بسم الله الرحمن الرحيم
شهدت قبة البرلمان المصري حالة من الاستغراب والاستنكار والإدانة لما نشرته صحيفة (النبأ) المستقلة التي تصدر أسبوعياً - وهي جريدة سيئة السمعة في مصر - حول تصريح على لسان خريج الأزهر عبد الصبور كاشف، كما قالت الصحيفة: إنه يحلل الزنا، وزنا المحارم وأن منزله مفتوح لأي شاب وفتاة، معللاً ذلك بأنه متعة شخصية، إضافة إلى أنه يحلل عدم الصلاة، ووصف بوش وشارون بالأنبياء، ووصف فيفي عبده بأنها مرسلة من الله لأداء مهمة، وهي راقصة شرقية كما يطلقون عليها في مصر، وكذلك الحال بالنسبة لجمال البنا الذي يتجرأ على الأحكام الفقهية..فما رد العلماء؟!
جهات خبيثة
{فضيلة الشيخ ناظم المسباح أدلى بدلوه في هذه القضية مؤكداً أنه بين الفينة والأخرى يتفاجأ الناس ببعض الفتاوى الشاذة التي تصطدم مع ثوابت الأمة، بل تصطدم بما هو معلوم من الدين بالضرورة.
وقال: إن مثل هذه الفتاوى قد يكون وراءها جهات لها أغراض خبيثة تريد زعزعة قيم وثوابت الدين في نفوس المسلمين، بحيث يظهر للناس أن هذا الرجل الذي يحلل الزنا ويحلل عدم الصلاة ويصف بوش وشارون بالأنبياء بأنه محسوب على العلم وأهل العلم، ومحسوب على الأزهر.
{وألمح إلى أنه قد يكون الهدف من هذه الإثارة امتصاص طاقة الأمة، فبدل أن يتفرغ العلماء والدعاة والمشايخ للعلم والعطاء والبناء، ينشغلون بسد مثل هذه الجبهات التي تفتح بين فترة وأخرى، وهذا أسلوب يسلكه المغرضون بالهجوم على قيم الدين ويصبح المسلمون دائماً في موقف الدفاع.
{وذكر الشيخ ناظم المسباح أن هذه الإثارة المغرضة قد يكون الهدف منها هو زعزعة مكانة وهيبة هذه الهيئة التي لها مكانة عظيمة في نفوس المسلمين في العالم الإسلامي كله، بحيث ينفض الناس عن حملة المؤهلات الشرعية من هذه المؤسسة، وقد يكون أيضاً مجرد إثارة صحفية لترويج الصحيفةº لأن مثل هذه الإثارة تشد وتلفت انتباه الناس.
{وأكد فضيلة الشيخ المسباح أن مثل هذه الفتاوى لا يجب أن تنشر في جريدة حتى ولو كانت هذه الجريدة لا يقرؤها أحد كما هو واضح، مشيراً إلى أن الصحفي لابد وأن يحترم ثوابت الدين وأمانة الكلمةº لأنه سيحاسب عليها يوم القيامة.
وأوضح أن من يدعي مثل تلك الإدعاءات وينكر الثوابت الإسلامية، إما أن يكون إنساناً مريضاً أو أنه يريد زعزعة ثوابت الدين، وحكمه في الإسلام إذا صح هذا الكلام وبعد أن تقام عليه الحجة يعد (ردة) لأن هذا مما هو معلوم من الدين بالضرورة.
الأحكام الفقهية
وبين أن الجرأة على الأحكام الفقهية وفتح باب التشكيك في أحكام الدين ما هو إلا لإزالة هيبة الفتوى والدين من صدور المسلمين حتى يسهل اختراق العالم الإسلامي، لاسيما بعد الضعف الواضح في نفوس المسلمين وفي بعض أولياء المسلمين، ولو علموا أن هناك أمثال الخلفاء الراشدين الذين كانوا حراساً للدين والشريعة، لما فعلوا ذلك.
وأوضح أن دور العلماء في مصر عظيم وعليهم أن يجتهدوا وأن يبينوا ويرشدوا طاقة الأمة وأن يقوموا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
{من جانبة أكد الشيخ عجيل النشمي الأستاذ بكلية الشريعة أن هذا الكلام لا يصدر من طالب في المرحلة المتوسطة، ومثل هؤلاء الأشخاص يخرقون أموراً قد أجمعت عليها الأمة والنصوص، لاسيما في هذه الأمور، كالزنا والمحارم، مشيراً إلى أن هذا الشخص يستحق العقوبة الرادعة من الجهات المسئولة في بلده وعدم تركه حتى يكون عبرة لأمثاله إذا صح أنه قال ذلك.
الآراء الشاذة:
{عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية د. محمد الطبطبائي علق قائلاً: لقد ابتليت الأمة الإسلامية بأمثاله منذ البعثة ومروراً بالتاريخ الإسلامي وإلى يومنا هذا، وهؤلاء لا يخلو أمرهم من حالتينº إما أن يكون مرتداً عن دينه لإنكاره لأمر معلوم من الدين بالضرورة كحرمة الزنا عموما فكيف بحرمة الزنا بالمحارم؟ وأنه لا نبي بعد محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وإما أن تكون تلك الادعاءات بسبب اختلال عقله وجنونه.
وهذا أشد حالاً من أولئك الذين جهلوا في دين الله - سبحانه وتعالى - كفتوى (البنا) بعدم وجوب الحجاب مع أن وجوبه مجمع عليه بين علماء الأمة الإسلامية ولا ينظر إلى أي خلاف فيه، والأخير ليس عالماً في دين الله - سبحانه وتعالى -، وهو ليس من أهل الفتوى والرأي حتى يأخذ قوله ومما يستغرب أنه شقيق للداعية الإسلامي حسن البنا، الذي كان يدعو طوال حياته المسلمين إلى التمسك بالحجاب.
ودعا الطبطبائي جموع المسلمين لعدم الاكتراث بهذه الآراء الشاذة التي لا تؤثر على المسيرة الإسلامية، لأن الله - سبحانه وتعالى - حافظ دينه وأن مثل هذه الإدعاءات والفتن لا تنطلي على عموم المسلمين.
{من جانبه بدأ الدكتور سليمان معرفي الأستاذ بكلية الشريعة حديثة بالآية القرآنية: قال - تعالى -: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون).
فالتشريع لله - تعالى - وحده وليس لأحد من البشر سوى النبي - صلى الله عليه وسلم - المؤيد بالوحي فالحلال والحرام بين واضح لا لبس فيه قال - صلى الله عليه وسلم -: ( الحلال بين والحرام بين) فمن حرم ما أحل الله - تعالى - أو حرم ما أحله - سبحانه - مستحلاً لذلك متعمداً قلبه فقد كفر بالله - تعالى -، فكل من أنكر معلوما من الدين بالضرورة كافر مرتد يستتاب فإن تاب وإلا قتل ردة.
وأشار إلى أنه في كل يوم تطالعنا وسائل الإعلام على اختلاف أشكالها وألوانها وتوجهاتها بكم هائل من التشويه والتحريف والتزييف والتبديل لأحكام الدين وثوابته، ولا نرى في المقابل من هذه الوسائل ما يدفع الباطل ويحق الحق إلا ما كان من ردود أو برامج سطحية يغلب عليها أسلوب الانهزام والضعف الذي أصيبت به الأمة من داء الأمم، وتمييع للدين وثوابته كميوعة شباب الأمة وتخنثهم وتشبههم بالنساء، فزاد الطين بلة، وازداد الداء علة.
وبين أن بعض الصحف طالعتنا بمن ينادي بتحليل الزنا والقوادة وسقوط الصلاة ووصف بعض الزعماء الكفرة الملاحدة بالأنبياء ووصف الساقطات السافلات بأنهن يؤدين مهمة، وإذا ثبت صحة هذا الكلام فهذه مصيبة كبرى.
كما طالعتنا هذه الوسائل بتجرؤ البعض على أحكام الدين الفقهية حتى تساءل شيخ الأزهر - حفظه الله - تعالى -عن سر هذه الهجمات في مثل هذا الوقت الذي تكالبت فيه أمم الكفر على الإسلام وأهله وتصريحها بسب رسول البشرية محمد - صلى الله عليه وسلم - علانية في إعلامها ونشرها صوراً تهين شخصية وكرامة المسلمين.
{وتساءل د. معرفي لماذا هذه الهجمة ممن يدعي الانتساب لهذا الدين متزامنة مع الهجمات العسكرية الغربية ودعمها للفكر المنحرف والعقائد الباطلة في بلادنا العربية والإسلامية.
لماذا هذا التساهل وهذا السكوت وعدم الأخذ على أيدي هؤلاء أين الحكومات العربية والإسلامية؟! ماذا تنتظر؟! لماذا السكوت؟ إن في عدم الأخذ على أيدي هؤلاء تقويض لحكمهم وإضعاف له. أين وزارات الأوقاف ولجان الشريعة من هذا الكفر؟!
ما سر هذا السكوت؟ وما سر هذا التخاذل؟ لماذا الاستسلام وتمييع قضايا الدين؟! ما جدوى هذه المؤتمرات وعقد الندوات التي لا يفهم منها سوى إظهار المسلمين بأنهم هم المعتدون دائماً، وأنهم يجب عليهم أن يفهموا الغرب ويراعوا مشاعره وعقائده الباطلة المنحرفة؟
لماذا لا يضع هؤلاء أيديهم على الداء الحقيقي؟ ولماذا يتعامون عنه؟ إني لا أرى مثلاً لهؤلاء في ظل هذا التردي والتخاذل سوى مقالة النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يبيع دينه بعرض من الدنيا).
{وأضاف إنه بيع الدين من أجل عرض زائل، وقد عشنا زمانا نرى فيه قلباً للمفاهيم والثوابت تحت شعار المحافظة على الثوابت والحقيقة أن هؤلاء لا يميزون بين ما هو من الثوابت وما هو من المتغيرات حتى طالعنا بعضهم بهذا الخلط الغريب العجيب حيث جعل الطواف حول الأضرحة والتمسح بها ودعاء أصحابها من دون الله - تعالى -وعبادتها من دونه - سبحانه - كالطواف حول الكعبة!!
{وتعجب د. سليمان أن يتم هذا الخلط وهذا التلبيس باسم العلم الشرعي! والسؤال: لماذا في مثل هذا الوقت؟
تنهال هذه الهجمات من كل حدب وصوب؟!
ولماذا هذه المؤتمرات الضعيفة وهذه القضايا المثارة فيها دون مراعاة للأولويات، لماذا لا تهتم هذه المؤتمرات بالأدواء المنتشرة في المجتمع كالانحراف السلوكي والتفكك الأسري وتفشي الجرائم بأنواعها، وتأمين الخونة وتخوين الأمناء، ونهب المال العام، وتردي التعليم وهبوط الإعلام، ونشر العقائد الفاسدة، وتمكين الغريب ومحاربة أبناء البلد، والحرص على الدنيا وجمعها؟! أين الأولويات؟!
إنني أخشى أن يكون هؤلاء قد نسوا الله - تعالى -وأبعدوه من حساباتهم واستبعدوا نقمته ومكره بأعدائه في خضم هذا العمى المادي الذي غطى أبصارهم وبصيرتهم، فراحوا يفسدون في الأرض بعد إصلاحها وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد