بسم الله الرحمن الرحيم
منذ صبيحة الحادي عشر من سبتمبر 2001، أصاب العقل الأمريكي بشكل خاص والأوروبي بشكل عام الهوس والقلب الفزع والسياسة بالاندفاع، وأخذ الإعلام الغربي بمزيج هائل من الهوس والفزع والطيش، يعمل على التحريض للأخذ بالثأر الفوري وعلى الكراهية لكل ما هو ومن هو عربي ومسلم، العدو المستهدف الجديد، بعد سقوط العدو الشيوعي.....
لقد بدأت ماكينة ضخ الكراهية وبث التحريض تعمل بسرعة وعصبية زائدة عن الحد، ظهرت تجلياتها على صفحات الصحف وشاشات التلفاز، في بلدان يمثل الإعلام فيها بكل وسائطه، القلب النابض والعقل المفكر واللسان الفالت والسوط اللاذع.
وأصبح السؤال على ألسنة الجميع في أمريكا من الرئيس بوش الابن إلى أصغر مواطن في الشارع الأمريكي والغربي بشكل عام، هو لماذا يكرهنا هؤلاء الناس، المسلمون والعرب، لماذا يحقدون علينا إلى هذا الحد.
وكانت وسائل الإعلام سباقة في الإجابة على السؤال الحائر، اختصرت الموقف وابتسرت العلاقات، بقولها إنهم يكرهوننا لأننا متقدمون متحضرون ديمقراطيون، بينما هم متخلفون إرهابيون استبداديون، نتاج الفقر والفساد والتخلف والديكتاتورية، أتباع دين يحض على كراهية الآخرين ويحرض ضد الغرب الأوروبي الأمريكي \" المسيحي اليهودي \"، ويلقن أتباعه قتال كل من عداهم باسم الجهاد!!
ها هو الجهاد الإسلامي المسلح يقتحم المقدسات الأمريكية المسيحية باسم الأصولية، وجاء الرد سريعاً من جانب الأصولية المسيحية الإنجيلية الأمريكية خصوصاً، تحريضاً على الكراهية، بدعم وتحريض من الأصولية اليهودية..
ولقد تحولت وسائل الإعلام الأمريكية خصوصاً إلى ساحة مفتوحة لهجوم الأصولية المسيحية الأمريكية والأصولية الصهيونية المتشددة ليس على الأصولية الإسلامية المتطرفة، ولكن على الإسلام كدين وعلى رسوله كنبي وعلى المسلمين عموماً كبشر..
وبقدر ما امتلأت إدارة بوش بالصقور المعبرين عن التيار اليميني المتصاعد في الحزب الجمهوري، مثل ديك تشيني نائب الرئيس، ودونالد رامسيفيلد وزير الدفاع، وولفو فيتز، وكندا ليزا رايس وزيرة الخارجية، وريتشارد بيرل رئيس مجلس سياسة الدفاع السابق، الذين أطلقوا الآراء والتصريحات السياسية المتشددة والمتطرفة الداعية للحرب الشاملة ضد العالم العربي والإسلامي، بحجة محاربة الإرهاب.
وبقدر ما شن الصقور الدينيون حملات إعلامية ذات طابع وعظي ديني، مؤثر ونفاذ عبر وسائل الإعلام المختلفة، ضد الإسلام والعرب والمسلمين، استغلالاً لتأثير عظاتهم \" الدينية الأخلاقية \" في تشكيل الوعي العام للمؤمنين الأمريكيين على الأقل، ودفعهم إلى الإيمان بأن الحضارة المسيحية اليهودية تخوض حرب حياة أو موت ضد الإسلام والمسلمين الأشرار المتخلفين الكارهين الحاقدين، بصرف النظر عن تحالف معظم الحكومات العربية والإسلامية مع أمريكا في الحرب ضد الإرهاب.
وإذا كان القس الأمريكي جيري فالويل قد وصف نبي الإسلام \" - صلى الله عليه وسلم - \" بأنه دين الشر ومتبعوه أشرار بالضرورة، لكن القس الأكثر تعصباً بات روبرتسون سارع فأدلى بدلوه لوسائل الإعلام ومن خلال عظاته الأسبوعية في الكنائس الإنجيلية، فقال إن الإسلام دين قام على الحرب والعدوان وقهر الآخرين واستعباد المرأة ومعاداة المسيحيين واضطهادهم ومحاربة اليهود، ولذلك \" فأنني اعترض بشدة على وصف الرئيس بوش للإسلام بأنه دين تسامح، إن الأمريكيين لم ينتخبوا بوش زعيماً للفقهاء ولا إماماً للأديان... إن هتلر كان شريراً سيئا، ولكن ما يفعله المسلمون الآن أكثر شراً وسوءاً... \"
وفي مقابل استغلال القساوسة الأمريكيين المتعصبين أمثال بات روبرتسون، وفرانلكين جراهام، وجيري فالويل، وجيمي سواجرت، لإمبراطورية الإعلام خصوصا شبكات الإذاعة والتلفزيون التي يملكونها أو لهم تأثير كبير فيها، لنشر روح العداء للإسلام والكراهية للمسلمين، وصولاً لوصف الإسلام بأنه دين شرير يحرض على الشر والقتال ضد الآخرين باسم الجهاد، ووصف النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - بأنه نبي محارب نشر دعوته بالسيف وحده وحرض أتباعه على قتل اليهود والمسيحيين....
ومن جراء هذا التحريض الإعلامي \" الديني السياسي \" واندفاع الآلة الإعلامية الأمريكية الجبارة في الترويج له، وفي غرسه في الوعي العام تشكيلاً وتزييفا أن ساد في الرأي العام الأمريكي والغربي، اقتناع بأن الدول الغربية وشعوبها مستهدفة بكل قيمها الأخلاقية والدينية وعليها أن تخوض حرباً دينية / حضارية أخلاقية مقدسة هي \" حرب عادلة \" بكل المقاييس.
وها هو رأس الهرم الديني الكاثوليكي يفصح عما يفكر به كل غربي تجاه الإسلام والمسلمين وبدون مواربة وبشكل استفزازي. ففي محاضر ه للبابا القاها في ألمانيا حول الإيمان والعقل.
اقتبس بنديكتوس الـ16 مقتطفا من كتاب إمبراطور بيزنطي يقول فيه إن محمد - عليه الصلاة والسلام - لم يأت إلا بما هو سيئ وغير إنساني كأمره بنشر الإسلام بحد السيف.
وقال البابا إنّ العقيدة المسيحية تقوم على المنطق لكن العقيدة بالإسلام تقوم على أساس أن إرادة الله لا تخضع لمحاكمة العقل أو المنطق. كما انتقد \'الجهاد واعتناق الدين مرورا بالعنف\' بلغة مبطنة.
وأثارت تلك الملاحظات ردودا متباينة فقد دعا عميد الجالية الباكستانية بإيطاليا إعجاز أحمد، بابا الفاتيكان، إلى سحب كلامه عن العقيدة الإسلامية.
وقال إعجاز أحمد \'إن البابا في خطابه أغفل أن الإسلام كان مهد العلوم وإن المسلمين كانوا أول من ترجم الفلسفة الإغريقية قبل انتقالها إلى التاريخ الأوروبي\'. وأضاف أن \'العالم الإسلامي يعيش حاليا أزمة عميقة وأي هجوم من الغرب قد يؤدي إلى تفاقم هذه الأزمة\'.
ومن جانبه ذكر جيل كيبيل، الخبير الفرنسي الشهير في الإسلام، أن البابا \'حاول الدخول في منطق النص القرآني\' لكنه رأى أن النتائج \'تنطوي على مجازفة لأن الخطاب قد يحمل قسما من المسلمين على التطرف\'.
وكان عالم اللاهوت المعارض هانس كونغ أكثر تشددا، حيث رأى في تعليق أوردته وكالة الأنباء الألمانية أن \'هذه التصريحات لن تلقى بالتأكيد ترحيبا لدى المسلمين وتستوجب توضيحا عاجلا\'.
وأمام الردود التي أثارتها ملاحظات البابا، اضطر الأب فيديريكو لومباردي المدير الجديد للمكتب الإعلامي التابع لبنديكتوس الـ16 إلى التحدث للصحفيين ليوضح أن \'البابا لم (يشأ) إعطاء تفسير للإسلام يذهب في اتجاه العنف\'.
غير أن بعض خبراء الفاتيكان رأوا أن البابا أراد على ما يبدو وضع شروط لحوار مع المسلمين قبل زيارته المقررة إلى أنقرة بين 28 و30 نوفمبر/تشرين الثاني.
وقد عارض بنديكتوس الـ16 باستمرار انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
أليس هذا فيه مهانة واستهتار بكل مسلم، وإلى متى سيبقى مسلسل الإهانات ونشر الكراهية للدين الإسلامي.
وأين المسلمين والغيورين على دينهم مما يتعرض له على أيادي رجال الدين الغربيين بعد ما أخذت الدعاية السياسية مفعولها وصمتت.
وأين كبار رجال الدين الإسلامي وأصحاب الفتاوى التي تصيب المسلمين ولا تتطلع إلى ما يضمره الآخرون للإسلام.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد