موقف أعداء الدعوة إلى الله من الدعاة والمصلحين ( 3 )


 

بسم الله الرحمن الرحيم



المنافقون:

تكلمنا في المقالتين الماضيتين عن وجوب الدعوة إلى الله، وموقف الملأ منها وفي هذه المقالة نتكلم بإذن الله - جل وعلا- عن موقف المنافقين من الدعوة إلى الله، وقبل البدء نحب أن نبين أمور:

الأول: أن الفرق بين الملأ وبين المنافقين أن الملأ يجاهرون في حربهم لدين اللهº أما المنافقين فهم يعملون في الخفاء، مستترين بالإسلام.

الثاني: أن للنفاق أنواعاً:

أ / اعتقادي فصاحبه يظهر الإيمان ويبطن الكفر الأكبر فهو كافر.

ب/ نفاق عملي ومنه تعمد الكذب والخلف في الوعد وخيانة الأمانة، وهذا يوجد في المسلمين ولا يسم كافراً ولا منافقاً.

ج/ نفاق بين ذلك وصاحبه معه أصل الإسلام، ولكنه يكره بعض شعائره أو يبطن العداء للصالحين وهو كافر بلا ريب.



وحديثنا عن النوع الثالث الذين معهم أصل الإسلام ولكنهم نكسو على أعقابهم، وقد يكون بعضهم من النوع الأول.



الثالث: أن المنافقين يوجدون في كل دولة إسلامية عبر التأريخ، نافقوا خوفاً من السلطة الحاكمة أو طلباً لرضى الناس حتى لا يكونون شواذاً بينهم.



الرابع: أنه من ظهر عليه العداء للإسلام لا يجوز التسرع بالحكم عليه بالنفاق الأكبر، والذي مقتضاه أنه كافر خارج من الملة، وقد يقال فلان فيه نفاق أو فيه عداء للمسلمين، ولكن التكفير خطير يجب الحظر منه، إلا لمن ظهر منه ذلك ونوقش فأصر.



وبعض أنواع الردة لا يحتاج لإقامة حجة ولا تأويل معتبر لصاحبه ولا يصدق لو أدعى الجهل ولم يكره وهو يبطل أصل التوحيد كمن ألف قصة سب الله تعالى وأدعى أنه مات ـ جل وعلا ـ وتقدس وسب أنبياء الله وجعلهم من أرذل الناس حشاشين سقطةº فهو منافق معلوم النفاق كافر بالله العظيم. أو ذلك الآخر الذي قال أن نصوص القرآن نصوص أدبية تقبل المناقشة وليست قطعية فهو منافق كافر وإن سمُي زيد أو عمرو. وكذا كل من دافع عمن ألف رواية سب الله ـ جل وعلا ـ وتقدس والقرآن فيها صراحةً كمن قال: الله والشيطان وجهان لعملة واحدة فهو منافق كذلك.



علامات المنافقين:

1. بغض التحاكم إلى الله وإلى رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال تعالى: \" أَلَم تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزعُمُونَ أَنَّهُم ءَامَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَد أُمِرُوا أَن يَكفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيطَانُ أَن يُضِلَّهُم ضَلالا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُم تَعَالَوا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيتَ المُنَافِقِينَ يَصُدٌّونَ عَنكَ صُدُودًا \" وقد نزلت الآيات في رجل من المنافقين كان بينه وبين يهودي خصومة فقال اليهودي: ( انطلق بنا إلى محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ) وقال المنافق: ( بل نأتي كعب بن الأشرف) وهو الذي سماه الله تعالى الطاغوت، فأبي اليهودي إلا أن يخاصمه إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلما رأى المنافق ذلك أتى معه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، فاختصما إليه فقضى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لليهودي فلما خرجا من عنده لزمه المنافق وقال: ننطلق إلى عمر بن الخطاب فأقبلا إلى عمر فقال اليهودي: ( اختصمنا أنا وهذا إلى محمد فقضى لي عليه فلم يرض بقضائه وزعم أنه مخاصم إليك وتعلق بي فجئت إليك معه) فقال عمر للمنافق: ( أكذلك؟ ) قال: ( نعم ) فقال لهما: ( رويداً حتى أخرج إليكما ) فدخل عمر وأخذ السيف فاشتمل عليه ثم خرج إليهما وضرب به المنافق حتى برد وقال: ( هكذا أقضي لمن لم يرض بقضاء الله وقضاء رسوله ) وهرب اليهودي. فنزلت هذه الآية، وقال جبريل - عليه السلام- :( إن عمر فرق بين الحق والباطل) فسمي الفاروق.



فليت شعري هل لنا عمر يضرب رأس أولئك المنافقين الذين يرفضون حكم الله في هذا الزمان وقد ظهر كثيراً منهم في هذه الفتنة لما عابوا على الطالبان تطبيق الشريعة وهدم الأصنام.



2. بغض أصحاب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ففي الحديث الذي أخرجه البخاري ـ رحمه الله ـ عن البَرَاءَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قَالَ النَّبِيٌّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: \" الأَنصَارُ لا يُحِبٌّهُم إِلا مُؤمِنٌ وَلا يُبغِضُهُم إِلا مُنَافِقٌ فَمَن أَحَبَّهُم أَحَبَّهُ اللَّهُ وَمَن أَبغَضَهُم أَبغَضَهُ اللَّهُ \" وهذا في عموم أصحاب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ .



3- التراجع عند اكتمال الصف الإسلامي فنجد أن المنافقين، يتركون المسلمين وهم أحوج ما يكونون إليهم، فهولاء الذين طلبوا من نبيهم ملك يقاتلون معه فلما فرض عليهم القتال إذا هم ينكسون قال تعالى: \" أَلَم تَرَ إِلَى المَلإِ مِن بَنِي إِسرَائِيلَ مِن بَعدِ مُوسَى إِذ قَالُوا لِنَبِيٍّ, لَهُمُ ابعَث لَنَا مَلِكًا نُقَاتِل فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَل عَسَيتُم إِن كُتِبَ عَلَيكُمُ القِتَالُ أَلا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَد أُخرِجنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيهِمُ القِتَالُ تَوَلَّوا إِلا قَلِيلاً مِنهُم وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ \". وهذا عبدالله بن أبي بن سلول ينسحب من غزوة أحد بثلاثمائة رجل بعدما خرج مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهذا فيه أعظم التخذيل. وهذا مِربِع بن قَيظي يمنع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه من المرور في بستانه لما أرادوا اختصار المسافة إلى جبل أحد ليسبقوا الكفار إليه.



4- عدم تعلمهم أحكام الإسلام وتعاليمه ففي الحديث الذي أخرجه البخاري ـ رحمه الله ـ عن سؤال القبر قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ \".. وَأَمَّا المُنَافِقُ فَيُقَالُ لَهُ مَا عِلمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولُ لا أَدرِي سَمِعتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيئًا فَقُلتُ مثلهم \" فهو لم يتعلم بنفسه بل قال مثل الناس بل إنهم يغيضهم أن يتعلم الناس ليرفعوا عن أنفسهم الجهل.



5- الحسد: وهذا ظاهر إن كان للعالم أتباع وأنصار كثيرون فتجد أن المنافقين يأكلهم الحسد والحقد وهذا رأيسهم وكبيرهم عبدالله بن أبي بن سلول يوعد بأن يكون ملكاً على يثرب فلما قدم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وآمن الناس فاتبعوه وتركوا ابن سلول أكله الحسد والحقد، وعزم على هدم الإسلام من داخله.



مظاهر العداء للدعوة:

كان للمنافقين هجمة خسيسة على الإسلام وأهله فنذكر بعض مظاهر ذلك العداء ونبين موقفهم من الدعوة:



1- محاولة منع تحكيم الشريعة: وسبق أن ذكر موقف ذلك المنافق من حكم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ونذكر الآن ما فعله يهود الدونمة ـ لعنهم الله ـ الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر حيث أن مصطفى كمال أتاتورك ـ لعنه الله ـ كان يهودياً أظهر الإسلام وأبطن الكفر واستطاع مع المنافقين من العلمانيين إسقاط الخلافة الإسلامية، وكان هدفهم منع تحكيم الشريعة.



وكذلك ما يكتبه بعض المنافقين عن هذه الديار المباركة ـ حرسها الله ـ والتي حكّمت الشرع فيمن قتل وسرق وزنى وأظهر الفساد في الأرض فاتهموا بالرجعية والتخلف، وقالوا: أن بتر الأيادي وقطع الرؤوس همجية ووحشية.



2- إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا: إن المنافقين يستجلبون الفواحش للمسلمين فما قيمة مسلمة قد حسرت عن شعرها وعانقت الغرباء عنها ونست ربها؟. وما قيمة مسلم يسمع الغنى ويشرب الخمر ويزني ويأكل الربا والقمار ويشهد الزور صباح مساء؟. إنه وإن سمي محمداً أو أحمداً أو سميت عفت أو عائشة فهما خاويان من الإسلام قريبان من الكفر، إن لم يكونا كذلك.



فيحرص المنافقين على جلب هذه الشهوات أو أسبابها، فنجد أن أحدهم يقول إبان أحداث الخليج الثانية: ( إننا وإن كنا نتمنى أن نرى المرأة السعودية عارية على الشواطئ فإن خروجها متنقبة يعد تقدم بالنسبة لنا ) فهم يريدونها عارية قابلة لكل خبيث مثلهم، وأولئك النفر الذي خططوا لتمزيق حجاب المرأة المسلمة في البلاد الإسلامية كتركيا أو مصر أو غيرهاº هم منافقون بلا أدنى ريب فهم سعوا للفساد قال تعالى: \" إِنَّ الَّذِينَ يُحِبٌّونَ أَن تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ ءَامَنُوا لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدٌّنيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لا تَعلَمُونَ \"، وكذلك الذين يحرصون على جلب العاهرات الفاجرات للمسلمين كما في بعض الدول الإسلامية فهم منافقون مبغضون لله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإذا قيل لهم هذا إفساد في الأرض قالوا بل نريد الإصلاح والتطوير قال تعالى: \" وَإِذَا قِيلَ لَهُم لا تُفسِدُوا فِي الأَرضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحنُ مُصلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُم هُمُ المُفسِدُونَ وَلَكِن لا يَشعُرُونَ \".



3- قذف الدعاة إلى الله: فإن الداعية المسلم إذا قذف في عرضه أشغله ذلك عن دعوته كيف لا وقد أشاع المنافقون عنه ما يحاول هو إزالته ودعوة الناس لتركه، فهذا كليم الرحمن يقذفه قارون حيث إنه أعطى امرأة مالاً وقال لها إن صعد موسى ـ عليه السلام ـ ليكلم الناس فقولي لهم: إن حملي هذا من موسى ـ عليه السلام ـ !! فبرأه الله جل وعلا من ذلك، وكان عند الله وجيهاً، وهذا سيد الدعاة إلى الله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقذفه المنافقون في عرضه فيثبطون من قدرته على مواصلة الدعوة وقد شغل بنفسه حيث أن زوجه وحبيبته تقذف مع صاحب له ومكث شهراً الله أعلم بحاله، ومازال ذلك دأب المنافقين يقذفون الدعاة ليشغلوهم عن هدفهم الأسمى والأعلى، فكم من داعية قذفه المنافقون في عرضه؟



4- موالاة الكافرين والتربص بالمؤمنين: فتجد أن المنافقين مازالوا يحبون الكفرة ويعينونهم على المسلمين بالسلاح والعتاد وبالرأي والمشورة، قال تعالى: \"بَشِّرِ المُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُم عَذَابًا أَلِيمًا(138)الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الكَافِرِينَ أَولِيَاءَ مِن دُونِ المُؤمِنِينَ أَيَبتَغُونَ عِندَهُمُ العِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا …… … الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُم فَإِن كَانَ لَكُم فَتحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَم نَكُن مَعَكُم وَإِن كَانَ لِلكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَم نَستَحوِذ عَلَيكُم وَنَمنَعكُم مِنَ المُؤمِنِينَ فَاللَّهُ يَحكُمُ بَينَكُم يَومَ القِيَامَةِ وَلَن يَجعَلَ اللَّهُ لِلكَافِرِينَ عَلَى المُؤمِنِينَ سَبِيلاً(141) إِنَّ المُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُم وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلاً \"وقد كان واضحاً عند أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن معاونة الكفار نفاق فقد قال عمر بن الخطاب عن حاطب ـ رضي الله عنهما ـ لما أرسل لمشركي مكة يعلمهم بأمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( يَا رَسُولَ اللَّهِ إنه مُنَافِقٌ قَد خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالمُؤمِنِينَ فَدَعنِي فَلأضرِبَ عُنُقَهُ ) ولم ينكر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذا القول على عمر ولا يجوز للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تأخير البيان عن وقت الحاجة.



وبالنظر إلى فعل عدو الله المنافق ابن العلقمي الرافضي ـ لعنه وأسكنه نار جهنم خالداً فيها ـ فإنه كتب للتتار يطلب منهم غزو المسلمين فرفضوا إلا أن يفرق جمع جيش المسلمين ففعل عدو الله ذلك ففرق الجيش بأن سرح بعضهم من العمل، وقلل الأعطيات على من بقي منهم فذهب من ذهب، وأرسل جمعاً منهم خارج بغداد، حتى لما لم يبق في بغداد إلا النـزر اليسير كتب للتتر فجِاءوا بجيوشهم فقتلوا في يوم واحد ألف ألف مسلم وسبوا المسلمات وحرقوا البلاد وهو ينظر فرحاً جذلاّ بمقتل المسلمين فألا يكون ذلك منافقاً؟.



وهذا أبو طاهر القرمطي ـ لعنه الله ـ يدخل للحرم والناس قد أمنوا ورفعوا أيدهم إلى ربهم يدعونه ويستغفرونه فيقتل فيهم حتى لا يبقى حاجا إلا قتله وهو يقول:



أنا بالله وبالله أنا *** يخلق الخلق وأفنيهم أنا



ثم يأخذ الحجر الأسود فيقتلعه من مكانه أفليس هذا منافق؟.



أو ليس منافقاً من سلم ديار المسلمين للكفار؟، فهذا السلطان الصالح إسماعيل يسلم أرض صيدا للصليبين مقابل أن يعينوه على قتال الصالح أيوب حاكم مصر وغيره كثير.



أوليس منافقاً من ظاهر الكفار على المسلمين ونصرهم بالتأييد فضلاً عمن نصرهم بالمال أو السلاح أو استعمال المطارات أو المنافذ البحرية.؟؟



5- الإفساد بين المسلمين: وأعظم ما يتمناه المنافقين أن يبغض المسلم أخاه المسلم فنراهم يدخلون النعرات القبلية والموروثات الفاسدة فهذه بلد الفراعنة، أَوَ يفخر مسلم أنه ينتمي إلى فرعون ؟، وتلك أرض بابل وثالثة أرض كذا، وهذا عربي وهذا فارسي وهذا تركي وذلك هندي حتى قال ذلك الفاسق:



هبوا لي ديناً يجعل العرب ملة *** وسيروا بجثماني على دين برهمِ



وقال الآخر:



آمنت بالبعث رباً لا شريك له *** وبالعروبة ديناً ما له ثاني



بل حتى العرب في أنفسهم فهذا سعودي وذلك عراقي وثالث مصري ورابع تونسي، قال تعالى واصفاً حالهم: \" لَو خَرَجُوا فِيكُم مَا زَادُوكُم إِلا خَبَالا وَلأَوضَعُوا خِلالَكُم يَبغُونَكُمُ الفِتنَةَ وَفِيكُم سَمَّاعُونَ لَهُم وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ \" وإن من الإفساد بين المسلمين ما فعله - عدو الله - عبد الله بن سبأ حيث أنه أدخل بدعة الرفض على المسلمين وحرض المسلمين على الخروج على عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ وما زال المسلمون في شر مستطير حتى هذا اليوم جراء تلك الفتة والتي تولاها هذا المنافق، وإن من الإفساد بين المسلمين محاولة المنافقين بناء مسجد الضرار على عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.



6 - الوشاية بالمؤمنين عند الملأ: فإن المنافقين يسعون عند السلاطين ليقتلوا الدعاة إلى الله المصلحين حتى يقضوا على دين الله، وأنى لهم ذلك؟، فهذا نبي الله عيسى المسيح ـ عليه السلام ـ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو إلى الله فيقوم أحد أتباعه وهو يهوذا فدل اليهود على مكان عيسى ـ عليه السلام ـ وحثهم على قتله فألقي عليه الشبه وقتل مكانه ورفع ـ عليه السلام ـ وقد يبلغ ببعضهم النفاق حتى يفتي بجواز قتل الصالحين بل يقول أقتله ودمه عليَ كما قال أحمد بن دُؤاد للمعتصم : ( أقتل أحمد بن حنبل ودمه عليّ يوم القيامة)!! ألهذا الحد وصل الحقد بالمنافقين على العلماء المصلحين؟.



وهذا مالك ـ رحمه الله ـ يشي به بعض المنافقين حسداً عند جعفر بن سليمان لما حدث بقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ \" ليس على مستكره طلاق \" حيث أن الذين كانوا يرفضون بيعة أبو جعفر المنصور وجدوا لهم مخرجاً بهذا الحديث وقد بايعوا مكرهين فلما علم جعفر بن سليمان بقول مالك استدعاه وجلده سبعين سوطاً، وأقد أفتى بعضهم بجواز قتل ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ، وقد سمعنا في بلادنا الإسلامية من يخطب ويفتي بجواز قتل بعض الدعاة زاعما أنهم خرجوا على الحاكم باللسان !!!!، وغيرهم كثير من العلماء، بغى عليهم المنافقون عند السلاطين يوسوسون لهم ويخوفونهم من العلماء، وينقلون لهم الكذب والزور.



بعدما سمعنا موقف المنافقين من الدعوة وأن ذلك ليس بجديد بل بدأ مع مبدأ الدعاة المصلحين من الأنبياء والصالحين عبر القرون يجب أن نتبرأ إلى الله - جل وعلا- منهم وأن نقف في وجوههم ونعاديهم ولو كانوا أقرب قريب لنا قال تعالى: \" لا تَجِدُ قَومًا يُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ يُوَادٌّونَ مَن حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَو كَانُوا ءَابَاءَهُم أَو أَبنَاءَهُم أَو إِخوَانَهُم أَو عَشِيرَتَهُم أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ, مِنهُ وَيُدخِلُهُم جَنَّاتٍ, تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنهُم وَرَضُوا عَنهُ أُولَئِكَ حِزبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزبَ اللَّهِ هُمُ المُفلِحُونَ \".



وقال تعالى ـ يحذر من اتخذ أحد المنافقين ولياً ـ: \"قُل إِن كَانَ ءَابَاؤُكُم وَأَبنَاؤُكُم وَإِخوَانُكُم وَأَزوَاجُكُم وَعَشِيرَتُكُم وَأَموَالٌ اقتَرَفتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخشَونَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرضَونَهَا أَحَبَّ إِلَيكُم مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ, فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأتِيَ اللَّهُ بِأَمرِهِ وَاللَّهُ لا يَهدِي القَومَ الفَاسِقِينَ \".

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply