عيد الزهور البدعي


بسم الله الرحمن الرحيم

 فإنه لا شيءَ أفسدَ للدين وأشدَّ تقويضاً لبنيانه من البدع، وإنَّ من أشدِّ وأخطر ما تساهلَ فيه بعضُ المسلمين إحداثُ أعيادٍ, بدعيةٍ, ما أنزلَ اللهُ بها مِن سلطان، كالعيد المُسمَّى بعيد الزهور أو مهرجان الزهور، وكما قال الدهلوي- رحمه الله - : (ما مِن عيدٍ, في الناس، إلاَّ وسببُ وجودِه تنويهٌ بشعائرِ دينٍ,، أو موافقة أئمة مذهبٍ,، أو شيء مما يُضاهي ذلك) حجة الله البالغة ج1/479.

ومصداقاً لِما رواه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: (لَتَتَّبعُنَّ سَنَنَ مَن كانَ قبلكم شبراً بشبرٍ,، وذراعاً بذراعٍ,، حتَّى لَو دَخَلُوا جُحرَ ضَبٍّ, تبعتموهُم، قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى، قال: فَمَن ) رواه البخاري ومسلم.

ولقد انتشر في وسائل الإعلام أنَّ أمانة مدينة الرياض ستحتفلُ عصر هذا اليوم الأربعاء 15/2/1427هـ بمهرجان الزهور، أو(عيد الزهور) وذلك للسنة الثانية على التوالي، وأولُ مَن سنَّ هذا العيد أو المهرجان في بلادنا فيما أعلم: الهيئة الملكية بالجبيل؟ حيث سيُقيمون احتفالهم بهذا العيد وللسنة التاسعة بمنتزه شاطئ النخيل على منطقة شاطئية مفتوحة على الخليج العربي خلال الفتـرة مـن 13 ربيع الأول 1427هـ ولمدة عشرة أيام.

وتبعتهم الهيئة الملكية بمدينة ينبع الصناعية حيث أقامت مهرجانها أو عيدها الخامس للزهور في 7-17 صفر عام 1427هـ على شاطئ الكورنيش، ويوجد ضمن فعالياته: فرق إنشادية بالدفوف، مسارح للأطفال وبالدمى، وأمسية شعرية لعبد الرحمن العشماوي، والحضور مختلط للرجال والنساء.

وأول مَن أحدث هذا العيد بهذا الاسم (عيد الزهور) في الدول العربية على حسب علمي- في بلدة بكفيا النصرانية في لبنان عام 1353هـ على يد موريس الجميل، ولمدة أسبوع، حضره ما يقارب 22 ألف متفرج، وفُتحت فيها الكنائس والمدارس لاستقبال المتفرجين، وسُمِّي: أسبوع عيد الزهور، وكان من فعالياته: أسبوع رياضي، واختيار ثلاث ملكات: ملكة الزهور، وملكة الثمار، وملكة الرياضة، ويجري في البلدة كرمس، وينتهي عيد الزهور باستعراض للسيارات المُزيَّنة بالأزهار، وفي السنوات الأخيرة يصل عدد المتفرِّجين نصف مليون، وهو متوقف منذ سنوات قريبة، ويُنادي أهالي البلدة بإعادته لِما له كما يعتقدون من إعادة الفرح لأرضهم الطيبة، وإزالة الأحقاد بسبب الحروب الطاحنة..إلخ.

ويحتفل أهالي جبل تانهوا بمنطقة تشو شونغ بالصين بهذا العيد في هذا الشهر؟ كل سنة، وهو شهر مارس، فيُعلِّقون الزهور على رؤوسهم، وسيارتهم، وأبواب منازلهم متفائلين بحسن الحظ، وسعادة الحياة؟!.

وخاصة أنَّ الاحتفال بعيد الزهور أو على حسب تسميتهم (مهرجان الزهور) يأتي بعد شهر من احتفال الكفار ومن تشبَّه بهم من ضعاف المسلمين: بعيد الرومان الوثنيين المُسمَّى بعيد الحب الإلهي، والذي يحتفلون به في 14 فبراير كل عام (وفبراير معناه عندهم: الكفارة والغفران) حيث أنهم يعتقدون أنَّ (رومليوس) مؤسس مدينة (روما) أرضعته ذات يوم ذئبة فأمدته بالقوة ورجاحة الفكر.

ولَمَّا اعتنقَ الرومان النصرانية أبقوا على الاحتفال بعيد الحبِّ، لكن نقلوه من مفهومه الوثني (الحب الإلهي) إلى مفهوم آخر يُعبَّر عنه بشهداء الحب، مُمثلاً في القدِّيس فالنتاين الداعية إلى الحبِّ والسلام الذي استُشهد في القرن الثالث ميلادي في سبيل ذلك حسب زعمهم، وسُمِّي أيضاً (عيد العُشَّاق) واعتُبر (القدِّيس فالنتاين) شفيع العشَّاق وراعيهم، وقيل غير ذلك في سبب ارتباط عيد الحب بالقدِّيس فالنتاين.

ولقد ذكرت أمانة مدينة الرياض أنَّ من أهداف إقامة هذا المهرجان: غرس حبِّ الزهور ونباتات التجميل في نفوس أفراد المجتمع، خاصة الأطفال والشباب؟ ولكي يكون عامل جذب سياحي لمدينة الرياض لدعم صناعة السياحة الداخلية؟ وعنصراً ترفيهياً للعائلات مع أبنائهم من خلال الفعاليات المتعددة والمتنوعة؟.

وتَمَّ تجهيز قطار مُغطَّى بالكامل بالزهور يجوب الممرات المحيطة بالمهرجان وينقل الزوار من وإلى المواقف، وهذا شبيهٌ بتنظيم مهرجان الزهور \"بلومنكورسو\" في منطقة الزنابق بهولندا، حيث تسير العربات ذات المنصات في موكب من مدينة \"نوردوايك \" حتى تصل إلى \" هارلم\" عن طريق \" سسنهايم \" \" ليس \" \"هيلخوم \" \" بنبروك \" \" هيمستيد \" وفي وسط مدينة \" هارلم \" تبقى تلك العربات ذات المنظر الفاتن بعد ذلك طوال عطلة نهاية الأسبوع.

ولذا وجبَ على أهل العلم والهُدى: البيانُ عن تحريم أعياد الزهور أو مهرجانات الزهور، و بهذا يُقيم حملَةُ الشريعة الحُجَّة على الخَلق حَسَبَ الوسع، وهذا من طاعة الله - تعالى -، وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي فيه صلاحُ المعاش والمعاد، وهو من أفضل الأعمال، ومِن كَمال محبة الله - تعالى -، ومحبة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومحبَّة ما شرع الله - سبحانه - وأَمَرَ به، وكراهة ما نَهى عنه، وعلى هذا يجمعُ الله القلوب، ويُؤلِّف بينها، وتجري الأحوال على جادَّة واضحة لا اختلاف فيها ولا اضطراب، ولا لَبسَ فيها ولا غُموض.

ولا تَتِمٌّ مصالح الآدميين إلاَّ بالاجتماع والتعاون على البرِّ والتقوى، وأمَّا السكوتُ عن بيان الأحكام فهو من أعظم أسباب الفتن، واختلاط الأحوال، وخفاء الشريعة، وتقلٌّص نورها، وظهور البدع والضلالات وأهلها، وإلى الله - تعالى -وحده المُشتَكى، قال - تعالى -: ((وَالعَصرِ* إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسرٍ,* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوا بِالصَّبرِ)) (العصر: 1-3).

ورحمَ الله مؤسس هذه البلاد الملك عبد العزيز القائل: (وإنِّي آمرُ جميع أُمرائي من الحاضرة والبادية، وكذلك مَن منَّا له معرفة في دين الله ويرجوا ثواب الله، أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر.. ولا نأخذُ في ترك ذلك عذراً عند الله - سبحانه وتعالى -، ثُمَّ عندي وعند المسلمين، ومَن تركَ ذلك أميراً ومأموراً ومنتسباً، فقد عصى الله وتعرَّض لسخطه، ثُمَّ عصاني يا وليَّ أمره، وأوجبَ عليَّ بغضه والقيام عليه بما تقتضيه الشريعة الغرَّاء.. ) مختارات من الخطب الملكية ج1/129.

والقائل: (فوالله إذا رأيت الحق أتبعه، لأني مسترشدٌ ولست بمستنكف، ومَن رأى شيئاً وكتمه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) مختارات من الخطب الملكية ج1/66-67.

أسألُ الله - تعالى - لنا ولكم الإيمان، والعمل الصالح، والدعوة إلى الحق، والصبر على الأذى فيه، آمين.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply