بسم الله الرحمن الرحيم
* هناك نقاط تستحق التوقف عندها.. وهي:
* النقطة الأولى:
أثارت عبارة جورج بوش إعلانه (حرباً صليبية) عدداً من ردود الأفعال ومحاولة تبريرها والاعتذار عنها.. ودعونا نأخذ رأي اثنين فقط حول هذه الكلمة.. الشيخ يوسف القرضاوي علق على ذلك بقوله: \"إنهم قالوا عنها \"زلة لسان\" ولا يقصدها.. ولكننا نقول: \"إن زلات اللسان كثيراً ما تكون تعبيراً عما تكنه الصدور وتخفيه فقد قال سيدنا علي - رضي الله عنه -: \"غش القلوب يظهر على صفحات الوجوه وفلتات الألسن\" وهذه الفلتات هي التي تعبر عن الغش المكتوم.. والقرآن الكريم يتحدث عن المنافقين فيقول للنبي – صلى الله عليه وسلم -: {ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنّهم في لحن القول} ولقد عرفنا جورج بوش من لحن قوله، ومن فلتات لسانه.
أما الدكتور والناقد المعروف عبد الله الغذامي فقد علق على هذه العبارة أثناء إلقاء محاضرته عن \"النقد الثقافي\" والتي بثتها قناة الشارقة منذ أيام وجاء تعليقه مثالاً للأنساق الثقافية التي منها النسق الواعي للمعاني التي تتحكم فيها معرفتنا وثقافتنا وذلك الآخر وهو (النسق المضمر) المختبئ في دواخلنا وفي إرثنا الثقافي وهو يتحرك ويظهر في مسلكنا اللغوي والعملي في حالة الاستقبال من الآخرين..
فعندما يقال إن بوش لم يقصد سوى المعنى اللغوي المتداول حالياً بمعنى (حملة قوية مثلاً).. فذلك صحيح ولكن النسق المضمر كان هناك.. \"
وما أود إضافته هنا.. هو أن رئيس الولايات المتحدة الذي يقود \"امبراطوريته\"!! إلى حرب عالمية!! لا يلتزم في ضبط عباراته ونداءاته وهو يخوض محيطاً لا نهاية له من حشد الجيوش والآلة العسكرية وفق دلائل يعترفون بها عن طريق وزير خارجيتهم انها قد لا يُعترف بها إن تم عرضها على محكمة دولية.. ورغم هذا هم سائرون في هذا الخضم.. كي يدمروا دولة ونظاماً.. وفي هذا الاحتدام العقدي والحضاري يتعالى النسق المضمر للمعنى المقصود وهو الحرب الصليبية، حتى شعاراتها التي تم تبديلها منذ الإعلان عنها بعد ساعة من الحادث!! (النسر النبيل) و(العدالة المطلقة) كانت هي الشعارات المرفوعة في تلك الحروب الصليبية..
وكما يقول الشيخ يوسف القرضاوي رغم أن الأمريكان لم يشاركوا في الحروب الصليبية، ولكن كثيراً منهم أوربيو الأصل فتحكمهم هذه العقد القديمة..
** ما يؤكد تطبيق ما جاء على لسان بوش سواء أكان من النسق المضمر أو الوعي الحقيقي بالهدف الساعي إليه هو هذه الإجراءات المتلاحقة لتجفيف منابع الجماعات الإسلامية حتى تلك التي لا علاقة لها بالعمليات السياسية ومجالها خيري واجتماعي.. وكما تطالب حكومتنا هنا وبعض القيادات في الدول الإسلامية بضرورة محاربة (الإرهاب) بعد تحديد ما نوع هذا الإرهاب عالمياً وليس من منظور الإدارة الأمريكية التي أسهمت وبدرجة كبيرة في غرسه وتعزيزه وصناعته في العديد من الدول والأنظمة..
ولن نكرر ذكر دولة الإرهاب من بني صهيون في فلسطين..
* النقطة الثانية..
هناك عبارات وشعارات تؤكد الوظيفة المستترة لهذه الحرب التي يطلق عليها بوش أولى حروب القرن الواحد والعشرين.. وكأنه يتوقع حروباً أخرى!!
يقول حاييم هيرتزوغ رئيس الكيان الصهيوني في خطاب ألقاه أمام البرلمان الأوروبي في عام 1992م \"إن زعماء الغرب لا يفهمون الشرق الأوسط.. إن الأصولية الإسلامية هي أكبر خطر يواجه العالم\" ورئيس مجلس الشيوخ الإيطالي يصرح بأنه \"يشارك شامير رئيس وزراء الصهاينة حينذاك قلقه الشديد من تزايد مخاطر الأصولية الإسلامية داخل الكيان الصهيوني وفي الدول العربية المجاورة\".
كما نشر في صحيفة النيوزويك في عام 1992م مقالاً ضد الجاليات الإسلامية ووصفتهم الصحيفة بأن المسلمين في أوروبا يمثلون رأس حربة ايدلوجية عدوانية اقتحامية.. !!
أما صحيفة الواشنطن بوست فقد نشرت مقالاً في تلك الفترة بعنوان (الإسلام هو العدو الأول للغرب) وهناك العديد من هذه التوجهات السابقة لحادث 11سبتمبر الذي زلزل هيبة أمريكا!!
ودعونا لا ننسى ما قاله رئيس وزراء بريطانيا منذ عقود من الزمن عندما وقف على منبر مجلس العموم البريطاني وفي يده المصحف الشريف وقال: مادام هذا الكتاب باقياً في الأرض، فلا أمل لنا في إخضاع المسلمين.
** ولكن رغم كل هذه العداءات المتبادلة.. قديماً وحديثاً.. ما يهم الآن هو أن ندرك أن (العزة لله ولرسوله وللمؤمنين).
* النقطة الأخيرة:
في لقاء تلفازي بثته قناة (السي. ان. ان) ظهر يوم الجمعة 1422/7/18هـ مع الكولونيل بوب ستيوارت ومن حوار حول الضربة القادمة على الأفغان وفي إجابته لسؤال المذيعة عما يتمنى أن يتحقق في هذه الضربة العنيفة وخصوصاً أن الأفغان وحركة طالبان لا يمثلون هدفاً مادياً.. قال: أرغب ان أحطم (الإرادة والروحانية) التي لديهم.. أكثر من تحطيم ما لديهم من معدات!! أما رئيس هيئة أركان الجيش الباكستاني السابق ففي لقائه مع أحمد منصور في برنامج (بلا حدود) مساء يوم الاربعاء (1422/7/16هـ) قال انه واثق من انتصار الأفغان.. واستغرب ذلك المذيع.. وسأله إن كان واثقاً من هذا رغم كل هذا الحشد الدولي للقيام بهذه الضربات.. فقال له وبكل هدوء: ألا تعرف معنى الآية الكريمة {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل.. } صدق الله العظيم.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد