أسطورة الشيعة العرب



بسم الله الرحمن الرحيم

 



لاشك أنه مع نهاية القرن التاسع عشر و مع بدايات القرن العشرين دخلت فروع من القبائل العربية التي تستوطن أرض الرافدين في التشيع و تخلت عن سنيتها و ذلك راجع لعدة أسباب:



أهمها الأموال التي تدفقت من المراجع الشيعية الإيرانية و التي هاجرت و استوطنت في العراق و نجحت هذه المراجع في استمالة بعض أفخاذ هذه القبائل بالأموال خاصة أنه من المعروف أن المراجع الشيعية تتغذى بأموال الخمس مما يجعل حريتها في تصريف الأموال كبير و عن طريق هذه الأموال تشيع عدد من العرب خاصة مع ترهل الإدارة العثمانية و تخفف قبضتها على البلاد في تلك الأوقات و ضعف الدعوة العلمية السلفية و التي تشكل حاجزا مهما في وقف التغلغل الشيعي في عامة العالم الإسلامي و لنا وقفة في مقالات قادمة نحلل فيه جذور ذلك التحول.



هذا الجانب لا ينفي أن مرجعيات الشيعة الرئيسيين في العراق هي مرجعيات ذو أصول إيرانية و تقول مجلة المجلة في تحقيق لها نشر في العام الماضي أن طائفة الشيعة في العراق يتحكم فيها سبع عائلات إيرانية الأصل منها عائلة الصدر التي ترجع جذورها إلى منطقة محلات القريبة من طهران وقد أنجبت هذه الآسرة عدد من الأئمة البارزين في كل من إيران والعراق ومنهم الإمام موسى الصدر الذي أوفدته الحكومة الإيرانية إلى لبنان في ستينات القرن الماضي لتنظيم صفوف الشيعة هناك ومنهم أيضا محمد باقر الصدر التي اصبح المنظر الرئيسي للشيعة الأصولية الجديدة قبل أن يغتاله رجال صدام و منها أيضا محمد صادق الصدر الذي تعاون مع صدام لفترة وجيزة واعترف به النظام البعثي باعتباره مرجع التقليد و نسب إلى صدام قتله.



أما حامل لواء الأسرة الحالي في العراق فهو مقتدي الصدر البالغ من العمر21 عاما وهو من الملالي الناشئين وابن محمد صادق الصدر.



و هناك أيضا أسرة الحكيم الطباطبائي من شيراز في جنوب إيران تحتفظ بعلاقات جيدة مع طهران لكنها تتعاون أيضا مع الولايات المتحدة ومن أبناء هذه العائلة محسن الحكيم الطباطبائي الذي كان معتمد بوصفه مرجع التقليد لعموم الشيعة طوال 15 سنة تقريبا قبل وفاته في عام 1970 ولم تتعرض أي من العائلات الشيعية الكبرى في العراق للأذى على يدي صدام بقدر ما عانته عائلة الحكيم بالذات. فوفقا لمعظم التقديرات أعدم صدام أكثر من 100 من أفراد هذه العشيرة خلال فترة الثمانينات كما قام عملاء صدام في الخرطوم باغتيال مهدي الحكيم سنة1981 بعدما برز كزعيم على رأس العشيرة.



وعائلة الشيرازي وهي أيضا من شيراز في جنوب إيران أنجبت سلسلة من علماء الدين المشاهير كان من ضمنهم محمد الشيرازي الذي عرف بتفسيره المتعصب للمذهب الشيعي وهو قضى سنوات بالمنفى في إيران وله تلاميذ كثيرون يسيرون على نهجه ومنهم بعض أفراد الأسرة. وفي نهاية القرن التاسع عشر كان أحد أبناء هذه العائلة وهو الشيخ ميرزا الشيرازي قد ساعد في إشعال الثورة الدستورية في إيران التي أدت في آخر المطاف إلى تحطيم حكم قاجار الملكي.



وعائلة السيستاني (من شرق إيران) تؤيد أيضا الوجود الأميركي بصفة مؤقتة لكنها لا تسعى إلى دور سياسي مباشر لرجال الدين الشيعة و علي محمد السيستاني يعترف به عموما باعتباره أكبر فقهاء الشيعة في العراق وله أيضا اتباع في باكستان و إيران والكويت ولبنان. وبعد قليل من بدء الحرب دعا السيستاني الشيعة إلى عدم عرقلة المهمة الهادفة إلى إسقاط صدام حسين.



وعائلة الخوئي من أذرييجان في شمال غرب إيران أصيبت بنكسة شديدة عندما قتل أشهر أفرادها عبد المجيد موسوي الخوئي في مدينة النجف في ربيع هذا العام و قيل أن مقتدى الصدر كان وراء الاغتيال إلا أن أسرة الخوئي ما زالت تحتفظ بنفوذ هائل ولها أيضا مصادر مالية وتنظيمية لا يستهان بها خارج العراق يمكن استخدامها.



والأسرة القزوينية نسبة إلى منطقة بحر قزوين و إيران تطل عليه على اتصال بالأميركيين، لكنها تصر على ضرورة أن يكون لها رأي في صياغة مستقبل الحكم في بغداد و بعض أفرادها من رجال الدين عادوا من المنفى أخيرا وهم الآن منكبون على العمل لإنشاء قاعدة نفوذ لهم.



وعائلة الحيرى من يزد في وسط إيران حاولت المحافظة على توازن بين إيران والولايات المتحدة، لكنها على الأرجح سوف تفضل واشنطن على طهران لو اضطرت إلى الاختيار. و يقال أن هذه العائلة ت تحالف مع آل الصدر وقد أصدر أحد أفراد العشيرة البارزين في الآونة الأخيرة فتوى من منفاه في إيران، دعا فيها الشيعة إلى العمل على طرد الأميركيين من العراق، لكن يبدو انه لا يتوافر إجماع على هذا الرأي داخل العائلة.



إذن لا معنى لما تردده بعض الأقلام و المقالات من أن هناك صراعا بين الشيعة العرب و الإيرانيين و أن الخلاف بين الصدر و السيستاني مرجعه إلى أصول الأول العربية و الثاني الإيرانية فكلاهما ذو أصول إيرانية ويبقى البحث عن أسباب أخرى للخلاف بينهما و خاصة أن مثل هذه الدعوات تعمل على استمالة العرب السنة للصدر في وجه صراعه مع السيستاني.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply