سئل الإمام مالك رحمه الله تعالى عن قوله عز وجل : ( الرحمن على العرش استوى ) فقال : الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة .
وكان الشافعي ، رحمه الله تعالى يقول : آمنت بالله وبما جاء عن الله ، على مراد الله ، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله ، على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم .


الأدلة العقلية :
1_ لقد وصف الله تعالى نفسه بصفات ، وسمى نفسه بأسماء ولم ينهنا عن وصفه وتسميته بها ، ولم يأمرنا بتأويلها ، أو حملها على غير ظاهرها ، فهل يعقل أن يقال إننا إذا وصفناه بها نكون قد شبهناه بخلقه فيلزمنا إذاً تأويلها ، وحملها على غير ظاهرها ؟ وإن فعلنا ذلك أصبحنا معطلين نفاةً لصفاته تعالى ، ملحدين في أسمائه ، وهو يتوعد الملحدين فيها بقوله : ( وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ) .
2 _ أن من نفى صفة من صفات الله تعالى خوفاً من التشبيه كان قد شبهها أولا بصفات المخلوقين ، ثم خاف من التشبيه ففر منه إلى النفي والتعطيل ، فنفى صفات الله تعالى التي أثبتها لنفسه وعطلها ، فكان بذلك قد جمع بين كبيرتين ، وهما التشبيه والتعطيل .
أفلا يكون من المعقول إذاً ، والحالة هذه ، أن يوصف الباري تعالى بما وصف بها نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم مع اعتقاد أن صفاته تعالى لا تشبه صفات المخلوقين ، كما أن ذاته عز وجل لا تشبه ذوات المخلوقين ؟ .
3 _ إن الإيمان بصفات الله تعالى ووصفه بها لا يستلزم التشبيه بصفات المخلوقين ، إذ العقل لا يحيل أن تكون لله صفات ٌ خاصة بذاته لا تشبه صفات المخلوقين ، ولا تلتقي معها إلا في مجرد الاسم فقط ، فيكون للخالق صفات تخصه ، وللمخلوق صفات تخصه .
4 _ أن التماثل في الأسماء لايستلزم التماثل في المسميات ،فمثلا عندما نقول يد الإنسان ، ويد الفيل ، فإنه لايستلزم التماثل في الإسم _ وهو اليد_ أن يكون هناك تماثل في المسمى _ وهو كيفية صفة اليد وحقيقتها بالنسبة للإنسان والفيل _ بل إن هناك فرقا كبيرا واختلافا عظبما بين يد الإنسان ويد الفيل ، فإذا كان هذا التباين موجود بين مخلوق ومخلوق ، فالتباين الموجود بين الخالق والمخلوق أعظم وأكبر وأوضح .
والمسلم إذ يؤمن بصفات الله تعالى ، ويصفه بها لا يعتقد أبداً ولا حتى يخطر بباله أن يد الله تبارك وتعالى مثلاً تشبه يد المخلوق في أي معنىً من المعاني غير مجرد التسمية ، وذلك لمباينة الخالق للمخلوق في ذاته وصفاته وأفعاله ، قال تعالى : ( قل هو الله ، أحد الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد ) وقال : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) .


اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها ، وخير أيامنا يوم لقائك ، واجعلنا مع الذين أنعمت عليهم في جنتك وجوارك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

مقتبس من كتاب منهاج المسلم

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply