بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
هل يسوع غافر الذنوب؟؟
يقول مرقس 2: 4-7 (4وَإِذ لَم يَقدِرُوا أَن يَقتَرِبُوا إِلَيهِ مِن أَجلِ الجَمعِ كَشَفُوا السَّقفَ حَيثُ كَانَ. وَبَعدَ مَا نَقَبُوهُ دَلَّوُا السَّرِيرَ الَّذِي كَانَ المَفلُوجُ مُضطَجِعاً عَلَيهِ. 5فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُم قَالَ لِلمَفلُوجِ: «يَا بُنَيَّ مَغفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ». 6وَكَانَ قَومٌ مِنَ الكَتَبَةِ هُنَاكَ جَالِسِينَ يُفَكِّرُونَ فِي قُلُوبِهِم: 7«لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ هَذَا هَكَذَا بِتَجَادِيفَ؟ مَن يَقدِرُ أَن يَغفِرَ خَطَايَا إلاَّ اللَّهُ وَحدَهُ؟»).
«يَا بُنَيَّ مَغفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ» يأخذ هذه الجملة أناس غير مستقيمى التفكير ويأوِّلونها على أنها دليل على ألوهية نبى الله عيسى -عليه السلام-، غير ملاحظين أنه تكلَّمَ فيها بصيغة المبنى للمجهول. أى إنه حذف الفاعل لكونه معلوم.
لاحظ أيضاً أنه كان يكلم جماعة من المؤمنين، فلم تكن له حاجة أن يثبت لهم أن غفَّار الذنوب هو الله، كما قال هو فى مواضع أخرى.
لذلك تصيَّدَ له اليهود هذه الجملة وقالوا فى أنفسهم («لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ هَذَا هَكَذَا بِتَجَادِيفَ؟ مَن يَقدِرُ أَن يَغفِرَ خَطَايَا إلاَّ اللَّهُ وَحدَهُ؟») فلو إنهم أقاموا عليه دليلاً واحداً أنه جدَّف، لكانوا رجموه أو قتلوه دون الرجوع إلى الحاكم الرومانى والمسرحية التى تعرفونها.
ناهيك عن إنه كان فى الهيكل يُعلمهم دينهم، ويصحِّح لهم عقيدتهم، فهو لم يأتى بدين جديد: (17«لاَ تَظُنٌّوا أَنِّي جِئتُ لأَنقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنبِيَاءَ. مَا جِئتُ لأَنقُضَ بَل لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِلَى أَن تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرضُ لاَ يَزُولُ حَرفٌ وَاحِدٌ أَو نُقطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الكُلٌّ. ) متى 5: 17-18
أمَّا الجديد هو الذى أدخله كاتب إنجيل مرقس (10وَلَكِن لِكَي تَعلَمُوا أَنَّ لاِبنِ الإِنسَانِ سُلطَاناً عَلَى الأَرضِ أَن يَغفِرَ الخَطَايَا) مرقس 2: 10، وهى بلا أدنى شك من تأليف كاتب أو ناسخ الإنجيل!
والدليل على ذلك قول عيسى -عليه السلام- نفسه فى تعليمكم الصلاة أن الغفران بيد الله وحده: (9«فَصَلٌّوا أَنتُم هَكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسمُكَ. 10لِيَأتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُن مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ عَلَى الأَرضِ. 11خُبزَنَا كَفَافَنَا أَعطِنَا اليَومَ. 12وَاغفِر لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغفِرُ نَحنُ أَيضاً لِلمُذنِبِينَ إِلَينَا. 13وَلاَ تُدخِلنَا فِي تَجرِبَةٍ, لَكِن نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ المُلكَ وَالقُوَّةَ وَالمَجدَ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ. 14فَإِنَّهُ إِن غَفَرتُم لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِم يَغفِر لَكُم أَيضاً أَبُوكُمُ السَّمَاوِيٌّ. 15وَإِن لَم تَغفِرُوا لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِم لاَ يَغفِر لَكُم أَبُوكُم أَيضاً زَلَّاتِكُم. ) متى 6: 9-15
إذن فمن يغفر الذنوب؟ فهو الله وليس عيسى -عليه السلام- (28اَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّ جَمِيعَ الخَطَايَا تُغفَرُ لِبَنِي البَشَرِ وَالتَّجَادِيفَ الَّتِي يُجَدِّفُونَهَا. 29وَلَكِن مَن جَدَّفَ عَلَى الرٌّوحِ القُدُسِ فَلَيسَ لَهُ مَغفِرَةٌ إِلَى الأَبَدِ بَل هُوَ مُستَوجِبٌ دَينُونَةً أَبَدِيَّةً». ) مرقس 3: 28-29
ويحتوى العهد القديم على نصوص عديدة تشير إلى أن الله وحده هو غافر الذنب، وأنه هو مصدر الغفران المنعم. منها:
(25أَنَا أَنَا هُوَ المَاحِي ذُنُوبَكَ لأَجلِ نَفسِي وَخَطَايَاكَ لاَ أَذكُرُهَا. ) إشعياء 43: 25،
(وَنَادَى الرَّبٌّ: «الرَّبٌّ إِلَهٌ رَحِيمٌ وَرَأُوفٌ بَطِيءُ الغَضَبِ وَكَثِيرُ الإِحسَانِ وَالوَفَاءِ. 7حَافِظُ الإِحسَانِ إِلَى أُلُوفٍ,. غَافِرُ الإِثمِ وَالمَعصِيَةِ وَالخَطِيَّةِ.) خروج 34: 6-7
(وَأَنتَ إِلَهٌ غَفُورٌ وَحَنَّانٌ وَرَحِيمٌ طَوِيلُ الرٌّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحمَةِ.) نحميا 9: 17،
(9لِلرَّبِّ إِلَهِنَا المَرَاحِمُ وَالمَغفِرَةُ) دانيال 9: 9،
(8الرَّبٌّ رَحِيمٌ وَرَأُوفٌ طَوِيلُ الرٌّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحمَةِ. 9لاَ يُحَاكِمُ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَحقِدُ إِلَى الدَّهرِ. 10لَم يَصنَع مَعَنَا حَسَبَ خَطَايَانَا وَلَم يُجَازِنَا حَسَبَ آثَامِنَا. 11لأَنَّهُ مِثلُ ارتِفَاعِ السَّمَاوَاتِ فَوقَ الأَرضِ قَوِيَت رَحمَتُهُ عَلَى خَائِفِيهِ. 12كَبُعدِ المَشرِقِ مِنَ المَغرِبِ أَبعَدَ عَنَّا مَعَاصِيَنَا. 13كَمَا يَتَرَأَّفُ الأَبُ عَلَى البَنِينَ يَتَرَأَّفُ الرَّبٌّ عَلَى خَائِفِيهِ.) مزامير 103: 8-13،
(فَإِنَّكَ طَرَحتَ وَرَاءَ ظَهرِكَ كُلَّ خَطَايَايَ.) إشعياء 38: 17،
(لأَنِّي أَصفَحُ عَن إِثمِهِم وَلاَ أَذكُرُ خَطِيَّتَهُم بَعدُ.) إرمياء 31: 34،
(18مَن هُوَ إِلَهٌ مِثلُكَ غَافِرٌ الإِثمَ وَصَافِحٌ عَنِ الذَّنبِ لِبَقِيَّةِ مِيرَاثِهِ! لاَ يَحفَظُ إِلَى الأَبَدِ غَضَبَهُ فَإِنَّهُ يُسَرٌّ بِـالرَّأفَةِ. 19يَعُودُ يَرحَمُنَا يَدُوسُ آثَامَنَا وَتُطرَحُ فِي أَعمَاقِ البَحرِ جَمِيعُ خَطَايَاهُم.) ميخا 7: 18-19
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد