بسم الله الرحمن الرحيم
كثيرا ما نرى النصارى يخلطون بين ما جاء في القرآن من ثناء على كتاب موسى - عليه السلام - والأسفار التي بين يديهم.
ونراهم وهم يقتطعون النصوص فيوردون بعضها ويتغافلون عن الكثير مما لا يخدم فكرتهم {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض}، {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله}
وعند جمع هذه النصوص في محل واحد يستبين الحق ويستبصر الباحث عن الحق إلى صراط الله المستقيم.
تذكر الآيات القرآنية موقف المسلمين من التوراة التي أنزلها الله على موسى - عليه السلام - {إنا أنزلنا التوراة فيها هدى و نور يحكم بها النبيون الذين أسلموا} {و أنزل التوراة و الإنجيل من قبل هدى للناس} {قولوا آمنا بالله و ما أنزل إلينا و ما أنزل إلى إبراهيم و إسماعيل و إسحاق ويعقوب و الأسباط و ما أوتي موسى و عيسى و ما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم و نحن له مسلمون}، قال - تعالى -: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيهِ مِن رَّبِّهِ وَالمُؤمِنُونَ كُلُّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ, مِّن رٌّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعنَا وَأَطَعنَا غُفرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيكَ المَصِيرُ}.
كما تذكر الآيات القرآنية معتقد المسلمين في الأسفار الموجودة اليوم، والتي يطلق عليها اسم العهد القديم، وتجوزاً تسمى بالتوراة، فقد ذكر القرآن الكريم أن الله وكل إلى أهل الكتاب حفظ كتابهم {بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء}.
وأخبر عن اليهود وتلاعبهم في التوراة فذكر بأنهم {يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذكروا به}.
كما أخبر - تعالى -أنهم كتموا بعضاً مما أنزل الله عليهم إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمناً قليلاً..وأن الله بعث نبيه ومعه بيان ما أخفوه {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب}.
ثم كانت إحدى أكبر سوءاتهم أنهم كانوا يكتبون كتباً من عندهم ثم ينسبونها لله - عز وجل - {فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون}، وقال: { وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون}.
ولا يمنع هذا من صحة بعض مواضع التوراة، لما فيها من آثار الأنبياء، ففي التوراة حق وباطل كما أخبر الله ورسوله، ومن النصوص التي أشارت إلى وجود شيء من الحق في كتبهم {وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله} وذلك في مسألة رجم الزاني، وهو مذكور في سفر التثنية، حيث يقول: \" إذا كانت فتاة عذراء مخطوبة لرجل، فوجدها رجل في المدينة واضطجع معها، فأخرجوهما كليهما إلى باب تلك المدينة، وارجموهما بالحجارة حتى يموتا، الفتاة من أجل أنها لم تصرخ في المدينة، والرجل من أجل أنه أذل امرأة صاحبه، فتنزع الشر من وسطك\" (التثنية 22/22-23).
وفي صحيح البخاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم)).
وعلل سبب عدم التكذيب بوجود حق في كتبهم، حيث قال كما في رواية أبي داود: ((ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، وقولوا آمنا بالله ورسله، فإن كان باطلاً لم تصدقوه، وإن كان حقاً لم تكذبوه)).
وعليه فنحن نؤمن بتوراة موسى كل الإيمان، ونؤمن بأنها حرفت ولم تحفظ، وأن القوم أخفوا شيئاً وكتبوا أشياء وضاع منهم الكثير، وما بين يديهم لا يخلو من بعض الحق.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد