الوثنية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 


فتنة الأمة في الأضرحة والقبور



قد يعجب البعض وهو يقرأ دعاء إبراهيم عليه السلام في القرآن ( وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمناً واجنبني وبني أن نعبد الأصنام رب إنهن أضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم ) فهل إنسان القرن العشرين الذي مخر الفضاء، وطوى كثيراً من فجاجه الشاسعة، واكتشف من سنن الله الباهرة ما حيرت العقول، وأذهلت التفكير؟؟؟! هل يعقل أن هذا الإنسان يعود بتلك العقلية الغابرة التي كانت تقدس الأحجار، والأشجار، وتتمسح بالجمادات رجاء منفعتها أو دفع مضرتها؟؟؟!
ويأتي الجواب المر المحير (نعم)!!! شيء عجيب!!!
أما آن لهذه العقلية التي رأت من آيات ربها الكبرى أن تتحرر من رق الوثنية، وعبودية المخلوق، بعد أن رأت آيات الله في الكون، وعلمت عظيم صنعه، وعجائب قدرته، رأت ذلك بعد أن قرأت قول الله تعالى (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد).
لكن العجب قد يخف إذا عرفنا أن أول ضلال حل بالبشرية كان سببه الصور وتقديس الصور وأصحاب الصور.
لقد عادت وثنية الأمس في ثوب جديد وفي صور جديدة وتحت مسميات جديدة، مدفوعة بدوافع جديدة ... والنتيجة واحدة : إنها الوثنية! إنها الضلال، والزيغ عن التوحيد، والولوغ في آنية الشرك والخرافة بعقيلة جديدة، منظرة ومتفلسفة. و( إنا لله وإنا إليه راجعون).
إنها صرخة تهزني من الأعماق لتخرج مدوية في فضاء أمة الإسلام يا أمة التوحيد أين التوحيد؟؟؟ يا أمة العقيدة أين العقيدة؟؟؟ أين الإسلام؟؟؟ وماذا بقي من الإسلام؟؟؟ وأين بواكي الإسلام؟؟ ومن يبكي اليوم الإسلام؟؟؟ ألا من كان باكياً فلبيك اليوم على الإسلام، ألا فلنبك جميعاً على الإسلام! ولنسكب العبرات على ضريح التوحيد الذي دفناه بأيدينا، ونسيناه كما ننسى أقل الأشياء. لقد أصبح الإسلام غريباً بين أهله، مظلوماً بينهم لا يجد من ينصره أو ينصفه، لا أقول من الأعداء ولكن من أبناء الإسلام المنتسيبن إليه - إلا من رحم الله - .
ومصائب الوثنية ما زالت محيطة بنا في مشارق الأرض ومغاربها وفي شمالها وجنوبها، ورغم أننا نسمع عن تلك المآسي العقدية، والشركية إلا أنه لم يخطر ببالي يوماً أن الأمر بهذه الخطورة، وأنه بلغ هذا المبلغ الخطير.
لقد فتنت أمتنا فتنة عظيمة في القبور، والأولياء، بحيث أصبحت هذه القبور آلهة تعبد من دون الله ويصرف لها ما يصرف لله من العبادة، بل صرفت لها العبادة وحدها من دون الله، ونسي الله فيا له من هول ما أفظعه، وخطب جسيم ما أشده وأهوله.
منكر عظيم وشر مستطير، وضلال مبين! ذلك ما يرتكبه سواد الأمة الإسلامية من المشرق إلى المغرب من الفتنة بالقبور والأضرحة، وما يصرف لها من أنواع العبادات من التوحيد بأنواعه الثلاثة مروراً بالسجود، والنذور والذبائح والاستغاثة والاستعانة والطواف والتمسح والتبرك وغيرها من صور العبادات التي لا يجوز أن تصرف لغير الله تبارك وتعالى.
مالذي يحصل عند هذه القبور والأضرحة؟
الجواب باختصار: إنه الشرك بالله بكل صوره وأنواعه. لقد عاد كثيرون من أبناء الأمة إلى الوثنية الجاهلية من جديد باسم الإسلام باسم الكرامات، والأولياء، وطلب الخير والبركة ودفع الشرور والآثام. أليس الذبح والنذر والدعاء والاستغاثة، والخوف والخشية والسجود وطلب المنافع ودفع المضار والمكاره عبادة؟ وكل ذلك يصرف لهذه الأضرحة الوثنية من عبادها القبوريين. عوضاً عن الإقسام والحلف بها الذي أصبح يجري على الألسنة بقصد ودون قصد.
كيف راجت هذه الفتنة بين الناس؟
وهذا سؤال جدير بالبحث والتقصي لمعرفة الأمر بدقة، لكن ذلك لا يمنع من بيان بعض الأسباب، والتي قد تكون من أهم رواج هذا الكفر:
فأولاً: جهل الناس بعقيدتهم وتوحيدهم، وعدم معرفتهم بالله وبما يجب له وما يمتنع في حقه، وجهلهم بالعبادة وعدم معرفتها على الحقيقة، وهذا أساس كل بلاء
ثانياً: أن أساس هذه الضلالة العمياء ومنبعها نصراني أو يهودي أو هما معاً، وتلقف هذه البدعة المنكرة عنهم الروافض الذين شرعوا في بناء القبب على قبور أئمتهم وكبرائهم، كما في كربلاء والنجف وقم وغيرها، وتبعهم على هذه الفتنة العمياء المتصوفة من أصحاب الطرق والزوايا الذين كانوا مطايا الشيطان في نشر هذه الفرية الضالة في مشارق الأرض ومغاربها، وهم اليوم يتحملون الوزر الأكبر من آثام هذه البدعة المكفرة وعليهم وزرها ووزر من يعمل بها إلى يوم القيامة.
ثالثاً: علماء السوء ومعظمهم من أصحاب الطرق الصوفية، ولا شك أن الناس تبع لهؤلاء المنسوبين للعلم.
رابعاً: الإعلام الفاسد الذي ينشر هذه المناسبات البدعية بين العوام الجهال الذين لا يعرفون الحق من الباطل، ولا شك أن الإعلام أصبح معول هدم وأداة شيطانية في أيدي شيطانية تؤز الناس إلى عذاب الله ومقته وسخطه وناره.
خامساً: طلاب الدنيا الذين رأوا في هذه الأضرحة فرصة عظيمة لكسب دراهم معدودة، فاستغلوا السفهاء والجهلةوأوهموهم الخير والبركة، فأضاعوا عليهم دينهم ودنياهم، والله المستعان.
ما هي الآثار؟
لقد كان لهذه الأضرحة آثار سيئة جداً على الأمة الإسلامية من وجوه عدة:
أولاً: إفساد الدين بالكلية لأنها أصبحت أوثاناً تعبد من دون الله، وهذا بالطبع يترتب عليه خسران الآخرة لأن المشرك مصيره النار خالداً مخلداً فيها نسال الله العافية والسلامة.
ثانياً: حصول الفرقة والشتات داخل الأمة، فقلت بركتهم وكثر شرهم وفسد تعاملهم إلا من رحم ربك.
ثالثاً: ذهاب الهيبة من قلوب الأعداء وتسلطهم على الأمة من الداخل والخارج كما هو مشاهد، وذلك مصداق الحديث الصحيح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أومن قلة نحن يومئذٍ,، قال: أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله المهابة من قلوب عدوكم منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن. قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت) رواه الترمذي وغيره من حديث ثوبان. لقد أصبح أحقر الأمم من اليهود والنصارى والهندوس عباد البقر والأوثان، وكذا الشيوعيون البلاشفة الملاحدة يتحكمون في رقاب المسلمين، ويملون عليهم ما شاءوا من الشروط المجحفة، ويسلبون خيراتهم وثرواتهم تسلطاً وابتزازاً، بل أصبح كل من أراد أن يتعلم الشجاعة والإقدام فما عليه إلا أن يبحث عن قطيع من المسلمين فيفتك بهم فتكاً ذريعاً، ويسفك دماءهم ويأخذ أموالهم، وينتهك أعراضهم، على مرأى ومسمع من بقية المسلمين دون أن يهب أحد لنصرته أو نجدته أو دفع الظلم عنه، وهكذا تتكرر المأساة في كل يوم، وفي أقطار العالم الإسلامي فبالأمس بلاد الأقصى ، وقد سلبها أحفاد القردة والخنازير من يهود، فعاثوا فيه فساداً ولا زالوا إلى اليوم.
وما زالت الرحى تدور في أفغانستان، وفي بلاد البلقان في أرض البوسنة والهرسك، وفي كوسوفا وما يحصل اليوم في كشمير والشيشان وإرتريا والصومال من المشاهد المروعة، وما ذلك إلا عقوبة حلت بالأمة من جراء تركها التوحيد والعقيدة الصحيحة.
رابعاً: تبلد الحس لدى أكثر من ينتسبون إلى الإسلام تجاه قضايا إخوانهم المسلمين، وأصبح مبدأ الجسد الواحد الذي غرسه الرسول صلى الله عليه وسلم في نفوس كثير من المسلمين مفقودا ، وهذا غيض من فيض من المفاسد التي حصلت بسبب هذا الداء العضال .
وأخيراً: من لهذه الأوثان التي أصبحت تعبد من دون الله؟ من يخلص الأمة من هذا الشرك الأكبر، وهذا الانحراف الخطير؟ وهذا الشر المستطير؟ ألا فليعلم كل قادر على التغيير والنصح والتوجيه والبيان والتحذير أنه مطالب بالنفير لإيقاف هذا الزحف الوثني الغاشم الذي اجتث قلوب كثير من الناس، ولا يعفيه من ذلك إلا مانع قاهر لا تسويفات النفوس وبناء الحواجز الموهومة التي لا حقيقة لها في أرض الواقع، ولنعلم أنه لولا تقاعس الكثير من العلماء والدعاة، وانشغالهم بقضايا أخرى أقل أهمية لما فشا الشرك في الأمة بهذه الصورة المفزعة.
والله المسؤول أن يعجل الفرج ويكشف الغمة ويذهب هذه الوثنية ويطهر بلاد المسلمين من رجس الأوثان والطواغيت إنه ولي ذلك والقادر عليه وعلى كل شيء وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply