أن تنتصر على هتلر!


بسم الله الرحمن الرحيم



الكتاب: أن تنتصر على هتلر.

المؤلف: أبراهام بورغ.

الناشر: يديعوت سفريم/ تل أبيب.

بالنسبة لكل من يتابع الإنتاج الفكري في الكيان الصهيوني لا يشك بأن الكتاب الذي ألفه رئيس الكنيست الإسرائيلي الأسبق أبراهام بورغ بعنوان: \"أن تنتصر على هتلر\"، والصادر عن دار النشر (يديعوت سفريم) في تل أبيبº يهز بقوة كل الأسس التي استندت إليه الفكرة الصهيونيةº ففي هذا الكتاب يعلن بورغ \"طلاقه\" للصهيونية بعد أن يطالب بإلغاء الطابع اليهودي لدولة إسرائيل، ولا تنبع أهمية وتاريخية ما جاء في كتاب بورغ لأن مؤلفه هو رئيس سابق للكنيست، ومن قادة حزب العمل سابقاً، بل إن بورغ المتدين شغل في الماضي الوكالة اليهودية التي تُعدّ أهم وأكبر مؤسسة تجسد الفكرة الصهيونية، لمسؤوليتها عن تهجير يهود العالم إلى إسرائيل، ولأنه أيضاً نجل الدكتور يوسيف بورغ من مؤسسي حزب \"المفدال\" الديني، والذي يُنظر إليه كرمز \"وطني\"º لأنه ظل وزيراً في حكومات إسرائيل من العام 48م حتى العام 1983م.

يسخر بورغ في كتابه من زعم إسرائيل بأنها دولة ديمقراطية، معتبراً أنه لا يمكن الجمع بين اليهودية والديموقراطية، ويسدّد بورغ سهامه لعدد من \"البقرات الصهيونية المقدسة\"، ويطالب بالتنازل عن الطابع اليهودي قائلاً: إن الدولة هي \"وسيلة علمانية لا تهتم تماماً بالشحنة الروحانية، أو الصوفية، أو الدينية، إن تعريف إسرائيل أنها دولة يهودية يصبح شيئاً قابلاً للانفجار\"، ويشير إلى أن مفتاح نهاية إسرائيل هو الطابع اليهودي للدولة، كما يسخر بورغ من قانون العودة الذي يضمن لكل يهودي في أي بقعة من العالم الحق بالهجرة إلى إسرائيل، وأن يصبح \"مواطناً\" فيها، مطالباً بإلغائه، وأضاف: \"قانون العودة قانون اعتذاري، هذه صورة مرآة لهتلر، لا أريد أن يحدد لي هتلر هويتي، أنا كديمقراطي وكإنساني يعرض القانون علي تناقضاً، قانون العودة يفصل بيننا وبين يهود الشتات وبيننا وبين العرب\"، وهاجم بورغ بشدة استلاب المجتمع الإسرائيلي لمفهوم القوة قائلاً: \"أحب أن تعرفوا أن الإسرائيلي يفهم القوة فقط، لو كان شخص ما كتب أن العربي يفهم القوة فقط، أو أن التركماني يفهم القوة فقطº لكان اتّهم فوراً بأنه عنصري وبحق\"، وأضاف: \"أرى مجتمعي يذوي أمام ناظري، أردت أن يدرك التيار المركزي أنه عندما ندع الجيش ينتصر (بحسب الشعار الإسرائيلي الذي يرفعه اليمين الإسرائيلي) فإنه غير قادر على ذلك (غير قادر على أن يعي أن القوة ليست هي الحل)، إن الحديث عن محو غزة يدل على أننا لم نستوعب الدرس».

ويعتبر بورغ أن المجتمع الإسرائيلي هو مجتمع \"مذعور\"، ويضيف: \"إننا معوقون نفسياً، إسرائيل تعاني صدمة نفسية مستديمة، صدمة النازية أفقدتنا توازننا، إننا نعيش بشعور أن كل العالم ينفر منا، التشدد يسيطر على هويتنا، إننا مجتمع يعيش على سيفه، وهذا الشعور ورثناه من ألمانيا، وكأن ما سلبوه منا خلال (12) عاماً يحتم علينا أن يكون سيفنا كبيراً جداً، أليس جدار الفصل الذي نقيمه في الأراضي الفلسطينية خير دليل على انفصام الشخصية الذي نعانيه؟»، ويعتبر بورغ أن إصرار إسرائيل على احتلال الأراضي العربية جزء صغير جداً من المشكلة، ويضيف: \"إسرائيل مجتمع خائف، من أجل البحث عن مصدر وسواس القوة واقتلاعه يجب علاج المخاوف، والخوف الأعلى، الخوف السابق هو ستة ملايين يهودي قُتلوا في الكارثة\"، ويحذر من أن مصدر قوة اليمين في إسرائيل تكمن في حرصه على نشر البارانويا، أنا أقبل وجود صعاب، ولكن هل هي مطلقة؟ هل كل عدو هو أوشفيتس؟ هل كل حماس طاغية؟\"، ويضيف \"أنا أزعم أن من الصحيح الآن أن دولة إسرائيل بجميع أبعادها تقريباً هي دولة صدمة، وليست هذه مسألة نظرية فقط، ألن تكون مواجهتنا لإيران أفضل إذا جددنا في إسرائيل القدرة على الثقة بالعالم؟ ألن يكون من الأفضل أن نعالج التهديد الإيراني ضمن النظام العالمي الذي يبدأ بالكنائس المسيحية، مروراً بالحكومات، وانتهاء بالجيوش؟

لكن عندنا - بدل ذلك - يقولون: لا نتكل على العالم، ونحن سنقصفهم وحدنا\"، ويضيف بورغ: «الفاشية هنا الآن، إسرائيل هي دولة بلطجية ومستقوية، وقاسية وإمبريالية، وسطحية، فاقدة لأصالة الروح، ومنطوية على نفسها، الدعوات المتتالية إلى قتل الفلسطينيين، وهدم منازلهم وترحيلهم، والقتل وشرعنة سياسة الترحيل (الترانسفير) من خلال مشاركة أصحاب هذه السياسة في الائتلاف الحكومي دليل على انتشار الفاشية»، ويضيف: «لقد تجاوزنا عدداً هائلاً من الخطوط الحمر في السنوات الأخيرة، لا أستبعد أن يشرّع الكنيست في السنوات المقبلة قوانين ضد العرب تضاهي بعنصريتها قوانين نورمبيرغ».

وبطبيعة الحال فقد أثار كتاب \"بورغ\" عاصفة قوية في الأوساط اليمينية الصهيونية، حيث تنافس الساسة وممثلو النخب المثقفة في إسرائيل على مهاجمة الكتاب، والتشهير بصاحبه رغم مكانته العلمية والسياسية في إسرائيل.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply