مقدمة لدراسة الفرق والجماعات والأحزاب


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 



اللقاء الأول : بيان المصطلحات

سنتدارس في هذا اللقاء معنى: الجماعة والحزب والفرقة.



أولاً - معنى الجماعة:

الجماعة هي: الطائفة من الناس التي اجتمعت على عمل معين.

وحكم هذا الاجتماع يعتمد على أمرين اثنين:

1- نوع العمل المجتمع عليه. فقد يكون واجباً كالصلاة في الجماعة, وقد يكون مستحباً كالاجتماع في مجلس علم, وقد يكون مباحاً كالجماعات المدرسية مثل: النظام والإسعاف, وقد يكون محرماً كالاجتماع على بدعة, أو معصية, وهكذا ..

2- الوسيلة التي يحقق بها العمل المجتمع من أجله. فقد يكون العمل المجتمع عليه مشروعاً, ولكن الوسيلة المستخدمة لتحقيق الهدف محرمة لكونها بدعة أو معصية, فهنا يكون ذلك الاجتماع مذموماً, وهكذا.

فحتى تكون الجماعة محمودة, لابد أن تجتمع على أمر مشروع, وتسعى لتحقيقه بطريقة مشروعة.



ثانياً - الحزب:

الحزب هو: جماعة والت وعادت على أساس مبادئها.

ويحكم على الحزب أيضاً من ناحيتين:

الناحية الأولى: المبادئ التي عادت عليها ووالت.

والناحية الثانية: الوسيلة لتحقيق تلك المبادئ.

فأمَّا الوسيلة, فقد سبق الحديث عنها في الفقرة السابقة.

وأمَّا المبادئ فينظر إليها من الجوانب التالية :

الجانب الأول: إذا كانت هذه المبادئ هي الإسلام كله, فجعلت هذه الجماعة أساس الولاء والبراء هو الإسلام, فهذا حزب الله, وهذه حزبية واجبة محمودة, وغيرهم ممن عقد الولاء والبراء على غير الإسلام, هم حزب الشيطان.

الجانب الثاني: إذا كانت هذه المبادئ هي جزء من الإسلام, كالدعوة إلى الله, أو طلب العلم الشرعي, أو إعادة الخلافة الإسلامية, أو طريقة معينة من طرق الإصلاح, أو برامج معينة لتغيير الواقع السيء للأمة, أو الجهاد في سبيل الله, أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, أو طريقة من طرق التعامل مع ولاة الأمر, فوالت هذه الجماعة وعادت على ما اختارته من طريق للإصلاح, فهذه حزبية مذمومة ممقوتة, رغم كون العمل المجتمع عليه جزءاً من الدين.

الجانب الثالث: إذا كانت هذه المبادئ مبتدعة, تخالف أصلاً من أصول الدين المعروفة المشهورة, كبدعة الخوارج, أو الجهمية أو الرافضة أو القدرية أو الجبرية, فيتحول هذا الحزب إلى فرقة من الفرق المنحرفة, وقد تكون هذه الفرقة إسلامية أو خارجة عن الإسلام وذلك بحسب البدعة التي اعتمدتها, وعقدت عليها الولاء والبراء, فإذا كانت البدعة كفرية, كبدعة الإسماعيلية والنصيرية والدروز, والجهمية عند طائفة كثيرة من أهل العلم, فهذه فرق منتسبة للإسلام, وأما إذا كانت البدعة غير مكفرة, كبدع المتكلمين من معتزلة وأشاعرة وكلابية وماتريدية, فهذه فرق إسلامية.

الجانب الرابع: إذا كانت هذه المبادئ مباحة في الأصل, ولكنها جعلت مقدمة على الولاء والبراء من أجل الدين, كالقومية العربية, والوطنية, ونحو ذلك, فهذه الأحزاب محرَّمة.

وهكذا يحكم على الحزب, بحسب المبدأ الذي عقدت الجماعة عليه الولاء والبراء.



ثالثاً : الفرقة:

هي الحزب الذي عقد الولاء والبراء على بدعة، وأما الفرقة الناجية فسميت فرقة رغم أنها لم تبتدع في الدين وباقية على الأصل لأنها فورقت لا لأنها فارقت ويحكم على الفرقة بحسب بدعتها.

فإن كانت الفرقة عقدت الولاء والبراء على الإسلام والسنة, فهي الفرقة الناجية, والطائفة المنصورة. وتسمى فرقة رغم بقائها على الأصل لأنها فورقت لا لأنها فارقت.

وأما إذا كانت الفرقة عقدت الولاء والبراء على بدعة, فحكمها حسب بدعتها, فإن كانت البدعة مكفرة فهي خارجة عن الإسلام, وإن كانت غير مكفرة, فهي فرقة ضالة منحرفة, ومن أهل الوعيد, ولكنها فرقة إسلامية. كما تقدم ذكره.



وفي ختام هذا اللقاء, أحب أن أنبه إلى الأمور التالية:

1- لا يجوز وصف طلاب العلم والدعاة إلى الله فضلاً عن العلماء بالأوصاف المنفرة منهم, ورميهم بالبدعة, أو الحزبية المذمومة, أو تصنيفهم ضمن الفرق المنحرفة, بسبب خلافات شخصية, أو اختلافات في وجهات النظر, أو تقليد لبعض الأشخاص, بل الواجب حفظ اللسان عن أعراض العلماء وطلاب العلم, ولا يتكلم الإنسان في هذه الأمور إلا بعلم ويقين ولمصلحة راجحة.

2- لا يجوز لمن اختط لنفسه أو لجماعته منهجاًَ إصلاحياً, أن يرمي كل من لم يشاركه فيه بالبدعة أو الهوى أو النفاق أو غير ذلك من الألفاظ الشنيعة, طالما أن هذا المنهج جزء من الدين وليس هو الدين كله.

3- لا يحكم على أهل العلم بأنهم من أهل الفرق المنحرفة, لمجرد موافقتهم خطئاً لبعض تلك الفرق في بعض عقائدهم أو سلوكياتهم, ولا يخرج بسبب ذلك عن كونه من أهل السنة والجماعة, ولكن يمكن أن يقال – إذا احتاج الأمر – لقد وافق العالم الفلاني الفرقة الفلانية في هذا الجزء, ونحو ذلك.

4- ليست كل بدعة يتلبس بها الإنسان يعد صاحبها من أهل الأهواء والبدع, وإنما هي البدعة التي اشتهرت عند السلف بمخالفتها للكتاب والسنة.

والله تعالى أعلم, وصلى الله على محمد وآله وسلَّم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply