جدل متصاعد بالجزائر حول ظاهرة التنصير


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 



تشهد الجزائر حاليًّا جدلاً واسعًا حول حالات تنصير، ففي الوقت الذي تتحدث الصحافة الجزائرية وجهات إسلامية عن اتساع ظاهرة التنصير في البلاد وامتدادها في الفترة الأخيرة من منطقة القبائل إلى أنحاء أخرى من البلاد، قلّل مسئولون رسميون من شأن هذه التقارير وشددوا على أن الأمر لا يتعدى كونه حالات \"محدودة\" لا ترقى للظاهرة واتهموا من يثير القضية بـ\"المزايدة\".



وينتظر أن تتسع دائرة الجدل لتمتد في غضون يومين بعد أن أعلن أحد الأحزاب الإسلامية المعارضة عن اعتزامه استجواب الحكومة بشأن هذه الظاهرة.



ونشرت عدد من الصحف الجزائرية من بينها \"اليوم\" و\"الشروق العربي\" مؤخرًا تقارير تؤكد اتساع الظاهرة كما نشرت صحيفة \"البلاد\" تقديرات تقول إن نسبة معتنقي المسيحية في منطقة القبائل \"في ازدياد وأنهم يمارسون شعائرهم في 15 كنيسة\".



من جانبه قال الأخضر بن خلاف العضو البارز في حركة الإصلاح الوطني أحد الأحزاب الإسلامية الممثلة في البرلمان في تصريح لـ\"إسلام أون لاين. نت\" الثلاثاء 22-6-2004: \"إن عملية التنصير بدأت منذ مدة في منطقة القبائل، وأخذت تتسع إلى ولايات أخرى، مثل عنابة (600 كم شرق العاصمة)، وقسنطينة (430 كم شرق العاصمة)\".



وأضاف بن خلاف: \"وصلت أيدينا كتبًا وأناجيل، مطبوعة طباعة راقية، منها كتاب أعظم القصص، موجهة للأطفال، كما تُوزع أقراص مضغوطة عن حياة سيدنا المسيح - عليه السلام - باللهجة الدارجة السائدة في شمال أفريقيا لتكون أقرب لعامة الناس..هذا في وقت يجري فيه التضييق على المساجد التي أصبحت تُغلق مباشرة بعد أداء الصلوات\" بتعليمات رسمية.



مساءلة الحكومة

وشدد بن خلاف على أن حركته تحتج على عمليات التنصيرº لأن الجزائر \"بلد إسلامي، والشعب الجزائري مسلم\"، واعتبر أن مسألة التنصير \"لا تتعلق بحرية الاعتقاد التي ينص الدستور الجزائري عليها\".



وأشار الأخضر بن خلاف العضو بحركة الإصلاح الوطني إلى أن نواب حركة الإصلاح الوطني في البرلمان يعتزمون توجيه استجواب شفوي للحكومة الخميس 24-6-2004، حول \"ظاهرة التنصير في الجزائر\".



\"عدوان\"

واتفق الشيخ عبد الرحمن شيبان رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين مع هذا الرأي، واعتبر في تصريح خاص لـ\"إسلام أون لاين. نت\" أنه \"ما دام المسيحي يتمسك بمسيحيته فله ذلك، وله حرمته أن يؤدي طقوسه كما يشاء، أما أن تمتد مساعيه إلى عقيدة الإسلام المغروسة في قلوب المسلمين والمسلمات، لاجتثاثها من هذه القلوب، فهذا عدوان ليس مثله عدوان\".



وأوضح الشيخ شيبان الذي ينحدر من منطقة القبائل، أن جمعية علماء المسلمين الجزائريين وقفت منذ نشأتها عام 1931 في وجه تيار التنصير، مشيرًا إلى أن شعار الجمعية هو \"الإسلام ديننا، والعربية لغتنا، والجزائر وطننا\".



ورأى أن محاولات التنصير اليوم ما هي إلا امتداد للماضي، حيث سبق أن زعم الاستعمار الفرنسي بعد 100 عام على احتلال الجزائر عام 1832 أن \"الجزائر تراب فرنسي يفصلها عن فرنسا البحر، وقد عادت لمسيحيتها، قبل الفتح العربي، وأن لغة هذا الشعب هي الفرنسية\".



الموقف الرسمي

لكن وزير الشئون الدينية الجزائرية بو عبد الله غلام الله قلل من شأن التقارير الصحفية التي تحدثت عن قضية التنصير، ونفى في مؤتمر صحفي عقده الأسبوع الماضي بمركز الصحافة الدولي بالعاصمة الجزائر ما ذكرته بعض الصحف بأن منطقة القبائل تتعرض لحملة تنصير كبرى.



وقال غلام الله: \"إن الأمر مُبالغٌ فيه\"، لكنه أقر بوجود \"منصرين يستغلون حاجة الشباب للعمل، أو تأشيرة السفر مقابل اعتناقهم المسيحية\".

وقال: \"إن المنصرين يوهمون هؤلاء الشباب بأن الدين المسيحي هو الحل لمشاكلهم، ويعرضون عليهم مُغريات نظير اعتناقهم المسيحية\".

ولم يوضح الوزير هوية هؤلاء المنصرين أو أي تفاصيل عنهم، لكنه أشار إلى شخص طلب من الوزارة رخصة استيراد نُسخ من الإنجيل لتوزيعها على من يمارسون الشعائر الدينية في منازلهم.



ونفى بو عبد الله أن تكون الوزارة قد أرسلت لجنة تحقيق في قضية التنصير، وأوضح أن الوزارة تتجنب فرض قيود على أنشطة التنصير، باعتبار أن الدستور الجزائري يعطي حرية في الدين والمعتقد.

وأضاف أن وزارته تسمى \"وزارة الشؤون الدينية وليست الشؤون الإسلامية، وعليه فلا بد من إقامة علاقات وظيفية مع الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية وتسهيل أمورها\".



\"مزايدات مفتعلة\"

كما قللت هيئتا المجلسين العلميين (شبه الرسميتين) في ولايتي تيزي أوزو وبجاية بمنطقة القبائل مما يروج عن التنصير في منطقة القبائل. وأكدتا في بيان مشترك صدر مؤخرًا أن \"الظاهرة لا تعدو مزايدات تفتعلها بعض الأطراف، للإساءة إلى الخصوصية التاريخية لمنطقة القبائل، من حيث كونها قطبًا في الحفاظ على الهوية الإسلامية\".



واتفق البيان مع رأي وزارة الشئون الدينية، بوجود حالات قليلة من الشباب المُغرر بهم، ودلّل البيان على محدودية الظاهرة بإقبال الشباب الجزائري الكبير على ارتياد المساجد.

وأشار إلى أنه من المشاريع المنتظرة في منطقة القبائل إعادة فتح الزوايا الدينية، وتعزيز دورها كهيئات لنشر الوعي الديني والتي توقفت منذ زمن بعيد.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply