الحكم بغير ما أنزل الله


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 



الحكم بغير ما أنزل الله جاءت فيه ثلاث آيات في سورة المائدة { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون } { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون
واختلف أهل العلم في ذلك
فقيل إن هذه الأوصاف لموصوف واحد لأن الكافر ظالم ، لقوله تعالى { والكافرون هم الظالمون } ، وفاسق لقوله تعالى { ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون
وقيل إنها لموصوفين متعددين وإنها حسب الحكم ، فيكون الحكم بغير ما أنزل الله في بعض الأحيان كفرا ، وفي بعضها ظلما وفي بعضها فسقا
والقول الثاني هو الصحيح ، وتفصيله على ما يلي:


يكون الحكم بغير ما أنزل الله كفرا مخرجا عن الملة في حالات

أولا أن يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله أحقية الله ورسوله ، وهذا مما لا نزاع فيه بين أهل العلم ، فإن الأصول المتقررة المتفق عليها بينهم أن من جحد أصلا من أصول الدين أو فرعا مجمعا عليه أو أنكر حرفا مما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - قطعيا فإنه كافر الكفر الناقل عن الملة
الثاني ألا يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله كون حكم الله ورسوله حقا ، لكن اعتقد أن حكم غير الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحسن من حكمه وأتم وأشمل لما يحتاجه الناس من الحكم بينهم عند التنازع ، غما مطلقا أو بالنسبة لما استجد من الحوادث ، وهذا لا ريب أنه كافر
الثالث ألا يعتقد كونه أحسن من حكم الله ورسوله ، لكنه اعتقد أنه مثله ، فهذا أيضا كافر خارج عن الملة لما يقتضيه ذلك من تسوية المخلوق بالخالق
الرابع ألا يعتقد كون حكم الحاكم بغير ما أنزل الله مماثلا لحكم الله ورسوله ، لكن اعتقد جواز الحكم ما يخالف حكم الله ورسوله ، فهذا أيضا خراج عن الملة
الخامس وهو أعظمها وأظهرها معاندة للشرع ، ومكابرة لأحكامه ، ومشاقة لله ولرسوله ، ومضاهاة بالمحاكم الشرعية إعدادا وإمدادا وإرصادا وتأصيلا وحكما وإلزاما ، ومراجع ومستمدات ، فكما أن للمحاكم الشرعية مراجع مستمدات مرجعها كلها إلى كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلهذه المحاكم مراجع هي القوانين الملفق من شرائع شتى وقوانين كثيرة كالقانون الفرنسي والقانون الأمريكي ، وغيرهما ، فأي كفر فوق هذا الكفر ، وأي مناقضة لشهادة أن محمدا رسول الله بعد هذه المناقضة


يكون الحاكم بغير ما أنزل الله ظلما

إذا اعتقد أن الحكم بما أنزل الله أحسن الأحكام وأنه أنفع للعباد والبلاد وأنه الواجب تطبيقه ، ولكن حمله البغض والحقد للمحكوم عليه حتى حكم بغير ما أنزل الله في قضية معينة فهو ظالم


يكون الحاكم بغير ما أنزل الله فسقا

إذا اعتقد أن الحكم بما أنزل الله أحسن الأحكام وأنه أنفع للعباد والبلاد وأنه الواجب تطبيقه ، لكن حمله الهوى في نفسه ، مثل أخذ رشوة أو محاباة صديق أو قريب حتى حكم بغير ما أنزل الله في قضية معينة فهو فاسق
يختلف الحكم على من حكم بغير من أنزل الله تبعا لأمور ، منها هل صدر الحكم عنه عن اجتهاد فأخطأ ، أو تأويل سائغ ، أو عن نزوة وشهوة ، أو عن عناد وإعراض ، وكبر وكره ، وهل عمم الحكم بغير من أنزل الله في كل القضايا التي هي من جنس واحد أم لم يعمم ، مثال الأخير إذا لم يقطع سارقا في قضية معينة لأنه قريبة أو ما أشبه ذلك ، فهذا لا يكفر ، أما إذا عمم الحكم فجعل عقوبة السارق السجن مثلا في كل القضايا فهذا استبدال لشريعة الله فيكفر بذلك


لمزيد من المراجع في هذا الموضوع انظر رسالة تحكيم القوانين للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ، وانظر فتاوى ابن باز ( 4 / 416 ) ، وانظر أضواء البيان ( 2 / 90 ) ، وانظر شرح الأصول الثلاثة لابن عثيمين ( ص 158 ) ، وانظر فتاوى العقيدة لابن عثيمين ( 2 / 140 - 148 ) ، وانظر مجموع فتاوى ابن تيمية ( 35 / 372 ، 373 ) ، وانظر نواقض الإسلام القولية والعملية ( ص 311 - 340 ) ، وانظر رسالة الرد على العنبري .

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply