الشرك


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

الشرك هو اتخاذ شريك لله في ربوبيته أو ألوهيته أو أسمائه وصفاته.

فشرك الربوبية ضد توحيد الربوبية، لأن توحيد الربوبية: إفراد الله تعالى بأفعاله هو سبحانه من الخلق والملك والتدبير والرزق والإيجاد والإحياء والإماتة، وكل ما يتعلق بالخلق والكون، فمن زعم أن هناك من له قدرة التصرف في شيء من هذه الأمور فقد زعم وجود خالق غير الله، أو رب غير الله، إذ لا يوجد إلا خالق أو مخلوق، وكل من سوى الله فهو مخلوق، والمخلوق لا يمكن أن يخلق، أو يرزق أو يحيي أو يميت... ومن هنا يظهر ضلال أولئك الذين يزعمون أن من الأولياء أو الأئمة أو غيرهم من لديه القدرة على التصرف في الكون أو تسيير شيء من أموره، أو أنهم ينفعون أحدًا أو يضرونه، أو أن هناك من يتحكم في الرزق فيعطي ويمنع من شاء وكل ذلك ضلال مبين، وشرك في توحيد الربوبية.

أما شرك الألوهية فهو ضد توحيد الألوهية، وتوحيد الألوهية هو إفراد الله سبحانه بأفعال العباد، أو هو صرف جميع العبادة لله وحده سواءً كانت صغيرة أو كبيرة، فمن صرف شيئًا من العبادة لغير الله فقد وقع في شرك الألوهية.

وأما شرك الأسماء والصفات فهو ضد توحيد الأسماء والصفات، وتوحيد الأسماء والصفات هو إثبات ما أثبته الله لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تكييف ولا تمثيل، ونفي مانفاه الله عن نفسه ونفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، فمن سوّى بين الله وخلقه في شي من الأسماء والصفات فقال مثلًا: \"يد الله كيد الإنسان\" أو غيرها من العبارات التي يقولها من يمثل صفات الله بصفات خلقه، تعالى الله عن قول الظالمين علوا كبيرا. فمن قال أمثال هذه العبارات فقد جعل مع الله شركاء في صفة اليد وغيرها من صفات الله التي مثلوها بصفات المخلوقين

والشرك قسمان:

شرك أكبر.
وشرك أصغر.

فالأكبر هو الذي يخرج صاحبه من الملة الإسلامية، ويكون في عداد المشركين، وهذا الشرك يكون بالقول مثل من يستغيث بغير الله، أو يدعو غير الله، أو يستعين بغيره فيما لا يقدر عليه غيره، كالاستغاثة بأصحاب القبور ودعائهم وطلب قضاء الحوائج منهم فهذا كله شرك كما قال تعالى (وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدًا). ويكون بالفعل كالركوع والسجود لغير الله، وكالذبح لغير الله، سواء كان المذبوح صغيرًا أو كبيرًا عظيمًا أو حقيرًا فإنه لا يجوز لغير الله. ويكون بالقلب كاعتقاد النفع والضر في غير الله أو أن غير الله يجوز أن يصرف له شيء من العبادة فهذا شرك وكفر وضلال والعياذ بالله، فلا يستحق أحد أن يعبد في الوجود إلا الله سبحانه وتعالى.

القسم الثاني:

الشرك الأصغر: وهو الذي لا يخرج من الملة لكن صاحبه على خطر عظيم لأنه وسيلة إلى الشرك الأكبر، ولأنه من أعظم الذنوب، وهذا النوع من الشرك منه ما هو ظاهر ومنه ما هو خفي فالظاهر يكون في الأقوال والأفعال كالحلف بغير الله، كمن يحلف بالنبي أو الولي، أو الآباء أو الأبناء... قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من حلف بغير الله فقد كفر وفي رواية فقد أشرك)، ومن ذلك قول الرجل ما شاء الله وشئت، أو ما شاء الله وفلان، فهذا شرك أصغر، وهو من الأقوال. والصواب في هذا الباب أن يقول: ما شاء الله وحده، أو لولا الله وحده (وهو الأفضل) أو يقول ماشاء الله ثم فلان، أو لولا الله ثم فلان. وأما الأفعال فمثل لبس الحلقة والخيط ونحوه لرفع البلاء أو دفعه، ومثل تعليق التمائم خوفًا من العين، ونحو ذلك..

وأما الشرك الخفي فهو الشرك في الإرادات والنيات كالرياء والسمعة، وذلك بأن يعمل عملًا مما يتقرب به إلى الله سبحانه، يريد بذلك ثناء الناس أو مدحهم، والواجب الإخلاص لله في جميع الأعمال كما قال تعالى (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملًا صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا).

اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم لقائك، واجعلنا مع الذين أنعمت عليهم في جنتك وجوارك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply