فتوى ( حل السحر بالسحر ) تمكين للمفسدين في الأرض


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 




أكد عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح بن فوزان الفوزان أن \"حل السحر بالسحر\" غير جائز وأن الفتوى التي أجازته ستفتح باباً للشر، وقال في رده على فتوى بعض من أجاز ذلك:

تكرر النشر في بعض الصحف والبث في بعض الفضائيات ما أفتى به بعضهم من جواز حل السحر بسحر مثله. ولا شك أن هذه الفتوى تفتح على الناس باب شر كبير قد لا يتصوره ذلك المفتي، وهذه الفتوى مردودة بأمور أهمها أن السحر أعظم المحرمات بعد الشرك ومنها:

أولاً: أنه لا يجوز التداوي بالحرام، والسحر كفر، والكفر أشد المحرمات والدليل على أنه كفر قوله - تعالى -: (ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر) وقوله - تعالى - عن الملكين: (وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر) أي لا تتعلم السحر. وقوله - تعالى -: (ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق) أي علم اليهود أن من استبدل السحر بالإيمان ما له نصيب في الجنة. وقوله - تعالى -: (ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون) أي لو تركوا السحر لبقوا على إيمانهم ولحصلوا على ثواب الله وجنته فدل ذلك على أن الكفر يتنافى مع الإيمان وفي الحديث: (ومن سحر فقد أشرك).



ثانياً: أن الساحر مفسد في الأرض. قال - تعالى -: (ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين) وقال - تعالى -: (ولا يفلح الساحرون) (ولا يفلح الساحر حيث أتى) وفي الفتوى بجواز حل السحر بسحر مثله تمكين للسحرة أن يفسدوا في الأرض بحجة العلاج بحل السحر.



ثالثاً: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: (حد الساحر ضربه بالسيف) وقد نفذ هذا الحكم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد كتب عمر - رضي الله عنه - إلى عماله أن اقتلوا كل ساحر وساحرة. قال الراوي: (فقتلنا ثلاث سواحر). وقتلت أم المؤمنين حفصة بنت عمر - رضي الله عنها - جارية لها سحرتها. وقتل جندب بن كعب - رضي الله عنه - ساحرا يلعب عند الخليفة يتظاهر أنه يقتل الشخص ثم يحييه فقتله جندب. وقال: إن كان صادقاً فليحي نفسه. ولهذا قال الإمام أحمد - رحمه الله -: صح قتل الساحر عن ثلاثة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني هؤلاء.



رابعاً: وأما استدلال من أفتى بحل السحر بسحر مثله بأن هذا من باب الضرورة فنجيب عنه بأنه ليس هناك ضرورة للعلاج لأن هناك مما يباح من العلاجات ما يغني عنه والحمد لله وهو العلاج بالرقية الشرعية والأدوية المباحة المجربة مع التوكل على الله ودعائه والتضرع إليه فهو - سبحانه - يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.

ثم إن السحر كفر ولا يباح الكفر للضرورة وكذا استدلال ذلك المفتي بأن بعض العلماء أجاز حل السحر بسحر مثله نجيب عنه بأن أقوال العلماء إذا خالفت الدليل فإنه لا يجوز العمل بها وهذا القول مخالف للكتاب والسنة كما وضحنا فلا يجوز الأخذ به. قال الله - تعالى -: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً).

وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: النشرة حل السحر عن المسحور. وهو نوعان:

الأول: حل السحر بسحر مثله وهو الذي من عمل الشيطان فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب فيبطل عمله عن المسحور.

والثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية المباحة فهذا جائز. وقول العالم يستدل له ولا يستدل به.

وختاماً أقول: إنه إذا أفتي بالعلاج عند السحرة ليحلوا السحر كما يقول هذا المفتي فإن في هذا إتاحة للسحرة أن ينتشروا في بلاد التوحيد، بلاد الحرمين الشريفين مهبط الوحي ومهد الرسالة بعد أن طهر الله تلك البلاد منهم بدعوة التوحيد.

وفي هذه الفتوى أيضاً فرصة للسحرة أن يسحروا الناس ثم يقولوا تعالوا نعالجكم من السحر. فعلاج السحر الحقيقي إنما هو بتطهير البلاد من السحرة بمنعهم من دخول البلاد وتنفيذ الحكم الشرعي فيمن وجد منهم بين المسلمين، بهذا يعالج السحر حقيقة.

ولا يتم هذا إلا بالتعاون مع أهل الحسبة ورجال الأمن على مطاردتهم وهدم أوكارهم.

وفق الله المسلمين حكاماً ومحكومين للعمل بكتابه وسنة نبيه وحماية العقيدة.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply