دور اليهود في إفساد الأخلاق


 

بسم الله الرحمن الرحيم



الخطبة الأولى:

أما بعد: فقد وصف الله عز وجل اليهود في كتابه بأنهم مصدر الحروب ومشعلوها ومصدر الفساد وناشروه وهذه حقيقة فسرتها الوقائع قديمًا وحديثًا، فقديمًا كان اليهود أعداء الله والرسل يقتلون الأنبياء بغير حق ويحاربون رسالات الله ثم أصبحوا أعداء البشرية جميعًا ويسمون ما سوى اليهود من البشرية: \"الأمميين\" ويحرصون بكل الوسائل على تدميرهم بإشعال نار الحروب بين هؤلاء الأمميين بتدمير عقائدهم وإفساد أخلاقهم أولاً، ثم ليسهل عليهم تدمير كيانهم ثانيًا. وذلك لأن أي أمة إذا اختلت عقيدتها وفسدت أخلاقها انهار كيانها.



فالمتفقّه في نصوص الشريعة الإسلامية يخرج بنتيجة هامة في هذا الصدد هي أن أهم وأخطر قاعدتين إستراتيجيتين في حياة الأمة المسلمة هي عقيدتها وأخلاقها العامة ولذلك فإن أي هجوم يتهدد هاتين القاعدتين الاستراتيجيتين فإنه يجب أن يعتبر بمثابة هجوم عسكري صريح للاحتلال، لأن تهديد عقيدة الأمة وتهديد أخلاقها العامة معناه تدمير الأمة واحتلالها ولذلك أيضًا فإن أي فرد من أفراد الأمة أو أي مجموعة في الأمة تحاول العبث في عقيدة الأمة أو أخلاقها العامة فإنها تشكل أخطر تهديد داخلي وترتكب أقبح وأخبث خيانة بحق الأمة لأنها بعبثها بأخلاق الأمة العامة، بالأخلاق العامة للأمة أو بعبثها بعاداتها فإنها تنفذ فعلاً مخططات اليهود الخبيثة الماكرة شعرت بذلك أو لم تشعر، قال الله - تعالى - في وصف اليهود: \"كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادًا والله لا يحب المفسدين\" [المائدة:64]. فاليهود دائمًا يشعلون نار الحروب بين البشرية بين الأممين ويسعون أولاً إلى نشر الفساد الخلقي في مجتمعات الأممين حتى يسهل عليهم بذلك تدميرهم والسيطرة عليهم.



إنهم لا يتورعون عن ارتكاب واستخدام أي وسيلة لتحقيق أهدافهم الماكرة وأغراضهم الخبيثة. المرأة مثلاً يفسدونها ويغرونها للانطلاق في مجالات الفساد حتى إذا وقعت في حبائلهم الماكرة ومكائدهم المدمرة وخرجت المرأة من مملكتها الربانية من بيتها وتمردت على آدابها الشرعية استغلوها إذن أبشع استغلال لإفساد الأخلاق العامة للأمة.



انظر مثلاً في مجتمعات، انظر كيف اجترءوا على إبراز المرأة على شاشات التلفاز وعلى صفحات المجلات. أبرزوها وأظهروها متجردة من الحياء والحشمة متبرجة تصرخ مفاتنها بالتدمير والفساد للأخلاق العامة للأمة، تصرخ فتنتها على شاشات التلفاز وصفحات المجلات بتدمير الحصانة الخلقية والأدب الرفيع الذي ربانا عليها إسلامنا تصرخ فتنتها على شاشات التلفاز وصفحات المجلات بتدمير أخلاقنا السامية الرفيعة التي حصَّن الإسلام بها مجتمعات المسلمين.



أي مكيدة يهودية خبيثة هذه وأي هجوم صارخ خبيث على أخلاق الأمة لقد استغلوا المرأة أبشع استغلال وهذه خطة يهودية ماكرة معروفة إن هذا الذي ترونه في مجتمعات المسلمين على شاشات التلفاز أو على صفحات المجلات بهذا الشكل تمرد معلن على آداب القرآن الكريم، فالله - سبحانه وتعالى - شرع للمرأة في كتابه الكريم مبادئ أساسية وآدابًا شرعية.



قال - عز وجل - مخاطبًا النساء المسلمات، مخاطبًا النساء في المجتمع المسلم: \"وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا\" [الأحزاب: 33].



هذا هو المبدأ الذي شرعه الله عز وجل للنساء في كتابه فماذا تقول شاشات التلفاز وصفحات المجلات في مجتمعاتنا المسلمة إنها تصرخ وتقول بكل وقاحة: لا تقرن في بيوتكن بل أخرجن من بيوتكن، تبرجن وتحررن من الحياء والحشمة لا تقمن الصلاة لا تؤتين الزكاة ولا تطعن الله ورسوله حتى ينتشر الرجس في صفوف الأمة وتصبح الطهارة بين شبابها أحلامًا وأوهامًا.



من الآداب القرآنية التي شرعها ربنا عز وجل للنساء في مجتمعات المسلمين قوله - تعالى -: \"فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض\" [الأحزاب: 32] فماذا تقول شاشات التلفاز وأجهزة الأعلام في مجتمعات المسلمين؟ إنها تحرض المرأة وتدعو المرأة للخضوع في القول بل إن خضوع المرأة بالقول في الأغاني الهابطة الساقطة ركن أساسي في برامج الإذاعات والتلفاز، فأي تمرد هذا أي تمرد معلن على مبادئ قرآننا وآداب شريعتنا المطهرة هذه من مكائد اليهود الماكرة الخبيثة التي حاكوها في الخفاء لكنها أصبحت معروفة معلنة التجارب من حولنا والوقائع في التاريخ، الوقائع قديمًا وحديثًا تتحدث عن هذه المكائد الخبيثة اليهودية الماكرة ولكننا نحن المسلمين ما أسهل وقوعنا في هذه الحبائل والمكائد اليهودية الماكرة الخبيثة. نقع فيها بكل سذاجة وسهولة ويسر ولكن كيف نتفرج نحن أفراد الأمة، كيف نتفرج على أخلاقنا العامة وعلى أعراضنا وهي تنهشها ليل نهار مخالب يهودية الطابع، إن كل فرد من أفراد الأمة المسلمة مسئول لأنه هو المقصود بهذا الغزو اليهودي الصارخ فعلى كل فرد منا أن يكافح هذا الغزو اليهودي الصارخ بما يستطيع.



لو أن كل فرد في المجتمع المسلم فعل ما يستطيع ضد هذه المكائد اليهودية الخبيثة لفشلت والله واندحرت ولكننا غافلون نائمون لا نحرك أيدينا ونحن نقدر على تحريكها لا نحرك ألسنتنا ونحن نقدر على النطق بها لا نحمي أعراضنا وأخلاقنا ونحن قادرون على ذلك، فحينئذ لا يلومن كل رب أسرة كل صاحب بيت كل أب أبناء وبنات لا يلومن إلا نفسه إذا وصل الحريق إليه إذا وصل الحريق إلى بيته وإلى أبنائه وبناته وأخواته ونسائه ثم نشتكي بعد ذلك من تفاقم الأزمات واشتداد المحن والأزمات من تفاقم المحن الاجتماعية على وجه الخصوص التي ملخصها وموجزها أن أوجه الحلال أصبحت محاطة بالصعوبات والتعقيدات والإعاقات والعراقيل التي صنعناها بأنفسنا بجهلنا وغفلتنا حتى عزف كثير من الشباب عن أوجه الحلال بينما أوجه المحرمات ومسالكها متاحة ميسرة وأبوابها مفتوحة مشرعة والشباب يجد كل تشجيع وكل دعم وإغراء لاقتحامها والأقدام عليها حتى إذا لم يوجد وجه من أوجه الحرام لدينا ووُجد عند غيرنا وجد شبابنا من يشجعه على شد الرحال والسفر إليها ويدعمونه وييسرون له ذلك بكل الوسائل والمغريات نشتكي من تفاقم الأزمات الاجتماعية هلاّ أوقفنا أولاً وقبل كل شيء هذا الهجوم الخبيث الماكر على أخلاقنا العامة وعلى أعراضنا، ماذا يجدي أن تصنع أي شيء قبل إطفاء الحريق وإنقاذ البيت من النار. أطفئ الحريق أولاً وأنقذ بيتك من الدمار والانهيار ثم بعد ذلك اصنع ما شئت في ترميم البيت وإعادة بناءه وترميم جدرانه وتقوية أركانه وإلا فلو ذهبت ترقع وترمم والحريق يقاومك ويغالبك ويسابقك فليس هذا حلاً مجديًا، أوقفوا أولاً الهجوم على حدودكم الحقيقية إن لكم يا مسلمون حدودًا حقيقية وحدودًا أرضية فاحرسوا حدودكم الحقيقية، احرسوا إيمانكم احرسوا عقيدتكم احرسوا أخلاقكم العامة وحصونها ودافعوا عنها كما تدافعون عن حدودكم الأرضية وكما تدافعون عن مناطقكم وحدودكم العسكرية، احرسوا حدودكم الحقيقية قبل أن تحرسوا حدودكم الأرضية.



يا عقلاء الأمة ما فائدة أن تحرسوا حدودكم الأرضية بكل ما أوتيتم من قوة وحدودكم الحقيقية إيمانكم وعقيدتكم وأخلاقكم العامة قد غزاها اليهود في عقر داركم وفي وسط بيوتكم وبين نسائكم وأبنائكم وبناتكم.



إذا حرستم حدودكم الحقيقية ودافعتم عنها حينئذ تنحل أزماتكم وتختفي مشكلاتكم وتحصلون على الأمن الحقيقي وعلى القوة الحقيقية وعلى السلامة الكاملة حينئذ فقط تنحلّ خطط اليهود، ويندحر هجومهم عليكم وتنطفئ نيران حربهم التي دأبوا على إشعالها، التي دأبوا على إذكائها دائمًا بينكم حينئذ فقط يتحقق وعد الله عز وجل بإطفاء تلك النار التي اعتاد اليهود أخبث خلق الله أعداء الأنبياء والرسل أعداء رسالات الله أعداء البشرية اعتادوا على إشعالها: \"كلما أوقدوا حربًا أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادًا والله لا يحب المفسدين\" [المائدة: 64].



بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات الذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فقد غوى ولا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئًا.



أما بعد... فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.



وعليكم أيها المسلمون بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار.



يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون [آل عمران: 102] يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدًا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا [الأحزاب: 70،71].



يا بن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك ملاقيه وكن كما شئت فكما تدين تُدان.



وصلوا على خاتم النبيين وإمام المرسلين فقد أمركم الله بذلك في كتابه المبين فقال جل من قائل: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا [الأحزاب:56].



وقال: ((من صلى علىّ واحدة صلى الله عليه بها عشرًا))[1]



اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.



وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وذي النورين عثمان وأبي السبطين علىَّ وعن آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن الصحابة أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وعفوك وإحسانك يا أرحم الراحمين.



-----------------------------

[1] صحيح مسلم (408) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply