الاستعانة بالمشعوذين محرم ولا تُقوّل فقهاء الحنابلة ما لم يقولوا


 بسم الله الرحمن الرحيم

 



أكد فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن سعد اللحيدان المستشار القضائي الخاص والأمين العام للجمعية العالمية للصحة النفسية في المملكة والخليج حرمة الذهاب للسحرة والمشعوذين وأن من يقل بجواز الذهاب إليهم يرد الكلام على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

وقد أخطأ الشيخ العبيكان عندما أعلن ذلك دون أن يستشير العلماء حفاظ الحديث ويجمع عقله لعقولهم.

وبيّن اللحيدان أن العبيكان طالب علم وينبغي أن لا يخوض في مثل هذه المسائل دون الرجوع للعلماء وسؤالهم ويستشهد بأقوال ويعممها على فقهاء الحنابلة ويُقَوِلُهُم ما لم يقولوا...

وقال اللحيدان (للمدينة) رداً على تصريحات العبيكان حول جواز الذهاب للسحرة والمشعوذين وحل السحر بالسحر: تأصيل المسائل العلمية دون معرفة ما يَرِد عليها وما يورد إليها من أدلة ومن عام وخاص ومطلق ومقيد وناسخ ومنسوخ لابد من إدراكه ووعيه لأن الحكم على الشيء لابد أن يتفرع عن تصوره لكن التصور المطلق الكامل السالم من المُعارض.. هذا الأمر الأول.

الأمر الثاني: لابد من معرفة صحة الأقوال المنسوبة إلى أهلها..

الأمر الثالث: خطورة التأويل وتحميل أهل العلم السابقين ما لم يحتملوا لأن التأويل يحتاج إلى عقلية كبيرة تساوى عقلية ذلك الذي تكلم في مثل هذه المسائل الدقيقة.

والأمر الرابع: أيضاً مهم هو معرفة قواعد النظر العقلي الذي يتساوى مع النص الشرعي الصحيح لأن مُنَزِلَ الوحي هو الله - جل وعلا - وخالق العقل هو الله - جل وعلا - ولا يتعارض النص الصحيح مع العقل فإن تَعَاَرَض العقل مع النص الصحيح فإن العقل يكون مشبوهاً يعنى فيه نظر من حيث استيعابه ومن حيث حسن التصور والتصرف.

والأمر الخامس: أن فقه النص لا يتعدى المراد فيما يتعلق بالعبادات لأن الأصل في العبادات القطع والمنع إلا ما شرعه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.

والأمر السادس: لابد من استشارة أهل العلم الحفظة الذين أحاطوا علماً بفقه النصوص والنوازل والمستجدات وغالب هؤلاء اليوم لا يكتبون ولا يلقون الدروس وأمثال هؤلاء دخولهم في مثل هذه المسائل يثري القضية إثراءً عظيماً.

وكذلك أدعو كافة العلماء الرسميين والمستقلين أن يتقوا الله - جل وعلا - جميعاً وأن يدخلوا في الميدان لكن بعقل وحكمة وروِية واختصار دون الذهاب إلى مجرد الإنشاء أو الخطاب المباشر أو الميل إلى مجرد الوعظ والإرشاد هذه مقدمة تأصيلية لابد منها.



وأضاف اللحيدان: أما فيما يتعلق بالذهاب إلى السحرة والكهان فإنه لا يجوز وهذا مجمع عليه علمياً وهو مما عُلم من الدين بالضرورة لأن الذهاب إلى السحرة محرم، والحديث الصحيح في هذا معروف (من ذهب إلى ساحر فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد) وأيضاً الذهاب إلى الكهان مثل هؤلاء..

وأمر الذهاب إلى الساحر والكهان يعطى قطعاً للأدلة يعنى الذي يذهب إلى الساحر أو الكاهن يعنى أنه يلغى النصوص التي تزيل السحر ويلغي النصوص التي تزيل مرض الكهانة ومرض العين ومرض المس..

وقال الدكتور اللحيدان: ليس هناك ضرورة مقتضية أن يذهب المسحور للساحر وليس هناك ضرورة مقتضية أن يذهب الممسوس إلى من يخرج الجن عن طريق الجن لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وضع حداً لهذا كما في الترمذي والبخاري وكما في سورة البقرة فيما قوله - تعالى -(كالذي يتخبطه الشيطان من المس).

فحينما يذهب الممسوس أو المسحور إلى راقٍ, من التقاة البررة العارفين المدركين البعيدين عن الظلم وعن الغلو والبعيدين عن الإشراك وعن الحرام لاشك أن القرآن يؤثر تأثيراً عظيما في المسحور وأيضاً يؤثر تأثيراً عظيما في نفسية الذي مسته الكهانة أو أصيب بالعين أو أصيب بالمس ولذلك قال الله - تعالى -(ما فَرَّطنَا في الكتاب من شيء).

وأضاف فضيلته: لكن المسألة تحتاج إلى أن العالم يرتفع قليلاً قليلاً إلى فهم مراد النص لأن القرآن نزل بلغة عربية وأدلة الأدعية وأدلة الأذكار وأدلة الموجبات كلها واضحة كذلك أحاديث البخاري ومسلم والأربعة وابن أبى شيبة وأحمد والمصنف لعبد الرزاق، النصوص موجودة متواترة لإزالة السحر بالرقية وإزالة المس بالرقية وإزالة الكهانة والعين بالرقية كلها موجودة فكيف يمكن لمسلم عاقل مميز أن يذهب إلى ساحر.. نعم ابن تيمية تكلم عن هذا لكن التكلم عند الإمام ابن تيمية غير واضح100% ولذلك لا يُحَمَل ابن تيمية محمل حسب ما يراه أحد (ما) ولا يمكن أن يحمل الإمام البخاري في تبويبه لبعض الأبواب غير ما تحمله..

والشيخ عبد المحسن العبيكان أعرفه معرفة جيدة أعرفه طالب علم متمكنا وجيدا لكن الثقة قد يجوز عليه الخطأ وهذا مذهب أهل الجرح والتعديل من علماء الحديث الطبقة الثانية والثالثة والرابعة إلى طبقة البخاري الحادية عشرة ولذلك أنصح كافة العلماء بالتريث وعدم التعجل فحينما يسأل عالم عن مسألة مثل هذه المسائل يجب أن يراجعها ويتصل بالحفظة من أهل الحديث الذين يعرفون النواسخ والمنطلقات والعمومات وأدلة الاختلاف والاستنتاجات العقلية والنظرية وأسأل الله للشيخ عبد المحسن التوفيق والهداية وأدعوه إلى التريث قليلاً.



وأضاف اللحيدان: لا أظن أن عبد المحسن العبيكان يقصد أن يحث الناس على الذهاب للسحرة بكلامه المنشور في (المدينة) أمس لأنه رجل طالب علم ورجل مأمون وأثق به شخصيا ثقة كبيرة فيما أعلم عنه والنوايا لا أعلمها أحسبه كذلك وحسبه الله.. لكن كان الأولى أن لا يفعل هذا الشيء أنا من رأيي حسب علمي وحسب حفظي للآثار والقرآن ولله الحمد..

أرى أنه لا يصلح أن يذيع هذا إلا أن يجعل هناك شرطا وضوابط قوية جيدة فهو يختم هذا بعدم جواز الذهاب إلى السحرة خاصة في هذه الفترة التي كثرت فيها البدع وكثر فيها المتطرفون والمتعالمون.

ولو تتبعت ما يجري في العالم عبر الأنترنت لوجدت أن المفتين أكثر من الذي يحفظ، كل من بدأ يقرأ يفتي، كل من بدأ يلقي محاضرة يفتي، كل من بدأ يؤلف يفتي، والأولى والأرفق بالشيخ عبد المحسن العبيكان أنه لا يظهر هذه الأمور، يجعلها بينه وبين نفسه ثم يستشير ويستشير ويجمع عقله إلى عقول الآخرين.

واختتم اللحيدان قائلاً: أما ما يتعلق في فقه الحنابلة فالشيخ عبد المحسن عمم هنا والصحيح أنهم جزء قليل وهم ليسوا من أهل الحديث إنما فقهاء وهذه اجتهادات شخصية من هؤلاء الفقهاء لا يحسن تعميمها على عامة الفقهاء.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply